الخميس 4 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أشرف عبدالغفور: النقيب

أشرف عبدالغفور: النقيب
أشرف عبدالغفور: النقيب


قد يختفون قليلا.. ويزحف الضوء المراوغ بعيدا عن تلك الوجوه المسكونة بالعشق، وقد تهاجر عصافير الأحلام فى   زحمة الدنيا لبعض الوقت.. لكنهم يظلون طوال الوقت.. حالة فنية مدهشة لا تغادر الذاكرة.. ونقطة ضوء فى   عتمة الليالى   الفارغة.. يظلون دائما..
كان دائماً نجماً فى الأعمال التاريخية  التى اعترف أنها شغف بالنسبة له، وأصبح صوته سمة تميز الأعمال الإذاعية لعشقه اللامتناهى لهذا العالم الساحر.. عن الشباب وإحباطات متتالية فى مهنة (غدارة )، وعن قصة حب شائكة لم تؤثر عليها ضغوط العائلتين وعن أسرته الصغيرة تحدث نقيب المهن التمثيلية إلى «صباح الخير».
 
• نقيب الفنانين بين الهواية والاحتراف

الهواية تجعل الإنسان يتوجه لها لا إراديا وهذا بدأ معى فى مرحلة عمرية مبكرة، فأنا فى بداية مرحلة المراهقة كانت علاقتى بالفن متمثلة فى ارتيادى  للسينما ولم يكن لدى وقتها النضج الكافى والثقافة الكافية للذهاب إلى المسرح، فكان المتاح لى وقتها هو الذهاب للسينما ولكن ليس بنظرة الشخص العادى فالاستقبال مختلف عن أى شخص عادى، فاعتدت ارتياد السينمات الصيفية فى منطقة سكنى فى ميدان الجيزة، وكانت مميزة جدا وقتها فكان من الممكن أن أذهب لمشاهدة الفيلم نفسه يوميا وكنت مجاورا لأكثر من دار سينما فى المنيل وليس الأفلام العربية فقط بل الأجنبية أيضا، فأصبحت أتابع الفيلم وقبل دخولى القاعة أتجه إلى الأفيش وأقرأ كل تفاصيل العمل من مخرج وفنيين وتصوير وهذا بشكل لا إرادى وأصبحت أدون أسماء المخرجين والأبطال ومؤلفى الأفلام ومديرى التصوير فى كراريس المدرسة وأحفظهم، واستمررت على هذا المنحى حتى مرحلة الثانوى وكنت وقتها فى مدرسة الجيزة الثانوية.
وأنتقل إلى المدرسة وحفلاتها المدرسية، ومشاركتنا فى مسابقات  الجمهورية، وأتذكر أول مرة صعدت فيها على مسرح دار الأوبرا الخديوية لاستلام كأس التمثيل على مستوى الجمهورية ولم تكن سعادتى بالكأس وقتها قدر ما كانت سعادتى أكبر باعتلاء المسرح الخاص بالأوبرا الملكية، وأسعدنى الحظ بعد ذلك بالعمل عليها مرتين، الأولى أثناء إعادة  تقديم مسرحية «جلفدان هانم» ومرة أخرى أثناء أوبريت اسمه «حياة فنان» مع القديرة الراحلة  «رتيبة الحفني».
• التخرج وحلم السفر
ألتحق بكلية التجارة جامعة عين شمس، وفى نفس العام  أعلن عن افتتاح المعهد العالى للسينما وكانت أول دفعة للمعهد وسارعت للاشتراك فى الاختبارات وبالفعل نجحت وتم قبولى وأصبحت فى المعهد العالى للسينما قسم تمثيل، وطالبا فى كلية التجارة حتى الفرقة الثانية من الكلية ولم أستطع الاستمرار فى الدراستين معا والتصادم بينهما، والتزمت بدراستى فى المعهد العالى للسينما وتحولت من مرحلة الهواية إلى الدراسة حتى مرحلة التخرج وبدأت أشق الطريق فى المسرح والسينما.

