لست أخوان ولا فلول؟!
هايدى فاروق
لم يتبق سوى أيام قليلة وتجرى الانتخابات الرئاسية ومع ذلك لم يحسم الكثير من المواطنين مرشحهم الرئاسى حتى الآن وقد أظهر استطلاع مجلس الوزراء أن ما يقرب من 42٪ من الشعب المصرى لم يحسم اختياره حتى الآن وأعرب 7٪ عن نيتهم عدم المشاركة ولم يقرر 16 ٪ بعد المشاركة فى العملية الانتخابية.
هذا فضلا عن أن الكثير من المواطنين وجدوا أن المرشحين أصبحوا مقسمين مابين ناصرى وفلول وهى تقسيمة غير مرضية للكثير ممن يبحث عن حياة طبيعية بعيدا عن التيارات السياسية بخلاف أن البعض ممن يتخوفون من التيارات الإسلامية بدأوا يفكرون فى اختيارهم لرئيس مدنى لمجرد النكاية فى الإخوان دون النظر للبرامج بشكل واقعى أو التوافق التام على شخصية المرشح فالأمر أصبح كرة ملتهبة من العند والكراهية، كل طرف يحاول أن يمسك بها دون النظر إلى أنها قد تحرق من يلمسها فبدلا من أن يتم الاختيار طبقا للبرامج والاحتياجات الأساسية فى المجتمع ظهرت قسمة جديدة للتيارات السياسية والدينية بالمجتمع وتكتلات تختار رئيسا لدعمه لتفويت الفرصة على مرشح آخر فهى لعبة الانتخابات المباح فيها كل شىء ولكن هل سنندم بعد ذلك على الطريقة التى اخترنا بها الرئيس ؟ وهل النهضة والعدل والعدالة ستكون هى المعايير ؟
فى البداية يقول محمد محمود مهندس معمارى 54عاما بصراحة الاختيار صعب بالنسبة للمواطنين العاديين وهم نسبة كبيرة فإذا كنا لا نريد ترشيح مرشح إسلامى فإن الاستقرار على مرشح آخر أمر صعب لأننا بين رحى الفلول أو نظام بائد وهو الناصرية واليسارية انتهى من العالم كله وأثبت فشله فكيف نعود من جديد له أمر غير مقنع بالنسبة لى ويوضح أن الموقف الذى نحن فيه يجعلنا نختار أفضل الأسوأ وليس أفضل الأفضل فللأسف بعد الثورة كنت قد عقدت العزم على أسماء بعينها لن أرشحها ولكن مع تدهور الموقف أصبحت الخيارات محدودة ولها حسابات أخرى.
وهو ما تؤكده إخلاص محمد 50 عاما قائلة:
حسابات الانتخابات مختلفة فداخلنا شعور أن أسماء فرضت علينا وبرامج ربما لا تتفق مع الكثير منها ولكن المقاطعة أمر مرفوض لأنه فى النهاية لن تتوقف الانتخابات لوجود ناس لا تريد أن تدلى بأصواتها فقد قاطع عدد كبير من المواطنين انتخابات مجلس الشورى ومع ذلك عقدت الانتخابات ويباشر المجلس حاليا مهامه لذلك فالمقاطعة أو إبطال الصوت أمر مرفوض وغير مجٍد ولكن الأهم هو رؤيتنا لمن سيحكم مصر فللأسف دخل العديد على سباق الرئاسة كحاجة المواطن لرئيس قوى ليعود الأمن والأمان أو أن يتكاتف حول المرشح الإسلامى بغض النظر عن برامجه المهم أن مشروعه تطبيق حد الله أو العكس التكاتف مع اى مرشح غير إسلامى نكاية فى الإخوان متوقعة أن الرئيس القادم لن يأتى بنسبة كبيرة متوافقا مع مطالب الثورة والثوار.
أميمة شكرى 40 سنة تقول: لن أختار إخوانيا قراراتهم متضاربة وعنيدة أريد من له حنكة وخبرة ويعرف التعامل مع الدول الخارجية فشعارى هو الهروب من المتأسلمين وسأختار مضطرة مرشحاً ليبرالياً عنداً فى الإسلاميين مؤكدة أنها كمواطنة عادية لا تنتمى لأى حزب سياسى تجد صعوبة فى تحديد ذلك لأن مصر بدأت تختار على أساس دينى.
على جانب آخر رأى بعض المواطنين أن المقارنة حاليا تتم بين من له خبرة وباع فى السياسة وبين سنة أولى سياسة فعلى الرغم من تعاطف كثير من المواطنين مع مرشحين بعينهم إلا أن الخوف على مستقبل مصر يمنعهم من ترشيحهم.
