الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأساتذة سامح الصريطي الوقور

الأساتذة سامح الصريطي الوقور
الأساتذة سامح الصريطي الوقور


قد يختفون قليلا.. ويزحف الضوء المراوغ بعيدا عن تلك الوجوه المسكونة بالعشق، وقد تهاجر عصافير الأحلام فى  زحمة الدنيا لبعض الوقت.. لكنهم يظلون طوال الوقت.. حالة فنية مدهشة لا تغادر الذاكرة.. ونقطة ضوء فى  عتمة الليالى  الفارغة.. يظلون دائما..

سامح الصريطى، فنان قدرى مؤمن بالقسمة والنصيب غاب 12 عاما عن الأضواء، لم يشعر فيهما بالندم ولم يبك  فرصه الضائعة لرضاه التام، ويقينه بأن كل شيء قسمة ونصيب، رضا وطاقة إيجابية حملهما معه فى زيارته لنا فى «صباح الخير» حدثنى عن بدايته ووالده رجل الدين المتفتح الذى  فتح أبواب منزله لزملاء ابنه الفنانين، وحدثنى عن إبتهال وآية الصريطي.


• البداية
 من أولى ابتدائى لما زميلى فى التختة قالى ماتيجى نعمل اسكتش أنت تعمل دور كذا وأنا، دور كذا، وكان اسمه فايز الليثى أنا اعتبره أستاذى حتى لو كانت المسألة بدأت بالمصادفة، لكن هذه الفترة هى التى شكلت وعيى وجعلتنى أبدأ بالتقليد فى المنزل وفى حفلات المدرسة والكشافة وحفلات السمر خلال المراحل الدراسية كلها. وتكون لدى شغف لأن أكون ممثلاً ومن مرحلة الثانوية العامة قررت ألا أدرس فى معهد فنون مسرحية لأن موهبة التمثيل بالنسبة لى موجودة بالفعل، فقررت أن أدخل كلية التجارة، وهذه المرحلة ثبتت أقدامى فى التمثيل، وفى المسرح بشكل أكبر. وتدرجت من وقتها فى منتخب الجامعة وأمين اللجنة الفنية العليا فى جامعة عين شمس، ونظمت قوافل فنية كنا نلف فيها أقاليم مصر فى هذه المرحلة الفنية وتعاملت مع قطاعات مختلفة من الجماهير والجنود فى الجبهة وقطاع الطلبة، وحتى لمستشفى الأمراض العقلية، كل هذه النوعيات من الجمهور شكلت تفكيرى  وثبتت أقدامى وجعلتنى أتعامل مع الفن كرسالة وليس مجرد ترفيه.
• الاحتراف
مسألة الاحتراف بدأت معى بمجرد تخرجى فى الجامعة، رشحنى المخرج مجدى مجاهد وهو كان يخرج لنا أيام الجامعة مع كرم مطاوع أعمالاً فى كلية التجارة. وضمنى لفرقة أنغام الشباب التى كان مشرفاً عليها وقتها وهى شعبة من شعب المسرح الغنائي.
وقدمت معهم مسرحيتى الأولى وهى الحب بعد المداولة، وثانى مسرحية كانت عطشان يا صبايا إخراج حسن عبدالسلام وكانت انطلاقتى للتليفزيون.
• رمضان والناس
مسلسل رمضان والناس إخراج محمد فاضل وظهرت فى دور ابن الفنان محمود مرسى وكان مسلسلاً مهماً جدا وكبيراً جدا وحقق نسبة مشاهدة مرتفعة ويعتبر على غرار مسلسل «كبير جدا» صنع نقلة نوعية فى الدراما التليفزيونية وهو (القاهرة والناس) الذى يحكى عن أسرة بسيطة ومعاناتها، بينما قدم رمضان والناس نموذجا لأسرة أرستقراطية  ولديها نفس المعاناة.
