الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الإخوان تلاعبوا بالقـــــوانيــن من أجل «رجل المستحيل»

الإخوان تلاعبوا بالقـــــوانيــن من أجل «رجل المستحيل»
الإخوان تلاعبوا بالقـــــوانيــن من أجل «رجل المستحيل»


بوق جديد للدعاية الانتخابية الإخوانية انتقلت من زيت وسكر الأحياء الشعبية إلى تفصيل القوانين فى الجلسات البرلمانية والتى وصفها البعض بالانتقامية.
 
وعلى غرار 001يوم حول العالم، 001 يوم أيضا حٌسمت إنجازات الإخوان المسلمين بذراعها السياسية الحرية والعدالة داخل البرلمان، حيث قامت بتسويق دعاية لمرشحها مرسى باعتباره راعى النهضة المستقبلية والذى تعتبره الجماعة رجل المستحيل بالنسبة لها عبر منشور تؤكد فيه الجماعة على ريادتها بمقاعد البرلمان رغم التحديات التى واجهتها.
 
الجماعة اتجهت بالفعل إلى سرد إنجازاتها بالمجلس بدءا من وقف إضرابات هيئة النقل العام وحتى تطهير الصحراء الغربية من الألغام!!.. وانتهاء بالشهور القليلة الحالية والتى لم تسفر إلا عن مشاريع تخدم وصول محمد مرسى إلى كرسى الرئاسة من تجميد جلسات البرلمان سابقا حتى يتفرغ نواب الإخوان للدعاية الانتخابية «للمرشد» الرئاسى وحتى إصدار قوانين انتقامية مثل قانون العزل السياسى الذى تم تفصيله فى 42 ساعة لمواجهة عمر سليمان البعبع السابق للإخوان.
 
مجموعة من القوانين تم تفعيلها تشريعيا لتصب فى مصلحة الإخوان سياسيا، حيث لم ينس الإخوان «لعبتهم القديمة».. الخدمات الاجتماعية بمشروعاتها التى تترك صدى كبيرا لدى البيت المصرى خاصة إذا كانت مثل قانون الثانوية العامة الذى وضعوه على رأس الانجازات التى روجوا لها على أنهم قاموا بتعديل قانون الثانوية العامة سنة واحدة بدل سنتين ثم أضافوا ما حققوه جراء ذلك من توفير ما يزيد على 7 مليارات جنيه للبلد، كما تقدم نائب حزب النور عادل عزازى بمشروع قانون لإلغاء قانون الخلع بدعوى أن هذا القانون أدى إلى زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسرى فى مصر، رغم تأكيد الأزهر وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية أن قانون الخلع شرعى وقد أعطى للمرأة حق إنهاء الحياة الزوجية بإرادتها وهو حق مشروع منذ عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»، حيث يبيح للمرأة استخدام هذا الحق عند استحالة العشرة الزوجية، كما أنه حق كفلته الشريعة للمرأة كما كفلت للرجل حق الطلاق، وأعقبه ما تقدم به النائب على لبن من مشروع قانون يزايد فيه على سعر المواطن لديه ولدى الحكومة حيث أعد مشروع قانون لجرائم القتل يحدد فيه سعر الدية فى حالة القتل الخطأ، مؤكدا أنه ليس معناه إلغاء الإعدام كعقوبة إسلامية أقرها الإسلام، بل فقط تسعير الدية فى حالة القتل الخطأ وفى حالة موافقة أهل القتيل على قبولها، موضحا أنه تقدم بهذا التعديل بعدما أصبحت قيمة الإنسان تساوى عند الحكومة خمسة آلاف جنيه فقط، وهو المبلغ الذى تدفعه الحكومة للمواطنين الذين يموتون من جراء الكوارث التى يتعرضون لها بينما تقدم هو بهذا التعديل فى هذا التوقيت تحديدا لإعلاء قيمة الإنسان المصرى. أما عن تطبيق الشرع تلك الكلمة التى يتحدث عنها الجميع من أصحاب التيار الاسلامى وكأننا لسنا مسلمين مثلهم، لكن ربما يعتبرون أنفسهم مخلصينا من الشرور والهلاك، حيث تحدث النائب أكرم الشاعر عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين عن تطبيق الحدود الشرعية الإسلامية مثل قطع يد السارق وجلد الزانى، حيث تقدم بمشروع قانون لمجلس الشعب وعندما لم يجد قبولا صرح الشاعر بأن المشروع قائم وأنه ينتظر الوقت المناسب لتجديد عرضه داخل المجلس.
 
