الخميس 1 يناير 2026
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟

ينتظر العالم كل عام الاحتفال بقدوم سنة ميلادية جديدة.



جرت العادة أن نرى شجرة الكريسماس وبابا نويل، فى الاحتفالات التقليدية، والخروج إلى الميادين والأماكن العامة، وحضور السهرات أو مشاهدة الأفلام وسط العائلة.

ولكن لا يزال رغم الاحتفالات التقليدية، تحتفل كل دولة من دول العالم برأس السنة بطريقتها وطقوسها الخاصة؟

ففى اليابان يستقبلون ليلة رأس السنة، بواحدة من أغرب الطقوس فى العالم، حيث توافق ليلة رأس السنة بليلة رأس السنة اليابانية، التى يتم الاحتفال بها فى الأول من يناير من كل عام، ويطلق عليها شوجاتسو.

فإذا كنت فى اليابان فى هذا التوقيت، ستستمع لقرع 108 دقات جرس فى منتصف الليل فى المعابد البوذية، تمثل 108 من الأخطاء البشرية، وتعرف بأجراس جويا نو كانى.

 

 

 

تنطلق أصوات الأجراس فى جميع أنحاء اليابان، ويعتقد اليابانيون أن قرع هذه الأجراس يطهرهم من ذنوب العام الماضى، وبداية عام جديد خالٍ من الذنوب والأخطاء.

وعادة ما يقوم الرهبان فى المعابد بقرع الجرس 107 مرات فى آخر يوم من السنة، بينما يقرع للمرة 108 فى العام الجديد، ويسمح فى بعض المعابد للمصلين بالمشاركة فى القرع.

وفى إيطاليا جرت العادة ليلة رأس السنة فى بعض المناطق مثل نابولى، على التخلص من كل ما هو قديم، من خلال رمى الأثاث غير المرغوب فيه من النوافذ.

ويعد هذا الطقس رمزًا لبداية جديدة للعام المقبل، ورغم أن معظم الإيطاليين يقومون بإلقاء أشياء صغيرة الحجم، وذلك لتجنب إصابات المارة.

لذلك فإن النصيحة للسياح هى توخى الحذر أثناء التجول فى ليلة رأس السنة، وخاصة فى شوارع نابولى.

هذه العادة تتم ممارستها فى جوهانسبرج بجنوب إفريقيا أيضًا.

حرق الدمى

فى أمريكا الجنوبية، يصنع الإكوادوريون دمى كبيرة تعرف باسم «فيخوس»، ويقومون بحرقها فى الشوارع عند منتصف الليل، فى رأس السنة.

هذا التقليد علامة على وداع العام الماضى وكل ما جلبه من سوء للأشخاص، حيث تقوم العائلات بصنع «فيخوس» قبل حلول العام الجديد.

وأحيانًا يتم تصنيعها على هيئة أشخاص جلبوا النحس، أو على صورهم ولإضفاء المزيد من البهجة على الاحتفال، يرتدى العديد من الرجال ملابس نسائية، مع أحذية ذات كعب عالٍ وشعر مستعار، ويطلق على هؤلاء «إل فيوداس» أو أرامل «فيخوس».

وهؤلاء الرجال فى تلك الملابس يتجولون فى الشوارع متسولين المال.

وفى بنما يحتفلون على طريقة «الدمية» أيضًا حيث يصنعونها من الأقمشة، ويرسم عليها أحد المشاهير أو الشخصيات العامة، ويتم حرقها أمام الناس فى ميدان كبير، لأجل جلب الحظ.

 

 

 

 

ويعد طقس الخطوة الأولى من أقدم التقاليد الإسكتلندية، عند الاحتفال بليلة رأس السنة، وهى معروفة أيضا باسم «كوالتاج».

وهذه العادة تعتبر أول شخص يعبر عتبة المنزل  بعد منتصف ليل 31 ديسمبر، يجب أن يحمل هدايا لجميع أفراد الأسرة.

قد تكون هذه الهدايا عملات معدنية، فحمًا، خبزًا، ملحًا، بسكويت الزبدة، أو جرعة صغيرة من الويسكى.

ويعتقد الإسكتلنديون أن هذه العادة تجلب الحظ السعيد إلى المنزل.

وجرت العادة على اختيار رجل طويل القامة، ذى شعر داكن ليكون أول من يخطو عتبة المنزل، بينما يعتبر الغرباء ذوو الشعر الأشقر «الذين يحملون عادة فئوسا وسيوفا نذير شؤم للعام الجديد.

السبع موجات 

فى إسبانيا يعد تناول اثنتى عشرة من حبات العنب فى رأس السنة، تقليدًا يعود تاريخه إلى عام 1895، حيث يعتقد الإسبانيون أن تناول عنبة مع كل دقة جرس فى رأس السنة، يجلب لهم الرخاء للعام الجديد.

لذلك فهم يحرصون على تناولها بسرعة، حتى يستطيعوا الانتهاء من آخر حبة عنب مع الدقة الأخيرة.

انتشر هذا التقليد فى دول ناطقة بالإسبانية.

ولكن الاحتفال فى البرازيل، يرتبط بالموسيقى والشمس والشاطئ.

ففى ليلة رأس السنة، يجتمع الأصدقاء والعائلة على الشواطئ بعد منتصف الليل، لأداء طقوس القفز فوق سبع موجات.

ويعتقد البرازيليون أن هذه العادة تساعدهم فى جلب الحظ، مع تمنى سبع أمنيات للعام الجديد.

ويبدأ المشاركون بتمنى أمنية واحدة لكل موجة من أمواج المحيط مع قفزها.

وفى ألمانيا الأمر مختلف.

 

ريشة. جون مراد
ريشة. جون مراد

 

وعشاء لشخص واحد، هو فيلم قصير من إنتاج 1963، يتم عرضه سنويا فى 31 ديسمبر على التلفزيون الألمانى الرسمى بشكل دورى، وهو مقتبس من مسرحية للكاتب لورى وايلى، يروى قصة امرأة عجوز، كعادتها كل عام، ترغب فى الاحتفال بعيد ميلادها مع صديقاتها، لكن المشكلة تكمن فى أنهن توفين منذ أكثر من 25 عاما.

لذلك يضطر النادل إلى القيام بدورهن.

ولا يقتصر هذا الفيلم على ألمانيا فقط، حيث يتم عرض الفيلم القصير بهذه النسخة أو بنسخ أخرى فى دول مثل، أستراليا، النمسا، بلجيكا، إستونيا، الدنمارك، لوكسمبورج، السويد وسويسرا.

كما يستمتع الألمان بتناول وجبة تقليدية من سمك الكارب ليلة رأس السنة، حيث يعتقد أن الاحتفاظ بقشرة من سمك الكارب فى المحفظة طوال العام، تجلب الحظ والرزق لصاحبها، ولذلك ينظر إلى إزالة القشرة على أنها فقدان الحظ.

بينما فى الدنمارك يحرص الشعب على جمع الأطباق طوال العام، ويقومون بإلقائها وكسرها ليلة رأس السنة. ففى الحادى والثلاثين من ديسمبر، يقوم الأصدقاء والأقارب بتحطيم الأطباق على الأبواب بعد عشاء عيد الميلاد، كنوع من التمنى بالحظ السعيد للعائلة.

فمن يملك كمية كبيرة من الأطباق أمام منزله، فهو يملك الكثير من الأصدقاء، كما أنه محظوظ وسيحظى بحظ وافر فى العام الجديد. 

حرق السنة القديمة 

نشأت عادة حرق السنة القديمة، كواحدة من طقوس الاحتفال بليلة رأس السنة، خلال وباء اجتاح الإكوادور. وهناك كان يتم حرق ملابس ضحايا المرض لتجنب التلوث، ثم تنظيف الجثث.

استمرت هذه العادة، وتطورت حتى وصلت إلى عصرنا الحالى، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء حول نار كبيرة لحرق دمى محشوة بالصحف.

لا تقتصر هذه العادة على الإكوادور فقط، ولكنها من العادات الشائعة أيضا فى دول أخرى فى أمريكا اللاتينية، كما تشتهر ساحة تايمز سكوير فى مدينة نيويورك، باحتفالها الفريد فى رأس السنة الميلادية، ويقومون بإسقاط كرة كبيرة لامعة، أو سمكة السردين فى إيستبورت بولاية مين، أو صدفة المحار فى كى ويست بولاية فلوريدا، أو تمثال الجبن الكبير فى بليموث بولاية ويسكونسن.

ويتم بث الاحتفال فى جميع أنحاء العالم، فى دول أمريكا الجنوبية مثل المكسيك وبوليفيا والبرازيل.

وهناك يعتقدون أن لون الملابس الداخلية يحدد حظك للعام الجديد، حيث يعتقد أن ارتداء ملابس داخلية باللون الأحمر ليلة رأس السنة يجلب الحب، بينما الأصفر يجلب الثروة.

وإذا كنت تبحث عن السلام والوئام، فيحرص الأمريكيون على ارتداء اللون الأبيض.

ولذلك يتم اختيار الألوان وفقا لما يتمناه الشخص فى العام الجديد.

كما يعد احتفال لو ريفيون دو لا سان سيلفستر، أو لو ريفيون دو نوفيل آن، جزءا تقليديا من احتفالات رأس السنة الفرنسية.

وهو يتكون من وليمة تتضمن المحار وكبد الأوز والشمبانيا.

ويشير هذا التقليد إلى أفروديت، إلهة الحب والجمال التى خرجت من المحيط على صدفة محار، لذلك فإنه فى العديد من الثقافات، يعتبر إلقاء قطعة نقدية فى نهر فى رومانيا بادرة لجلب الحظ ليلة رأس السنة.

ولكن فى روسيا على عكس العديد من الدول، تتسم احتفالات رأس السنة بالهدوء التام، حيث يخصص الروسيون الثوانى الاثنتى عشرة الأخيرة من العام، كتحية صامتة للعام القديم، وأمنيات بالخير للعام الجديد. 

تراشق الماء 

يحتفل التايلانديون بتراشق الماء، حيث يجتمعون فى الشوارع ويقومون برش الماء على بعضهم.

ولا يكتفون بذلك بل يلقون أيضا الرماد.

وإذا كنت فى زيارة إلى تشيلى، ستتفاجأ من طقوس الاحتفالات برأس السنة الميلادية، حيث يستغل التشيليون تلك الليلة للتأمل فى ذكريات الماضى، ويقيمون القداس فى المقابر المحلية، بهدف تكريم أحبائهم الراحلين وقضاء بعض الوقت معهم.

وتعد ليلة رأس السنة، من الليالى المميزة فى الفلبين، حيث يقوم الفلبينيون باستخدام، وتناول وارتداء الأشياء المستديرة فقط، لاعتقاد قديم بأن الشكل المستدير رمز الرخاء.

ويتم تزيين المائدة باثنتى عشرة فاكهة مستديرة، بشرط أن يكون كل نوع من الفاكهة مختلفا عن النوع الآخر، وتمثل كل منها شهرا من شهور السنة الجديدة، ويتوقع الفلبينيون أن تكون عامرة بالرخاء.

من التقاليد المتبعة فى جواتيمالا فى ليلة رأس السنة، إلقاء العملات المعدنية الصغيرة فى منتصف الليل، فى الشوارع حيث يقومون بجمع 12 عملة، ثم يخرجون من منازلهم، ويتجهون نحو الشارع، ويرمون العملات خلفهم، ويعتقدون أن هذا الأمر يجلب لهم الرخاء والازدهار فى العام الجديد.

ويجرى الاحتفال برأس السنة الميلادية فى إيرلندا، بشكل مختلف حيث تقوم النساء العازبات، بوضع نبات الدبق (ثمرة ترتبط بالخصوبة فى الأساطير الأوروبية)، تحت وسائدهن، ثم يقمن بحرقها فى اليوم التالى.

وهن يعتقدن أنها تجلب الحب.

ومن التقاليد الأخرى التى اعتاد عليها الإيرلنديون، القرع بالخبز على الجدران والأبواب، لطرد النحس والأرواح الشريرة.

وتعد البيرو من أغرب الأماكن احتفالاً.

ففى آخر يوم من ديسمبر يجتمع الناس فى القرى ويبدءون فى تبادل اللكمات، معتبرين أن هذه الطريقة تخلصهم من أحزانهم وطاقتهم السلبية.

ومن التقاليد الفنلندية للاحتفال هو التنبؤ بالعام الجديد، عن طريق صب القصدير المنصهر فى وعاء من الماء، ثم تفسير العام على أساس الشكل الذى يتخذه المعدن بعد تصلبه.