• أبى
والدى كان رجلا صوفيا ورجل دين، ورغم ذلك كان يشجعنى جدا ويستقبل أصدقائى الفنانين وكل زملائنا من المطربين الكبار الآن كان والدى يستقبلهم فى منزلنا وكان إنسانا متفتحا جدا  ومقدرا للفن ورسالته ومؤمنا أن الله لا يعطى الموهبة إلا لموهوب، وأن من يحصل على الموهبة يجب أن يحافظ عليها ويصونها. وينفع بها الناس وألا يبخل بها على الناس وأيضا ألا يدخل يد الشيطان فيها. ووالدى كان مولعا بالشعر والغناء الصوفى.
• مراحل فاصلة فى حياتى
بداية  مرحلة انضمامى لفرقة أنغام الشباب هذه المرحلة اعتبرها الفاصلة فى حياتى، وشكلت مستقبلى المهنى، فأنا درست كمبيوتر، وكنت على وشك التعيين كمخطط برامج فى الأهرام وعملت فى شركة اسمها الكاتب المصرى كأى شاب يبحث عن فرصة عمل. إلى أن انضممت إلى الفرقة تركت كل هذه الوظائف رغم أن رواتبهم كانت أعلى من أجرى فى التمثيل وقتها. أما النقطة الفاصلة الأخرى فهى مسلسل رمضان والناس الذى قدمنى للناس ورفع رصيدى لدى الناس وشاركت فيما بعد فى مسلسل حتى يختنق الحب، هى والمستحيل وغيرها  وعملى مع مخرجين عباقرة ومع أكبر النجوم والرواد الذين اعتبر نفسى محظوظاً بالوقوف معهم مثل محمود مرسى وعمر الشريف وفريد شوقى وكمال الشناوى و أمينة رزق وهدى سلطان وغيرهم.
• نيولوك
 • غاب سامح الصريطى لأعوام عديدة وعاد بشكل  مختلف، الشعر الأبيض واللحية وشكل أثار انتباه الكثيرين وقتها؟
هذه المرحلة أيضا اعتبرها نقطة تحول أخرى  بل «Style» جديد  ظهرت به  فى مسلسل امرأة من زمن الحب صاحبته نقلة فى أدوارى بشكل عام وعودة للسينما التى كنت بعيداً عنها،  وقدمت أعمالا مثل: ملاكى إسكندرية وخيانة مشروعة والرهينة، وهذا التغيير فى شكلى جاء بعد عودتى من الحج وقررت ألا أحلق ذقنى لاستعدادى لدور فى عمل تاريخى،وأتركها بهذا الشكل، وتركت شعرى على اللون الأبيض.
• وهل ساهم هذا التغيير فى عمل نقلة نوعية فى أدوار سامح الصريطى؟
- الحمد لله، الواحد لديه من الموهبة ما يجعل لديه قماشة عريضة وتغيير نوعية الأدوار التى أقدمها حتى لو عرضت هذه الأعمال فى توقيت واحد سيستطيع المتفرج أن يميز بين كل منهم، وبالتأكيد شخصية مثل شخصية «خالد» فى مسلسل مطلوب رجال، وكيف يكون رجلا كبيرا فى السن وشعره أبيض ومازال (يحب ويتحب) أعتقد أنها كانت مغامرة  والمسلسل أيضا خصوصا فى مرحلة كانت الساحة مفتوحة أمام المسلسلات التركية وحقق نسب مشاهدة مرتفعة.
• المجتمع والسياسة والعمل الخدمى
همى الشخصى دائما مرتبط بالهم العام  ومعاناتى الشخصية دائما لا تظهر على السطح، ولكن دائما المعاناة العامة هى التى تحركنى،فهناك أحداث سياسية هزتى وغيرت كيانى كله، مثل 67 الذى هزتنى من الداخل وجعلتنى نضجت، وأنا شاب صغير وعرفت الحزن منذ أن كنت شاباً عمره 16 سنة، عرفت معنى الحزن أيضا يوم وفاة عبدالناصر بعدما كنت «شاب طاير وحالم» أصبحت «وقور» قبل الأوان. 
