لا حل إلا الدولتين
استضافت المملكة الأردنية الهاشمية المؤتمر الدولى للاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة، الذى عقد بدعوة مشتركة من الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى بن الحسين وسكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بالبحر الميت، بهدف دعم المجتمع الدولى لجهود الإغاثة الإنسانية فى قطاع غزة، شارك فيه عدد من رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية. وانعقد المؤتمر فى ظل تفاقم الأوضاع بشكل غير مسبوق فى قطاع غزة، وتناول الشق الإنسانى الخاص بمسألة نفاذ المساعدات إلى قطاع غزة، وكيفية مواجهة الكارثة الإنسانية التى يُعانى منها المدنيون بالقطاع، ومن ثم دعم جهود الإغاثة الإنسانية لوكالات الأمم المُتحدة، لا سيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، والمنظمات الأخرى العاملة فى المجال الإنسانى، والمعنية باستلام وتوزيع المساعدات داخل قطاع غزة.
وتشاور الرئيس على هامش المؤتمر مع القادة المشاركين بالمؤتمر حول مستجدات جهود التوصل لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية.
علاقات تاريخية
على هامش انعقاد المؤتمر الدولى للاستجابة الإنسانية الطارئة فى غزة، التقى الرئيس السيسى مع الملك عبدالله الثانى بن الحسين، عاهل الأردن، حيث أكد الزعيمان قوة وعمق العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين الشقيقين، وأعربا عن التقدير لما تشهده العلاقات الثنائية من توافق وتنسيق مستمر بين قيادتى البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
وتضمن اللقاء التوافق على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور تجاه تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، وهو ما تجسد فى الدعوة المشتركة لعقد مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة فى غزة، إيمانًا من الزعيمين بضرورة التحرك الفورى والعاجل لحشد الجهود الدولية لمواجهة الكارثة الإنسانية التى يتعرض لها القطاع، محذرين من التداعيات الخطيرة لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، ومؤكدين ضرورة التوصل إلى وقف فورى ودائم لإطلاق النار فى قطاع غزة وحماية المدنيين.
كما شدد الزعيمان على رفضهما لأى محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، ودعوتهما لتكاتف الجهود الدولية لتحقيق التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذى يضمن إقامة الدولة الفلسطينية، ذات السيادة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
الأعباء الإنسانية
فى كلمته لمؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة فى غزة قال الرئيس السيسى:
أتوجه بدايةً بالشُكر للمملكة الأردنية الشقيقة على استضافة هذا المؤتمر المهم، وأعرب عن التقدير، لجلالة الملك عبدالله الثانى ومعالى سكرتير عام الأمم المتحدة لجهودهما نحو إنهاء الحرب على غزة، ومحاولة تخفيف الأعباء الإنسانية الفادحة الناجمة عنها، كما أتوجه بالشكر إلى جميع الدول التى استجابت للدعوة لحضور هذا المؤتمر المشترك الذى تشرف مصر بالرئاسة المشتركة له.
وتابع الرئيس: إن أبناء الشعب الفلسطينى الأبرياء فى غزة المحاطين بالقتل.. والتجويع.. والترويع.. والواقعين تحت حصار معنوى. ومادى. مُخجل للضمير الإنسانى العالمى. ينظرون إلينا بعين الحزن والرجاء.. متطلعين إلى أن يقدم اجتماعنا هذا لهم.. أملًا فى غد مختلف.. يعيد لهم.. كرامتهم الإنسانية المهدرة.. وحقهم المشروع فى العيش بسلام.. ويسترجع لهم بعض الثقة.. فى القانون الدولى. وفى عدالة ومصداقية ما يسمى.. بالنظام الدولى القائم على القواعد.