•إحباطات متتالية قطعت الخيوط بينى وبين عالم السينما

• رغم عملك فى السينما والمسرح قبل الدراما التليفزيونية  إلا أنك قاطعتها تماما منذ سنوات طويلة.. لماذا؟

- بداية عملى فى السينما كان من خلال فيلم اسمه «صبيان وبنات» إخراج حسين حلمى المهندس بعد أن عرفنى الناس بعد عرض مسرحية «جلفدان هانم» وبعدها فيلم «المراهقة الصغيرة» وفيلم «الشيطان» مع فريد شوقى وإخراج محمد سلمان، وبعدها قدمت مجموعة أفلام مع ثلاثى أضواء المسرح، وفيلم  (بلا رحمة) مع الراحل نيازى مصطفى وعبدالحى أديب وهو من أهم الأفلام التى قدمتها ولى قصة خاصة جدا مع هذا الفيلم.. كان فى أوائل السبعينيات وكنت أعمل وقتها فى مسلسل «القاهرة والناس» ونحضر لآخر مرحلة من مراحل هذا المسلسل التى استمرت لحوالى خمس سنوات.
وأعطى لى نيازى مصطفى وقتها أمرا أننى إذا أردت أن أعمل فى السينما ألا أقدم أعمالا فى التليفزيون انطلاقا من نظرية أن العمل فى التليفزيون يحرق النجم، وأنا أصررت على الاستمرار فى القاهرة والناس بعد عملى به لسنوات وبعد أن قدمنى للناس بشكل مباشر، وكان هذا الخلاف بيننا.. فكان هو مضطرا أن أكمل معه عملى فى الفيلم ولكن لم نتعاون معا مرة أخرى أبدا،  وأصبح يقول فى كل مكان أن هذا الشاب فضل التليفزيون على السينما.

• المتابع يلاحظ شغفك الدائم بالأعمال التاريخية، ما سر هذا الشغف؟

- شغفى  بالأعمال التاريخية له بذور حركته بداخلى ولعلها تتعلق باللغة العربية وحبى وشغفى بها ولا أقصد باللغة العربية هنا أى النحو والصرف ولكن تفهم اللغة والغوص فى أعماق هذه اللغة تحتاج من يحبها ويغوص فيها،  بالإضافة إلى أن تعلقى بالأعمال التاريخية لا يتعلق فقط بكونها أعمالا تاريخية أو إسلامية بل بالشخصيات التى أقدمها، فشخصية الإمام البخارى أبهرتنى وكذلك عندما قدمت شخصية الإمام مالك وشخصية الليث بن سعد هؤلاء الأئمة الكبار العظام وشرفت بتقديمهم وفى المقابل أيضا قدمت شخصيات مركبة جدا مثل الوليد بن عبد الملك فى عمر بن عبدالعزيز وموسى الهادى فى هارون الرشيد وغيرهم.

• مازلت متمسكا بتقديم أعمال إذاعية حتى يومنا هذا - كلمنى عن عالم الإذاعة؟

- المسرح والإذاعة من المجالات الفقيرة اقتصاديا ولا يعادل دخلهما القطاعات الأخرى مثل التليفزيون والسينما ومن يرتبط بهما يجب أن يكون محبا لهما وعاشقا لهما ومستمتعا بهما والإذاعة مجال له خصوصيته رغم أننا نقرأ ولا نحفظ ونعمل بملابسنا العادية دون تجهيز أى ملابس للشخصية إلا أننى مطالب بنقل كل تفاصيل الشخصية وأحاسيسها للمستمع  من خلال أداة واحدة وهى الإحساس وليس الصوت فقط فالإذاعة هى الخيال والمتعة وعلى المتلقى أن يتفاعل مع الصوت الذى يسمعه وهذا سبب تعلقى الشديد بهذا العالم الجميل.

