الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحب يبدأ بـ«شكة» عقل

الحب يبدأ بـ«شكة» عقل
الحب يبدأ بـ«شكة» عقل


العقل والجسد، وجها عملة الحب التى لا تصدأ، رغم تقاربهما، فلا يزال الخلاف صوتهما الذى لا يهدأ، حول من هو صاحب السيادة فى تلك العلاقة. ومن القائد إلى نشوة الحب التى تنتهى بسعادة الطرفين.
ورغم سمو هذه العلاقة الحميمية واحتفاظها بدرجة من الخصوصية والرقى، فإنها للأسف لم تكن بمنأى عن السقوط فى دائرة التعود والروتين واللامبالاة، بل التحقير أحيانا من شأنها عندما يتم التعامل معها كجسد فقط، دون مراعاة المشاعر والأحاسيس بلغتها الصامتة التى تتوازى أهميتها مع غيرها من المراحل، خاصة أنها لابد أن تسبق السلوك الجسدى الذى يأتى فى النهاية متمما لتلك العلاقة.

• الجنس مشاعر أيضا
يصحح د. فؤاد الدواش أستاذ علم النفس - بداية - مفهوماً شائعاً حول أن الرجل لا يرى فى العلاقة الحميمية سوى جسد فقط، مؤكدا كلامه: لا يصح اتهام الرجل بأنه يتعامل مع العلاقة الحميمية على أنها جسد فقط أو توجيه هذا الاتهام إلى المرأة أيضا، ولكنها ثقافة محددة تختلف من شخص لآخر حسب التربية والتعليم والخبرات وغيرها. فالعلاقة الحميمية فى الأساس ليست عقلا أو جسدا فقط، إنما تضاف إليها المشاعر أيضاً ، إذ يتضافر الثلاثة معا أثناء العلاقة وبهذا التكامل فقط نستطيع أن نطلق عليها علاقة حميمية ، وبالتالى، فالذى يجب أن نعمل له ترقية فى العلاقة، هو ألا تكون أحادية الهدف بمعنى أن يكون الهدف منها جسدياً فقط أو مشاعر فقط ، وللأسف معظم الحالات التى تأتى إلينا للعلاج تعانى من هذه الأزمة . وأتذكر هنا نموذجا لحالة، وهى زوجة جاءت تشتكى من زوجها الذى يقوم بهذه العلاقة عندما يريد أن ينام فقط . لأنها تحقق له قدراً من الراحة والاسترخاء والاستجمام، وفى أثناء العلاقة لا يتكلم بينما هى تحب ذلك، ورغم أنها سيدة جامعية ومثقفة فإنها امرأة، تشتهى الحديث أثناء العلاقة أو بعدها وتصر على ذلك، بينما هو يفضل النوم، فتشعر هى بنوع من الضيق والملل لأن شهوة الكلام لديها تغلب على شهوة الجسد، وهو عكس ذلك يقتصر فى العلاقة على هدفه فى شهوة الجسد وينسى شهوة الكلام، باعتبار أنه طوال اليوم مرهق فى العمل والكلام ولا يريده فى البيت أيضا وهنا يحدث الفشل، لذلك فلابد فى العلاقة الحميمية على كل طرف ألا يكون أحادى الهدف، سواء جسد فقط أو مشاعر أو أفكار فقط إنما يكون فيها تكامل.
• سُكرالعلاقة
العلاقة الحميمية هى مراحل تبدأ بفكرة ثم مشاعر ثم سلوك . هكذا تشرح الدكتورة منى أبو طيرة - أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس موضحة أن «الجنس» غريزة لدى كلٍ من المرأة والرجل، ولكن التعبير عنها والشعور بها مختلف بين الطرفين ما بين عقل وجسد. فعند الرجل تكون الغريزة الجسدية هى الجزء الأساسى، بينما عند المرأة تكون المشاعر هى التى تسبق الغريزة، وبالتالى قد يقوم الرجل بممارسة هذه العلاقة مع امرأة ليس بالشرط أن يحبها، ولكن المرأة من الضرورى أن تشعر تجاه من تمارس معه تلك العلاقة بشيء من الحب أو بعض المشاعر التى تحفزها نحو تلك العلاقة. والبداية تكون من العقل الذى يبدأ بتهيئة كلا الطرفين لهذه العلاقة، وفكرتهم تجاهها ما بين الإحساس به وبين كونه مجرد انجذاب جسدى أو واجب زوجى لابد من القيام به، وفى الحالتين