قوة الإرادة
بسمة مصطفى عمر
واحدة من النماذج المشرفة والملهمة التى أثرت الحياة النقابية العمالية فى مصر، وكُرِّمت من الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء احتفالية عيد العمال 2024، تقديرا لمسيرتها المهنية والعلمية، فهى أحد عناصر التنمية ونهضة المجتمع، ومثال حى لتمكين المرأة المصرية.
منى السيد حبيب، أول امرأة على مستوى التنظيم النقابي، فهى الوحيدة التى تشغل منصب أمين عام نقابة عامة فى نقابات اتحاد عمال مصر، حيث ساهمت بشكل أساسى فى تأسيس النقابة العامة للعلوم الصحية وتوفيق أوضاعها، وبشكل فعَّال فى تأسيس النقابة الفرعية بالدقهلية، فى حوارها الأول لمجلة «صباح الخير» بعد تكريمها من الرئيس عبدالفتاح السيسى قالت إنها تخرجت فى معهد فنى صحى دفعة 1991، وفى عام 2017 حصلت على مؤهلين علميين هما، ليسانس حقوق جامعة المنصورة، وبكالوريوس علوم طبية، تلاهما ماجستير فى الاقتصاد والمالية العامة «اقتصاد سياسى» 2019، ودبلومتا الكيمياء الحيوية الطبية، ومكافحة العدوى فى عامى 2020 و2021 على التوالى، والآن باحثة دكتوراه فى الاقتصاد والمالية العامة، وشغلت منصب أمين عام النقابة العامة للعلوم الصحية منذ 2018 حتى الآن، ولمدة دورتين متتاليتين.
تُوِّجت رحلتها الطويلة والمليئة بالمتاعب والجهود بهذا التكريم، وإلى نص الحوار..
• ما شعورك بعد التكريم من رئيس الجمهورية عن دورك فى الحياة والبناء والتنمية؟
- فخورة بتكريمى من رئيس الجمهورية، فى عيد العمال كنقابية عمالية ارتقت بمستوى مهنتها العلوم الصحية، وتدرجت فى التنظيم النقابى حتى وصلت إلى أعلى سلطة تنفيذية فى نقابة عمالية، مسئولة عن مئات الآلاف من أبناء مهنتى سواء فى النقابة، أو فى اتحاد عمال مصر، ومنظمة العمل العربية.
وكان التكريم بمثابة تتويج لمسيرة عمل استمرت 15 عاما، مليئة بالصعاب، والألم والأمل، والحوادث، والتحديات، والجهود الضخمة والاستمرار فى التنظيم النقابى رغم كل الصعوبات، فهو شعور يحث على المزيد من العمل والإنتاج والتقدم، ووضع المزيد من الأهداف لتحقيقها.
• حدثينا عن الرؤية منذ التحاقك بالعمل النقابى؟
- العمل النقابى ليس بالأمر السهل كما يظن البعض، فالكلمة التى تقال يجب أن تكال بميزان الدقة، ومحددة، حيث يترتب عليها حياة الآخرين من خلفك، لما يترتب عليها من قرارات، ولتحقيق ذلك كان خيارى الأول هو تنمية ذاتى مهنيًا وعلميًا، حتى تتوفر القاعدة المعلوماتية القوية والصحيحة، لأتمكن من اتخاذ القرار السليم، والتحدث على أرض صلبة، والمعرفة بأبعاد كل تحدٍّ لمواجهته بقوة.
وأتمنى بعد تكريمى هذا تحقيق أهداف نقابتى العلوم الصحية، وهو الارتقاء بأبنائها ماديا وفكريا ومعنويا، واستقرار أوضاعها، وأن يكون الرجل المناسب فى مكانه المناسب، ومساندة الدولة لكل صاحب فكر مبدع، ففى مجال عملى نتعامل مع نقيب واعٍ، وصاحب فكر، مدرك لخطورة المرحلة وملفات العلوم الصحية، ودائم التطوير فيه هو أحمد السيد الدبيكى، نقيب العلوم الصحية الذى يعمل دائما على إزالة المعوقات، ويحفز من حولة للارتقاء بالمستوى، ولم أنكر فضله فى ترشيحى ودعمى لهذا التكريم.
• تحدى الظروف.. أنت أحد المؤسسين لنقابة العلوم الصحية والتى كان من المقرر أن تكون مهنية، ولكن حالت الظروف دون ذلك وتم تسجيلها نقابة عمالية.. حدثينا عن مشوارك كرائدة فى هذا المجال، وكونك المرأة الوحيدة التى تشغل منصب أمين عام نقابة عامة فى نقابات اتحاد عمال مصر؟
- فى البداية كانت نقابة العلوم الصحية مستقلة، وتكونت بالجهود الذاتية، والصبر، وتحمل التحديات، والتميز الذى قاد للتقدم، حتى تم توفيق أوضاعها وإدخالها فى إطار الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، فلكل مهنة كيان شرعى يظلها، كما أن كل كيان رسمى يتبع منظومة أعلى منه تدير شئونه، وكل منظومة تتبع كيانًا مؤسسيًا تديره الدولة، وكل ذلك بتوجه رئيس يشعر بشعبه، وبحجم المسئولية، ويكافئ المستحقين، فى وقت تحملوا فيه المسئولية الوطنية يدا بيد مع قائدهم الأعلى.
