الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اقتصــاد مصــر.. أخضــر

تسعى مصر لتكون من الدول الفاعلة فى تطبيق معايير الاقتصاد الأخضر، وتحاول المؤسسات العاملة فى مصر الالتزام بالضوابط البيئية التى تسهم فى خفض التلوث والحفاظ على صحة الإنسان، وتقليل تكلفة العلاج، وخلق فرص عمل جديدة، وتضييق الفوارق الاجتماعية بين الطبقات والتى تعتبر من أهم مقومات الاقتصاد الأخضر، باعتبارها السبيل الأفضل لتحقيق التنمية المستدامة للأوطان والأفراد.



 

 

 

وأعلن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ارتفاع النسبة المئوية للموازنة إلى نحو 40 % بإجمالى 336 مليار جنيه، يتم تخصيصها للاستثمارات الحكومية لمشروعات الطاقة الخضراء، حيث تهدف الدولة إلى دعم التصدير، وخفض عجز الموازنة بين الصادرات والواردات، واستحداث مجالات استثمارية جديدة.   

 

وخصَّصت الحكومة ضمن خطتها نحو 2.8 مليار جنيه، لاستكمال المشروعات الخضراء الجارى تنفيذها، فى قطاعات أبرزها البرنامج الوطنى لإدارة النفايات والمخلفات الصلبة، و2.4 مليار جنيه لاستكمال مشروعات الطاقة النظيفة و4.5 مليار  جنيه للاستمرار فى تنفيذ الأبنية الخضراء، ومحطات تحلية مياه البحر، ومعالجة الصرف الصحى.

 

 

 

وقال الدكتور سامى حبيب، الخبير الاقتصادى، إن الاقتصاد الأخضر يرفع من مستوى جودة حياة الإنسان، من خلال العمل على استثمار الموارد، والقيام بالأعمال التى تحد من التلوث والانبعاثات الغازية والكربونية، مما يحافظ على التوازن البيئى، من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الصديقة للبيئة،  واستخدام تكنولوجيات حديثة فى كافة المجالات، مثل الطاقة النظيفة والمتجددة، والمياه، والزراعة، والتعليم الأخضر، والاستهلاك الأخضر المستدام، والنقل، والمبانى، وفرص العمل «التوظيف الأخضر».

 

وأوضح حبيب أن الدولة المصرية أطلقت الاستراتيجية الوطنية 2050، التى تقوم على تحقيق 5 أهداف، من أهمها تحقيق نمو اقتصادى مستدام، من خلال تنمية منخفضة الانبعاثات فى مختلف القطاعات، وذلك من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والبديلة والطاقة الحيوية، والمخلفات، والشمسية، والرياح، والهيدروجين الأخضر، مع تعظيم كفاءة شبكات النقل والتوزيع، وتبنى اتجاهات الاستهلاك والإنتاج المستدام للحد من انبعاثات الاحتباس الحرارى من الأنشطة، والتخلص الآمن من المخلفات الصلبة، وجاء الهدف الرابع بالاستراتيجية ليتناول تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المصرفية محليًا، وخطوط الائتمان، والسندات، ومشاركة القطاع الخاص فى المشروعات، والترويج للوظائف الخضراء.

 

مشروعات واعدة

وقال الخبير الاقتصادى، إن وزارة التخطيط أعلنت عن عدد المشروعات التى وصلت إلى 4786 مشروعًا، تنوعت بين 504 لكبرى المشروعات و931 متوسطة، و563 صغيرة، أما فئة المشروعات غير الهادفة للربح فبلغ عددها 1457، والشركات الناشئة 455، ومشروعات تنمية المرأة وتغيُّر  المناخ والاستدامة 826، كما بلغ عدد المشروعات الصديقة للبيئة 691، بالإضافة إلى زيادة عدد الفنادق الخضراء فى مصر  التى تتبع المعايير البيئية فى جميع سياساتها.