وواصل الرئيس: إن مسئولية ما يعيشه قطاع غزة.. من أزمة إنسانية غير مسبوقة.. تقع مباشرة على الجانب الإسرائيلى. وهى نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية.. ضد القطاع.. وأبنائه.. وبنيته التحتية.. ومنظومته الطبية.. يتم فيها استخدام سلاح التجويع.. والحصار.. لجعل القطاع غير قابل للحياة.. وتهجير سكانه قسريًا من أراضيهم.. دون أدنى اكتراث.. أو احترام.. للمواثيق الدولية أو المعايير الإنسانية الأخلاقية.
وأضاف: لقد حذرت مصر مرارًا من خطورة هذه الحرب وتبعاتها.. والتداعيات الجسيمة.. للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية.. التى أدى المضى قدمًا بها.. إلى إقامة وضع.. يعوق التدفقات الإغاثية.. التى كانت تدخل القطاع بشكل رئيسى من معبر رفح.. ولذلك.. فإننى أطالب من هنا.. وبتضافر جهود وإرادة المجتمعين اليوم.. باتخاذ خطوات فورية وفعالة وملموسة.. لإنفاذ ما يلى:
أولًا: إذ ترحب مصر بقرار مجلس الأمن رقم 2735 الصادر بالأمس 10 يونيو 2024 وبالقرارات الأخرى ذات الصلة وتطالب بتنفيذهم الكامل فإنها تشدد على: الوقف الفورى والشامل والمستدام.. لإطلاق النار فى قطاع غزة.. وإطلاق سراح كافة الرهائن والمحتجزين.. على نحو فورى. والاحترام الكامل.. لما فرضه القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. من ضرورة حماية المدنيين.. وعدم استهداف البنى التحتية.. أو موظفى الأمم المتحدة.. أو العاملين فى القطاعات الطبية والخدمية فى القطاع.
ثانيًا: إلزام إسرائيل بإنهاء حالة الحصار.. والتوقف عن استخدام سلاح التجويع فى عقاب أبناء القطاع.. وإلزامها بإزالة كافة العراقيل.. أمام النفاذ الفورى والمستدام والكافى. للمساعدات الإنسانية والإغاثية.. إلى قطاع غزة من كافة المعابر.. وتأمين الظروف اللازمة لتسليم وتوزيع هذه المساعدات.. إلى أبناء القطاع فى مختلف مناطقه.. والانسحاب من مدينة رفح.
ثالثًا: توفير الدعم والتمويل اللازمين لوكالة الأونروا.. حتى تتمكن من الاضطلاع بدورها الحيوى والمهم.. فى مساعدة المدنيين الفلسطينيين.. والعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن المعنية بالشأن الإنسانى. بما فيها القرار رقم 2720.. وتسريع تدشين الآليات الأممية اللازمة.. لتسهيل دخول وتوزيع المساعدات فى القطاع.
رابعًا: توفير الظروف اللازمة.. للعودة الفورية للنازحين الفلسطينيين فى القطاع.. إلى مناطق سكنهم التى أُجبروا على النزوح منها.. بسبب الحرب الإسرائيلية.
وأردف: إن الحلول العسكرية والأمنية.. لن تحمل إلى منطقتنا إلا المزيد من الاضطراب والدماء.. فالسبيل الوحيد لإحلال السلام.. والاستقرار.. والتعايش.. فى المنطقة.. يكمن فى علاج جذور الصراع من خلال حل الدولتين.. ومنح الشعب الفلسطينى حقه المشروع فى دولته المستقلة.. القابلة للحياة.. على خطوط الرابع من يونيو عام 1967.. وعاصمتها القدس الشرقية.. والتى تحظى بالعضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
واختتم الرئيس كلمته قائلا: أود أن أثمن فى هذا الصدد.. اعتراف دول وحكومات إسبانيا.. وأيرلندا.. والنرويج.. وسلوفينيا.. بالدولة الفلسطينية.. وأدعو باقى دول العالم.. إلى أن يحذوا ذات الحذو.. وأن يقفوا فى الجانب الصحيح من التاريخ.. جانب العدل.. والسلام.. والأمن والأمل.