يقول مجدى محمد طبيب أسنان: هذا أول عام يختار فيه المصريون رئيسهم بحرية وديمقراطية حقيقية، ولأول مرة نرى المرشحين فى برامج حوارية ومباشرة ومناظرات والكثير منا متخوف من عديمى الخبرة السياسية حتى إذا كانوا معارضين فى نظام سابق ولكنهم لم يكونوا تنفيذيين لم يتحملوا مسئولية اتخاذ القرار لم يكونوا فى مناصب قيادية ولم يعرفوا الفرق بين الممارسة الفعلية والقدرة على التنفيذ وهذا ما يفسر اختيارات البعض لعمرو موسى أو شفيق فهناك نوع من الطمأنينة لهما باعتبارهما الأكثر قدرة على التعامل الأمنى فى مصر والقضاء على البلطجة والاهتمام بالقضايا الأساسية فى المجتمع على عكس بعض المرشحين الذين تحدثوا بأسلوب حالم ولكن لا يزال التشكك فى طريقة التنفيذ.
ويختلف صابر أحمد موظف ببنك مع الرأى السابق مشيرا إلى أن معيار الحنكة والخبرة السياسية والانتماء للنظام السابق بأى شكل من الأشكال أمر مقلق ولا يبعث الطمأنينة فمن عمل مع النظام السابق قد تعلم الشعارات البراقة والآمال التى لا تتحقق ربما تكون الخبرة السياسية مهمة إذا كانت خبرة لا ترتبط بنظام فاسد لم يعرف سوى التزوير مؤكدا أنه لا يخشى ترشيح رئيس شاب لمصر حتى إذا كان لم يمارس السياسة من قبل لأن الأهم من منصب الرئيس هو الدستور الذى يحدد صلاحيات من سيحكم ولا يخلق ديكتاتوريا جديدا، ويرى صابر أن التاريخ النضالى أهم بكثير من تاريخ المناصب التى شغلها المرشح فالمناصب فى مصر كانت مناصب صورية ولكن النضال فى مصر كان صعباً ويستحق رموزه حاليا أن يعبروا عن الثورة المصرية .
وتقول دينا فهمى - 03 عاما: نحن نقع فى مأزق مابين من يقول إنه سيحقق الأمان ويوفر فرص عمل ومن كنا نجده فى ميدان التحرير ربما تكون برامجه حالمة بعض الشىء ولكنها تسعى للتغيير مشيرة إلى أنها سترشح من كان فى الميدان لأنه الأصدق ويعبر عن روح الثورة لكن والديها سيرشحان من يلبى احتياجاتهما فى تحقيق الأمن خلال فترة زمنية وجيزة قائلة: والدى يملك محلا وهو يعتبر مصدر رزقنا وطوال العام ونصف العام الماضى خسر والدى الكثير لذلك فهو سينتخب من سيضمن الأمن والأمان فى مصر بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى وهو فى ذلك معذور لأن الفترة طالت والخسائر أصبحت كبيرة ، موضحة أن برامج التوك شو والمناظرات التى تتم بين المرشحين لها تأثير كبير وتبرز برامج كل مرشح بشكل سلس وبسيط وهى أفضل من أن نقرأ برنامجه فى كتيب أو نسمعه فى مؤتمر جماهيرى.
وعلى جانب آخر أكد أساتذة علم السياسة أن الديمقراطية لا تعنى بالضرورة الاختيار الصحيح ولكنها تعنى الحرية وأن التجربة فى مصر فى بدايتها ومن المؤكد وجود العديد من الأخطاء وعدم وعى الكثير من المواطنين وعزوف البعض الآخر وتخبط الأغلبية فى الاختيار.
وأشاروا إلى وجود تنوع كبير سياسى ودينى فى شخصيات المرشحين فيقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية إن الشعب المصرى ينقسم إلى طبقات وشرائح طبقا للحالة الاقتصادية والاجتماعية وكل طبقة تختلف فى خصائصها عن الأخرى وبالتأكيد ستختلف فى اختياراتها طبقا لاحتياجاتها فالبعض سيختار على أساس دينى والبعض الآخر سيختار على أساس المواصفات الشخصية والبعض على أساس البرامج.
ويضيف نافعة أن قائمة المرشحين تعكس جميع ألوان الطيف السياسى والأيديولوجى فهم مقسمون إلى مستقلين وأحزاب ويوجد بينهم الإسلام السياسى ومنهم من ينتمى للنظام القديم والآخرون من تيارات متنوعة.
