الإثنين 24 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى: النصر للمقاومة

«هتلــر الجديــد»

على الرغم من الهجوم الغاشم والمجرم الذى يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى فى محاولة لإبادته معتقدا أن هذا ينهى الشعب الفلسطينى وقضيته، إلا أن روح التحدى والمواجهة هما سبيل النصر الذى تمسك به الشعب الفلسطينى الصامد ومقاومته فى مواجهة جيش الاحتلال ليفاجئ العدو بأن تحقيق هدفه بعيد المنال، فى محاولة لمعرفة تفاصيل ما يدور على أرض المعركة فى غزة.. كان لنا هذا الحوار مع القيادى د.محمد أبوسمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى.



• كيف هى أوضاع قطاع غزة مع استمرار العدوان الصهيونى المتواصل؟

-  يجب أولا أن نتعرف على جغرافية القطاع لنتبين ما يحدث هناك الآن.

فقطاع غزة عبارة عن شريط ساحلى ضيق للغاية، يتفاوت عرضه من منطقة إلى أخرى، من 6 إلى 12 كيلومترًا، بطول 45 كيلومترًا، ومساحته الحالية الإجمالية 365  كيلومتر مربع، ويعتبر قطاع غزة هو أكثر الأماكن على مستوى العالم كثافةً سكانية فى الكيلومتر المربع الواحد، حيث يصل متوسط عدد السكان إلى عشرة آلاف نسمة فى الكيلو متر المربع الواحد، بينما تتضاعف هذه النسبة عدة مرات داخل مخيمات اللاجئين الثمانية والمربعات والأحياء والمشاريع الإسكانية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين وهى امتداد طبيعى للمخيمات وهى مجاورة لها أو ملتصقة بها، ولا توجد بالقطاع أية مرتفعات أو هضاب أو جبال، وأرضه فى عمومها أرض ساحلية سهلية منبسطة، عدا عن بعض المناطق والأماكن القليلة والمحدودة جداً المرتفعة بشكلٍ بسيط مقارنةً بباقى مساحة القطاع، وتعتبر جميع أراضى القطاع مكشوفة أمنيًا وعسكرياً واستراتيجيًا، ونتيجة للعدوان الصهيونى الوحشى المتواصل للشهر الثانى على التوالى فقد زاد عدد الشهداء حتى اللحظة «رسمياً» على خمسة عشر ألف شهيد، ومالا يقل عن ثلاثة آلاف شهيد مازالت جثامينهم ملقاة فى الشوارع ويمنع جيش العدو من إخلائها ودفنها، إضافة إلى آلاف جثث الشهداء تحت الأنقاض، وزاد عدد الجرحى عن خمسة وثلاثين ألف جريح، ومع استمرار العدوان الصهيونى المتصاعد بشكل أكثر وحشية وبشاعة وإجرام ضد قطاع غزة  زادت عدد المجازر الجماعية حتى اللحظة عن ألف وثلاثمائة مجزرة جماعية، ومن المتوقع استمرار العدو المجرم فى ارتكاب مئات المجازر الأكبر حجمًا والأكثر بشاعة، والمخطط الذى ينفذه العدو لا يستهدف قطاع غزة وحده، بل يستهدف القدس المحتلة والضفة الغربية وأهلنا فى الداخل الفلسطينى المحتل عام 1948، ومع استمرار الحصار الخانق المشدد المستمر والمتواصل للقطاع، فقد تسبب العدو بمجاعة لأهلنا فى قطاع غزة، ونتيجةً لذلك وصلت جميع الأوضاع فى قطاع غزة إلى أقصى درجات البؤس والمأساوية والكارثية على المستوى الإنسانى والحياتى والمعيشى،  وما ينفذه العدو المجرم عبارة عن سلسلة متواصلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وإرهاب الدولة المنظم، وعملية تطهير عرقى عنصرى وإبادة منهجية منظمة لشعبنا.

