ماهيتاب من أفضل 100 شخصية مؤثرة فى العالم
حلاوة بنات «كفر البطيخ»
حوار رانيا الفقى
هنا قصة كفاح عالمة مصرية حصلت على كثير من الجوائز فى مجالها.
قصة الأمل والتحدى ترى خلالها فصولا كثيرة من رحلة كفاح ماهيتاب محمود التى خاضت تجربة صعبة من أجل مستقبلها فى مجال البيئة.
حققت نجاحات كبيرة خارج مصر، لتكون أول مصرية حاصلة على ماجستير علوم البيئات المائية التطبيقية من أجل الاستدامة من معهد «ديلفت» لعلوم المياه والهندسة البيئية بهولندا، ولقبت فى ألمانيا «ببطلة إعادة التدوير».
فى البداية تقول ماهيتاب:
ولدت فى كفر البطيخ بمحافظة دمياط، وكنت شغوفة بالعلم من الطفولة وإشباع الرغبة فى التعلم، أهوى الرسم ومازلت أمارسه، وأخذتنى الحياة للدراسة.
تكمل: كان حلم والدى أن ألتحق بكلية الهندسة، ولأنى كنت محبة للعلوم التحقت بكلية العلوم ولم ألتحق بالهندسة وكنت سعيدة بالدراسة بكلية العلوم، فى الكلية درست النبات والميكروبيولوجى، وبعد التخرج مباشرة أردت السفر للحصول على منحة دراسية، وطلبت المساعدة من أحد الأساتذة للتقديم فى منحة، ولكن الرد كان صادما: «أنتى متنفعيش روحى اتجوزى»، وبدأت الضغوطات من أهلى وهو ما رفضت الاستسلام إليه، وتمر السنين ويثبت القدر بأنى قادرة وأحصل على منحة للماجستير من الحكومة الهولندية وبعد سنين أثبت أنى قادرة وأصلح لهذا العلم.
وتتابع بقولها: شعرت بإحباط بسبب عدم تصديق الآخرين لى، وكان يوجد ضغط شديد من حولى للزواج، ولكن إشباعا ورغبة فى العلم، قدمت دراسات عليا فى دمياط وعملت مساعد باحث فى كلية العلوم، وكنت بحضر الماجستير فى تخصص البيئة النباتية، وبعدها عملت فى مجالات الاستشارات البيئية والمواقع الإنشائية لشركات البترول، وبعد فترة تم تعيينى من ضمن حملة الماجستير والدكتوراه فى وزارة البيئة.
«مهيتاب» ترى أنه من حسن حظها:
تقابلت مع أحد زملاء العمل الحاصلين على الدكتوراه فى ألمانيا، وشجعنى للسفر للخارج، وبالفعل قدمت فى منحة كباحث مساعد فى جامعة كولونيا التقنية وإدارة الموارد فى المناطق المدارية والمنحة كانت ممولة من الخارجية الأمريكية، وهناك عملت على تطوير برامج «سمارت فون» يستخدمها المجتمع المحلى لمراقبة جودة المياه فى مقاطعة «شمال الراين الفستفالى» الألمانية.
أما عن فكرة إنتاج الوقود الحيوى من الزيوت فجاءت بعد عودتى من ألمانيا, إذ وجدت أزمات فى الوقود وأسعار البنزين المرتفعة، فقررت العمل على إيجاد طاقة بديلة من مخلفات الزيت، لخطورة الزيوت المستعملة وضررها بالبيئة والمواطنين، وفكرت فى إنتاج وقود حيوى من الزيوت المستعملة من خلال تجميعها فى زجاجات بلاستكية وعند وصولها لنحو 4 لترات، يملأ صاحب المنزل استمارة على فيس بوك ومن ثم التواصل مع أحد أعضاء المبادرة لترتيب زيارة وجمع الزيوت من المواطنين مقابل مبلغ مالى، ونجحت المبادرة ولاقت إعجاب الكثيرين من الناس، وكان هدفنا حماية الناس من الزيوت ونحمى البيئة من التلوث وهذا دفعنا للاستمرار. وقد فازت تلك المبادرة بجائزة من المعهد السويسرى باستكهولم كواحدة من أفضل المبادرات المجتمعية الخضراء فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط والسويد.
وعن كواليس حصولها على لقب «بطلة إعادة التدوير» قالت مهيتاب:
قدمت فى مسابقة فى ألمانيا وكان مشروعا قائما على إعادة تدوير المخلفات بعد تأسيس مبادرة تدوير الزيوت، وتأهلت لنصف النهائى وعرض المشروع على مستثمر ألمانى وقبله ومن هنا حصلت على لقب «بطلة إعادة التدوير» ثم ترشحت لجائزة علماء العلوم البيولوجية وهى تمنح لأول مرة للباحثين الشباب المتميزين فى مجال البيئة، وحصلت على منحة من الحكومة السويسرية 6 أشهر فى قسم الصرف الصحى والمياه والمخلفات الصلبة من أجل التنمية المستدامة وعملت كباحث زائر فى سويسرا بالمعهد الفيدرالى السويسرى لتقنيات المياه رقم 1 فى أوروبا، فى قسم الكيمياء البيئية وكنت مسئولة عن تصميم برنامج لاستخدام التقنيات الصناعية والاستشعار من بعد فى تقييم الآثار الخطيرة للكيماويات الزراعية، وتأثيرها على موارد المياه السطحية، وكنت المديرة للمشروع البحثى ومشرفة على 4 متخصصين فى مجال البيئة وأخذت جائزة من معهد «إيسموسيت».
