الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رهانات «خراب البيوت»؟!

عرفت المراهنات الإليكترونية طريقها للشباب، وأصبحت تنتشر يومًا بعد يوم كالسرطان، وهى لا تقتصر فقط على محبى كرة القدم، بل هناك من لا يتابعون كرة القدم.



 

ومؤخرا زاد الحديث فى المقاهى، وفى المواصلات عن هذه اللعبة التى تغريهم بفكرة الربح السريع وبعد ذلك تتوالى الخسائر، حتى أصبحت حديث الشباب اليوم.

 وكان أحمد حسام (ميدو) نجم نادى الزمالك والمنتخب الوطنى السابق لكرة القدم أثار هذه القضية حين أعلن فى تصريحات تليفزيونية أن نجله الذى لم يبلغ بعد سن الرشد، يمارس لعبة المراهنات.وقال عرفت بموضوع المراهنات بعد أن اكتشفت أن أحد أبنائى معه مبلغ ألفين جنيه إضافة إلى مصروفه، وحين سألته من أين حصل على هذا المبلغ؟ أبلغنى أنه يراهن على المباريات عند كشك سجائر!

وأضاف: أحد مواقع المراهنات متاح مجانا فى مصر، ويوجد أولاد عندهم 12 سنة يشاركون فى المراهنات محذرًا من موقع منتشر بين الأطفال والمراهقين خلال هذه الفترة، يستغلهم فى لعب القمار، وهناك آلاف الشباب الذين باتوا يراهنون بشكل شبه يومى على المباريات إليكترونيًا.

 

ريشة: خضر حسن
ريشة: خضر حسن

 

مواقع المراهنات الرياضية، وهى مواقع تعتمد على توقع نتائج مباريات كرة القدم، أو غيرها من الألعاب الشعبية وهى متاحة للجميع ولا تقتصر على الخبراء ولا أصحاب المعلومات الرياضية فقط، لأنها تحتوى على معلومات مغرية عن الفرق والمباريات، وإحصائيات وأحدث التوقعات، كل ذلك للحصول على أموال نتيجة التوقع الصحيح. ألعن من الهيروين

التقينا ببعض الشباب الذين تكبدوا الخسائر ليتحدثوا لنا عن هذه اللعبة.

قال محمد على 22 سنة عن المراهنات: أقسم بالله أسوأ حاجة فى الدنيا وخراب بيوت موضوع سيئ وأتمنى محدش يجربه، أنا خسرت 150 ألف جنيه وأكتر، ده بلاء من ربنا بس المشكلة فعلا إن فى كوارث بسبب اللعبة دى والفلوس مش فلوسى أنا مديون بيها اللى عرفنى عليها واحد صاحبى أول يوم لعبتها وصلت إلى 23 ألف جنيه من 20 جنيها وفضلت ألعب لحد ما فضل معايا 3000 جنيه وفضلت مكمل لعب سحبت 3000 جنيه وخسرتهم ثانى وابتديت أشحن من معايا 50 وكل يوم على هذا الوضع فصاحبى قال الأرقام الصغيرة بتخسر إحنا نشحن بمبلغ كبير، عملت كده وبالفعل خسرت تانى والموضوع فضل على كده».

«بعد كده أكسب مرة وأخسر 10 مرات والمشكلة اللعبة شغالة على خوارزميات تشتغل ربع ساعة وتقف نص ساعة وتفضل تخسر وبتفضل تقنع نفسك أنك هتعوض وتخسر، اللعبة دى تخليك تبيع هدومك واستلفت فلوس من الناس أنا عندى 22 سنة واتدمرت حياتى ومهدد بالحبس كمان».

أما أحمد عبد الفتاح أحد الذين سقطوا فى بئر هذه الألعاب فقال: المراهنات دى ألعن من الهيروين، وبمجرد دخولك المجال ده بتحكم على نفسك بخراب البيت وممكن توصل التسول أو السرقة».

يكمل: «لو مرت عليا حكايات أصحابى اللى باع الذهب واللى باع حاجة من جهازه، كل ده بسبب البرنامج بتاع المراهنات».

 

 

 

يكمل: «الأول بتدخل بمبلغ صغير بتكسب والطمع بيزيد فى عينيك تفضل تلعب فتخسر فترجع تشحن تانى علشان تكسب وتعوض خسارتك وأنت مش عارف إنك هتفضل تخسر أنا نفسى وقعت فى نفس الحوار ده وخسرت ما يعادل من 50 ألف جنيه لكن فوقت بعدها وبعدت عن اللعبة ممكن أكون متواجد فى الجروبات لكن لتحذير الشباب فقط».

