السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قلاع حورس.. تحمي القناة

قلاع حورس.. تحمي القناة
قلاع حورس.. تحمي القناة


ظل تحتمس الأول فخورا بما قدمه لمصر من انتصارات للجيش وفرض السيادة المصرية على بقعة شاسعة من آسيا حيث كان يقول «أطلقت حدود  مصر إلى ما تحيط الشمس به وعوضت أهلها بعد خوفهم قوة وأقصيت الشر عنها،  وجعلتها فوق رأس الدنيا كلها، وجعلت الجميع لها»..

ظل الجيش المصرى يدافع ويحمى أهل مصر وأراضيها من أعدائها عبر الزمان  وطريق حورس الحربى من عصر أحمس طارد الهكسوس إلى انتصارات اكتوبر37 وحتى الآن شاهداً على ذلك.
∎ المحور الجديد والآثار
تم نشر معلومات مغلوطة عبر وسائل الإعلام بعد البدء فى حفر المحور الجديد لقناة السويس تدَّعى أنه يوجد بعض المواقع الأثرية فى المسار الجارى حفره للقناة الموازية  الجديدة.. فكان لابد من سؤال الدكتور ممدوح الدماطى وزير الدولة لشئون الآثار حول ذلك فرد قائلا: هذا الكلام غير صحيح والمسار الجارى الحفر فيه حاليا لا يقع به أى مواقع أثرية على الضفة الشرقية لقناة السويس لأن الآثار تتركز فى منطقة القنطرة شرق وبالوظة وبداية شرق التفريعة، وهى المنطقة المعروفة تاريخيا ببوابة مدخل مصر الشرقى وهى المنطقة التى لا يتم ازدواج القناة فيها وهى دائما ما تكون نقطة العبور للجيوش المصرية من العصر الفرعونى ومحصنة بالقلاع العسكرية القديمة.
ولمزيد من المعلومات حول أهمية هذه المناطق الأثرية تحدثت مع الدكتور محمد عبد المقصود رئيس بعثة حفائر المجلس الاعلى للآثار بسيناء لمدة 02 عاما ورئيس قطاع الآثار المصرية سابقا الذى بدأ حديثه معى قائلا: أليس من الغريب أن الملك أحمس يطرد الهكسوس من مصر من هذا المكان وبعد آلاف السنين يهاجم الجيش المصرى العدو الإسرائيلى من نفس المكان ايضا  يوم 6 أكتوبر! إنه بوابة مصر الشرقية وبداية طريق حورس الحربى  الذى يبدأ من القنطرة شرق وحتى مدينة غزة.
∎ حورس بين مصر وفلسطين
قلت حدثنى أكثر عن طريق حورس الحربى ومدى أهميته فى تاريخ مصر القديم والحديث؟
تحدث قائلا:
الطريق القديم والمسمى بطريق  حورس معروف منذ أيام الدولة الحديثة أى منذ منتصف الآلف الثانى ق.م هذا الطريق الذى يخترق الجزء الشمالى من سيناء مارا بين مصر وفلسطين قد أصبح منذ أوائل الأسرة الثامنة عشرة أى منذ حررت مصر نفسها من الهكسوس وخرجت تؤمن حدودها وتطمئن على القضاء على أعدائها وتوسيع رقعتها قد أصبح طريقا حربيا مهمًا بل أهم الطرق الحربية فى العالم القديم.
هذا الطريق يبلغ طوله 041 ميلا وقد بنيت الحصون المصرية التى قامت على كثير من أجزائه وبخاصة المناطق الاستراتيجية المهمة لتكون مراكز للجنود المكلفين بحراسة الطريق ومخازنا لما تحتاجه الجيوش وأن تلك الحصون كانت فى المناطق التى يتيسر فيها وجود الماء.
∎ نقش الملك سيتى وأكتوبر
