الأربعاء 9 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عريف حماد سليمان أحد أبطال الصاعقة فى معركة وادى سدر:

قائد اللواء الإسرائيلى كان مختبئًا خلف صخرة.. وكنا شوكة أمام الإسرائيليين طوال الحرب

بطل من نار.. ولم لا يكون؟ وهو فرد مقاتل من قوات الصاعقة المصرية. لم يكتف العريف حماد سليمان بأن يكون صاحب المهمة الواحدة فى حرب السادس من أكتوبر، ففضلا عن كونه أحد أبطال معركة «وادى سدر»، كان مكلفًا بأعمال التمريض وإسعاف أفراد سريته، وكان ساعيًا للكتيبة بفضل سرعته الفائقة كونه بطلا للجمهورية فى الجرى والوثب.. التقينا البطل العريف حماد سليمان.. وكان الحوار كالتالى:



قال لى العريف حماد سليمان حسن أحد أبطال معركة مضيق وادى سدر: مهمتى لم تبدأ فى السادس من أكتوبر، بل بدأت منذ اليوم الذى التحقت فيه بسلاح الصاعقة فى القوات المسلحة، وكان عمرى آنذاك 21 عامًا. تدربت لمدة 3 شهور بفرقة الصاعقة والتحقت بالكتيبة 143 صاعقة، وظللت بها حتى انتهاء الحرب فى 1973.

يتذكر العريف حماد سليمان تفاصيل حرب الاستنزاف فيوضح: تدربت فى سلاح الصاعقة على كيفية أن أتواءم مع أقسى الظروف فى الصحراء، والتغلب على كل الصعوبات والتعايش تحت ضغط كبير، وبعد التأكد من جاهزيتى، شاركت فى حرب الاستنزاف، فالتحقت بمهام عديدة لحماية المطارات، وشاركت أيضًا فى إحدى المعارك بالقرب من كوبرى الفردان، وفى كل معركة من معارك حرب الاستنزاف كنا نصبح أقوى، وأكثر جاهزية، وأكثر استعدادًا للمعركة الكبرى، فكنا أنا وزملائى نحلم دومًا باليوم الذى نعبر به ونخلص أرضنا من الإسرائيليين، بعد أن تدربنا على كيفية العبور، والتعامل حتى فى حال عدم وجود أسلحة.

وعندما صدرت لنا الأوامر قبل الحرب بساعات قليلة، لم أصدق نفسى وحضنت زملائى، وأقسمنا على ألا نعود إلا ونحن منتصرون أو شهداء، ففى يوم 6 أكتوبر الساعة السادسة صباحًا، فوجئنا بقائد الكتيبة يزورنا ويصافحنا فردًا فردًا، ثم طلب منا التحضر للمعركة ونحن صائمون.

 

 

 

إبرار جوى

حكى لى العريف حماد تفاصيل مهمته فى حرب أكتوبر وبالتحديد معركة وادى سدر: جاءت الساعة الثانية ظهرًا يوم 6 أكتوبر، فبدأت قواتنا الجوية المصرية بالضربة الحاسمة، فقمت مع زملائى بالعبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس أثناء ضرب المدفعية التى كانت تؤمن ظهورنا، وكانت سريتى مكونة من 3 فصائل كل فصيلة منقسمة إلى مجموعتين، وكنت أنا فى آخر مجموعة ومهمتها كانت تأمين السرية.

ويوضح: كانت المهمة الموكلة لنا هى إغلاق مضيق وادى سدر ومنع العدو من التدخل فى أعمال قتال الجيش الثالث، وإمدادهم بأى عتاد، وقد بدأت مهمتى عندما تحركنا من منطقة الجبل الأحمر، وحملتنا الطائرات طبقًا للأوامر، وقمنا بالإبرار فى منطقة خلف خطوط العدو تسمى «بئر أبو جراد» وترجلنا لمدة 6 كيلو على الأقدام حتى وصلنا مضيق بئر رأس سدر الذى كان يبعد عن قناة السويس بحوالى 80 كيلومترا. وبالفعل قمنا بتجهيز أسلحتنا، والتزم كل فرد منا فى موقعه حسب الخطة.

 فى تلك الأثناء أبلغتنا قوات الاستطلاع فى الكتيبة باقتراب القوات الإسرائيلية من المضيق، فرصدنا لواء مدرع وحاملة جنود وعربتين محملتين بالجنود و3 دبابات، فقمنا على الفور بالإجهاز عليها، واستخدمنا الأسلحة والذخيرة وأغلقنا الممر، واشتبكنا معهم من الصباح الباكر حتى المغرب.

 والحمد لله نجحنا فى تنفيذ المهمة، وكنا كالشوكة أمام اللواء الإسرائيلى، ولم يستطع التحرك كيلو واحد للأمام، فقد بدأت المعركة من يوم 7 واستمررنا مرابطين فى مكاننا حتى 17 أكتوبر.

تشتت العدو

وصف لى العريف حماد مشاعر الذعر والخوف فى عيون الجنود والضباط الإسرائيليين، فلم يتوقعوا حجم الهزيمة التى ألحقناها بهم، حتى قائد اللواء الإسرائيلى أصابه خوف وتشتت، فترك مقدمة اللواء، واختبأ خلف صخرة كبيرة، لكننا كنا متعقبين له، ففجرناها، وقتل تحتها.

يستكمل العريف حماد حديثه مؤكدًا بأنه كان لديه عدد من المهام فضلا عن المهمة الرئيسية فى مضيق رأس سدر أثناء المعركة، وهى أعمال التمريض وعلاج الجنود فى السرية حيث تعلم فى الصاعقة كيفية القيام بالإسعافات الأولية، كمنع النزيف، والتعامل مع الكسور حتى وصول المساعدة.

أما المهمة الثالثة فكانت ساعى المعركة، بمعنى أن يقوم بتوصيل المعلومات والأوامر من قائد الكتيبة إلى مسئولى السريات وقوادهم، لأن اللاسلكى يكون فقط مع رئيس العمليات، وقد تم اختياره لهذه المهمة لأنه كان الأسرع، فقد كان بطلا للجمهورية فى الجرى والوثب لمسافات طويلة.

 

 

 

ويؤكد البطل حماد سليمان: لم نكن نهتم لأمر الأكل لأن طعم النصر أنسانا كل شىء، فضلا عن مساعدة بدو سيناء، فكانت وجبتنا بسكوتة كل يوم وأحيانا عدة بلحات، فضلا عن الأفاعى والجراد الذى تعلمنا التعامل معه فى قوات الصاعقة، لكن الماء نفذ بعد أن استمرينا فى موقعنا؛ فكان البدو يقومون بتهريب المياه فى براميل البنزين لأن الإسرائيليين كانوا يفتشونهم حتى يتتبعوا موقعنا، وكنا نشربها بطعم البنزين، واستمررنا على هذا الحال حتى جاءت لنا الأوامر بالعودة.

سألته عن شعوره بعد مرور 51 عامًا، فقال لى: مهمتى فى حرب أكتوبر ومشاركتى زملائى فى تحرير الأرض، واستعادتها والنصر على العدو الذى ظن أنه لن يُهزم هو أهم حدث فى شريط حياتى، وعندما أقابل الله ستكون رأسى مرفوعة لأنى جاهدت فى سبيله وفى سبيل الوطن.