تحذير لكل متحرش.. خاف على نفسك

مى كرم
وجه جديد للتحضر والمدنية ظهر فى شوارع القاهرة فى الآونة الأخيرة، وأسوة بالأجهزة الشرطية حول العالم، بدأت وزارة الداخلية الاستعانة بالضابطات السيدات للمساهمة فى استتباب الأمن فى الشارع والتصدى لكل جرائم العنف التى تقع ضد المرأة.
لذلك كان من الضرورى معرفة آراء الفتيات فى الشارع بعد أن عانى الكثير منهن سخافات المعاكسات والتحرش.
تقول مريم حسن طالبة فى الصف الأول الثانوي: أنا عايزة لما أكبر أكون زيهم وإحنا مبسوطين جداً من وجودهم أمام المدرسة، وسعدنا لرؤيتهم فور خروجنا اليوم وبالأمس كان يوجد أفراد شرطة لكن رجال فقط وعلى كل حال، فإن وجودهم يمنع المضايقات والمعاكسات التى نتعرض لها.
أما أفنان عاطف طالبة فى نفس الصف فتقول: الضابطات السيدات هيفهمونا عشان إحنا بنتكسف نحكى على بعض المضايقات للضباط الرجال لكن الضابطة هتكون زى مامتنا.
وتقول أمنية محمود 15 سنة: وجود الشرطة النسائية هيجرأنا وهندافع عن نفسنا.
وتقول صفاء عبدالفتاح وهى أم لإحدى الفتيات: الشرطة النسائية أمان وحماية لبناتنا وأنا فرحت جداً لما شفتهم وشكرتهم على دورهم المهم، وأتوقع أن تقل ظاهرة التحرش أكثر وأكثر مع المجهودات التى تبذلها وزارة الداخلية.
أظهرت آراء الفتيات أن المسئولية الملقاة على عاتق الضابطات هى مسئولية معنوية قبل أن تكون لها علاقة بالوضع الأمنى الملموس فى الشارع.
تقول العقيد حنان هجرس بإدارة المكافحة: العنف ضد المرأة أنا متواجدة فى الشارع باستمرار وفى أى مكان يتواجد به الفتيات والسيدات، وأود أن أوجه رسالة لكل سيدة أو فتاة وأقول لها تقدمى ببلاغ لأقرب قسم بوليس فور تعرضك لأى اعتداء حتى ولو بسيط وإحنا هنجبلك حقك.
أما العقيد نشوى محمود وهى السيدة التى ملأت صفحات فيس بوك فى عيد الأضحى عندما ألقت القبض بنفسها على شاب تحرش بفتاة فى حديقة الأزهر ولقنته درسا لن ينساه وهو ما أثار الإعجاب الشديد تجاهها وقام الكثير من الفتيات والشباب بتناقل الفيديو الخاص بهذه الواقعة، وعندما سألتها كيف تتعامل مع مثل هذه الحوادث قالت: فى حالة وجود أى تجاوز فوراً أُجنب السيدة التى بداخلى وأتعامل كضابط شرطة واحذر كل من يحاول أن يعتدى على أى فتاة أو سيدة وأقول له احذر وجودنا فى الشارع ولو مسكنا أى حد فيكم مش عارفة ممكن نعمل فيه إيه، لأنه فى هذه الحالة يضرنا نحن بالدرجة الأولى وسنتعامل معه بشدة القانون وحزمه.
ونحن كعاملين بوزارة الداخلية نعتزل بيوتنا تماماً فى الأعياد والمناسبات ونجوب الشوارع ليل نهار لحماية جميع المواطنين حتى الرجال والأطفال، أما الفتيات فهن بالنسبة لنا «إخواتنا الصغيرين» ونتمنى أن نكون عند حسن ظن المواطن دائما.
ويقول اللواء إيهاب مخلوف مدير إدارة مكافحة العنف ضد المرأة: تفعيل دور الشرطة النسائية يعطى المزيد من الأمان للفتيات ويسهل تعاملهن معنا لأن الفتاة تجد سهولة أكبر فى التعامل مع الضابطة ولا تستحى منها وتعتبرها أمها أو أختها.
