كرة القدم النسائية بدون أهلي وزمالك!

ندي بهجت شريف الليثى
فى عام 1899 دعت اللاعبة الإنجليزية إليزابيث برجوانى إلى أن تمارس المرأة كرة القدم مثلها مثل الرجل وبالتأكيد لم تكن تتخيل أن حلمها سيصبح حقيقة ليصل عدد النساء اللاتى يمارسن كرة القدم حاليا طبقا لإحصائية الفيفا إلى 29 مليون لاعبة على مستوى العالم!
فى مصر بدأت الكرة النسائية عام 1989 ثم شارك المنتخب المصرى النسائى آنذاك فى تصف ات أفريقيا ليصبح من أفضل ثمانى دول أفريقية فى كأس الأمم. ثم شارك المنتخب النسائى فى حوالى 8 بطولات عربية ليحصد المركز الثانى على مستوى الدول العربية.
وعلى المستوى المحلي، بدأت الكرة النسائية بـ6 فرق فى الدورى إلى أن وصل عددها إلى 12 فريقا، وأكثر الفرق نجاحاً هما فريقا نادى وادى دجلة - الفائز بكأس مصر هذا العام - ونادى الطيران اللذان يتقاسمان أغلب البطولات.. والعجيب عدم منافسة الأهلى والزمالك (قطبا الكرة المصرية) لسبب بسيط هو عدم وجود فرق كرة قدم نسائية أصلاً فى الأهلى أو الزمالك!، وبالنسبة لفرق الناشئات فيعتبر فريق نادى الطيران هو الأفضل حيث حصل على بطولة الجمهورية خمس مرات. ومن أمهر اللاعبات اللاتى لا تسلط عليهن الأضواء بما يتناسب مع حجم الموهبة: كابتن منتخب مصر للسيدات أمانى رشاد، فايزة حيدر، سلوى منصور، انجى عطية، هيام عبدالحفيظ، ايناس مصطفى ومها الدمرداش.
n 3 فرق فى الصعيد
فى البداية قال أحمد كمال المدير الإدارى لمنتخب مصر للكرة النسائية لا يوجد فرق بين المسئولية عن كرة القدم النسائية.. مقارنةَ بكرة القدم للرجال، لأن الفتيات يحصلن على نفس الوحدات التدريبية. «كانت بتفرق زمان، نتيجة للطابع الشرقى بتاعنا. الناس كانت بتقول إزاى بنت تلعب كورة؟! لكن اللعبة مر على تأسيسها 17 سنة، فمفيش أى مشكلة دلوقتي».
حدد كابتن كمال الصعوبات التى تواجه كرة القدم النسائية فى التمويل. فالفرق النسائية تعانى من قلة الإمكانيات رغم مساعدات الأندية فى صرف الملابس والانتقالات والمكافآت، إلا إنه لا يوجد دعم مناسب من وزارة الشباب الرياضة للكرة النسائية. وهذا ما يفسر ضعف الإقبال على ممارسة اللعبة فاللاعبة تصطدم بكل تلك الإحباطات المادية وإذا لعبت سنة فهى لا تكمل سنة أخري. وأشار أيضاً إلى عدم وجود قاعدة عريضة للاعبات الناشئات، وهذا ما تحاول التغلب عليه د. سحر الهوارى - المشرف العام للمنتخب - بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم والاتحاد المصرى لكرة القدم فى القيام بمشروع يؤسس قاعدة عريضة للناشئات على مستوى الجمهورية حتى تتوافر مراحل سنية مختلفة للاعبات من الأطفال والشابات 17 و20 سنة. وقد بدأ المشروع منذ ثلاثة شهور منطلقاً من محافظة الإسكندرية.
n أسباب تأخر المنتخب
ونفى الكابتن تأثير الثقافة المحافظة الموجودة فى أرياف وصعيد مصر على وجود الكرة النسائية هناك، فأشار إلى وجود فرق من الأقصر والمنيا وسوهاج وهى ثلاث محافظات من جنوب الصعيد. وفسر تأخر تصنيف المنتخب - الحاصل على المركز 81 على مستوى العالم ورقم 10 على أفريقيا - بسبب قلة اشتراكنا فى المحافل الدولية.
n كابتن نصار: ثقة أولياء الأمور
أما كابتن عبدالناصر نصار، المدرب العام لفريق نادى الطيران.. فأوضح أن سبب تميز فريقه (نادى الطيران) أنه ينتقى اللاعبات انتقاء متميزاً، وأن التعامل كجهاز فنى مع اللاعبات يقوم على كسب ثقة أولياء الأمور.
لازم تكون الأم واثقة تماماً أن بنتها فى أمان وهذا مهم جداً لأن عندنا بنات من الأقاليم. ولكى يحافظ على ثقة أولياء الأمور، يقوم الكابتن بالاطمئنان على اللاعبات بنفسه حتى يصلن إلى بيوتهن، خاصة مع مواعيد التدريب المتأخرة أحياناً أو مع الطرق المخيفة. وقد نفى وجود أى شكاوى من أولياء الأمور بسبب إصابات بناتهن، لأن النادى يقوم على حماية اللاعبات ومعالجة الإصابات على أكمل وجه.
n الإقبال على الكرة النسائية
وأرجع كابتن نصار قلة المتابعة للكرة النسائية المصرية إلى عدم اقتناع أولياء الأمور بأهمية ممارسة بناتهم للرياضة، فهم يخافون من تأثير الرياضة على الدراسة.. لذلك نحن بعيدون كل البعد عن العالمية فى الكرة النسائية.
لاعبات الطيران: مفيش فرق بين البنت والولد!
n نورهان: نفسى أحترف !
بعيون حالمة مليئة بالحماس، قالت نورهان عمرو (18 سنة، مهاجم) أن لاعبها المفضل هو أبوتريكة وفريقها المفضل برشلونة، وأنها الوحيدة التى تلعب كرة قدم فى عائلتها.
بدأت نورهان لعب كرة القدم فى الشارع قبل أن تكمل 11 سنة، و الذى جذبها فى الكرة أنها كانت تلعب مع أصدقائها الأولاد فى الشارع، واكتشفت والدتها موهبتها فاصطحبتها إلى نادى الطيران وأمضت مع النادى 8 سنوات.
قالت نورهان أنها تعرف كيف تُوفق بين دراستها ولعبها للكرة، وأن أكبر تشجيع يحمسها لتكملة اللعب أن الفرق التى تلعب معها جيدة وأنهم أصدقاؤها وأنها تحب اللعب وهى تحلم أن يصل منتخب مصر النسائى لكأس العالم وأن «تبقى حاجة» وتحترف فى الخارج لأنها «لسه صغيرة وقدامى كتير».
n زيزي: تأخر الكرة النسائية
تشارك زيزى عبدالرحمن (21 سنة، مسّاك) نورهان الإعجاب بأبوتريكة، فهو من ألهمها حب الكرة مع خالها الذى علمها اللعب واصطحبها لكى تحقق حلمها. وتبدو زيزى فتاة قوية وطموحة تعلم جيداً ما تريده فهى تحلم بأن تكون مدربة بعد أن تعتزل، وحكت أنها بدأت لعب الكرة فى الشارع حتى رأتها والدتها تلعب بشكل جيد فاصطحبتها إلى نادى المؤسسة، ومن هناك اتجهت للعب فى نادى الطيران.
وعن الاعتراضات التى واجهتها من الأهل تقول زيزى «كتير، بس اتعودت خلاص. اللى حابب حاجة وعايز يعملها، هيعملها». وأنها تعرضت لصعوبات كثيرة حتى استطاعت أن تقنعهم بموهبتها وبضرورة لعبها فى الفريق حتى أنها جعلت الكابتن يتصل بأهلها لإقناعهم باللعب حتى وافقوا. فتقول «طالما أنا أحب الحاجة دى وكويسة فيها، خلاص»!
سألت زيزى عن رأيها فى مقولة «الكرة للرجال» فقالت إن الكرة شيء مهم فى الحياة، أكثر شيء يستطيع جذب الناس. وأنه لا فرق بين الولد والبنت فى اللعب. «الكورة دى ملعب، اللى قادر يعمل حاجة هيعملها» وفسرت زيزى أن سبب عدم الإقبال وتشجيعالكرة النسائية هو غياب التغطية، فالدورى لا يُذاع ولا أحد يهتم. فالكرة النسائية العالمية شيء مهم ومُتابع باهتمام فى الخارج. وأنهت كلامها بـ«لو فى اهتمام المنتخب هيقدر يوصل لحاجة. لو فى اهتمام، حاجات كتير هتتغير».
n إيناس: الكورة مش للرجالة بس!
«أنا طلعت لقيت نفسى بلعب كورة وبحبها» كان هذا أول تعليق للاعبة فريق نادى الطيران التى تلعب أيضاً فى المنتخب. اللاعبة المتميزة الجميلة إيناس مصطفى (25 سنة، مدافع) التى تشارك زميلتيها نورهان وزيزى حبها لأبوتريكة. سألناها عن تجربة اللعب فى المنتخب فأجابت أنها تجربة ثرية للغاية لأنها تسافر وتلاعب فرقاً مختلفة وأنها تُحضر للعب فى المنتخب عن طريق التمرين فى النادى وأنها تستعد للمعسكر الذى سيعقد من يوم 15 إلى 17 لأنه توجد مباراة ودية بين المنتخب المصرى والأردنى يوم 25 أغسطس.
بدأت إيناس لعب الكرة فى سن العاشرة تقريباً، ولكنها بدأت تلعب بانتظام فى النادى فى سن الخامسة عشرة. أنهت دراستها فى كلية التجارة وأوضحت أن الكرة لم تؤثر مطلقاً على دراستها وأنها كانت تأخذ أجازة من اللعب أثناء فترة الامتحانات لكى تستطيع أن تذاكر جيداً. تقول إيناس أن أسعد لحظة عاشتها عندما وصلت للنهائى فى الدورى الماضي، وأتعس لحظة عندما خرج فريقها من الدورى ظُلماً بسبب ضربة جزاء.
أوضحت إيناس أنها تعرضت أيضاً إلى اعتراضات من الأهل، فوالدتها لم توافق على الكرة إلا عندما رأت أنها تنظم وقتها واستطاعت أن توفق بين دراستها ورياضتها المفضلة.
وعن احتكار الرجال للكرة، قالت «الكورة مش حاجة للرجالة بس. ده عندنا فى مصر بس. لكن لو الناس سافرت وشافوا الكورة برة، هيلاقوا أغلبية الجمهور بيحضروا مباريات البنات زى الأولاد».
واشتكت إيناس من انعدام التغطية للكرة النسائية. نحلم أن تذاع لنا مباريات فى التليفزيون، يجيلنا جمهور، يهتموا بينا أكتر من كده». معلنة أن طالما لا يوجد اهتمام، لن تتقدم الكرة النسائية فى مصر.n