الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأساتذة لطفي لبيب الأيقونة

الأساتذة لطفي لبيب الأيقونة
الأساتذة لطفي لبيب الأيقونة


قد يختفون قليلا.. ويزحف الضوء المراوغ بعيدا عن تلك الوجوه المسكونة بالعشق، وقد تهاجر عصافير الأحلام فى   زحمة الدنيا لبعض الوقت.. لكنهم يظلون طوال الوقت.. حالة فنية مدهشة لا تغادر الذاكرة.. ونقطة ضوء فى   عتمة الليالى   الفارغة.. يظلون دائما..

 من يستطع نسيان كتاب روزاليوسف وصباح الخير المحفورين داخل وجدان كل شخص فينا، إلى جانب رسامى الكاريكاتير الذين أخرجتهم هذه المجلة العريقة والذين رسموا على  وجوهنا البسمة، ودائما كانت مجلتا روزاليوسف وصباح الخير على  يسار المجتمع لذلك كنت أشعر بأننى  أسير معهما فى  نفس الاتجاه أو فى  نفس «الخندق» ببداياته وارتباطه بالصحافة والكتابة وكتاب زمانه وزماننا.. بهذه الكلمات بدأ الفنان الكبير لطفى  لبيب حواره معنا.


• بداية لماذا اتجهت إلى  تدريس التمثيل فى  أكاديمية المخرج على  بدرخان؟
- هى  تجربة جديدة بالنسبة لى  ووجدت أن ليس لدى  الطاقة الكافية لهذا المشروع المهم، والتدريس من وجهة نظرى  تعوّد ولا يجوز بعد أن أصل إلى  السبعين من عمرى  أن أبدأ التفكير فى  ذلك، وأعطيت نحو خمس محاضرات ولم أستطع تكملة هذه الخطوة واعتذرت للأكاديمية وقررت أن أكون ممثلا فقط.
• مشروع كاتب
• بعد 44 سنة من العمل بالتمثيل:  هل الدراسة مهمة للفنان أم الموهبة هى  التى  تفرض نفسها؟
- بالتأكيد الدراسة مهمة فالموهبة بدون تحضير ولا مناخ فنى ودراسة وتواجد لا تستطيع أن تصل لشىء، فمهنة التمثيل مثل مهنة الصحافة ليس بها مواعيد فنحن عبيد مهنتنا، الدراسة فى غاية الأهمية للفنان ويكفيه أنه لا يكون جاهلاً بل يكون مدركا لجميع الأحداث التى  تدور حوله، فالخلفية الثقافية للفنان تساعده فى تأدية أدواره المختلفة، وسأعطيك مثالا، بعد تخرجى فى  معهد الفنون المسرحية عام 70 قدمت فى  كلية الآداب قسم اجتماع وكان لذلك بالغ الأهمية على  مشوارى الفنى  وجعلنى أفهم وأحلل سلوك الشخصيات التى  أقدمها فى  أدوارى.
• ومتى  بدأت خواطر لطفى  لبيب؟
 -أنا بداخلى  إبداع بشكل دائم، العمل الفنى  هو إبداع جماعى  وأنا كنت أسعى  إلى  الإبداع الفردى  والشخصى  ومن هنا بدأت مشروع الكاتب وأنا لست محترفا، وبدأت الخواطر فى  جريدة الوطن وكنت أكتبها بهدف معين وهو أننى  كنت أريد توصيل رسائل للحكام فى  عهد محمد مرسى  وقررت أن أواجه تياراً دينياً وأنا مصرى  قبطى، وكنت حريصاً للغاية ألا أثير حفيظة المعتدل وأنا هاجمت حزب النور أكثر من مرة وانتهت هذه الخواطر بعد استقرار الأوضاع فى  البلد فوجدت أنه لا يوجد أى  مبرر لأن أكتبها مرة أخرى.
• كيف استطعت أن تجلس 14 عاما بدون عمل.. حدثنا عن هذه الفترة الصعبة فى  حياتك؟
- هذه الفترة كانت من عام 82 إلى  عام 96، وأنا شعرت أن هذه إرادة الله فى  أن أستمتع بوقتى  وأتفرغ إلى  تربية أولادى، وألا أشغل نفسى بالنجومية والشهرة لأنها «جاية.. جاية»، ولم أيأس من ذلك وكنت أنتظر فرصتى  وأستعد لها.
• بصراحة شديدة.. ألم يصبك الإحباط؟
- بالتأكيد الإحباطات كانت متوالية وكنت أعزى  نفسى  بأننى  أوصل أولادى  إلى  المدرسة وأنتظرهم على  أحد الكافيهات أفرغ طاقتى  فى  الكتابة لحين موعد خروجهم وهذه الرحلة دامت لسنوات، وكتبت حينها مسلسل بعنوان «90 شارع شبرا»، وفيلم عن ذكرياتى  عن حرب أكتوبر وهذا العمل رفض رقابيا فقررت أن أنشره فى  كتاب يحمل اسم «الكتيبة 26» وهذه بالفعل الكتيبة التى  حضرت بها حرب 73 وكنا على الجبهة آنذاك وشهدت على يوم العبور وكيف تم الحصار.
• عاما تلو الآخر ولم يسند إليك أدوارى ألم تفكر فى  الاعتزال وتبحث عن مهنة أخرى؟
- لا أستطيع أن أمتهن غير مهنة التمثيل حتى  لو ظللت أكثر من 14 عاما وأنا كنت أعلم تماما أن تألقى  سيأتى  متأخرا، وكنت أمارس الفن وأقبل بأدوار ثانوية سواء فى  الإذاعة أو المسرح ولكنى  لم أرتزق منه.