وتستكمل: سافرت إلى فيتنام كاستشارى بيئى فى تقييم المخاطر البيئية للمبيدات الحشرية للمناطق الريفية والجبلية فى فيتنام، وهناك قمت بقيادة فريق من الخبراء للقيام بأعمال المسح الحقلى اللازمة لتعريف مصادر التلوث بالمبيدات الزراعية وطرق وصولها لموارد المياه السطحية، والبحث تم تطبيقه فى محافظة «لاوشو» وهى منطقة جبلية على الحدود الصينية معروفة بالنشاط الزراعى الكثيف ويصل ارتفاعها إلى أكثر من 3000 متر فوق سطح البحر.
العالمة المصرية ماهيتاب محمود تتحدث عن سفرها لأمريكا وتقول:
عملت على مشروع كاليفورنيا وهو استعادة أرض رطبة تم تجفيفها وتحويلها لأراض زراعية ما يؤثر على هذه المنطقة فى استقبال الفيضانات، وتم استعادة 3600 فدان فى إحدى المناطق وهو أكبر مشروع لاستعادة موائل المد والجزر حتى الآن ويتم تنفيذه من قبل الموارد المائية بكاليفورنيا».
وعن حصولها على جائزة «تيك وومن» قالت: فى مايو الماضى تم اختيارى من معهد التعليم الدولى بواشنطن للانضمام لبرنامج سيدات التكنولوجيا، من بين 4 آلاف متقدم، ليقع الاختيار على 3 سيدات فى مجال العلوم ومجال التكنولوجيا، وأفوز بالزمالة كرائدة وقيادية فى مجال التكنولوجيا الخضراء الصديقة للبيئة.
تلقيت دعوة بعدها من وزارة الخارجية الأمريكية فى واشنطن لحضور حفل تكريم بصفتى القيادية الناشطة الفائزة بزمالة سيدات التكنولوجيا، وتم اختيارى من أفضل 100 سيدة مؤثرة حول العالم.
أما عن تأقلمها مع مجتمع مختلف العادات تقول إنها: فى المقام الأول قامت بالاستعداد بالمعلومات الكافية عن الحياة بالخارج عن طريق القراءة عن المجتمع الذى أنوى العمل والعيش به قبل السفر وكذلك متابعة المغتربين الذين يعملون بنفس المجال على وسائل التواصل الاجتماعى والتواصل معهم لأى استفسار عن بعض النقاط التى تحتاج إلى توضيح عن طبيعة الحياة، ثم بالخبرات السابقة من السفر فى أكثر من دولة، فكما يقال دائما المِحَن تأتى بالمِنَح. ثم بوضع الهدف من السفر دائما صوب أعيننا حتى نستطيع شحن طاقتنا للعودة للعمل من جديد إذا أصابنا الإحباط. ودائما وأبدا الاستعانة بالله والدعاء بالتوفيق والسداد».
عن الصعوبات التى واجهتها فى الغربة، تقول: ربما لأنى سافرت وعشت فترة طويلة فى أوروبا فعندى من الخبرة الكثير فى كيفية مواجهة الاختلافات والصعوبات فى الحياة.. فى أمريكا كنت أسكن فى مدينة صانيفال التى تبعد حوالى الساعتين بالقطار عن كاليفورنيا حيث كنت أعمل وهى إحدى المصاعب التى واجهتها هناك كذلك يجب أن أعترف أن نظام الضرائب الأمريكية هو الأكثر تعقيدا، كذلك وجود الكثير من المشردين فى الشوارع ووسائل المواصلات ما يستدعى أخذ الحذر الشديد حين السفر والتنقل خصوصا فى الليل، ربما تقدم أوروبا وأمريكا فرصا أفضل للحياة العملية وجودة أفضل للحياة بشكل عام ولكن تظل مصر فى دمائنا ونظل نشعر أن انتماءنا الوحيد إليها فهى العائلة والأصدقاء ودفء الأعياد والمناسبات والبلد الذى نسعى لنطبق به كل ما تعلمناه واكتسبناه من معيشتنا فى الدول الأخرى حتى تتقدم للصدارة التى تستحقها. وأنا سعيدة بأن حصيلة ثمانية سنوات من المثابرة والعمل الدؤوب فى مصر وخارجها فى أمريكا، هولندا، السويد، سويسرا، ألمانيا وصلت بى أن أكون الآن ممثلا عن السلطة الوطنية المعتمدة من صندوق المناخ الأخضر بكوريا الجنوبية.