السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سليم سحاب: أرفض الشحاتة على أولادى

سليم سحاب: أرفض الشحاتة    على أولادى
سليم سحاب: أرفض الشحاتة على أولادى


إذا حاولت أن تصنع بسمة على شفاه عانت من اليتم والحزن منذ أن تفتحت العيون على نور الدنيا، وإذا حاولت أن توجد طريقا فيه الخلاص، طريقا تلمع فيه العيون وتطرب الآذان من السعادة، فمن المؤكد أنك تقوم بعمل يستحق الاحترام والتقدير، كان هذا إحساسى عندما قرأت عن التعاون المشترك بين المايسترو سليم سحاب والجمعيات العاملة فى مجال رعاية الأطفال الأيتام من أجل تأسيس كورال من أطفال الشوارع.
 
«أعتذر عن استخدام جملة أطفال الشوارع ولتكن المرة الأخيرة فى هذا الموضوع.. لأنه بعد لقائى بالأطفال أكدوا لى أنهم يشعرون بألم من الكلمة وأنهم أفضل من أطفال كثيرين يعيشون مع أهاليهم وفى بيوتهم وطلبوا منى أن أطلق عليهم أطفال متحدون أو أطفال مؤسسات».
كانت البداية معهم فى جمعية الفسطاط بالهرم وهى الجمعية التى يقوم المايسترو سليم سحاب بتدريب الأطفال فيها فى إطار مشروعه الكبير «كورال أطفال مصر» الذى يضم أطفالاً من عدة دور رعاية منها جمعية الضمير الحى ودار أهالينا ودار الهنا وقرية الأمل، وابنتى، وروضة الأبرار، بهدف تأسيس كورال يمثل مصر فى المحافل الدولية.
استقبال الأطفال كان حافلا بالمايسترو، فهم يطلقون عليه «جدو سحاب» وهو معهم ازدادت عيناه بريقا ولمعانا وحبا وازدادت ابتسامتهم اتساعا  واطمأنت ملامحهم.
• سألت سحاب عن الفكرة.. كيف بدأت؟
ـــ فقال: رؤية الأطفال الأيتام واللقطاء كانت ظاهرة دائما تؤرقنى..تفأنا أراهم فى الشارع طوال الوقت، فكنت دائما أفكر في أن الطفل الذى يبيع لى مناديل ينتظر فرصة كى يكون أفضل من غيره، الفرصة هى التي تخلق الإنسان.
وعندما كنت مع فرقتى الخاصة فى أوبرا سلطنة عمان أخبرنى وقتها الدكتور الملاح بالمصادفة أن عمان كانت تستضيف أوركسترا من فنزويلا مكونة جميعها من أطفال الشوارع.
وقد أنارت الفكرة فى ذهنى  ووجدتها حلاً مناسباً للظاهرة التى تؤرقنى، فدرست إمكانية تنفيذها فى مصر، خاصة أنها موجودة فى فنزويلا منذ 20 عاما ويوجد لديهم 40 أوركسترا تطوف حول العالم.
وعندما عدت اتصلت بالأستاذة إيمان رجب نائب رئيس تحرير وهى مسئولة عن دار رعاية ثم اتصلت بوزارة الشباب والرياضة، وقد رحب المهندس خالد عبدالعزيز بالفكرة وسخر لى كل إمكانات الوزارة وقال لى «كل الإمكانات تحت أمرك وتصرفك» فهو وزير مثقف ويرحب بالأفكار التنموية.
• كيف وقع الاختيار على هؤلاء الأطفال؟
ـــ استمعت لـ 800 طفل من عدة دور رعاية، واخترت فى النهاية 70 طفلاً، نحن نعمل منذ 6شهور أستمع وأختار وأجرى اختبارات حتى وصلت لأفضل العناصر،تأنا الآن فى مرحلة توسيع الصوت وقريبا سيشاركون فى إحياء حفلة فى قناة السويس الجديدة.
• هل وجدت صعوبة فى التعامل معهم؟
ـــ لا تتخيلى مستوى تهذيب وأخلاق الأطفال، حتى عندما يصابون بنوبة من نوبات الشقاوة أهددهم بأننى سوف أغضب فأجدهم يصمتون على الفور لأنهم يحبونى ويحترمون أوقات العمل.
• لماذا لم تلجأ للحكومة فى االبداية قبل اللجوء لمنظمات المجتمع المدني؟
 ـــ منظمات المجتمع المدنى هى الأساس فى كل الدول، وقد رفضت اللجوء لرجال الأعمال فلن «أشحت على أولادي»، وأتمنى أن تنتبه الحكومة للمشروع فمن كنا نسميهم قنابل موقوتة هم الآن يغنون ويرقصون، بعد أن كانوا كارهين للحياة ومنغلقين على أنفسهم أصبحوا أكثر انفتاحا وأملا.
قريبا سوف ألتقى بالسفير الروسى وسوف تكون هناك مرحلة ثانية لتعليمهم العزف على الآلات أو تصليحها من خلال خبراء روس فى مجال الموسيقى.

• بروفة

بعد أن أنهيت حوارى مع سحاب حضرت بروفة مع الأطفال وسط جو مبهج وسعادة غامرة، فالشقاوة كانت تنطلق من عيونهم وبإشارة من المايسترو كانوا يكبحونها وما أن يعاود العمل يبدءون فى العمل من جديد.
العمل معهم يحتاج لصبر، والمايسترو يسيطر عليهم بالحب والمودة والحنان.
جلس على قدمى طفل جميل صغير اسمه عبدالله لا يتعدى الثلاث سنوات ليس ضمن فريق الكورال ولكنه يعشق المايسترو سحاب، همست فى أذنى زوجة المايسترو مؤكدة أن سحاب يتنبأ لهذا الطفل بأنه سيكون مايسترو كبيرا بل إنه يترك عصا قيادة الأوركسترا بين أصابع الطفل يلهو بها ويتلمسها.
التقيت عدداً من الأطفال المشاركين لسؤالهم عن تجربتهم بالمشاركة فى كورال الأطفال خاصة أنهم سيشاركون فى حفلة وطنية كبرى فى مشروع قناة السويس الجديدة.

