الأحد 23 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

البيروقراطية .. عدو الاقتصاد المصرى!

البيروقراطية .. عدو  الاقتصاد المصرى!
البيروقراطية .. عدو الاقتصاد المصرى!


حاول وصف الاقتصاد المصرى بدقة فاكتشفنا معه أنه بلا هوية.. وتجاذبت «صباح الخير» أطراف الحديث عن الاستثمار فأجاب بأنه مكبل بالبيروقراطية.. ثم تطرقنا إلى صندوق النقد الدولى فوصفه بأنه رجل بلا قلب.. وعن حكومة محلب قال إنها بلا برنامج لكنها ديناميكية.. هكذا كانت آراء الدكتور فخرى الفقى مساعد المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى.


• ما تأثير أزمة الكهرباء على الاقتصاد المصرى؟
- كان لانقطاع الكهرباء بشكل منتظم تأثير سلبى فى الاقتصاد المصرى، فهناك أثر مباشر لأنه يقلل من قدرة الاقتصاد على الإنتاج، وبالتالى فإن الناتج المحلى الإجمالى تأثر بشكل كبير، فلو تصورنا أن هناك ساعتين فقط انقطعت فيهما الكهرباء على مستوى الجمهورية بشكل متفاوت فإننا فقدنا حوالى شهرين من العمل، وبالتالى فإن الصناعة تأثرت بنسبة 20%..  بالإضافة للقطاعات الأخرى مثل الزراعة والتجارة وبالتالى وفقا لتصورى فإن الناتج المحلى الإجمالى سيتأثر بنسبة تتراوح بين 8 و10% سلبا.
أما غير المباشر فهو التأثير السلبى على جذب الاستثمارات ورءوس الأموال لأن أى مستثمر لديه بعض المطالب تحثه على الاستثمار بداية من ضمان حصوله على الطاقة اللازمة لتشغيل منشآته الاستثمارية أو الصناعية وضمان استيعاب الدولة لتوسعاته فى المستقبل من خلال توفير طاقة إضافية له، إضافة إلى سؤاله عن الأيدى العاملة هل هى رخيصة ومؤهلة ومدربة ومنضبطة أم لا، كذلك جودة المناخ الاستثمارى فإذا كان العنصر الأول وهو الطاقة غير متوافر فإنه لا يرهق نفسه بالبحث وراء بقية العناصر الأخرى.
وجاء تقرير البنك الدولى فى يونيو 2013 ليؤكد أن الاقتصاد المصرى لايزال بحاجة إلى التعافى من خلال كشفه عن المدة التى يحتاجها المستثمر الذى يرغب فى تشغيل منشآته الاستثمارية التى تصل من ستة أشهر إلى عامين كى يبدأ فى الإنتاج، وذلك بسبب البيروقراطية الشديدة عكس المعايير التى تعمل بها أوروبا والتى تحاول تقليص الوقت بشكل كبير كى تحافظ على الاستثمارات القادمة إليها.
• ما تقييمك للقطاع الصناعى المصرى؟
- القطاع الصناعى يحتاج إلى الكثير من العناية خاصة أن الميزان التجارى بين الصادرات والواردات يكشف الخلل الكبير لدينا، فنحن نقوم بتصدير ما قيمته 26 مليار دولار فيما نستورد بقيمة 56 مليار دولار وهو وضع لا يليق بنا كدولة من المفترض أن لديها صناعة كبرى.
وأزمة القطاع الصناعى تتمثل فى عدة نقاط أهمها: أن الصناعة الحالية فى مصر يحتاج أغلبها إلى تحديث كى تواكب العالم، إضافة إلى أن هناك أكثر من 1200 مصنع إما متوقف عن الإنتاج أو متعثر وذلك منذ 25 يناير بحسب تصريحات وزير الصناعة، أما على مستوى مختلف القطاعات فهناك مالا يقل عن خمسة آلاف مصنع وشركة ومنشأة متوقفة عن الإنتاج، وذلك بسبب عدة أسباب منها أنه قد لا يكون لدى المصانع النقد الأجنبى اللازم للحصول على المواد الخام ومستلزمات الإنتاج وقطع الغيار المستوردة من الخارج لندرة الحصول على العملة الصعبة أو لأن الطلب على السلع أصبح غير كافٍ نتيجة كساد فى بعض القطاعات، وبالتالى أضطر لتخفيض وردياته أو إغلاق المنشأة وإذا ما أضفنا المعوقات الصناعية الحالية مثل عدم توافر الأيدى العاملة المؤهلة والمدربة فإن الوضع لايزال صعبا للغاية وبحاجة إلى تصحيح، وهناك بعض المصانع حالياً اضطرت لاستيراد عمالة من الخارج خاصة فى مجال الملابس الجاهزة رغم تكلفتها العالية إلا أنها توفر له الكثير من الوقت لأنها مدربة وتدرك قيمة العمل جيداً، لذا فإنها منضبطة وملتزمة عكس العمالة المصرية كذلك فإن مشكلة الطاقة لاتزال عائقا بالنسبة لتلك المصانع.
