السبت 4 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

خريطة الإسكندرية «مقلوبة» فى «البينالى»

خلال المؤتمر الصحفى للإعلان عن عودة البينالى
خلال المؤتمر الصحفى للإعلان عن عودة البينالى

بعد غياب 12 عامًا يعود بينالى الإسكندرية على الخريطة الفنية الدولية، بقرار من وزير الثقافة الدكتور «أحمد فؤاد هنو» محققًا حلم وطموح مدينة الإسكندرية بأكملها وليس فنانيها فقط لتستعيد المدينة الكوزموبوليتانية مكانتها التاريخية كمركز فنى وثقافى وحضارى محورى على المستويين الإقليمى والدولى.  



حيث يعد بينالى الإسكندرية أول بينالى فى العالم العربى وإفريقيا، وثالث بينالى يقام فى العالم بعد بينالى فينسيا وبينالى سان باولو .

 

 ويأتى قرار العودة بالتزامن مع مرور 70 عامًا على إطلاق الدورة الأولى من البينالى فى 26 يوليو عام 1955، التى أسسها «حسين صبحى» راعى الحركة الفنية بالإسكندرية من الخمسينيات حتى الثمانينيات فى القرن الماضى.

  وجاءت الدورة الأولى بعنوان «معرض الإسكندرية الأول لفنون دول البحر الأبيض المتوسط»، ونظمت تزامنًا مع الاحتفال بالعيد الثالث لثورة 1952. وافتتحها الرئيس جمال عبد الناصر، وقام بالتوقيع بسجل الزيارات التاريخية أسفل شعار الدورة الأولى الذى صممه الفنان «عزت إبراهيم». 

وعلى هامش الدورة الأولى أقيم عدد من المعارض لكبار الفنانين وحفلات موسيقية وألقيت محاضرات وندوات فنية. وظل البينالى يقام كل عامين فى السنوات الفردية، إلى أن تحول إلى السنوات الزوجية بعد نكسة يونيو 1967، ثم عاد للسنوات الفردية مرة أخرى، وظل فى صعود مستمر وتواجد عالمى ملحوظ حتى الدورة الخامسة والعشرين فى عام 2009، ليتوقف فى 2011  بعد  25 يناير ليعود  بدورته الأخيرة فى 2014. 

وبمركز الإسكندرية للإبداع عقد مؤتمر صحفى للإعلان عن عودة بينالى الإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط  قبل إطلاقه بـ 365 يومًا حيث من  المقرر إطلاق الدورة  الجديدة الـ(27) سبتمبر 2026،  وتم اختيار الفنان معتز نصر قوميسير الدورة  التى ستعقد تحت شعار «هذا أيضًا سيمر - This Too Shall Pass».

 

 

 

معرض مفتوح 

تتبنى الدورة الجديدة (27) رؤية شاملة للفن بأن الفنون ليست مجرد عرض جماليات بصرية، بل أداة لبناء الوعى  المجتمعى، وتجديد علاقة الفن بالمجتمع التى تراجعت فى الآونة الأخيرة. لذا سوف تخرج الفعاليات من قاعات العرض النمطية والمتاحف إلى الجمهور بالشوارع والمبانى التاريخية والحدائق العامة، لتصبح الإسكندرية كلها معرضًا مفتوحًا يشارك فيه الجمهور. وإن عام 2025 مخصص لإقامة فعاليات تمهيدية مرتبطة بالحدث وصولًا إلى البينالى فى سبتمبر 2026. بحسب تصريحات وزير الثقافة بالمؤتمر الصحفى. 

 وتم اختيار حوالى 16 موقعًا لتكون كسيناريو للعرض البصرى، من بينها مواقع أثرية كالمسرح الرومانى وحديقة الشلالات - النبى دانيال، والمؤسسات العامة كمركز الإبداع - بدار الأوبرا (مسرح سيد درویش)- متحف الفنون الجميلة - المتحف اليونانى الروماني- مكتبة الإسكندرية، والمساحات العامة المفتوحة كميدان محطة القطار- ميدان يونانى روماني- میدان سعد زغلول- الكورنيش- حديقة نوبار- والمساحات الخاصة كوكالة أجيون- بيت قرداحي- المركز الفرنسى .

ولكى تتحقق هذه الرؤية الطموحة ويخرج البينالى بشكل يليق بعروس المتوسط وعد  محافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد بتقديم الدعم اللا محدود لإنجاح البينالى.

 وقال  الدكتور وليد قانوش رئيس قطاع الفنون التشكيلية، ورئيس عام بينالى الإسكندرية: إن البينالى بصورته الجديدة ليس مجرد معرض بل مختبر حى للفن تتلاقى فيه خبرات الفنانين المحليين والدوليين ويندمج فيه التراث مع الممارسات الحديثة. 

واختار الفنان معتز نصر قوميسير الدورة الجديدة للبينالى شعار «هذا أيضًا سيمر»، مقولة جدلية محملة بالعديد من التأويلات الفلسفية والإنسانية والحياتية، قد تعنى أنه بغض النظر عما نمر به يجب ألا نسترسل كثيرًا فى مشاعرنا السعيدة أو الحزينة لأن كليهما سيمر، وأن كل تجاربنا مؤقتة ولا تدوم إلى الأبد. 

