الإخــوان الخاسـر الأكبـرفـى معركـة الانتخابـات

ياسمين خلف
نظمت الجامعة الأمريكية رابع حلقة نقاشية فى سلسلة المائدة المستديرة بعنوان «ما وراء الأحداث» لمناقشة أول انتخابات رئاسية حرة فى مصر، وتحليل نتائج الجولة الأولى ومحاولة رسم سيناريوهات المستقبل. عُقدت جلسة الحوار تحت عنوان «تحليل الانتخابات الرئاسية: التحالفات والتوقعات»، وتحدث فيها أساتذة الجامعة الأمريكية: د.سامر عطا الله- مدرس الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ود.سامر سليمان، أستاذ مساعد الاقتصاد السياسى، ود.عمرو حمزاوى- ود.أشرف الشريف - عضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية.. بالجامعة، أدار اللقاء الإعلامى حافظ المرازى - مدير مركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والإلكترونية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بحرم الجامعة فى ميدان التحرير وبحضور مجموعة من الصحفيين والإعلاميين المصريين والأجانب.
كشفت الانتخابات الرئاسية عن ظواهر قديمة وجديدة فى السياسة المصرية. تجلت الممارسات القديمة فى الدور الذى لعبته التنظيمات الحزبية الكبيرة متمثلة فى جماعة الإخوان المسلمين وبقايا الحزب الوطنى الديمقراطى السابق، والذى أدى إلى صعود مرشح الإخوان محمد مرسى والمرشح المدعوم من أجهزة الدولة أحمد شفيق إلى جولة الإعادة، أما الممارسات الجديدة فتجلت فى بروز مجموعة جديدة من المصريين صوتت لمرشحين آخرين، خارج الكتلتين التقليديتين مثل حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وهو ما يعنى ظهور كتلة ثالثة ثورية فى الشارع المصرى.
حيث قال الدكتور سامر عطا الله:ان دور التنظيم فى العملية الانتخابية كان قويا وفعالا وهذا كان سبب جذب الناخبين للتقدم والإدلاء بصوتهم فى العملية الانتخابية.. فإن الانتخابات الرئاسية كسرت احتكار الإخوان المسلمين والحزب الوطنى، وأصبح يوجد توزيعة انتخابية مختلفة.. وهذه النظرية تعنى الديمقراطية وكيفية تحقيقها..فأن كسر احتكار الإخوان المسلمين و دخولهم الحياة السياسية كان نتيجة إيجابية.. فإن الانتخابات قامت على آلية ديمقراطية وهى فى الأساس آلية تعليمية.. تعليمية للناخب وأيضا تعليمية للمرشح.. وهذه من المؤشرات الإيجابية التى ظهرت فى العملية الانتخابية..كما أشار أيضا الدكتور سامر إلى أن التصويت فى الانتخابات الرئاسية كان أقل من التصويت فى الانتخابات البرلمانية.. وهذه من المؤشرات السلبية لأننا الآن فى حاجة إلى كسب ثقة المرشح.. فإن الانتخابات البرلمانية جعلت الناس تفقد ثقتها فى العملية الانتخابية، كما أن بعضا من المرشحين عجزوا عن أن يصلوا ببرامجهم وأفكارهم إلى الشعب.. ومن ناحية الصورة الاقتصادية القاتمة التى من المنتظر أن تشهدها مصر فى المستقبل، قائلاً: إن مصر تحتاج خلال الفترة الانتقالية لتدخل الدولة فى الاقتصاد، فالبرامج الاقتصادية لكل من: مرسى وشفيق لا تختلف جذرياً، بل إن البرنامجين منحازان لاقتصاد السوق وضد مطالب ثورة الخامس والعشرين من يناير، التى دعت إلى تطبيق العدالة الاجتماعية..
وأرجع سليمان نجاح شفيق إلى شبكة رجال الأعمال وأجهزة الأمن والانتماءات القبلية التى دعمته. وأضاف أنه بالرغم من أن الإخوان المسلمين فقدوا الكثير من الأصوات التى كانوا يتوقعون تصويتها لصالحهم، فإنهم خرجوا من الانتخابات بمكسبين فى غاية الأهمية: أولاً هزيمة أبوالفتوح والتى أظهرت تماسك تنظيم الإخوان، وثانياً المكانة التى أسستها الجماعة لنفسها والتى تعتبرها منطلقا يمكنها التحرك والتفاوض من خلاله خاصة مع هيمنتها على السلطة التشريعية.
بينما قال الدكتور أشرف الشريف إن الانتخابات الرئاسية أتاحت لنا فرصة التعرف على مصر.. وكانت التيارات الإسلامية مؤثرة فى الانتخابات بشكل قوى رغم صراعها بين القطبين.. فالإخوان المسلمين بالنسبة لى هم أكثر قدرة ومعرفة منا على سياسة الدولة.. وفى 2102 وصل الإخوان لقناعة أن المجلس العسكرى هو الشرعية الأساسية فى البلاد وهو وحده القادر على تعيين ومحاسبة المسئولين.. فإن العلاقة بين الإخوان والعسكر هى علاقة شد وجذب.. ودخول الإخوان ومشاركتهم فى الانتخابات الرئاسية هى تحد مع العسكر.. فالإخوان لديهم خطط لإصلاح الدولة وخطط أيضا لإصلاح الجهاز الأمنى لكنها كلها موضوعة فى الدرج.. لذلك من الصعب أن يتنازل الإخوان عن الرئاسة لأى من القوى الثورية.. فإن الإخوان دخلوا الانتخابات وهم فى خصام مع كل القوى الثورية وأخذوا رهان أن يستمروا فيها الى النهاية.. ثم أشار الدكتور أشرف إلى أن جماعة الإخوان المسلمين هى أكبر الخاسرين فى معركة الانتخابات لأنها غيرت حساباتها الاستراتيجية. فقد تأكد الإخوان المسلمون أن المؤسسة العسكرية لن تتنازل عن سلطتها إلى حكومة مدنية، فبدأت الجماعة فى بناء استراتيجية قائمة على شراكة مع الدولة ومؤسساتها، وقال الشريف: إن العلاقة الآن بين الإخوان والمؤسسة العسكرية هى علاقة تفاوضية وليست صدامية.
أما الدكتور عمرو حمزاوى فقد تحدث عن ظهور ما يسمى بـ «الكتلة المتأرجحة»، التى تجاهلت كلاً من مرسى وشفيق وأبلت بلاءً حسناً نسبياً فى الانتخابات على الرغم من افتقارها للدعم التنظيمى. وأوضح حمزاوى قائلا: إذا نجح أى من رموز الانتخابات فى توظيف وتحريك هذه الكتلة المتأرجحة، فسوف يكون لها مستقبل فى المنافسة فى الانتخابات القادمة.