حضور لافت ومبادرات عربية ملهمة فى معرض الكويت الدولى
من «وطن الكتاب»
الكويت: هايدى فاروق
بدعوة كريمة من المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بالكويت، حضرت افتتاح وفعاليات معرض الكويت الدولى للكتاب فى دورته الـ48.. وزيارة الكويت رحلة محببة إلى قلبى نظرًا لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.. وحب أهل الكويت لمصر.
وهى المرة الثانية لى لزيارة الكويت حيث كانت المرة الأولى فى مهرجان القرين الثقافى عام 2022.
وأقيم المعرض تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الجابر الصباح، وانطلقت فعالياته، تحت مظلة الأمانة العامة للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، وهذا العام تحل دولة عمان ضيف شرف للمعرض.
وشعار هذه الدورة: (وطن الكتاب.. عاصمة الثقافة)، وشاركت 33 دولة ووصل عدد العناوين الحديثة لـ 35066 عنوانًا.
وقام وزير الإعلام وزير الدولة الشباب رئيس المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن بداح المطيرى بجولة افتتاحية فى المعرض بحضور الأمين العام للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار، والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة عائشة المحمود والأمين العام المساعد لقطاع الآثار محمد بن رضا... وضيوف الكويت على رأسهم وزير الإعلام العمانى الدكتور عبدالله بن ناصر الخراصى، والمستشار المتقاعد لجلالة السلطان لشئون التخطيط الاقتصادى محمد بن الزبير بوصفه «شخصية المعرض»، وعدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب، وجمهور كبير من الأدباء والمثقفين والمهتمين بالمعرفة والإصدارات من الكتب.
وفى احتفالية خاصة فى مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافى، كرم وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشئون الشباب عبدالرحمن بداح المطيرى، شخصية المعرض، المستشار المتقاعد لجلالة سلطان عمان لشئون التخطيط الاقتصادى ومؤسس (مؤسسة بيت الزبير) محمد بن الزبير.

وبين أن شعار هذه الدورة الـ 48 (وطن الكتاب.. عاصمة الثقافة) يحمل رسالة عميقة بأن الكويت كانت وستبقى بيتًا للثقافة ومقرًا للفكر الحر ومنارة عربية تحتفى بالكتاب وتكرم المعرفة وتؤمن بأن التنمية تبدأ من الفكرة وأن النهضة تصنعها الكلمة الصادقة والعقل المستنير.
وأكد أن معرض الكويت الدولى للكتاب يمثل دعوة للحوار والتفاعل والتجديد ونافذة يتلاقى فيها المبدعون والقراء وتتقاطع فيها الرؤى والتجارب وتترسخ فيها قيم التواصل الإنسانى والفكرى بين الشعوب.
ورحب بسلطنة عمان ضيف شرف هذه الدورة بما تمثله من إرث ثقافى وتاريخ أدبى وإنسانى أصيل.
ويأتى المعرض هذا العام متزامنًا مع احتفالية اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربى لعام 2025.
لذا جاءت دورته الحالية مميزة ببرنامج ثقافى حافل، ضم نحو 65 فعالية متنوعة، من ندوات وجلسات نقاشية حول: الرواية والهوية والترجمة السينمائية والثقافة الخليجية وقضايا أدب الطفل، إضافة إلى فعاليات ومسابقات مخصصة للأطفال واليافعين.

حضور مصرى
مشاركة الناشرين المصريين فى المعرض كانت مميزة.
وقام السفير محمد أبو الوفا، سفير مصر لدى الكويت، والدكتورة أمنية أسامة، الملحق الثقافى بالسفارة، بجولة على أجنحة الناشرين المصريين، بصحبة فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين.
وكنتُ حريصة على الحديث مع الناشرين.
محمد البعلى، مدير دار صفصافة للنشر، فقال: «إن مشاركة دور النشر المصرية فى معارض الوطن العربى هى تعزيز للقوى الناعمة المصرية، وفرصة لعرض إبداعات الكتاب والمترجمين والناشرين كعناصر أصيلة من الثقافة المصرية المرتبطة بالكتاب، فضلًا عن كونها فرصة تجارية جيدة لتصدير الكتاب المصرى والمنتج الثقافى والفنى».
أما يحيى فكرى، مدير دار المرايا للثقافة والفنون، فقال: معرض الكويت يتمتع بجمهور عريض من المثقفين، والمشاركة فيه فرصة للوصول إلى هذا الجمهور. وقال مصطفى الشيخ من دار آفاق للنشر: «هذه هى مشاركتنا الخامسة عشرة فى المعرض، وهو من أهم المعارض العربية، ويتمتع باختيار نوعى لدور النشر، ويحافظ على محدودية المشاركين، مما يمنحه خصوصيته.
ووصف أحمد وليد نصيف، المدير العام لدار الكتاب العربى، القارئ الكويتى بأنه قارئ «ينتقى ما يقرأ بعناية»، مؤكدًا أن «معرض الكويت أصبح فى مصاف المعارض العربية والعالمية الكبيرة».