• وماذا عن وضع الاستثمار الحالي؟
- الاستثمار حالياً لا يرقى لتحقيق معدلات نمو جيدة فهو لا يمكن أن يزيد على ضعف معدل نمو السكان بأى حال من الأحوال، حيث إن استثماراتنا لا يمكن أن تتخطى 15% من إجمالى الناتج المحلى وهو معدل قد يخفض على أقصى تقدير  النمو بنسبة 2 %، فالاستثمارات المرصودة هذا العام تصل إلى 340 مليار جنيه مصرى فى حين أن مدخراتنا تصل إلى 200 مليار جنيه، وبالتالى هناك فجوة تمويلية يجب تعويضها من خلال الاستثمارات العربية والأجنبية إذا أرادت الحكومة أن تعتمد على التمويل بالدين، والمهم الآن أن نقلل الفجوة بشكل كبير حتى وإن ظلت الفجوة تحتاج إلى بعض التمويل لغلقها فإنه يمكن الاعتماد على المنح والمساعدات والعلاقات العربية والأوروبية فى توفيرها ولكن لا يمكن أن يكون ذلك هو الأساس فى سد الفجوة بل هذا عامل مكمل.
وإذا ما تحدثنا عن التقييم الدولى لمزاولة النشاط فإن مصر تحتل المركز الـ 128 من أصل 189 دولة فى الوقت الذى كنا فيه فى العام السابق 109 أى أننا تأخرنا كثيرا خاصة أن مؤشر التصفية الخارج يلعب دورا سلبيا، حيث يحتاج المستثمر الذى يرغب فى تصفية أعماله من سنتين إلى خمس سنوات حتى يحصل على أمواله.. إضافة إلى التراخيص التى يحصل عليها المستثمرون بشكل متأخر، فضلاً عن اضطرار المستثمر للانتظار حتى يقوم بترفيق المنشآت الخاصة به.
• ما هوية الاقتصاد المصرى؟
- الاقتصاد حاليا بلا هوية.. حيث كان هناك تعمد فى الدستور فى المادة 28 المتعلقة بالمقومات الاقتصادية والتى تنص على أن «يهدف الاقتصاد إلى تحقيق الرخاء والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية»، ولكن لم يُعرف فلسفة هذا الاقتصاد فهل هو يقوم على المبادرة الفردية أم القطاع الخاص أم هو اقتصاد أشتراكى أى أن الدولة تقوم بكل شيء وأعتقد أن ذلك متعمد..
• أيهما يأتى فى المقدمة.. تنشيط الاقتصاد ومساعدة المصانع المغلقة أم المشروعات القومية مثل قناة السويس؟
- يجب مساعدة المصانع المغلقة أولا لأن هناك الكثير من فرص العمل أهدرت فى الفترة الأخيرة، خاصة أن الأمر لن يكلف كثيراً لأن المصنع قائم بالفعل فإذا كانت لديه مشكلة فى العملة الصعبة فيجب أن نوفرها له أو إذا كانت مشكلة الطاقة هى الأزمة بالنسبة له فيمكنه توفيرها بأكثر من وسيلة والمهم أن نوفرها له.
• لماذا وضع مصر سيئ فى تقرير التنافسية الذى ظهر مؤخراً؟
- مصر حالياً فى المركز 118 وهو أمر طبيعى لأن درجة التنافسية أقل لأن الأسواق لدينا بها الكثير من الممارسات الاحتكارية فهناك خمسة أو ستة رجال أعمال فقط يتحكمون فى كل سلعة، وبالتالى فإن أى مصنع أو شركة ناشئة من الصعب عليها الدخول فى تنافس قوى مع تلك الكيانات الكبرى.. ولعلاج ذلك يجب أن تتجه مصر إلى دعم الصناعات الصغيرة والأخذ بيدها حتى تكبر كذلك ضرورة إعادة النظر فى قانون حماية المنافسة وهو الآن يعاد النظر فيه.
• ما التشريعات الاقتصادية التى تحتاج إلى تعديل؟
- هناك الكثير من القوانين يعاد النظر فيها حاليا من جانب الحكومة من أجل تعديلها، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك قانون حوافز وضمانات الاستثمار لأنه بالفعل لم يعد مناسبا للوضع الحالى وإعادة النظر فى قانون الاحتكار وقوانين حماية المستهلك وقواعد بلد المنشأ والرسوم الجمركية والإغراق، وهناك لجنة حاليا للإصلاح التشريعى تهتم بالتشريعات الاقتصادية التى من شأنها تحفيز الاستثمار ويجب أن يعاد النظر فى طرق التقاضى.
• كيف ترى قضايا التحكيم الدولى المرفوعة على مصر؟
- مصر عليها الآن ما يقارب من 70 مليار دولار لصالح التحكيم الدولى وهذا الرقم كان نتاج الكثير من العوامل، من أهمها عدم الدراية بالقانون إضافة إلى الدعاوى التى تم رفعها لاسترداد الشركات التى تم بيعها للقطاع الخاص وهو ما دفع أصحابها إلى اللجوء إلى التحكيم الدولى.•