الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

(إسما) حكاية مكان يؤوى الحيوان

(إسما) حكاية مكان      يؤوى الحيوان
(إسما) حكاية مكان يؤوى الحيوان


فى طريق سقارة، توجد إحدى الفيلات، التى اجتمع داخلها أكثر من 1115  كلبًا وقطة، نجت جميعها بأعجوبة من قسوة البشر، ولولا القدر لكانت الآن ترابا، لولا وجود مجموعة من نشطاء حقوق الحيوان فى جمعية «إسما»، الذين يشكلون فى حد ذاتهم سلالة نادرة ومعرضة للانقراض فى أى وقت.
«إسما» هى كلمة مكونة من الحروف الأولى لجملة Egyptian Society for Mercy to Animals..  التى تعنى «الجمعية المصرية للرفق بالحيوان»، والمشهرة فى وزارة الشئون الاجتماعية منذ عام 2007.
فعندما قررت أن ألتقى منى خليل - الناشطة فى مجال حقوق الحيوان، ورئيس مجلس إدارة جمعية «إسما»، كان أغلب ظنى أننا سنتحدث عن معاناة الحيوانات التى بلا مأوي، خاصة بعد «الهجمة الداعشية» التى قام بها العاملون بنادى الجزيرة، والتى تسببت فى ثورة عارمة من قبل المهتمين بقضايا الحيوان، سرعان ما انتهت، لكن حقيقة الأمر أن الجرح أعمق بكثير، وأن الحيوانات فى بلدنا على اختلاف أنواعها فئة مستضعفة تعانى أشد معاناة.
• سم أم رصاصة
بداخل الجمعية لن تجد سوى الكلاب والقطط، رغم أنها تهتم بجميع أنواع الحيوانات الأليفة، لكن الملجأ والاستضافة لا يكون سوى لهما، بعضها صغيرة مولودة منذ لحظات، جاءت إلى الجمعية بعد مقتل الأم، لكن الغالبية كلاب وقطط بالغة، تم إنقاذها من سُم دُس لها فى الطعام، أو رصاصة اخترقت أجسادها، فهاتان هما الطريقتان اللتان تعتمدهما الحكومة فى التخلص من الزيادة الرهيبة فى أعداد الكلاب والقطط الضالة، ورغم بشاعتهما لما فيهما من إزهاق أرواح، فإنهما ـ وعلى حد قول منى  ليس لهما أى أثر واضح فى الحد من تفاقم المشكلة، فالأعداد فى تزايد مستمر.
فهل تعجز الحكومة عن القيام بعمليات تعقيم منظمة للكلاب والقطط الضالة تحت إشراف أطباء بيطريين يتم تدريبهم فى جنوب أفريقيا؟ سؤال تلقيه منى فى وجه المسئولين، فإصابة هذه الحيوانات بالعقم، هى الحل الوحيد للحد من الأعداد وليس إزهاق أرواحها.
• مجتمع عنيف
«الحكومة ليست دائما هى المسئولة عن المآسى التى يلاقيها الحيوان فى الشارع».. هكذا قالت مني، فالسيارات التى تصدم الكلاب والقطط الضالة فى الطريق والتى تتسبب فى بتر أحد أطراف الحيوان أو إصابته بعاهة مستديمة، عددها لا يمكن الاستهانة به، لكن الأخطر من ذلك كله هو سلوك المواطن العدائى تجاه تلك الحيوانات، ففقء أعين الكلاب، يعد لعبة أطفال شهيرة فى منطقة شبرامنت، وحرق أجزاء من أجسادها على سبيل المزاح والضحك هو أمر منتشر للغاية، فلدينا العديد من الكلاب والقطط المحترقة، بل الأدهى أننا أثناء مرورنا بأحد الشوارع، وجدنا طفلا يمسك كلبا ويقوم بتوصيله بالكهرباء عن طريق أسلاك يمدها إلى عمود نور مستمتعا بشكل الكلب وهو يتراقص فى الهواء من الألم!
• حكاية «فلفل»