• أن المسرح المصرى يمر بحالة من التدهور، هل السبب وراء هذا غياب النجوم أم غياب دعم الدولة؟

- هذه الأسباب ومع ثلاثين سببا آخر لن نستطيع فصل المسرح عن الفن بكل مفرداته ولن نستطيع فصل كل هذه الفنون عن الثقافة كمنظومة وهل الدولة تضع هذه المنظومة فى أولويتها؟؟ فنحن على الأقل منذ أربعين عاما لا نجد المنظومة الثقاقية فى أولويات هذه الدولة، فأصبحت الثقافة منظومة مهمشة وبالتالى هذا التهميش كانت له نتيجة سلبية على كل الكيانات الثقافية.
الدولة لم تفكر على مدار النصف قرن الماضى فى إنشاء مسرح واحد  فى الـ27 محافظة فليس هناك استراتيجية للمسرح لا كقطاع عام ولا كثقافة جماهيرية من المفترض أن تحقق المطلوب منها على مستوى الجمهورية، ولا الدولة سعت لتفريخ جيل من الكتاب المسرحيين. لذلك مازلنا نتغنى بعبق التاريخ والستينيات والفريد فرج ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة ولطفى الخولى وميخائيل رومان، أين جيل المؤلفين الذين تبنتهم الدولة؟ كل هذه الأسباب لا تحقق مناخا ينتج لنا مسرحا جيدا ولم يعد لدينا كرم مطاوع ولا سعد أردش ولا نبيل الألفى ولا حمدى غيث.

• التجربة النقابية ماذا أضافت لك وماذا أخذت منك؟

- العمل النقابى بالنسبة لى ليس جديدا فأنا كنت عضو مجلس إدارة فى أول مجلس إدارة يشكل بعد قانون 78 وهو مجلس لم يكتمل بسبب صراعات وخلافات وابتعدت عن العمل النقابى حتى عدت إليه فى دورتين متتاليتين من 1997 إلى 2005 كنت فيهما وكيل أول النقابة وقائما على أهم لجنتين هما لجنة القيد ولجنة التصاريح،  ولكن التجربة الجديدة والمريرة  بالنسبة لى هى كونى نقيبا  خاصة فى هذه الظروف الصعبة جدا فبعد ثورة يناير هناك مجالات ضُربت فى الصميم ومنها السياحة والفن وكل هذا انعكس على النقابات، وبالتالى على كل طموحتنا وأحلامنا لهذا المجلس , لأننا نتعامل مع كيانات خارجية ومؤسسات للدولة ووزارات غير مستقرة ليس لديها رؤية مستقبلية ولا خطة استراتيجية ولم نحقق فيها أغلب أحلامنا ما خرجت به من هذه التجربة أننى كنت متمتعا  بنعمة الجمع بين الحب والاحترام من الجميع وهى نعمة يصعب على إنسان أن يجمع بين شقيها إلى أن أصبحت نقيبا أصبح لى أعداء اكتسبتهم بحكم هذا المنصب بسبب محاولة وضع الأمور فى نصابها وانتزاع حقوق ما وعدم التجاوب فى تنازلات معينة. الشيء الوحيد الذى خرجت به من هذه الدورة هو إنشاء دار للمسنين  فأنا جئت للنقابة وكانت هناك أرض مملوكة للنقابة كحق انتفاع مخصصة لإنشاء دار مسنين، منذ عام 2008 وحاولت قدر المستطاع أن أستكمل هذا المشروع رغم رفض الكثيرين لهذا المشروع لكن نحن عاصرنا مشاهد منذ (فاطمة رشدي) حتى الآن فنانين مهما كانت مكانتهم فى مرحلة ما ينتهى بهم المطاف إلى أنهم لا يجدون مكانا يأويهم ومهنتنا مهنة  غدارة جدا فى لحظة يجد الشخص نفسه فى الظل وتخفت عنه الأضواء ويذوب الوهج ولا يبقى له سوى اجترار الذكريات فى مكان آمن.
• هل ستعيد الكرة مرة أخرى فى الدورة التالية؟
- لا.. إطلاقا.

• أم الأولاد

زوجتى هى ابنة عمى وزواجنا كان بعد قصة حب شهيرة  جدا وهى ساندتنى كثيرا ولم  يكن لدى أى خطة مستقبلية وكنت «على باب الله» اختارت أن تبقى معى وأكملت معى المشوار وأثمر هذا الزواج ثلاثة أبناء «تامر وريم وريهام». •