الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نوستالجيا تبحث عن الجذور.. رضا عبدالرحمن فى معرض العودة:

خلفية حضارية عريقة.. ورؤية تتخطى التقاليد

فى واحد من المعارض الفنية المهمة قدم الفنان التشكيلى رضا عبد الرحمن معرضه «نوستالجيا»  بجاليرى ياسين بالزمالك، بعد عودته مرة أخرى إلى الساحة التشكيلية بعد غياب سنوات، أقام فيها بنيويورك.



ولكن رضا القادم من امريكا عاد لنا بعشقه الذى لم يبارحه فى أعماله قبل سفره، وقدم لنا فى معرضه الجديد عشرات اللوحات المتفاوتة المساحات والأشكال والتى تتحدث عن موضوع الفن المصرى القديم والحداثة، وكانت هذه الأعمال التى كشفت عن قدرة الفنان عن إضافة الجديد فيما يتعلق بموضوعه الأثير، وهو الفن المصرى القديم، والذى قدم فيه من قبل عشرات التجارب المميزة،وفى معرضه الجديد لا يزال قادرا على تقديم مفاجآت جدية على مستوى الشكل والمضمون.

 

 

 

ويحكى الفنان رضا عبد الرحمن عن المعرض أنه عندما غادر مصر عام 2016 لزيارة أسرته لم يكن يتخيل أن تمتد الرحلة زمنيا حتى صيف 2023، لذا تحمل أعمال هذا المعرض كل ما فى تلك السنوات من الحنين والشوق والبحث فى روافد تأثره حتى الجنون بالفن المصرى القديم، انطلاقا من مقولة أن الرسام المصرى القديم كان يرسم الاشياء فى أخص مظاهرها، وهى عبارة موحية للكاتب وليم هبيك فى كتابه فن الرسم عند قدماء المصريين».

ويضيف رضا أنه ينطلق  من خلال أعمال المعرض فى محاولة لإيجاز العناصر وتلخيص الشكل الإنسانى، وكما يحمل الإنسان الكثير من التراكمات والخبرات يأتى العمل الفنى مليئا بها ومتأثرا بكل ما يحيط به، وتأتى أعماله فى هذه المرحلة ما بين تاريخ وخلفية حضارية عريقة فى مصر، وطبيعة خلابة وحضارة حديثة ونظام صارم فى نيويورك، وبهذا خرجت هذه المجموعة المتنوعة فى صورة للحنين الى مصر.

 

 

 

ويرى أن مصر تمتلك حركة تشكيلية قوية ولكننا لا نعرف كيف نُّصدرها للعالم باعتبارها قوة ناعمة تحمل رسائل مهمة وقوية وتستطيع أن تفيد فى مسيرة نهضتها، وهو ما يحاول أن يقدمه كى يستمتع المتلقى وبذائقة فنية تحاول أن تقدم الجديد.

ويقول الفنان التشكيلى الكبير د. أحمد نوار فى تقديمه لمعرض رضا عبد الرحمن أننا عندما نتأمل أعمال الفنان نكتشف ولعه بالفن المصرى القديم، والزخم الذى يقدمه هذا الفن تغلغل فى وجدان الفنان، واستطاع من خلاله أن يشكل رؤيته على قاعدة ومرجعية رصينة وبخاصة تأثره بروافده الفلسفية والبنائية.

ويضيف أن هندسة الأشكال والعناصر فى أعمال رضا عبدالرحمن هى فى الواقع اكتشاف لجماليات بناء جديدة مبنية على أصول عميقة ومتينة وتتسم بمعالجات السهل الممتنع فى سرعة الأداء والقدرة على توجيه المشاعر والروح الى مكنونات عناصره، وتألق الفنان يعتمد فى المقام الأول على قدرته فى فن الرسم والمزج بين ما هو مجرد وما هو كلاسيكى محدثا حالة استثنائية لرؤية معاصرة متخطيا التقاليد الظاهرة والسطحية لمفهوم المعاصرة.

ويرى نوار أن أهمية المعرض أنه يقدم فنا جميلا يتسم بالقدرة وإرادة التحدى فى زمن يحتاج الى طاقة إيجابية كبيرة فى مجتمع له تاريخ ممتد وزاخر بالابداع الفنى المتفرد. 

 

 

 

 

ويقول د. فكرى حسن أستاذ المصريات فى الندوة نظمها الجاليرى على هامش المعرض أن أعمال الفنان رضا عبدالرحمن تستلهم الفن المصرى القديم، والاستلهام هنا ليس نوستالجيا فقط ولكن حضارة ودروس، والمهم هو قدرة الفنان على الابداع فى إطار أسس الفن بمعنى أنه ليس من الصواب الاستنساخ والتقليد أو الانفلات والتغريب.

وأضاف أن عبد الرحمن التزم مثل الفنان القديم بالتسطيح فى اللوحة ولكنه فى نفس الوقت أدخل عناصر مجسمة، كما استخدم الخط أو رسوم خطية كأنها طبقات متراكمة أو إطار لوحدات زخرفية داخل اللوحة، كما استخدم طبقات تشف بعضها البعض لتكون هوية بصرية واضحة.

ويرى أن رضا استخدم بكثرة ألوان الأزرق والأخضر ولم يلجأ للألوان الزاهية مع استخدام خامات التمبرا والاكريليك  تلبية لفعل الزمن وأحلام الذاكرة البعيدة، وكذلك فى تعامله مع الرموز والموتيفات المختلفة، وفى النهاية هو قدم لنا فى لوحاته سحر مصر بجمالياتها وبهجتها  فى قالب معاصر.

وقال الفنان التشكيلى وجيه وهبة أن أعمال المعرض تمثل قيمة فنية متكاملة، وهى استكمال لعشق رضا عبدالرحمن للفن المصرى القديم، مؤكدًا أن العودة إلى الجذور والماضى فى رأيه هى معاصرة بشرط أن تعرف كيف تؤثر وتتأثر، وهو ما نجح فيه الفنان.