وسر تحقيق ريادتى بهذا المجال، هو العمل بحب، والتنظيم الجيد للوقت، والتنسيق بين العمل النقابى، والعمل بالمستشفى، والدراسة، والاهتمام بأسرتى التى دعمتنى فى المضى قدما بعملى ودراستى، وكذلك عدم هدر الوقت، واستغلال كل دقيقة بما فيها ساعات السفر.
• التحاقك بالعديد من الدورات التدريبية منها دورة مدرب من منظمة العمل الدولية.. كيف ساهم فى تنمية الفكر والابتكار لتحقيق الريادة؟
- نعم حصلت على دورة إعداد ورقة سياسات من الجامعة الأمريكية، ودورات فى التنمية المستدامة وخطة مصر 2030، بجانب كونى مدربًا معتمدًا فى قضايا النوع الاجتماعى والتنمية المستدامة، ومدربًا فى قضايا الانتقال العادل نحو اقتصاد أخضر ومستدام، واعتمادى كمدربة بمنظمة العمل الدولية فى عدة مجالات.
وساهمت تلك التدريبات القوية فى اكتسابى العديد من المهارات وتنمية الذات، فكل معلومة جديدة تستطيع تغيير أو تطوير فكرة، كما أن التنوع فى مجالات تدريبى مثل النوع الاجتماعى، وتغيرات المناخ والتنمية المستدامة، والمفاوضة الجماعية، وغيرها، ساهم ذلك فى غزارة المعرفة بالقوانين والاتفاقات الدولية، والقوانين الوطنية، والقرارات الإدارية واللوائح، وهذا ما ييسر بلورة الفكرة والتمكن منها، وبالتالى تطوير الخريطة الذهنية من أجل الوصول للأهداف بأفضل الطرق الممكنة، فالتدريبات تساهم فى تنمية الفكر والإدراك، والنظرة المتعمقة وقراءة ما بين السطور، وتحديد الهدف.
شرفت بإعداد ورقة عمل بالاشتراك مع ملتقى السياسات بالجامعة الأمريكية، عن مناهضة العنف والتحرش فى عالم العمل، وتحديد ما هو العنف والتحرش، وأسبابه، وعقوباته، ونتائجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، و3 طرق أساسية لمجابهته، ومنها عن طريق مفتشي العمل بوزارة العمل، وبناء على هذه الورقة صدر الدليل الإرشادى من منظمة العمل خلال شهر رمضان الماضى لمفتشى العمل، وكيفية مجابهة قضايا النوع الاجتماعى والتى من ضمنها قضايا العنف والتحرش فى عالم العمل.
وهذا ما حققته من الدورات التدريبية، فى وضع الأساس وبناء ورقة سياسات، ووضع حلول بديلة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، كما شاركت فى وضع صياغة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والتى يتم العمل عليها وتطويرها وتحديثها من خلال وزارة العمل، والتى تراعى النوع الاجتماعي، والمرأة وخاصة المعيلة.
• تسعى الدولة لتمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.. كيف ترين هذا الملف؟
- نحن فى عصر التمكين الحقيقى للمرأة والذى بدأ منذ إطلاق الرئيس السيسى الاستراتيجية الوطنية للتمكين عام 2017 والتى مكنت الكثير من السيدات فى مناحٍ عديدة، وكونى عضو لجنة المرأة باتحاد عمال مصر، إضافة إلى عملى كأخصائى مختبرات طبية، والأمين العام لنقابة العلوم الصحية، فالاهتمام الرئاسى بتمكين المرأة، هو ما ساهم فى تنمية وتطوير ذاتى للتمكين.
• ما هى نصيحتك لدعم المرأة المصرية، وخاصة دورها فى العمل العام؟
- مجال العمل العام صعب، وهو ليس وظيفة مفروضة على المرأة، ولكن تقوم باختيار ما تحبه من مجالات مختلفة، ودائما المرأة مطالبة بإثبات ذاتها، وهذا يجعلها تتحمل عبء الثقافة المجتمعية فى النظر إليها بأنها أقل من الرجل، ولهذا نجد أن المرأة تحتاج لإثبات ذاتها باستمرار.
نصيحتى للسيدات، بضرورة بذل جهد أكبر فى عملهن مهما كان، وأن يطورن من مستوياتهن التعليمية والمهنية بشكل مستمر، وأن تعرف المرأة حقوقها لكى تدافع عنها، وأنصحها بعدم بذل جهد كبير فى إثبات الذات، وأقول لها اجعلى توجيه الجهود فى التعليم وهو طريقك الأول لتأهيلك وتحقيق ذاتك، فكلما كان هناك تحديد لهدف وخطوات وصول واضحة، والإلمام بأغلب الأبعاد كان تحقيق الهدف أسهل وأسرع.
فالتسلح بالعلم، والحرص على كثرة المعلومات والمعرفة، والثقة بالنفس، وتأسيس خطط لأنفسهن ولأولادهن، ووضع رؤية وأهداف، وتنظيم الوقت، يساهم كل ذلك فى وضوح الفكرة، وبالتالى تذليل التحديات.