• كيف تقيم أداء المقاومة الفلسطينية فى مواجهة العدوان والتوغل البرى الصهيونى فى قطاع غزة؟

-  يواصل جيش العدو توغله البرى عبر عدة محاور فى قطاع غزة من الشمال، والشمال الغربى والشرقى وجنوب شرق مدينة غزة ومخيم البريج، وشرق محافظتى خانيونس ورفح جنوب قطاع غزة، ورغم كثافة قوته النارية وقصفه الجوى والبرى والبحرى،  إلا أنَّه لا يستطع التقدم فى توغله البرى داخل معظم مناطق وأحياء وشوارع مدينة غزة وشمال القطاع سوى مسافات محدودة، ويواجه على مدار الساعة مقاومة بطولية باسلة شرسة وعنيدة وصعبة، وساعدت المقاومة فى مواجهة العدوان والتوغل البرى.  كما أن المقاومة الشعبية العامة عملت على تماسك الجبهة الداخلية فأصبحت قوية متماسكة صابرة وصامدة، وقد رفعت المجازر الجماعية والجرائم الصهيونية الوحشية ضد أهالى القطاع من حجم ومستوى التوحد حول المقاومة، وأصبحت الرغبة بالثأر والانتقام من جيش العدو وإنزال أقسى هزيمة فى صفوفه؛ رغبة جماعية لكل أهالى القطاع الذين دُمرت بيوتهم وأملاكهم ومساكنهم وحياتهم وضاع جنى عمرهم وفقدوا الأعزاء على قلوبهم، وتمكنت المقاومة الباسلة من إيقاع خسائر كبيرة وعديدة فى صفوفه وقتلت وأصابت المئات من ضباطه وجنوده، ودمرت أكثر من مائتى دبابة وناقلة جند مصفحة ومدرعة والعديد من آلياته العسكرية ومعداته، وأعدت المقاومة الكثير من المفاجآت والوسائل الدفاعية، من أهمها الأنفاق الاستراتيجية الدفاعية والهجومية فى أعماق الأرض، والتى يمتد بعضها إلى ما خلف خطوط العدو، مما سيتمكن المقاومة من قطع إمدادات جيش العدو التى تتوغل داخل أطراف أو بعض مناطق القطاع، وبكل الأحوال لن يتمكن جيش العدو من التقدم سوى مسافات محدودة للغاية، لأنَّ المقاومة مجهزة ومستعدة للتصدى للعدوان والتوغل البرى،  وإيقاع أكبر وأشد الخسائر فى صفوفه، وأعدت المقاومة الباسلة المصائد والأفخاخ والكثير من المفاجآت لجيش العدو وتخوض معه حرب مدن وشوارع، وجعلت من بيوت ومنازل وحوارى وشوارع وأزقة ومدن وقرى ومخيمات قطاع غزة مقبرة له، ولن يكون أبداً استمرار وتوسع ونجاح التوغل البرى لجيش العدو فى قطاع غزة أمراً سهلاً، وها هو يُمنى بهزيمة نكراء وخسائر كبيرة فى آلياته ومعداته وصفوفه وضباطه وجنوده وقادة ألويته وكتائبه ووحداته، وكلما حاول جيش العدو التوغل أو التقدم بضعة أمتار داخل القطاع يلاقى مقاومة بطولية شرسة ويتكبد المزيد من الخسائر الفادحة فى الأفراد والمعدات، وتمكنت المقاومة الباسلة من تدمير وإبادة ثلاثة ألوية كاملة من جيش العدو منذ بدء توغله البرى فى قطاع غزة، ومن المهم أن أُشير إلى أنَّه فى إحدى المرات حاولت وحدات خاصة مشتركة من جيش العدو ووحدات النخبة من قوات «المارينز» الأمريكى التسلل من الناحية الشمالية الغربية لقطاع غزة، لكن أبطال المقاومة الفلسطينية استطاعوا إبادة هذه القوة بالكامل وعادت أشلاء، ومن لم يُقتل منهم عاد مصابًا بجراح خطرة للغاية، ثم حاولت وحدات وقوات أخرى صهيونية وأمريكية التسلل أو التوغل عبر بوابة مستعمرة «كوسوفيم» القريبة من السياج الحدودى بالمنطقة الوسطى، وتصدى لها أبطال المقاومة الفلسطينية  وأبادوها، وتمكن أبطال المقاومة عدة مرات من اختراق دفاعات العدو وقواته المتقدمة والعمل خلف خطوط العدو والتوغل داخل مستعمرة وموقع «كوسوفيم»، ثم تكررت المحاولات عبر مناطق جنوب شرق خانيونس ورفح، وكان مصير تلك المحاولات كسابقاتها، وطيلة الوقت يكرر جيش العدو فى بياناته الإعلان أنَّ قواته البرية تنفذ عمليات توغل كبيرة نسبيًا من عدة أماكن فى شرق وشمال وجنوب القطاع لمهاجمة مواقع حركة «حماس» فى قطاع غزة، ولكن المقاومة الفلسطينية الباسلة دوماً كانت لهم بالمرصاد وتلتحم معهم التحاماً بطولياً وترغمهم بالعودة على أعقابهم محملين بالهزيمة والقتلى والخسائر فى الأرواح والعتاد..