ويشير إلى أن طبيعة التسليح للضابطة هى عصا الدونك والعصا الإلكترونية وأنه يوجد 4 ضابطات بالإدارة ويتم العمل على زيادة عددهن فى الفترة القادمة.
يقول النقيب عماد سناء بإدارة مكافحة العنف ضد المرأة: وجود الضابطة السيدة إلى جوارنا مهم جداً، لأننا فى مجتمع شرقى وقد تستحى الفتاة من التحدث لضابط رجل وتشكو له من الاعتداء الذى وقع عليها كما أن الضابطات أيضاً يقمن بتفتيش السيدات والقبض على من يرتكبن الجرائم منهن.
• علاج آثار التحرش
قد لا يعلم الكثيرون أن الألفاظ الدارجة فى المعاكسات أو نظرات وإيماءات أو أى فعل ينطوى على إيحاءات جنسية تتعرض له الأنثى بغير رضاها يتحول إلى خلية سرطانية تنمو داخل مشاعرها وأحاسيسها ، ومع مرور الوقت تفاجأ أنها أمام مرض نفسى حقيقى يفصلها عن العالم من حولها ويؤثر على علاقتها بزوجها وأبنائها وقد تكره أنوثتها التى آلت بها إلى هذه الحال، وتفقد الثقة بكل الرجال بعد أن يتأكد إحساسها أنهم لا يرون أى شيء فيها سوى نظرات الاستمتاع بمنحنيات جسدها ولونه ورائحته، وبالتالى هى تشعر أنها مجرد فريسة لحيوان جائع يمارس ضدها أبشع حالات العنف النفسى.
فقد تتعرض أيضاً لما هو أصعب كانتهاك حرمة جسدها بلمسات متحرشة وما هو أشد خطورة عليها كهتك العرض والاغتصاب.
فى كل هذه الجرائم لا يشفى القصاص وحده غليل الضحية، بل قدرتها على مواجهة المجتمع من جديد برأس مرفوع وشخصية حازمة واثقة هو التحدى الأكبر الذى عادة ما تفشل فيه الكثير من الضحايا.
انتبهت وزارة الداخلية لهذا الدور المهم وفعّلته من خلال قطاع حقوق الإنسان وإدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة.
تهدف الإدارة بالضرورة إلى إعادة تأهيل الضحايا وتوفر لهم ولذويهم الرعاية اللازمة من خلال عدد من الضابطات الطبيبات اللاتى يعملن وفق برامج طبية محددة إلى جانب قيام جهات البحث والتحرى بضبط الجانى.
تقول الرائد طبيب، رحاب عبداللطيف: أنا طبيبة نفسية والتحاقى بإدارة مكافحة العنف ضد المرأة كان من أجل الاهتمام بالجانب النفسى للضحايا المعنفات جنسياً.
وأبدأ مراحل العلاج النفسى بمحو عقدة جلد الذات عن الضحية تماماً وأبدأ فى تأهيلها للعودة للمجتمع مرة أخرى مع مراعاة البعد الأسرى، فقد تشكل عائلة الفتاة تحديا نفسيا آخر إذا حاولوا اتهامها بأنها سبب لإلحاق الفضيحة بالعائلة، وهنا نتدخل بدورنا ونتحدث مع أهل الفتاة ويتدخل المقدم محمد الزغبى وهو العنصر الرجالى الوحيد فى الإدارة ويخاطب والد الفتاة أو الرجال فى عائلتها.
فى بعض الأحيان يتسبب أهل الفتاة فى ضياع حقها ويجبرونها على التنازل عن المحضر خشية الفضيحة، وهنا يضيع حق المجتمع أيضاً لأن من المؤكد أنه بعد إخلاء سبيل الجانى سيكتسب المزيد من الجرأة ويعتدى على أخريات ولن يشعر أن هناك رادعا له، لدرجة أن البعض يطلق على جريمة الاعتداء الجنسى على الإناث «جرائم نظيفة» لسهولة هروب الجانى بعد فعلته! •