وأشار إلى قيام الدولة بمطابقة أهداف التنمية المستدامة الـ 17 مع حزمة من المشروعات، بلغت 372 مشروعا بقيمة 5.1 مليار دولار، لإنشاء مدن ومجتمعات محلية مستدامة، و37 مشروعا فى 88 موقعا، بتحويلات بلغت 5.3 مليار دولار، و32 مشروعا فى 61 موقعا للطاقة النظيفة بتكلفة 5.9 مليار دولار، و12 مشروعا لدعم العمل المناخى بتكلفة 365 مليون دولار، كما تم تنفيذ مشروع محطة بنبان، كأكبر مزرعة طاقة شمسية فى العالم، على مساحة 36 كيلو مترًا مربعًا، لتنتج 1500 ميجاوات من الطاقة من خلال 6 ملايين لوحة شمسية، بالإضافة إلى تنفيذ 120 مشروعا للحد من التلوث الصناعى.

وأوضح سامى حبيب، أن أهم العوائد من المشروعات الخضراء تتمثل فى الحفاظ على البيئة والمناخ، من تقليل الانبعاثات الكربونية، وهو ما يؤثر بالإيجاب على الصحة العامة للإنسـان، وزيادة مستوى جودة الحياة، وتوفير فرص عمل كثيرة، والحفاظ على الموارد والنهوض بالاقتصاد الوطنى، وتحقيق استدامة الحياة من خلال تطبيق أبعاد وأهداف التنمية، وإحداث تطور هائل فى جميع المجالات.

 

 

 

فى حين قال الدكتور حسام أمين، استشارى الاقتصاد الأخضر، إن هذا النوع من المشروعات الخضراء التى تبنتها مصر  وأدرجتها ضمن رؤيتها 2030، يعتبر أداة لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل، ومحاربة الفقر، وتضييق الفوارق الاجتماعية بين الطبقات، موضحًا أنه يربط بين الاقتصاد والبيئة، كما أنه نموذج جديد من أشكال التنمية الاقتصادية سريعة النمو.

وأوضح حسام أمين، أن الاقتصاد الأخضر ظهر للتغلب على الأزمات العالمية، وأهمها أزمة الغذاء التى ظهرت فى عام 2008، والتى نتج عنها مبادرة الأمم المتحدة، لدعم الدول نحو بناء رأس المال الطبيعى، ولذلك فقد ظهر التوجه للاستثمار فى القطاعات البيئية.

وأضاف إن هناك مسارين لإنجاز استراتيجية الاقتصاد الأخضر، أولهما المشروعات الخضراء، الجديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية  والتى تراعى كافة الاعتبارات البيئية فى المرحلة الأولى، بداية من تصميم المشروع منذ مراحل تنفيذه ورصده وحتى تقييمه، أما عن المسار الثانى، فهو إعادة توجيه الأنماط الحالية والاستهلاك، أو تصحيحها من خلال تحسين أدائها البيئى، مؤكدًا أن استخدام الطاقة النظيفة يوفر فرص عمل واستثمارات ضخمة، لم تكن متوافرة فى الاقتصاد التقليدى، وتكون مباشرة أو غير مباشرة لاستخدام الطاقة المتجددة، مثل صيانة الألواح الشمسية، وإنشاء مصانع جديدة لمشروعات الاقتصاد الأخضر وغيرها.

وأشار إلى أن ملف الطاقة من أهم ركائز الأمن القومى، التى تؤثر فى خريطة القوى العالمية، وفى قدرة أى دولة تعتمد على توافر مصادر الطاقة الآمنة والمستدامة، للقدرة على إقامة الاستثمارات الجاذبة، والصناعات التى تؤدى إلى التطور وزيادة معدلات النمو بالدولة.