ثم يستكمل د.عبد المقصود حديثه قائلا: فى عهد الأسرة التاسعة عشرة وباعتلاء سيتى الأول العرش قام بحملة تأديبية ضد القبائل البدوية فى سيناء وكان مسئولا عن تجديد السيطرة المصرية فى فلسطين فى المنطقة الممتدة من «ثارو» حتى «يوبى» فى منطقة دمشق وقد ترك لنا وثيقتين مهمتين عن طريق مصر العسكرى هما بردية انستاسى الأولى وهى تذكر الحالة فى شمال سيناء ومعظم المدن المصرية المحصنة بالقلاع، والوثيقة الثانية ذلك العمل الذى كان مصدرنا الأوحد لتحديد معالم طريق حورس الحربى، فقد صور الملك سيتى الأول- على الجدار الشمالى لصالة الأعمدة بمعبد الكرنك - نقشا تفصيليا للحملة العسكرية التى قام بها فى العام الأول من حكمه وذلك لإخضاع بدو الشاسو الذين أعلنوا التمرد والعصيان وقاموا بأعمال النهب والسلب وقطع الطريق، ويبدأ  النقش بتفصيل الدمار الذى ألحقه الفرعون للأعداء وبداية وقوعهم من قلعة «ثارو» حتى غزة وكان لابد وأن يقوم سيتى الأول بذلك حتى يؤمن الحدود المصرية ويسيطر على مفارق الطرق الصحراوية.. وتمتد النقوش من الغرب إلى الشرق تمثل ثلاث مناظر متصلة ففى الوسط يقف الفرعون فى العربة العسكرية، وتظهر المناظر أن مصر كانت منفصلة عن صحراء سيناء بواسطة قناة تجرى من الجنوب حيث تسبح فيها التماسيح وتنمو على جانبها الأحراش وماء هذه القناة عذب، ويتعامد على هذه القناة مجرى مائى آخر به سمك يعيش فى الماء المالح للبحر المتوسط وكان الملك سيتى مضطرا إلى أخذ موقف ضد رؤساء الشاسو فى شمال سيناء، ويذكر فى النقش المؤرخ بالعام الأول من حكمه «إذ وصل إلى علم جلالته أن شاسو الخاسئين قد دبروا العصيان وتجمع رؤساء قبائل الرتنو وأعلنوا عصيانهم هم والآسيويون فى «خارو» وأخذوا ينهبون الناس ويتشاجرون ويفتك كل منهم بجاره وعصوا قوانين الملك».
ويضيف الدكتور عبد المقصود قائلا: من المثير للدهشة أن علماء الآثار كانوا يعتقدون أن هذه الجدارية والنقوش لمكان ليس له وجود على الأرض ولكن أثناء حرب أكتوبر اكتشف الجيش المصرى حجرا فى المكان بالقنطرة شرق كانت بداية لعمل الحفائر فى هذا المكان واكتشاف العديد من الآثار التى أثبتت أن نقش سيتى حقيقة وليس خيالا، وكل ماجاء بالرسم كان تسجيلا لأماكن وأنهار وقلاع حقيقية كانت موجودة والآن اكتشفنا أجزاء منها .
∎ أكبر متحف حربى مفتوح فى العالم
وعن المشاريع التى ستقام على محور قناة السويس الجديد أمل شعب مصر القادم سألت د.عبدالمقصود:
ستقام مشاريع صناعية وزراعية وسياحية ضمن مشروعنا العظيم لتطوير محور  قناة السويس.. فهل هناك خطة للاستفادة من المواقع الأثرية الحربية فى هذه المنطقة خاصة أنها ستكون مجرى وفرع واحد وليست مزدوجة؟
بالفعل هذا هو أمل الآثريين وكل محبى الآثار ومن يريد الحفاظ عليها.. أن يقام متحف مفتوح يحيط بمدخل مصر الشرقى من القنطرة شرق ويتم ترميم القلاع الموجودة به وإعداد المكان كمزار سياحى للقلاع والكنائس والأديرة المكتشفة هناك.. ويضم أيضا متحفا حربيا يجمع فيه كل الوثاثق والقطع الأثرية التى وجدت بطريق حورس الحربى وأيضا تقام بانوراما تحكى تاريخ الجيش المصرى وانتصاراته عبر العصور ثم ينهى حديثه معى قائلا: من الأخبار الجيدة أنه تم اكتشاف مؤخرا أول ميناء بحرى نيلى كان منطقة تخزين ونقل بضائع من النيل إلى  البحر الأبيض المتوسط للعالم الخارجى فى هذه المنطقة فى الدولة الوسطى والدولة الحديثة، وسيعلن عن تفاصيل هذا الكشف المهم فى الأيام القادمة.
∎ المشروع الأمل
لقد أسعد مشروع محور  قناة السويس الجديد كل المصريين المحبين لها وآن الأوان لتعمر سيناء بالمشروعات والبشر وكما قال القائد الفرعونى (مير- كا-رع) من ملوك الدولة القديمة «أزرع الحدود بخير البشر.. فلو تركتها بدون بشر ستكون خطرا على أرض مصر».