الأخيرتين تكون العلاقة القائمة بين الطرفين هشة، أما اذا كان كلا الطرفين على مستوى العقل والإحساس ومدركين تماماً أن هذه العلاقة ممتعة ومكون أساسى فى الحياة الزوجية التى لابد أن يحيطها العطف والحنان والإحساس بالأمان والعطاء والتفكير الجيد تجاه هذا الشخص الذى نحبه ، فكل هذه الاشياء تجتمع فى فكرة كونها العقل فتثير بعض المشاعر العميقة، فتسمح بقبول هذه العلاقة، وهو ما تؤكده الحالات التى تصلنا من مشاكل الأزواج والزوجات حيث تكون العلاقة الحميمية عادة - عندما نبحث عن فشل علاقة زوجية ما - القشة التى قصمت ظهر البعير.
وهذا ما لاحظناه فى مشاكل الأزواج داخل العيادات النفسية التى تبدأ بالشكوى من سوء المعاملة أو البخل أو غيره من الأسباب الواهية، وفى النهاية نكتشف أن المشكلة الحقيقية هى برود العلاقة الحميمية بينهما.
 وبسؤالى عن بعض الأشخاص الذين يتخذون من المسكرات والبرشام مساعدا لهم فى الإحساس بالسعادة قبيل العلاقة الزوجية، تقول د. منى إن هذا يتوقف على نظرة الشخص لتلك العلاقة ، بمعنى أنه عندما يلجأ إلى هذه المسكرات أو حبوب الهلوسة، يكون هدفه أن يقيم علاقة جسدية فقط دون محاولة الشعور بها، فبالتالى يحاول أن يغيب عقله حتى ينهى الأمر، الذى هو فى حاجة فسيولوجية فقط إليه، ولكن إحساسه الحقيقى نحوها هو عدم الرضا لأنه اذا كان راضيا.. فلن يقدم على شرب الخمر أو غيره بل سيكون حريصا على أن يكون مدركا لكل إحساس وشعور ممتع مع شريكته. لذلك فبعض الناس يتكون لديها تصور خطأ بأن العقاقير أو المخدرات والمسكرات تعطيهم إحساساً بالسعادة الزائدة والنشوة، بل ويعتبرونه نوعا من التطور والرقى و«الروشنة» ولكنه فى حقيقة الأمر نوع من الهروب وتعمد «التوهان» وعدم الإدراك، .لأن هذه العلاقة لديه تكون مجرد واجب أو إحساس بالذنب أو يحيطها مشاعر بغض أو زائفة فبالتالى يلجأ الى السكر لينهى الموضوع دون إدراك.
• صورة محنطة
د. أحمد عبد الله - أستاذ الطب النفسى - يرى أن هناك تشابكا كبيرا من البداية حول فكرة الزواج بشكل عام الذى يصل فى النهاية الى تفاصيل العلاقة الحميمية بين الزوجين، إذ إن قرار الارتباط بينها من البداية أصبح تجربة مرعبة أكثر منها تجربة ممتعة ، بداية من الخوف الشديد من فشل هذه العلاقة أو قبول الاستمرار بها تحت ضغوط معينة ، وفى النهاية ينعكس ذلك على كل مكونات العلاقة بين الزوجين بالسلب . هذا بالاضافة الى حالة التوتر العام تجاه العمل والظرف الاقتصادى والمسئولية الذى يعد هو الآخر مؤثرا كبيرا فى سير العلاقة الزوجية. كما لا ننسى التشوه الشديد فى المعلومات والخبرات لكثير من الناس عبر الإنترنت والمواقع الإباحية، فيكون لديهم تاريخ أسود قبل الدخول فى تلك العلاقة، وهذا ينعكس عليها بالفشل والإحباط، كما أن هذه الفيديوهات والعلاقات على النت والأفلام الإباحية تعكس صورة «محنطة» عن تلك العلاقة كأنها مجرد action لا أكثر . •


حوار ساخن بين العقل والجسد

العقل: أنا المايسترو، أعطى إشارة البدء للتفكير فى الحب
الجسد: أنا أصنع من التفكير واقعا
العقل: ولكن الحب يبدأ بفكرة أثيرها بإحساسى
الجسد: الأفكار فانية ، متعة الجسد خالدة
العقل: لا خلود للمسة أو آهة عابرة
الجسد: ولكنها من تصنع شرارة الحب الماجنة
العقل: أنا ميزان الحب، وآمرك فتفعل
الجسد: وأنا قالب الحب، عندى تنطفئ ثورتك وتهدأ