قصف متواصل على قطاع غزة
قصف متواصل على قطاع غزة

 

• ما  تفسيرك لذلك؟

-  كل ما كان يفعله العدو الصهيونى من محاولات، وتكرار ومواصلة عمليات التوغل أو التسلل، عبارة عن «عمليات استطلاع بالقوة النارية لفحص مدى قوة جاهزية وفاعلية المقاومة الفلسطينية للتصدى لعملية الاجتياح أو التوغل الشاملة للقطاع أو لأجزاء منه، وفى كل مرةٍ يفاجأ العدو بجاهزية واستعداد المقاومة الفلسطينية وبسالتها، وبنجاحها فى إيقاع خسائر كبيرة فى صفوفه».

• ولذلك العدو لم ينجح فى تحقيق هدفه من التوغل البرى؟

-  تحت غطاء مئات المجازر وآلاف الغارات الجوية ومواصلة عمليات التدمير والقصف الجوى والبحرى الوحشى المكثف فى غزة، تمكن جيش العدو من التوغل فى بيت حانون وبيت لاهيا وشمال غرب مدينة غزة ومخيم الشاطئ وجنوب غرب مدينة غزة رغبةً منه فى «التقاط أى «صورة للنصر»، ولكنه حتى تلك الصورة للنصر لم يتمكن من التقاطها».  ذلك أن  مسألة الاجتياح هى المطلب الرئيس لنتنياهو لاستكمال عملياته الانتقامية بطريقه غير معتادة، لكن جيش العدو لن يكون قادراً على تحقيق أى انتصار أو حسم عبر اجتياحه البرى وسيُمنى بخسائر كبيرة وباهظة الثمن لن يستطيع احتمالها، ولهذا فإنَّ جيش العدو المجرم يهدف من وراء مواصلة عمليات القصف والتدمير الوحشى وحرب الإبادة لقطاع غزة وارتكاب آلاف المجازر إلى التقاط «صورة نصر للمجرم والإرهابى الكبير وهتلر العصر، نتنياهو» على أنقاض وركام شوارع ومبانى وبيوت قطاع غزة ومجازر وإبادة وعمليات تطهير عرقى عنصرى بحق الفلسطينيين المدنيين العُزَّل الأبرياء المحاصرين المظلومين، ليعود بها إلى حكومته اليمينية المتطرفة المجرمة وجيشه وجنوده المهزومين وإلى قطعان المستوطنين والجمهور الصهيونى،  وهذا بحد ذاته دليل على فشله وعجزه عن تحقيق أية أهداف تعيد له ولجيشه المهزوم وأجهزته الأمنية توازنهم المفقود، بعد أن تم كسر وكشف وتعرية أكذوبة التفوق العسكرى والأمنى النوعى والردع وتفكيك «فرقة غزة» فجر يوم السابع من أكتوبر الماضى،  وكل ما يقوم به جيش العدو المجرم من جرائم ومجازر ووحشية وعدوان ضد أهلنا وشعبنا المحاصر المظلوم فى قطاع غزة؛ لن يمحو عنهم هزيمتهم غير المسبوقة والفضيحة العسكرية والاستخباراتية، وإنَّ جميع جرائم نتنياهو لن تبقيه فى موقعه الذى هو أحرص ما يكون عليه، ولن تغسل هزيمته أو تنجيه من لجان التحقيق ومغادرة موقعه.