ويستكمل قائلا: «أنا دخلت بسبب إعلان كان موجود على فيسبوك وفى ناس كتير دخلت زيى أنا كنت نازل من إحدى البلاد العربية إجازة ورايح أسحب فلوس لقيت واحد بيشحن برنامج المراهنات من السنترال، الموضوع انتشر لكن فى صمت علشان ناس واخدة فلوس كثير».

ويوضح أحمد: «البداية شحن بـ20 جنيها وطبعا فى الإعلان بيبقى فى طريقة الشحن واللعب وكل حاجة علشان ما تتغلبش فى الأول كسبت وصلت لـ2000 جنيه وخسرت رحت شحنت بـ 50، كنت بكسب وأخسر وصلت 2000 خسارة فى شهر، لكن بعد كده كل شهر الخسارة بتتضاعف مرة فى مرة بس مع مرور الوقت بتخش فى مرحلة نفسية سيئة وإدمان ممكن طول اليوم تلعب على البرنامج وتفقد تركيزك فى شغلك وحياتك وده كان بيحصل معايا.

الحاجة الوحيدة الحمد لله ما وصلتش لها زى بعض الناس هى التسول علشان اللعب بسببه خسرت فلوسى وتعبت فيها ساعات ما كنتش بلاقى مصاريفى بسببها».

يكمل: «فى جروبات خاصة لمنصات المراهنة على فيسبوك وتليجرام، وأنا وصلت لمرحلة إن أجلد فى ذاتى، وأكلم نفسى علشان البرنامج ده».

ويحذر أحمد: «الإعلانات الممولة شيطان متحرك وقنوات التليجرام والفيسبوك والإعلانات بيبقى فيه لينك القنوات ومعاه سكرين للأرباح وهمية علشان يدخلك المجال».

دمرت حياتى

أما مصطفى سيد 21 سنة من العمرانية عامل بأحد المصانع مرتبه الشهر 3000 آلاف جنيه، زميله فى العمل كسبه 2000 جنيه فى يوم، كما قال لذلك جذبته برامج المراهنات الإليكترونية.

قال مصطفى: اللعبة دى أول مرة لعبتها كنت فى الشغل لقيت واحد صاحبى بيقول لى تعالى نتراهن فى 1xbet قلت له تمام هنكسب؟ قالى هتكسب فلوس كثير شحنت بـ 100 جنيه وأنا قاعد فى الشغل وبسمع الماتش، كانت حاجة مسلية يعنى أنا بشتغل وفى نفس الوقت بنسمع ماتشات، وأنا فى نفس الوقت ما كنتش متابع كورة ولا عمرى اتفرجت على ماتش كورة شحنت بـ100 رجعت 2000 جنيه فى يوم واليوم بتاعى فى الشغل بـ100 جنيه بعد كده سحبت الفلوس وصرفتها وسبت 400 جنيه، تانى يوم كسبت 100و خسرت الـ 100 وبعدها 100 وخسرت بقيت اشتغل وأصرف».

 

ريشة: جون مراد
ريشة: جون مراد

 

 يوضح: «جابت رجلى وفى حاجات اسمها كازينو وكوتشينه وماتشات وتلعب ورهانات، وفضلت أخسر لحد ما فلست فسبت اللعبة وحذفت البرنامج واتخنقت منها».

من جانبه قال محمود ناصر: كنت بلعب على تطبيق مراهنات 1xbet وخسرت مبلغا كبيرا، اللعبة دى دمرت حياتى لأبعد الحدود.

وأضاف: «بدأ معايا من وقت نزول التطبيق وأنا كنت سامع عنه، فكنت قاعد مع واحد صاحبى بالصدفة فقالى أنا بلعب على التطبيق ده وفى فلوس حلوة خش وجرب.. ما كنتش مقتنع لكن خدنى الفضول ونزلت التطبيق وسجلت بالفعل وشحنت وأول مرة بـ 300 عادى خسرت أول ما شحنت رجعت تانى شحنت فى نفس اليوم بألف، وبدأت نفسيتى تتدمر من وقت ما خسرت».

«مرة  كسبت فى يوم واحد 2300 رجعت شحنت بـ50 جنيها تانى كسبت 1200 الموضوع بدأ بالغرور وخلاص هعوض مشيت معايا ثلاث أيام كل يوم كنت بكسب 2000 أو 1500 وفضلت مكمل فى الموضوع فكان معايا 19 ألف جنيه حطيتهم فى اللعبة دى وكملت، وطلعت فى اليوم ده بـ50 ألف جنيه فضلت أكمل وعامل استراتيجية شغالة عليها ومكمل فيها بدأت أحط ألف ثانى أخسره، ورجعت خسرت الـ50 ألف اللى كسبتهم».

