الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قصة قصيرة

مستسلمًا لوحدتى

ريشة: منة الصياد
ريشة: منة الصياد

لم أنم ..



طيلة هذه الليلة، فقط ظللت أنتظر أن يأتى الصباح دون أن أفعل شيئًا أستحق عليه الفوز بهذا الصباح، رُحت أفتش فى جيوبى عن فتات حلم ألقُمُه فى فم هذا اليوم فلم أجد، جلست على مقعد بالقرب من شاشة التلفاز، هذه النافذة السحرية التى تمكّنت من الزحف بأصابعها الطرية إلى أدق تفاصيل حياتنا بكل هدوء وبراعة، لتجد نفسك وكأنّك جزء منها، مستسلمًا للحظات النصر والهزيمة، تغنّى ويرقص قلبك فرحًا تارة، وتدمع عيناك حزنًا تارة أخرى، مستسلمًا لوحدتى لا أنتظر أحدًا ولا ينتظرنى أحد، تطارد عيناى فأرًا صغيرًا يقرض فى أحد أرجل مقعدى ثم يفر هاربًا، بينما يتربّص به قط من بعيد، ينتظر اللحظة المناسبة لينقض عليه، كانت هذه لعبة جميلة ومسلّية بالنسبة لى، فماذا يفعل فأر صغير بقرضه هذا ؟ لا شيء  نعم لا شيء، هذا ما كنت أمازح به غباء نفسى، دون أن أقرأ تفاصيل هزائم كبرى بسبب خطأ صغير، أو أن إشعال الحرائق يأتى من مستصغر الشرر، مر وقت ليس بقليل، وأنا أشاهد وأنتظر لما سوف يحدث بينهما وما سوف تسفر عنه الأوقات القادمة، بينما عاد الفأر لمواصلة قرضه مرّة أخرى، وأنا مازلتُ غير مبالٍ بذلك، بينما يتنقّل القط من مكان لآخر، بحثًا عن أقرب منطقة لاصطياد فريسته، اهتزازة خفيفة أصابتنى ولكنها لم تثننى عن مواصلة المتابعة المثيرة، يبدو أن أحد أرجل مقعدى بمرور الوقت أصابها شيء اهتزازة أخرى ولكنها أشد جعلتنى أترنّح فى مقعدى، يبدو أن الفأر أحدث به خللًا نتيجة قرضه المستمر، لا لا وهل يفعل فأر صغير بقرضه هذا شيء ؟! حاولت الوقوف مستنكرًا ما يحدث، فوجدتنى ملقى على الأرض، لأكتشف أن الفأر أكل جزءًا من قدمى أيضا دون أن أشعر، مترنّحًا وصلت إلى غرفة نومى، تطارد خطواتى هزيمة وبعض دماء تقاطرت، كآثار أقدام هرمت 

فى شتات الأرض خوفًا، أو كصوت أغنية تعانق لحظة وداع، نظرتُ فى المرآة المواجهة لى، فوجدتنى عجوزًا، انهمرت الدموع من عينى، لأنى تركت فأر الأيام الصغيرة يأكل من عمرى يومًا بعد يوم، أنتظر شمس يوم جديد مستسلمًا دون أن أفعل شيئًا.