وهناك تتم إذابة حدوات خيول صغيرة من القصدير فى مقلاة، وتسكب فى دلو من الماء البارد، وبمجرد ملامسة القصدير للماء، يبرد ويتصلب، ويبدءون فى تفسير الأشكال العشوائية، الناتجة للتنبؤ بصحة الشخص وثروته وسعادته فى المستقبل.

يدل شكل القلب أو الخاتم على زواج فى العام الجديد، بينما يحمل شكل السفينة بشرى بالسفر، وشكل الخنزير يدل على وفرة الطعام.

أما إذا كنت فى المجر ليلة رأس السنة، ستجدها لا تخلو من الخرافات، حيث جرت العادة على إحداث ضجيج كبير لطرد الأرواح الشريرة.

وقديمًا كانوا يستخدمون كرابيج مزودة بمفرقعات لإحداث صوت مرتفع، ولكن الآن يستخدمون الأبواق، كما أن من عادات وتقاليد الاحتفال برأس السنة، قراءة الطالع، حيث تضع الفتيات قصاصات من الورق، كتبت عليها أسماء شباب داخل الزلابية، أول زلابية تطفو على سطح الماء أثناء الطهى، تحمل اسم زوج الفتاة المستقبلى.

 

من احتفالات دول شرق آسيا
من احتفالات دول شرق آسيا

 

تاريخ الاحتفال 

يعود الاحتفال برأس السنة إلى بلاد ما بين النهرين القديمة، منذ عام 2000 قبل الميلاد تقريبا، حيث كانت السنة الجديدة تبدأ فى منتصف مارس مع الاعتدال الربيعى عند البابليين.

وكان الاحتفال يتم من خلال مهرجان أكيتو، ويستمر 11 يوما، ويتضمن مزيجا من الطقوس الدينية والولائم والمواكب.

بينما عند المصريين القدماء والفينيقيين، فكانت السنة تبدأ مع الاعتدال الخريفى (21 سبتمبر)، وقد ربط المصريون القدماء رأس السنة بفيضان النيل السنوى، وكان هذا يضمن خصوبة الأراضى ووفرة المحاصيل.

وعند الفرس القدماء كانت بداية السنة مع الاعتدال الربيعى (21 مارس)، وعند الإغريق الأوائل مع الانقلاب الشتوى (21 ديسمبر)، وفى التقويم الجريجورى الرومانى، كانت السنة تبدأ فى الأول من مارس. 

يعود الفضل فى التقويم الميلادى الذى نستخدمه الآن إلى الرومان، الذين أدخلوا التقويم اليوليانى عام 46 قبل الميلاد، بتوجيه من يوليوس قيصر، وأعلن الأول من يناير بداية للعام الجديد، تكريما ليانوس إله البدايات والنهايات والتحولات عند الرومان.

وقد احتفل الرومان بالعام الجديد بالحفلات والولائم، والقرابين إلى الإله يانوس، مع تبادل الهدايا، مثل العملات المعدنية وأغصان الأشجار المقدسة كرموز للتفاؤل.

وخلال العصور الوسطى غيرت العديد من الدول موعد رأس السنة، حتى يتوافق مع الأعياد الدينية كعيد الميلاد وعيد الفصح.

وفى 1582 قام البابا جريجورى الثالث عشر بإصلاح التقويم مرة أخرى، معتمدا التقويم الجريجورى والأول من يناير يوم رأس السنة الميلادية، وتم اعتماد هذا التاريخ تدريجيا فى أوروبا وخارجها، ومع مرور الوقت تطورت طرق وطقوس الاحتفال بليلة رأس السنة، لتصبح زاخرة بتقاليد متنوعة حول العالم. 

فى العصور الوسطى، كان معظم سكان أوروبا المسيحية يعتبرون الخامس  والعشرين من مارس عيد البشارة، بداية السنة الجديدة، على الرغم من أن رأس السنة كان يحتفل به فى الخامس والعشرين من ديسمبر فى إنجلترا الأنجلوسكسونية.

وأصدر ويليام الفاتح مرسوما يقضى باعتماد الخامس والعشرين من مارس، أما التقويم الجريجورى، الذى اعتمدته الكنيسة الكاثوليكية الرومانية عام 1582، فقد أعاد الأول من يناير كرأس للسنة، وحذت معظم الدول الأوروبية حذوها تدريجيا، مثل إسكتلندا عام 1660، وألمانيا والدنمارك حوالى عام 1700، وإنجلترا عام 1752، وروسيا 1918.