يؤكد محمود: الموضوع ده كان تجربة سيئة جدًا وأتمنى ما حدش ياخد التجربة دى بصراحة أنا طبعا بعد ما خسرت المبلغ ده وعد بينى وبين ربنا مش هلعبها تانى ومش هكمل فيها تانى وخلاص الحمد لله ما كملتش تانى، حياتى خربت بسببها وبعدها سبت شغلى مع أنه كنت باخد مرتب كويس جدا وكنت بلعب جيم وداخل على بطولة، وفعلا هى أبشع من الإدمان».

 

 

 

خسائر كارثية

أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسن الخولى قال: هذه من أكثر الأوجه السلبية لوسائل التواصل والألعاب الإلكترونية الهدف من إغرائهم وفى النهاية بنكون ضحية لهذه الألعاب ولا بد أن تقاوم بكل الطرق ورقابة عليها من الأسر خوفا على أولادهم».

وأما عن سبب انتشار ظاهرة المراهنات داخل مجتمعاتنا، قال: «الرهانات ترتبط بما يسمى ثقافة المسابقة أو الربح السريع، ومع توفر شبكات التواصل تسهل على الشباب تحميل اللعبة لأن الربح داخل اللعبة يجذب الجميع بدون عمل ودون تعلب، وخاصة الشباب الذين يبحثون عن الربع السريع». 

من جانبه أكد الدكتور جمال فرويز الخبير النفسى: أن خسائر إدمان المراهنات الإلكترونية تكون كارثية فى بعض الحالات، لأن بعض المراهقين يلجأون إلى السرقة للحصول على المال والتمكن من المراهنة على هذه المواقع، أما فى الشباب الأكبر سنا فتصل خطورتها إلى تكبد خسائر مادية فادحة، والتورط فى عمليات نصب، وترك العمل، وتراكم الديون.

ويتابع: «الشخصيات التى تلجأ لهذه المواقع شخصيات سلبية عندهم لا مبالاة، وعدم اهتمام بتصرفاته، ليس لديهم مشاعر ولا أحاسيس، وبالتالى يقنعون أنفسهم بالمكسب السريع وتعويض الخسارة خصوصا أنه يوجد بعض من الشباب تروج بأنهم يكسبون مكاسب ضخمة وكأن أصحاب هذه الألعاب مجنونة وجاية تصرف علينا»!

ويؤكد فرويز أن هناك برامج علاجية فى مصر لمدمنى المراهنات، وأن جلسات العلاج السلوكى والنفسى تعطى نتائج رائعة، والمشكلة الأساسية تكمن فى اضطراب الشخصية وبمجرد علاجه والسيطرة عليه يتعافى الشخص نهائيًا.

وتصدت دار الإفتاء بشكل واضح وصريح لفكرة المراهنات إذ أكدت أن المراهنة هى شكل من القمار، وقال الدكتور إبراهيم نجم – مستشار مفتى الجمهورية، والأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم- إن الشرع حرم المقامرة والميسر والمراهنات التى تعد من قبيل القمار، وورد النهى فى القرآن الكريم فى سورة المائدة، يقول الله تعالى: «يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمرُ والمَيسِرُ والأَنصابُ والأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِى الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ».

وأوضح مستشار مفتى الجمهورية أن «الميسر» هو «القمار» بكافة أنواعه وأشكاله كما ذكر العلماء، وما يقوم به بعض الشباب من المشاركة فى الرهانات الإلكترونية والتكهنات الرياضية التى تتطلب دفع مال فيها بأن يتراهن شخص على شىء يمكن حصوله كما يمكن عدم حصوله، فيقول أحدهما للآخر: إن حصل كذا فلك عليَّ كذا، وإن لم يحصل فلى عليك كذا، فهو أمر محرم شرعًا وهو من باب الميسر الذى نهى الله سبحانه وتعالى عنه.

وأضاف: «أما المسابقات التى لا تتطلب دفع مال فيها جائز شرعًا إذا كان المتسابِق يبنى توقعه على دراسات وتحليل منطقى».

وأشار د. نجم إلى أنه من المخاطر المجتمعية لانتشار هذه المراهنات أنها تؤدى إلى خسران الشباب ومن يشاركون فيها لأموالهم وتثير الضغائن والأحقاد بينهم، كما أنها قد تسبب نوعًا من الإدمان الذى يؤثر على حياة الشخص ويفسد علاقاته الاجتماعية.

 ووجه مستشار مفتى الجمهورية نصيحة إلى الشباب ومن يشاركون فى المراهنات الرياضية أن يتجنبوا هذه الممارسات التى تنهى عنها الشريعة الإسلامية كونها نوعا من المقامرة المحرمة، وأن يستثمروا أموالهم فيما يعود عليهم بالربح المشروع والمال الحلال الطيب.