• لسنا أطفال شوارع

أمينة السيد 16 عاما من جمعية ابنتى أكدت أنها سعيدة بالانضمام لكورال الأطفال مؤكدة أنها استفادت كثيرا من المايسترو سليم سحاب فهى تغنى منذ عامين ولكنها تعلمت مع المايسترو بشكل أفضل ومهنى.
توضح أمينة أنها تحب جو البروفات وتستمتع بوجودها مع الكورال وتعشق  تدريبات «الفوكاليس».
كما تتمنى أن تصبح مغنية مشهورة وتلف العالم وتتعرف على ثقافات مختلفة.
أما صابرين صبرى 18سنة من جمعية أولادى فى الصف الثالث الإعدادى فتقول: أهوى الغناء من صغرى وأعشق الأغانى القديمة وصوت فيروز، ماجدة الرومى، وتضيف عندنا فى البيت «تقصد الدار» يهتمون بالمواهب ونشارك فى حفلات ويختارون منا المواهب فى الغناء والموسيقى والرسم.
صابرين ترى أنه لم يمر سوى شهر واحد على تدريباتها مع المايسترو ولكنها تشعر باختلاف كبير ومتعة أكبر فى أن المايسترو اختارها لتكون ضمن الأطفال.
بينما محمد المصرى 15 سنة من جمعية الأمل يدرس بالمرحلة الإعدادية، كان يجلس يستمع لحوارى مع صابرين وأمينة باهتمام، سألته عن موهبته بجانب الغناء فأكد لى أنها كرة القدم، وأنه قد سافر للبرازيل وشارك فى مباراة ويتمنى أن يصبح لاعب كرة مشهورا.
محمد قال إنه ينزعج من كلمة أطفال شوارع مؤكدا بإصرار أنه يشعر أنه أفضل من أولاد كثيرين فهو معتمد على نفسه ومتفوق فى دراسته ويمارس لعب كرة القدم والغناء باستمرار، رافضا أن يطلق عليه هو وإخوته «أطفال شوارع».
وأضاف إن والده ووالدته يعيشان فى القاهرة لكنهما منفصلان ولم يعطياه أى اهتمام لذلك فقد قرر أن يتركهما ويعيش فى الدار بعيدا عن مشاكلهما منذ عام 2009 قائلا: سأرجع لهما بعد أن أكمل 15 عاما، لكنى أنقذت نفسى من خلافاتهما.
أمينة وصابرين أكدتا أن جملة أطفال الشوارع تؤذيهما وأنهما غضبتا كثيرا عندما كتب على الإنترنت وفيس بوك أن سليم سحاب ينشيء كورال لأطفال الشوارع وأنهما تفضلان كلمة أطفال متحدون أو أطفال مؤسسات وأن جميع الأطفال الموجودون فى دور الأيتام لا ذنب لهم.
• أغان وطنية
ليلى جمال فتاة سمراء خجولة عمرها 13 عاما من جمعية ابنتى تغنى منذ عام، وتؤكد أنها تحب الأغانى الوطنية وفخورة بأن الكورال سيشارك فى احتفالات قناة السويس الجديدة مؤكدة أنها لا تعلم الكثير عن القناة ولكنها سعيدة بأنها ستشارك فى حفله وطنية.
منى النفس 14 عاما من جمعية أولادى حدثتنى عن المعسكر الذى قام به سليم سحاب لإعداد الأطفال وعلى مدار أسبوع كامل يوميا من الساعة الثامنة صباحا وحتى التاسعة مساء مؤكدة أن الأيام التى قضتها فى التدريب كانت من أجمل الأيام وتعلمت الغناء بطبقات مختلفة، منى تتمنى أن تصبح مهندسة وأن يكون الغناء مجرد هواية.
آية فارس 14 عاما من جمعية أولادي خجولة رقيقة سألتها هل تخافين من المايسترو عندما يكون عصبيا، فأجابت كلنا نحبه ونحترمه ولكننا لا نخاف منه نحن لا نريد أن نغضبه لأنه أول من علمنا ومد يده لنا، يريدنا أن نصبح محترفين ونسافر للخارج ويعلمنا كيفية التعامل مع الآخرين واحترام المكان الذى نتواجد فيه.
حازم إبراهيم 12 عاما فى الصف الإعدادى قال لى المايسترو هو اللى خلى صوتنا حلو وهو اللى اكتشفنا وبيعلمنا، وبيلعب معانا كمان.
 يؤكد حازم أنه يهوى كرة القدم والغناء ولكنه يتمنى أن يعمل ضابط شرطة.
أما رحمة يوسف 12 سنة من جمعية الضمير الحى فى الصف الإعدادى بمدرسة الطبرى لغات فأكدت أنها تتدرب على الغناء فى الدار، وأنها سعيدة بوجودها فى الجمعية وتعشق السفر فهي تسافر مع إخوتها فى الدار خلال شهور الصيف مشيرة إلى أنها سافرت شرم الشيخ والغردقة ومطروح، وفى الأوتوبيس هى دائما من تغنى أغانى قديمة لفيروز وأم كلثوم مشيرة إلى أنها فى الصيف المقبل سوف تغنى بحرفية أكثر بعد أن تدربت بشكل جيد. •