ونسج حول هذه المقولة العديد من الأساطير منها حين طلب ملك فارسى من أحد الرعايا أن ينقش له خاتمًا عليه عبارة تصلح لكل الأوقات,  فإذا قرأها وهو سعيد سيصبح حزينًا، لأن الأوقات الحلوة انتهت، وإذا قرأها وهو حزين بسبب موقف ما فإنها سوف تبعث فيه الأمل وتجعله يتجاوز الموقف. 

وبعد ستة أشهر جاء إليه الخادم ونقش على الخاتم عبارة « هذا أيضًا سيمر» . 

جعلنا الفنان معتز نصر شغوفين لمناقشة هذا الشعار فنيًا بفتح مساحات للحوار بين المثقفين والمبدعين والنقاد حول تجاوز الفن كل التحديات الزمنية من أجل بقائه واستمراريته ومرونته فى تقبل كل الممارسات الفنية دون قيود . 

ملاحظات واقتراحات 

مع الشكر لكل القائمين على تنظيم المؤتمر الصحفى، لكن من واقع احترامى لجهود الكل أعلم أن فى العمل الجماعى قد تظهر بعض الأخطاء غير المقصودة ومن واجبنا سردها من أجل المصلحة العامة. 

فعلى بوابة مركز الحرية للإبداع بالإسكندرية شارع طريق الحرية حيث المؤتمر الصحفى، وضعت بانرات على الجانبين مكتوبًا عليها «بينالى الإسكندرية الدورة الـ(27)»، ومطبوع لوجو الدورة. 

 البانر الأول يسارًا طبع بالطول فظهرت خريطة الإسكندرية مقلوبة كأنها مدينة أخرى، والكتابة تُقرأ لغويًا لأنها نظمت على اعتبار أن الخريطة وضعها صحيح، أما البانر الثانى يمينًا طُبع بالطول أيضًا وظهرت خريطة الإسكندرية صحيحة وحذف جزء منها. فالمعتاد أن خريطة الإسكندرية (عريضة) حتى يسهل للجمهور والعامة إدراكها، وبما أننا سوف نخرج بالفن إلى الجمهور فكيف نخاطبهم بالفن وأبسط الأشياء تحتاج لتصحيح، فالاختيار الخاطئ للطباعة الطولية للبانرات تسبب فى وجود تلك الإشكالية البصرية.   

وبالعودة إلى أرشيف البينالى وجدنا أن تيمة الدورة الجديدة (27) المقرر إقامتها سبتمبر 2026 استلهمها المصمم من تيمة الدورة الأولى للبينالى التى صممها الفنان «عزت إبراهيم»، فقد اعتمد على رسم خريطة الإسكندرية بشكلها المعتاد (عرضى) ملتزمًا بكل تفاصيل الخطوط المتعرجة تماشيًا مع الحدود الجغرافية للإسكندرية وما يحيط بها من دول البحر المتوسط، ومع الخريطة أدخل بالتة الرسم وفرشاة. 

أما تيمة الدورة الجديدة (27) اكتفى المصمم بخريطة الإسكندرية ونفذها بشكل معاصر تجريدى هندسى مبسط ومختزلًا كل التفاصيل وهذه رؤية خاصة له .

وترتب على الطباعة الطولية للبانرات تكرار الخطأ، فالدعاية التى وزعت بالمؤتمر على الحاضرين جميعها مطبوعة الخريطة المقلوبة، وعلى الجانبين من منصة المتحدثين بالمؤتمر نفس البانرات، فيما عدا البانر الموجود كخلفية المتحدثين بالمؤتمر جاء بوضعية عرضية صحيحة تمامًا «تصميمًا وكتابة» ولكن.. عملًا بشعار البينالى أن «هذا أيضًا سيمر» كانت هذه ملاحظاتنا.

وعلى خلاف كل ما سبق يجب الإشادة بالملف الصحفى الذى جاء على درجة كبيرة من الإتقان والحرفية والمهنية بدءًا من الالتزام الكامل بوضع خريطة الإسكندرية بشكلها الصحيح والكتابة المتسقة تمامًا بالهوية الجعرافية للإسكندرية، وصولًا بالمادة والمعلومات التى كتبت أيضًا بنفس الاتجاه العرضى وما يؤكد مدى دقة القائمين على إعداد الملف.

أخيرًا فمن اطلاعنا على أرشيف هيئة البريد المصرى وجدنا اهتمامًا بالمشاركة فى الفعاليات الثقافية المحلية والدولية وتوثيقها وعلى مدار دورات بينالى الإسكندرية طبعت هيئة البريد طوابع توصلنا إلى بعضها  (الثالثة - الرابعة - السابعة - الثامنة - التاسعة - الثالثة عشرة)، وصمم بعضها الفنان الكبير «سيف وانلى»، ونعلم أن انتهى عصر التعامل البريدى إلا أن الاحتفاء بالجانب الأرشيفى التوثيقى للبينالى يمكن أن يتم بالتواصل مع هيئة البريد للمشاركة بشكل رمزى، مع مشاركتها بالدورة الجديدة الـ27.