منذ عام 68 وأنا فى المظاهرات أثناء الجامعة، وكنت أحد المؤسسين لحزب الكرامة، لم أكن منخرطا فى السياسة بهدف الطموحات السياسية، ولكن هناك مراحل يشعر الإنسان أن البلد تحتاجه فى موقف ما أيا كان، وبعيدا عن السياسة أنا عشت الثلاثين عاما الماضية فى عمل عام تطوعى،وأى عمل وطنى طوال مراحل حياتي.
• هل العمل الخدمى جزء من شخصية سامح الصريطى،خاصة لدورك وجهدك المبذول فى نقابة المهن التمثيلية؟
- أنا مؤمن إيمانا شديدا بأن قيمة الإنسان ليست بحجم ما يملك بل بحجم ما يعطى وما يقدم، شيء بداخلى دائما ما يدفعنى ويجعلنى قادرا على العطاء، ومن يعيش ليأخذ فقط يعيش على الهامش على عكس المعطاء فهو يكون تحت بؤرة الضوء، وفى قلب الحياة، وهذا تكوينى من طفولتى  من أول كل الأنشطة  التى قمت بها مرورا باتحاد الجامعة وحتى دورى فى نقابة المهن التمثيلية.
• إبتهال وآية الصريطي
- ابنتاك إبتهال وآية معتمدتان على أنفسهما ولديهما إحساس بالاستقلالية طوال الوقت ورغبة فى تحقيق ذاتهما .
بدأت إبتهال بممارسة موهبتها فى الغناء مع بعض الفرق أحيانا ولكن اهتمامها الأكبر هو بعملها فى الأمم المتحدة وفى الفترة الأخيرة طلبت منها مخرجة أمريكية مشاركتها بدور فى فيلم تقدمه، ومن هنا شاهدها محمد خان، واشتركت معه فى فيلم فتاة المصنع  وأخيرا مسلسل السبع وصايا.
أية عملية جدا ومهتمة جدا بعملها، وتعمل فى التنمية البشرية فى إحدى شركات الاتصالات، وتعمل الآن فى إحدى الشركات العالمية فى لندن، ابنتاى هما همى الأول، والتفكير الدائم فيهما هو سبب عدم ارتباطى مرة أخرى وأسعد لحظاتى هى لحظة سماع ضحكاتهما.
• لماذا اختفى سامح الصريطى لمدة 12 عاما عن الشاشة؟
- هناك فترة كانت فيها أوضاع كثيرة لم أكن راضياً عنها، وبعدت عن  التليفزيون، وعن بؤرة الضوء، ولكنى لم أبتعد عن الفن نفسه، ولا عن المسرح، المناخ العام لم أكن متوائما معه ابتعدت تحديدا فى المرحلة  التى كان الإنتاج متمركزا فيها فى قطاع الإنتاج، ولم يكن معتمداً على الوحدات الإنتاجية. وبالطبع شعرت بمعاناة وقتها ولكن الشعور الدائم بالرضا والإيمان بالنصيب كانا سلاحى، وكذلك العمل العام التطوعى عوضنى فى هذه الفترة، وأنا شخص ليس لديه طموحات مادية تجعله يعاني.
• ألم تشعر بالندم على الفرص الضائعة بعد هذا الانقطاع؟
- إطلاقا فبعد عودتى للشاشة مرة أخرى شعرت بنعمة من الله، وهى أنه رغم هذا الغياب إلا أن الجمهور مازال يذكرنى رغم اختفائى 12 عاما، والناس تتذكر سامح الصريطى،وهذا فضل من الله فهناك ناس إذا اختفوا ينساهم الجمهور، وهناك من يسطع نجمه لسنوات قليلة ثم يخفت تماما.
• أخدت حقك؟
- أنا أخذت نصيبى.•