• مع الزعيم
• ما هو أول عمل حصلت فيه على  أموال من الفن؟
- النقلة الحقيقة فى  مسيرتى  الفنية بدأت عندما شاركت فى  فيلم «السفارة فى العمارة» مع الزعيم عادل إمام وعلى  الرغم من أنها خمسة مشاهد فقط ولكن كان لها بالغ التأثير فى  الأحداث وكانت نقلة بكل المقاييس فنية ومادية وبدأ مخزون السنوات الماضية يظهر وأستغله لصالحى.
• هل النجومية التى جاءت متأخرة جعلتك تقبل أدواراً بصرف النظر عن كيفيتها لإشباع غريزة الممثل داخلك؟
- هذا حدث بالفعل لكى  أعوض الفترة التى  لم أعمل فيها إلى  جانب أننى  بدأت أرتزق من هذه المهنة من عام 2006، وكنت وقتها وصلت للعام الستين من عمرى.
• أنت فنان محير  لمتابعيك فقد قدمت أعمالا مهمة مثل زهايمر وعسل أسود والسفارة فى  العمارة وغيرها وفى  نفس الوقت قدمت أعمالا تجارية لا تليق مع حجم موهبتك مثل شارع الهرم وكركر وغيرهما؟
- فى  البداية أريد أن أصرح بشىء مهم هو أنه حين  عرض فيلم «شارع الهرم» عندما كنت أنزل الشارع كان الجمهور يسألنى  عن هذه الشخصية والذين شاهدونى  فى  هذا العمل أكثر من الذين تابعونى  فى  أى  دور آخر، فنحن نعيش داخل مجتمعين الأول هو مجتمع  رسمى  يمثل نحو 55 %، والثانى  عشوائى  يمثل 45% وكلاهما أذواقه وسلوكياته مختلفة، فأنا أخاطب الجميع وأقدم أعمالا لهذا وذاك.
• ومتى  ستقرر أن تبتعد عن الأفلام التجارية؟ 
- قررت بالفعل ألا أقبل بعد ذلك بأى  عمل يعرض على  وأبحث الآن عن الأعمال التى  ستترك بصمة عند الجمهور وتضيف إلى  مسيرتى  الفنية، فأنا قدمت الصالح والطالح ولقمة العيش تعرضنى  لهذا وذاك، وكل عمل يكون له ظروفه الخاصة  وأنا أمتنع الآن عن أى  عمل غير مجدٍ بالنسبة لى.
• الملك هو الملك
• هل قررت ذلك بعد أزمتك الصحية الأخيرة؟
- بالتأكيد، فأنا أصبت بفيرس سى  وذهبت إلى طبيب قال لى  إن المرض فى  مراحله الأخيرة وليس له علاج، وبالصدفة ظهر علاج فى  أمريكا لهذا المرض اللعين ولم أنتظر إلى  أن يصل لمصر واستطعت أن أحصل عليه والحمد لله شفيت تماما منه بعد ثلاثة شهور.
• وهل خشيت الموت وقتها؟
- لا أخشى  الموت لأننى  أعرف أنه الحقيقة الوحيدة فى  حياتنا، لكن سيطرت علىّ فى  هذه الفترة «إنى  هموت»، وهذا جلعنى  أرتب أشياء كثيرة فى  حياتى، وأعود زوجتى  كيف تحيا أرملة، وجعلتها تدير حياتها والمنزل بطريقتها الخاصة وانسحبت أنا من الصورة وهى  كانت تأخذ ذلك بهزار ولم تستوعب ما الذى  أفكر فيه.
• هل هناك دور ظل ملازما لك وسبب لك مشاكل على المستوى النفسى أو الاجتماعى؟
- فى  السينما لم يحدث معى  ذلك ففور خروجى  من الاستوديو تنتهى  معى  الشخصية، لكن حدث معى  فى  المسرح فى  مسرحية «ا لملك هو الملك» وكان من أهم العلامات فى  مسيرتى  الفنية، وكنت أحد أبطال العمل وكنت أجسد شخصية «عرقوب» وهو كان شريرا وبعد الانتهاء من العمل كنت أمارس الشر داخل الكواليس من شدة تعلقى  الشديد بالشخصية.
• السينما والواقع
• هل ترى  أن الفن حاليا يعبر عن الواقع أم يستغله تجاريا؟
- نحن نحتاج إعادة صياغة الدراما المصرية، فنحن نحتاج أن نبث داخل موضوعاتنا أشياء لم نناقشها من قبل مثل معرفة الآخر ويجب أن نلجأ إلى  الأدب ونحمى  الفن به، والآن فى  السينما هناك ظاهرة مختلفة فيلمان جادان يختلفان عما يقدم منذ سنوات وهما «الفيل الأزرق»  و«الجزيرة 2» ولأول مرة فى  تاريخ مصر تحقق هذه النوعية من الأفلام هذه الإيرادات، فيجب أن ننتبه إلى أن المجتمع تغير.
• الجميع حريص على  تواجدك فى  أعمالهم سواء النجوم الكبار أو الشباب.. هل تعتبر نفسك تميمة الحظ بالنسبة لهم؟
- أنا لا أريد أن تختزل موهبتى وتتحول  إلى  «فاسوخة»، ولا أريد تواجدى  فى  الأعمال بشكل عشوائى، وهم بالفعل يعتبروننى  تميمة الحظ بالنسبة لهم إلى  جانب أن هناك أدوارا لا يستطيع ممثل آخر تقديمها غيرى  وأنا أفضل الأخيرة. •