أما عن محاكمة القرن والتى قيل عنها تصريحات أكثر مما قاله القاضى الذى نظر بها، بل وزاد فى موقفها البطولى الذى بدأه عصام العريان بالتأكيد على القصاص لأرواح الشهداء فى إعادة لمحاكمة مبارك عندما يتولى مرسى الحكم، بينما فى ظل اشتعال الخلاف بين منصتى القضاء والتشريع حول نتائج المحاكمة أضاف عليها نائب الحرية والعدالة حسين إبراهيم بعض التوابل الكلامية لكسب التعاطف الشعبى حيث قال كلمته «بأن جميع التيارات لم تختلف داخل هذا البرلمان على القصاص لأرواح الشهداء، مطالبا بالكشف عن الجانى الحقيقى، وعلى محاسبة السلطة التنفيذية المسئولة عن طمس الأدلة، مؤكدا أن مجلس الشعب لن يترك الجناة دون محاسبة ولابد من تقديم الجناة إلى محاكمة جديدة»، وفى مزايدة سلفية من نوع آخر طالب النائب يونس مخيون بتطبيق حد الحرابة على مبارك ورجاله بعد أن أفسدوا فى الأرض، كما طالب بمحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى أمام محاكم ثورية ومحاكمة كل مسئول عن طمس الأدلة وحرق وفرم المستندات فى مباحث أمن الدولة.
وأخيرا من مغازلة الشارع إلى مغازلة القوى العسكرية حيث تقدم النائب فريد إسماعيل، عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، ووكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بالمجلس، بمشروع قانون يقضى بإعادة هيكلة وتصويب رواتب أفراد وضباط القوات المسلحة وذلك أسوة بالتعديلات التى اقرها المجلس فى قانون هيئة الشرطة، موضحا أن رواتب كل أفراد وجنود القوات المسلحة متدنية للغاية وتحتاج إلى زيادة 4 أضعاف، على الأقل، على رواتبهم الأساسية.وأوضح إسماعيل فى تصريحاته الصحفية أن مشروع قانون إعادة هيكلة رواتب القوات المسلحة الذى تقدم به إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى بالمجلس مشابه لقانون هيئة الشرطة، مشيرًا إلى أن برلمان الثورة ينظر للقوات المسلحة على أنها الحصن الأول لمصر ولابد من توجيه العناية إليها ولاشك -حسب قوله - أن ذلك يبدأ بأن يحصل كل فرد من أفرادها على حقوقه المستحقة، بداية من أصغر مجند فى القوات المسلحة إلى أكبر قائد بها.
 
ومن تفصيل مشاريع القوانين إلى تفسير الأحلام وفتح المندل حيث أكد النائب السلفى محمد المرشد على تأييده لمرسى قائلا: «أنا أيدت محمد مرسى من المرحلة الأولى لأن الدكتور مرسى جاءنى فى المنام وقال أطلب تأييدك لذا أيدته والدين يفرض علينا تأييده».
وتعليقا من النائب الإخوانى صبحى صالح فى إحدى تصريحاته الصحفية بأن جماعة الإخوان تحاول حاليا مناقشة القوانين التى تهم الأسرة المصرية والتى بدأت بقرار أن تكون الثانوية العامة لمدة عام واحد، مشيرا إلى أن كل هذه التشريعات ليست بغرض ترسيخ أقدام الإخوان سياسيا ولكنها لخدمة المجتمع.
 
∎ اشتغلوا نواب
 
يقول النائب زياد العليمى عضو مجلس الشعب عن حزب االمصرى الديمقراطى الاجتماعى بأن محاولة الإخوان من خلال وجودهم بالبرلمان كسب ود الشارع من خلال سن مشروعات تمس حياة المواطن العادى لن تعيد لهم شعبيتهم فى الشارع كما كانت موجودة وقت الانتخابات، رغم أنه ليس من المفترض أن يستغل البرلمان لدعاية حزبية بهذا الشكل، وبالحديث عن إعادة المحاكمات وغيرها فى حالة نجاح مرشحهم مرسى فى الانتخابات فلو كانت لديهم الاستطاعة لفعلوا ذلك بدلا من إعطاء الوعود، كما لفت العليمى إلى أن محاولات الإخوان فى الفترة الأخيرة سن تشريعات تتفق مع الشارع جاءت بعد أن شعروا أن الشارع المصرى الذى أوصلهم للأغلبية البرلمانية قد ينقلب عليهم وربما يأتى سن هذه التشريعات بنتيجة فى التخديم على مرشحهم فى انتخابات الرئاسة، حيث الاستخدام الحالى للبرلمان أصبح فى سن القوانين التى تتفق مع مصالحهم السياسية على مستوى الوقت والطرف الذى يعقدون معه الصفقة مضيفا إن الإخوان من السهل عليهم أن يكسبوا ثقة الشارع ولكن من الصعب استعادتها مرة أخرى، وعن أمنيته لنواب التيار الإسلامى يقول العليمى: «أتمنى من نواب الإخوان والسلفيين بالبرلمان أن يشتغلوا نوابا وليس أعضاء بالنور والحرية والعدالة».
 