مشيرا إلى أن حالة الارتباك التى اتسمت بها إدارة المرحلة الانتقالية لن تفرز فى النهاية سوى قيادة باهتة تعيد إنتاج سياسات النظام القديم بوجوه جديدة مما يثير العديد من المخاوف فهل سيطمئن الشعب المصرى إلى النتيجة الرسمية أم أن شكوكا ستدور حول نزاهتها.
ويشير نافعة إلى أن مصر تحتاج إلى شخصية قوية قادرة على لم الشمل والخروج بالبلاد من حالة الاستقطاب السياسى والفكرى وفى نفس الوقت لا يكون لديها عداء من التيار الإسلامى وتكون قادرة على التعامل معه فكريا وسياسيا ،موضحا أن الفوضى الحالية قد تدفع الكثير لترشيح من يرونه يحقق لهم الأمان والاستقرار وليس بالضرورة أن يكون مرشح الثورة.
مضيفا أن اختيار أى من الأسماء التى ارتبطت بالنظام القديم تخلق حالة من البلبلة فيما بعد.
الدكتور هانئ رسلان بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام يرى أنه لن يكون هناك معيار واحد لاختيار الرئيس فمصر دولة عريقة وكبيرة وتتميز باختلاف الثقافات والمستوى الاجتماعى لشعبها وسنجد من سيصوت على أساس دينى وستكون الأغلبية ومن سيصوت للأصلح فى المرحلة الحالية... والديمقراطية لا تعنى الاختيار الصحيح أو الأمثل، ولكن معناها أن نختار بحرية موضحا أن استطلاع مجلس الوزراء الذى رصد أن 24٪ إلى الآن لم يحسموا رأيهم يدل على متابعة المواطنين الجيدة لبرامج المرشحين ووعيهم ولا يجب أن ننسى أن الأحداث الأخيرة فى العباسية أثرت على صورة المرشح الإسلامى، ومن المتوقع أن تغير شريحة كبيرة من المواطنين رأيها فى مرشحى التيار الإسلامى فتتطلب وقتاً للتمهل لحسم القرار.
أما من سيقاطع الانتخابات فأعتقد أنه الشخص الذى لم يجد نفسه بين المرشحين ولم يجد اهتماماته الحقيقية ومطالبه التى سعى إليها ولكن أتوقع أن تكون نسبة صغيرة بالمقارنة بمن سينزل ويدلى بصوته.
الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية يرى أن الشعب المصرى شرائح مختلفة وأن الانتخابات ما هى إلا تجربة لا يتعلمها الشعب من أول مرة فهى ثقافة... فى كل مرة تزداد الخبرة والحنكة والتجربة خير دليل.
ويرى عبد المجيد أن مرشحى الرئاسة يتمتعون بتنوع كبير فى البرامج والتيارات السياسية ربما لا تلبى جميعها احتياجات المواطنين والتى تنحصر عادة فى رغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز.
ويرى الدكتور جمال زهران.. أستاذ العلوم السياسية جامعة القناة والنائب البرلمانى السابق أهمية قصوى تتطلب تكاتف القوى السياسية الموجودة حاليا حتى يمكن أن تتفق على رئيس يحظى بقبول عام بين التيارات ولا يكون عليه خلاف بسبب انتمائه إلى تيار على حساب الآخر، لافتاً إلى أهمية أن يكون هناك توافق على شخصية الرئيس القادم من البداية حتى لا تدخل مصر فى دوامة أخرى من الصراعات السياسية، وخاصة بعد وضوح أهداف التيارات الدينية التى تسعى سعيا مطلقا للسلطة فقط.
الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والسياسية يرى أن تقديم التيار الإسلامى أكثر من مرشح يساهم فى تفتيت الأصوات مما يساهم بالتبعية فى صعود أسهم مرشحين آخرين ربما لن يكونوا الأجدر بالترشح لافتاً إلى أن هناك كتلة إسلامية ضخمة تصل قوتها إلى نحو 01 ملايين صوت، لكن سيتم تفتيتها ونفس الأمر بالنسبة لليبراليين، وكان من الأفضل حدوث توافق بين كل فريق وتحديد مرشح تنطبق عليه معايير الترشح ودعمه بكل الإمكانات المتاحة لخوض سباق الرئاسة والفوز ولكن ماحدث هو تكالب على الكرسى ورفض أيه تكتلات أو إئتلافات وهذا وإن كان يعطى الناخب مزيدا من التنوع فى البرامج والأيدلوجيات إلا أن تفتيت الأصوات قد يظلم العديد من المرشحين وينصر البعض الآخر دون وجه حق.