برنامج متميز
إلى جانب مشاركة دور النشر، كان البرنامج الثقافى مميزًا. ومن أكثر اللقاءات كان لقائى مع الدكتورة مها أبو رسلة، استشارى طب الأطفال، فكانت لافتة فى الأعمال التى تقدمها من خلال جمعية «أبى أتعلم» و«أبى» هنا بمعنى «أبغى».
شدّنى الرسم غير التقليدى والرسائل العميقة فى كتب الأطفال، ومن بينها قصة طفل يرتدى ملابس «سوبرمان» وقد تساقط شعره بسبب العلاج الكيماوى، وأخرى لطفلة ترقد على فراش المرض وتبتسم أمام كتاب مفتوح.
تقول الدكتورة مها: «كطبيبة كنت أعانى فى تبسيط المعلومات للأطفال المصابين بأمراض مزمنة أو لذويهم، لذلك فكرت فى مبادرة مدرسة المستشفى، ثم بدأنا العمل على إصدار كتب معرفية. ركزنا أولًا على أمراض السرطان، ثم توسعنا إلى الأمراض المزمنة مثل الصدفية، وقد أصدرت 25 كتابًا خلال أربعة أشهر، مع تضمين صفحات للتلوين».
داخل أرض المعارض بالكويت، هناك ركن لافت يحاكى أجواء المحيطات، حيث رأيت زجاجات من الماء والخل، وأسنانًا تشبه أسنان القرش، وعشرات الأطفال يجربون تجارب علمية ممتعة.
دنيا الدغيمش، مدير التعليم والبرامج فى المركز العلمى التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمى، قالت: «نتشارك لتسويق كتبنا العلمية وربط محتواها بورش عمل للأطفال. لدينا مثلًا كتب عن المحيط، فقمنا بخلق بيئة محاكية لتعليم الأطفال عن الكائنات البحرية».
وقد شرحت ريتال العبيد للأطفال من خلال تجربة بسيطة باستخدام محاليل مختلفة من الخل والماء آلية الشم لدى القرش مقارنة بالإنسان، ولماذا لا يستطيع الإنسان شم الخل فى النسب القليلة داخل مساحات واسعة من المياه.
ذوو الاحتياجات
ولم يغب عن المشهد حضور ذوى الاحتياجات الخاصة، حيث كان جناح مركز الكويت للتوحد مبهجًا بتفاعل أفراده مع الزوار.
ويُذكر أن المركز تأسس عام 1994 ويحمل شعار «لنحدث فرقًا»، وينطلق من فلسفة تؤمن بقدرات الأشخاص المصابين بالتوحد، وبأهمية مشاركة الأبوين فى العلاج.
مبادرات ملهمة
تركى الدغيش من السعودية، شريك ومؤسس لمشروع مهارات الأطفال، حدثنا عن مشروعه فى إصدار كتب لذوى الاحتياجات الخاصة قائلاً: «بدأت المشروع من عام 2017 بالشراكة مع زوجتى بعد أن شخص ابنى باعتباره من أطفال التوحد، لكن التشخيص كان خاطئًا. لذلك بدأت أنا وزوجتى بالعمل بشكل مختلف، ثم تطورت الأفكار لمساعدة الأطفال وأهاليهم على تجاوز صعوبات التعلم وتشتت الانتباه ومشاكل التخاطب. ولدينا الآن فريق متخصص، وعناوين لعشرات الكتب وألعاب لكل حالة: الطفل العنيد، العدائى.. وغيرها».
والتقيت صبا عباس من كتب نون - مؤسسة «ناهد شو»، التى تحدثت عن رؤية المؤسسة لإنتاج قصص عربية الهوية، تهدف إلى بناء وعى الطفل حول المقاومة الاقتصادية والتفكير الحر والقناعة.
وقال مصطفى أشرف من مركز طروس: «نحن نهتم بالفلسفة والتاريخ وكل ما يصنع الوعي. لدينا بودكاست، ومكتبة، وترجمات، إضافة إلى دار نشر، وهى مسارات تعمل جميعها لصناعة الوعى وتنمية الذات».