«فلفل» كلب مبتور القدمين الأماميتين، عاش فترة معاناة كبيرة بين أزقة وحارات مصر القديمة، فالإعاقة بالإضافة إلى الجوع والعطش هو ما تبقى له فى هذه الحياة، حتى شاهده أحد المارة، الذى قام بإبلاغ جمعية «إسما»  وتصف منى عملية إنقاذه بالمعجزة، فالكلب وصل الجمعية فى حالة إعياء شديدة، فبالإضافة إلى إصابته، فإنه ظل لفترات طويلة دون طعام أو شراب لعدم قدرته على الحركة ليبحث عن الطعام.
ظلت محاولات الأطباء البيطريين فى الجمعية متواصلة لإنقاذه، رافضين فكرة القتل الرحيم التى كان يقترحها رواد صفحة «إسما» على «فيس بوك»، إذ قامت الجمعية بنشر قصة الكلب وتطورات حالته يوما بعد يوم على الصفحة، حتى وصلت للصفحة رسالة بالألمانية من سيدة تعرض تبنى فلفل، كان هذا العرض بمثابة جواز مرور له لحياة أكثر رحابة.. سريعا.. انتهت الإجراءات ليسافر الكلب المحظوظ إلى ألمانيا، حيث قامت السيدة الألمانية برعايته واليوم ترسل صوره إلى الجمعية بعد أن تحسنت حالته.
• «شيرازي» و«جيرمان شيبرد» فى الشارع
«الناس أصبحت تلقى بحيواناتها الأليفة فى الشارع!».. باستغراب شديد تلقيت هذه الكلمات من مني، التى تقول: «أصبحت أجمع شيرازى وسيامى وكلاب دوبر مان وجيرمان شيبرد من الشوارع»، ويرجع السبب من وجهة نظرها إلى العشوائية فى تجارة هذه الأنواع، سواء من محلات (تحت بير السلم) أو إقبال السيدات فى وقت فراغهن على تزويج القطط وبيع صغارها، فأصبحت الأعداد تفوق الحد.
• لا ترخيص ولا رقابة
«محلات بيع الحيوانات الأليفة مأساة كبيرة فى مصر».. هكذا وصفت منى محلات الاتجار بالحيوانات، فعلى حد قولها تفتح تلك المحلات دون ترخيص، ودون أى رقابة بيطرية، كما أنها غير مجهزة تماما كى تأوى حيوانات أليفة، فوجودها ضمن الكتلة السكانية، وانعدام التهوية الجيدة داخل المحل، وإلقاؤها لأقفاص الحيوانات على قارعة الطريق أمام المحل بينما تكون حرارة الجو على أشدها، وعدم إطعامها لفترات طويلة، كل تلك مؤشرات على أن القائمين على تلك المحلات لا ينظرون للحيوانات على أنها أرواح، بل سلعة مربحة يمكن استخدامها أو الاستغناء عنها فى أى وقت.
• «داعش» نادى الجزيرة
لم تشعر منى بأى صدمة تجاه ما قام به نادى الجزيرة من تسميم وقتل للقطط، فكما تقول: ليست المرة الأولى التى يقدم فيها النادى على ارتكاب تلك الأفعال، فمشهد الأجولة المليئة بالقطط المسمومة التى وجدت فى نطاق النادى هو مشهد متكرر طالما حذرت منه إدارة النادي، بل إنها قامت بتحرير محاضر ضدهم، لكنها تأمل أن يتم اتخاذ أى إجراء فعلى هذه المرة تجاه النادي، خاصة أن الموضوع انتشر إعلاميا، كما أن الاتحاد العالمى للرفق بالحيوان يتابع تلك المذبحة باهتمام شديد.
أما عن كلمات الإخوان التى تناثرت فى المواقع الإلكترونية تعليقا على مذبحة نادى الجزيرة، والتى تحمل فى طياتها اتهامًا لمن تعاطف مع المذبحة بأنه مدعٍ للإنسانية، لأنه لم يتعاطف بالقدر نفسه مع فض رابعة، فتقول: قطط نادى الجزيرة لم توقف الحياة فى مصر لمدة شهرين، ولم تهدد بتفجير مصر، ولم تكفر الناس، ولم تكسر البيوت وتحتل مداخلها، كما أنها لم تخف أسلحة تمهيدًا لاستخدامها يوما ما.•