∎ قوانين انتقامية
 
لاشك أن نهم السلطة يجعل الاخوان لا يفكرون سوى فى حشد أكبر قدر من المكاسب حتى لو كانت ليس من حقهم.. هكذا يقول الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان وكيل مؤسسى حزب الاشتراكى المصرى مضيفا أن البرلمان حاليا أصبح جزءا كبيرا من المشكلة وعبئا على الدولة، كما أصبح مصدرا رئيسيا للأزمات كما حدث من صدام مع السلطة القضائية والأهم هو الإسراع بإرساء دولة العدالة والقانون ووقف حاسم لما يحدث من دفع المؤسسات القضائية والتشريعية نحو مصالح خاصة قد تتسبب فى انهيار حقيقى للدولة، وفى التجارب الديموقراطية دائما من يتحول من فى القمة إلى القاع وكذلك على الإخوان المسلمين خاصة أن يدركوا هذه القاعدة ويكونون أكثر استيعابا للدرس قبل أن يخسروا السلطة ويعودوا الى صفوف المعارضة مرة أخرى، وبالنسبة لتطويع القوانين فى جانب المصلحة الخاصة فأنا ضد هذا العبث بالقانون كما يحدث من سن قوانين انتقامية هدفها الأساسى شو إعلامى وشعبى على حساب المصلحة العامة ولعل أكبر دليل على ذلك قانون العزل السياسى الذى ندفع ثمنه الآن حيث تم تفصيله على نفس ما كان يفعله ترزية القوانين فى عهد مبارك، نفس طريقة العبث بهيبة القانون دون النظر إلى عاقبته على الرغم أننا طالبنا مع أول جلسة فى البرلمان أن يتم سن قانون العزل السياسى ولكن تم رفضه نظرا لتعارض سنه وقتها مع مصالح الإخوان ثم فوجئنا بعدها بسلق القانون وإقراره فى أقل من 42 ساعة داخل البرلمان بعد أن تم تفصيله على هوى جماعة الإخوان المسلمين لتطبيقه على اللواء عمر سليمان حينها، ثم أضاف مؤكدا أننى لست معترضا على من يتم تطبيق القانون عليه إنما المناخ السياسى الذى تم فيه تشريع القانون والذى لم يقصد وقتها مواجهة الفساد بقدر ما قصد إزاحة هذه العناصر من أمام الإخوان، وانطلاقا من هذا الموقف ما يحدث أيضا من مزايدات على إعادة محاكمة الرئيس السابق وإعادة حقوق الشهداء والمصابين لم يكن أكثر من عبث ودغدغة لمشاعر وعواطف الجماهير لاسيما أهالى الشهداء الذين ينتظرون القصاص ولو بكلمة حق، رغم أن الإخوان سابقا هم من وصفوا من فى التحرير بالبلطجية والمرتزقة فهم الآن من سيأخذون بقصاصهم وهذا ليس بجديد عليهم أن يرفعوا الآن راية الشهداء كما رفعوا سابقا راية الميدان وهم أبرياء من هذا وذاك.
 
∎ قوانين ظاهرها رحمة وباطنها العذاب
 
د.رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية يرى أن الشارع المصرى الآن فى حالة يرثى لها فيقول موضحا: «إننا أمام شارع ثائر بلا قيادة وأحيانا ما يقفز على قيادته وثورته أفراد ليس لهم صفة سوى الاستغلال السياسى، حيث يطالعنا الإخوان والسلفيون فى هذه الفترة الحرجة قبيل انتخابات جولة الإعادة من جلسات برلمانية صاخبة يتوعدون فيها الظالم ويعدون بنصرة المظلوم من خلال طرح مشاريع قوانين يحاولون فيها استمالة الشارع مرة أخرى بالخطب الرنانة والوعود الزائفة لقوانين ظاهرها الرحمة لكن باطنها العذاب، فالذين يرفعون الآن قوانين العدالة الثورية سيرفعونها غدا فى وجه الثوار أنفسهم وعندما يعارضهم أحد من الثوار سيتهمونه بأنه من الفلول ويعاودون الكرة رغم أنهم أشرف وأنبل من سارقى الثورات.. مضيفا فى تأكيد «لابد ألا نترك زمام التشريعات القانونية فى يد سلفية إخوانية لتبطش بها ما يتعارض مع مصالحها إنما لابد أن تتحاور كافة القوى الثورية بالبرلمان للموافقة على مثل هذه القوانين والتى يسبقها دراسة قانونية فقهية واعية».
 
 
∎ تجميل وجه البرلمان
 
يرى د.عبدالله المغازى أستاذ القانون الدستورى والأمين العام المساعد للمجلس الاستشارى أن البرلمان لابد أن يبتعد تماما عن أن يكون طرفا بهذه القضية فيما يخص الانتخابات الرئاسية وأن يمثل الشعب بدلا من تمثيل حزب أو جهة واحدة، وأضاف قائلا: «أعتقد أن ما يحدث فى البرلمان الآن من سن بعض القوانين التى تداعب الشارع هى دعاية للبرلمان أكثر منها إلى المرشح الرئاسى حيث يريد البرلمان الآن التعبير عن نفسه قبل حكم الدستورية العليا، ورغم الصراعات التى شهدها البرلمان منذ لحظاته الأولى إلا أن الشعب دائما ما يجبره على النظر إلى مصالحه قبل مصلحته الحزبية.