مصارعة ديوك تراثية اعتادها الأفغان.. وحظرتها طالبان
تجارة الدماء السرية
عندما تبدأ «مصارعة الديوك» فى العاصمة الأفغانية كابول، يعلو الضجيج فورًا، وتتعالى صيحات «اضرب!» و«اقتل!» بين المتفرجين.
بينما يندفع طائران بعضهما نحو بعض، وتتطاير الريشات والدماء فى الهواء.
هذه المصارعة الدموية تعود لقرون مضت، وكانت فى السابق هواية شتوية شائعة، أصبحت تمارس على مدار العام فى العاصمة الأفغانية كابول مدفوعة، ليس فقط بالتقاليد، بل أيضًا بالفقر والبطالة واليأس، وكل هذا يقود إلى المراهنات حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» الأمريكية.
ورغم أن حركة «طالبان» حظرت «مصارعة الديوك» منذ أغسطس 2021، فإن هذه المباريات لا تزال تُقام سرًا، حيث يجتمع الرجال فى خيام مؤقتة أو حدائق أو أزقة خلفية، حاملين النقود ومعهم ديوكهم، وكأنهم يستعدون لمنافسة رياضية.

ويقومون بتبريد الطيور باستخدام الأوشحة! بل ويرشون الماء عليها بأفواههم لإنعاشها.
وتربط سيقان الطيور، وتُشحذ المناقير، وأحيانا تُعطى منشطات لتعزيز قدرتها على القتال.
وقد تستمر المعارك لعدة جولات، تتخللها فترات راحة لتنظيف الجروح وترتيب الريش، ويُعلن الفوز عندما يعجز أحد الديوك عن الاستمرار فى القتال.
وفى بعض الأحيان، تمتد أعمال العنف إلى خارج الحلبة؛ إذ تؤدى الخلافات على الرهانات إلى اشتباكات جسدية، ويتدخل كبار السن، المعروفون باسم «أصحاب اللحى البيضاء» لفض النزاعات وتهدئة الأجواء قبل الجولة التالية.
«مصارعة الديوك» فى كابول ليست مجرد لعبة، إنها مصدر رزق ومقامرة، ولدى كثيرين هوس لا يُقاوم؛ إذ يمكن أن تؤدى هذه الرهانات إلى إفلاس عائلات أو تحويلها إلى الثراء المفاجئ.
محمد، البالغ من العمر 63 عامًا، وهو من المخضرمين فى هذه الهواية، شهد على مدى عقود كيف غيِّرت مصارعة الديوك حياة الناس رأسًا على عقب، ويتذكر حادثة قُتل فيها رجل وابناه فى معركة مأساوية.
ويقول إن رجالاً فقراء اشتروا منازل بأرباحهم من هذه الهواية، فى حين خسر رجال آخرون أغنياء كل ما يملكون.
ويُعامل بعض المالكين ديوكهم بشكل أفضل من أفراد أسرهم؛ إذ ينفقون أموال الطعام على أعلاف خاصة وأدوية، ويُطلقون عليها أسماء محاربين، ويتحدثون عنها بمودة عميقة.
ورغم سفك الدماء وعدم قانونية ولا إنسانية هذه الممارسة؛ فإنها لا تزال مستمرة، ففى مدينة تهيمن عليها الصراعات، تظل «مصارعة الديوك» وسيلة وحشية للهروب، وشكلًا من أشكال السيطرة والتباهى.