مجالات متنوعة

وعن فوائد الاقتصاد الأخضر،  فقال إنه يوفر  ملايين الدولارات التى يتم استخدامها فى استيراد المواد البترولية لتشغيل المحطات الكهربائية، مع مراعاة الاعتبارات البيئية وتخفيض نسبة التلوث عن تلك المحطات، موضحا أن طن الوقود يحتاج إلى 15 مليون طن هواء لاحتراقه، وهذا ما يزيد من عملية التلوث.

وأشار إلى مجال إدارة المخلفات التى تقوم عليها صناعات تحويلية كثيرة، حيث يمكن تصنيع الورق، والبلاستيك، والزجاج، والحديد، والكرتون، كما يوفر الطن الواحد من المخلفات فرص عمل لـ9 أفراد فى عمليات الفرز والجمع والتصنيع، وتوفر 15 مليون طن من السماد العضوى، الذى يستخدم فى الزراعة والأعلاف، وتحقيق عائد يقدر بملايين الجنيهات سنويًا، ما يحقق أثرا إيجابيا على البيئة والاقتصاد، مشيرا إلى أن المواد الصلبة التى يصعب إعادة تدويرها، فإنها تستخدم فى توليد الطاقة الكهربائية.

ولفت إلى السياحة الخضراء، التى تراعى احتياجات البيئة، وتساهم بجزء كبير فى ميزان المدفوعات لدى بعض الدول العربية، حيث تعتبر ثانى أكبر مصدر للدخل القومى، وحين تتحقق سياحة أكثر استدامة يحقق ذلك زيادة فى العائد، واستقدام فئات جديدة من السائحين المحبين للتواجد فى الأماكن الصديقة للبيئة، حيث يتم إنشاء برامج تتكامل فيها الحماية مع الاستمتاع، مع وضع ضوابط صارمة أثناء رحلات السفارى، وتسلق الجبال، والرحلات البحرية للحفاظ على البيئة بحرية كانت أو صحراوية.

 

 

 

وأشار إلى التطور السريع فى المشروعات الجديدة التى تبنتها مصر فى العديد من مصادر الطاقة الشمسية والمتجددة والكهرومائية، وفى مجال النقل النظيف مثل القطار الكهربائى، والمركبات التى تعمل بالغاز الطبيعى، وكذلك فى مجال الصناعة لتطبيق الاقتصاد الأخضر، مثل إقامة 15 مجمعًا صناعيًا على مستوى المحافظات الصديقة للبيئة، ومصنع بكل مجمع لإدارة المخلفات للحفاظ عليه ومنع التلوث، وتطوير المصانع الحالية والالتزام بالمعايير البيئية، من خلال تركيب فلاتر أو نقلها بعيدا عن التجمعات السكنية.

وحسب الخبير فى الاقتصاد الأخضر يعتبر الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية والطاقة، من أكبر التحديات التى تواجه هذا الاقتصاد، ولذلك اتجهت أجهزة الدولة لتحجيم الآثار السلبية، وتطبيق الالتزام بالمعايير الخضراء، فضلاً عن أن هناك تحديًا أخطر وهو تمويل المشروعات.

وأكد أهمية البحث عن مصادر تمويل غير تقليدية لمشروعات الاقتصاد الأخضر، وهو ما نجحت فيه الدولة ممثلة فى وزارة المالية، بإصدار أول سندات خضراء سيادية حكومية بقيمة 750 مليون دولار، لمدة 5 سنوات، وبعائد 5.25 %، وكان هناك إقبال كبير من المستثمرين، وتم عمل الاكتتاب فيها 3 مرات، وهو  جزء من استراتيجية الدولة، ما كان له أثر إيجابى على الموازنة.

وأشار  إلى الاهتمام بالسندات الاجتماعية فى عمل مشروعات لتطويرها، والسندات الزرقاء، لتمويل الأنشطة البحرية ومصادر الأسماك والحماية البحرية بصفة عامة، والتنوع البيولوجى، فضلاً عن السندات المستدامة التى تستخدم فى مشروعات التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة.