الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هنا.. طلّع الفنان اللى جواك

هنا.. طلّع الفنان اللى جواك
هنا.. طلّع الفنان اللى جواك


هل شعرت يوما وأنت تسمع أغنية أو مقطوعة موسيقية أن نغمات الكمان بها لمست ذكرياتك الحزينة التى تخفيها عن الناس وانتابك الصمت وذهبت فى نوبة سرحان، أو تمايل جسدك مع بيانو عمر خيرت وأنت جالس فى نفس مكانك، وبالتأكيد سلطنك عود عبد الوهاب عندما يعزفه منفردا دون أوركسترا، هل وقفت متسمرا أمام لوحة فنية وأخذتك ألوانها وخطوطها إلى عالم آخر.. إذا مررت بهذه الحالة فأنت بالتأكيد إنسان عاشق الفن وموهوب وداخل الورش الفنية فى ساقية الصاوى ستكتشف موهبتك وتتحول إلى محترف.

ورشة تعليم العزف على العود من أكثر الورش التى يتردد عليها الدارسون فعندما دخلت إلى الحجرة المخصصة لها وجدت فتاة جميلة وشابة تتبع الموضة الغربية فى قصة شعرها ومظهرها وعندما تحدثت معها اكتشفت أنها مدربة العود فى الورشة وقالت لى: أنا اسمى «بلقيس رياض» معيدة فى كلية التربية النوعية ولاعبة عود محترفة، نظام التدريس فى الورشة مقسم إلى جزءين الأول يختص بتعليم قراءة وكتابة النوتة، أما الثانى فهو تمارين لعزف آلة العود وتعلم المقامات.
دائما ما يلتحق المتدربون بالورشة بعد أن يكونوا قد سمعوا آلة العود وأعجبوا بها ويحلمون بأن يكونوا عازفين ماهرين، وأنا أقول لهم إن هذا ممكن لكن مسألة التعلم نفسها تأخذ بعض الوقت والكثير من الممارسة وأنصحهم أيضاً بسماع الموسيقى بكثرة فهذا يساعدهم على التعلم بشكل أفضل.
وعن إقبال الشباب على تعلم العزف على العود تقول: العود لم يعد تلك الآلة المملة التى لا تعزف سوى المقطوعات الشرقية فقط لا على العكس تماماً فأنا أعزف عود منذ حوالى 13 سنة قضيت أول 6 سنوات منها لا أعزف إلا موشحات ومقامات شرقية، وفى نفس الوقت كنت أسمع روك وجاز وأغانى عربية وبعد ذلك وصلت إلى صيغة ودمجت صوت العود مع الألحان الغربية والكثير من فرق الأندر جراوند تقوم بنفس الشىء.
ويقول مصطفى متولى 24 سنة خريج كلية الحاسبات والمعلومات: أنا أعشق العود وأتيت إلى ساقية الصاوى كى أتعلم العزف بطريقة محترفة وكل خبرتى مع هذه الآلة أننى اشتريتها منذ حوالى شهرين وحاولت العزف عليها لكنى فشلت وأريد أن أتعلم «عشان أبسط نفسى».
ويقول مينا ممدوح 19 سنة: أنا بحب العود جدا ونفسى أعزف «أهو دا اللى صار» لسيد درويش واستعرت العود من صديقى وحاولت العزف عليه لكنى وجدت المسألة ليست بسيطة وتحتاج توجيهاً.
تقول منار رفعت 16 سنة - طالبة: العود «بيسلطنى» فى إحدى المرات سمعت عازفا يلعب تتر مسلسل أرابيسك على العود فتعلقت بهذه الآلة جداً وأحببت نغماتها وكنت فى البداية متخيلة أن العزف عليه سهل لكن طلع صعب جدًا.
ويقول خالد الزغبى 31 سنة موظف بالسفارة البريطانية: العود هو هواية بالنسبة لى وعندما أتيح لى بعض الوقت نزلت على الفور واشتريت عودا والتحقت بالورشة هنا وأحلم أن أعزف «أنت عمرى» كاملة على العود.
كانت هذه هى ورشة العود وفى الحجرة المجاورة لها وجدت فتاة رقيقة تجلس أمام البيانو وتنصت إلى كلام معلمتها التى تجلس إلى جانبها وتحاول أن تنفذ تعليماتها فاقتربت منها وسألتها عن اسمها فقالت لى: نادين أحمد 14 سنة.
وعندما سألتها لماذا اختارت آلة البيانو قالت لى: الموسيقى بتخلينى أطلع اللى جوايا وأنا بحب أسمع بيانو كتير واستمتع جداً به وعندى أورج فى البيت حاولت ألعب عليه لكنى فشلت وعرفت أن الساقية توفر دروس تعليم البيانو بالصدفة أثناء تواجدى فى المكان لحضور إحدى الحفلات.
وتقول معلمتها فاطمة محمود أستاذة التربية الموسيقية: أنا خريجة كلية التربية الموسيقية دفعة 1966 وأعمل بالتدريس وأتى إلى متدربون من جميع الأعمار حتى من يتجاوزون الـ 50، فالسن ليس عائقا على الإطلاق وأهم ما فى الموضوع هو الممارسة والتدريب على تمارين الأصابع التى يتعلمونها خلال الورشة، والاستعداد والموهبة بالتأكيد يختصران الكثير من الوقت.
فى حجرة ورشة الرسم تجد نوعا آخر من المتدربين هم أطفال صغار يملأون المكان لكن الكل جالس على مقعده فى منتهى الصمت والهدوء والتركيز لا يلتفتون إلى بعضهم وكل واحد يمسك القلم الرصاص بإصرار شديد وكأنه يتحدى نفسه، فاقتربت من أحدهم وسألته عن اسمه فقال لى: «بيير فرج» 10 سنوات.
وعندما سألته: لماذا تجلس فى هدوء فرد قائلا: أنا برسم بورتريه ومش عارف أظبط «الدايرة» بتاعت الوش عشان صعبة أوى والمستر هو اللى بيصلحها لى.
فقلت له: لماذا تحب أن تتعلم الرسم؟
فرد علي: أنا حاولت أتعلم أعزف أغنية لعبد الحليم حافظ على الأورج لكن ماعرفتش خالص وقررت أترك الموسيقى وأتعلم الرسم.
وتقول رؤى عبد الله 12 سنة: أنا بدأت أتعلم الرسم منذ حوالى شهرين ومبسوطة جداً لأن المدرسين فى المدرسة بيخلونا نرسم مواضيع زى حرب أكتوبر واحتفالات رمضان لكن أنا هنا بتعلم التفاصيل يعنى مثلا أرسم بورتريه وتفاصيل الوجه وكمان إزاى نرسم الحيوانات.
ويقول حسين محمد - 8 سنوات: أنا بحب الرسم وكنت بدخل على الإنترنت وأكتبhow  to draw  وكنت أشوف فيديوهات وأقلد طريقة الرسم وبعدين ماما جابتنى هنا، وأصعب حاجة لما بحاول أرسم العينين لأنهم مش بيطلعوا زى بعض ودا بيعصبنى جدا.
وعندما سألته عن رأى «ماما» فى رسوماته قال: هى بتشوفهم وتقول كويس حلو بس رأيها مش مهم، المهم هو أنى بحب أرسم وخلاص.
ويقول أحمد مجدى - 13 سنة: أنا برسم فى البيت كتير وبفرح جداً لما رسمى يطلع حلو فى الآخر وجدى شجعنى جدا وقال لى لازم آخد كورس رسم، ووالدتى أيضاً تشجعنى باستمرار وحلمى أكون فنان تشكيلى وأتعلم الفن بذمة واحتراف ونفسى أرسم زى الكبار بدرجات القلم الرصاص.
وتقول ساندرا بطرس - 12 سنة: أنا اتعلمت أرسم فواكه وخضراوات وكانوا سهلين لكن المناخير كانت أصعب حاجة فى البورتويه ونفسى لما أكبر أكون مهندسة ديكور.
ويقول د. سامى محمد عبد الله - مدرب الرسم بالورشة: تدريب الرسم للأطفال كان اختبارا صعبا بالنسبة لى لذلك أعدت خطة عمل كاملة تساعدنى على تطوير أداء الأطفال خلال شهرين ونصف ووجدت النتيجة أفضل مما كنت أتخيل، ففى البداية كان الأطفال يدرسون الأشكال الهندسية ثم بعد ذلك يركبون هذه الأشكال كى تكون لهم الطيور والأسماك والخضروات وغيرها ثم انتقلنا لمرحلة أصعب وهى البورتويه، والأطفال بوجه عام قدرتهم على التعلم عالية جداً فقط كل ما يحتاجونه هو التشجيع لأن الطفل يحب أن يسمع كلمة برافو باستمرار.
ويضيف: الفن يكسب الأطفال الهدوء ويبعدهم عن العنف وفى نفس الوقت يعطيهم ثقة عالية بأنفسهم ويتحولون إلى عباقرة لدرجة أنهم يتحدوننى أنا شخصيا وهذا شىء يسعدنى كثيرا.•