السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

إحيــاء عبـدالهــادى الجــزار..

الفنان الصوفى الذى أحب البسطاء

إذا كان الفن التشكيلى العربى يفتقر للأرشيف والتوثيق، حسب ما جاء على لسان نقاد وفنانين فى اللقاء الذى عقدته مكتبة القاهرة الكبرى ونظمته  مؤسسة آراك للفنون والثقافة مؤخرًا، فإن فكرة الكتالوجات المسببة لفنانينا التشكيليين تبدو مهمة فى توثيق تجربة الفنان والاستفادة منها.



 

وقد صدر منذ سنوات كتالوج توثيقى مسبب للفنان الكبير الرائد محمود سعيد، وها نحن بصدد استقبال كتالوج آخر مسبب للفنان الكبير عبدالهادى الجزار (1925-1966) الذى رغم عمره القصير ترك علامات بارزة فى مسيرة الفن التشكيلى المصرى والعربى.  

 

 

 

والكتاب الذى رصد تجربة الفنان الجزار الفنية موثقًا بدراسات نقدية متعددة تكلف 140 ألف دولار، تبرع بها مجموعة  من المؤسسات والشخصيات العامة، والكتاب يصدر فى لندن أواخر أكتوبر واستمر العمل عليه 6 سنوات بالاشتراك مع عائلة الفنان التى حافظت على تراثه الفنى.

والكتاب التوثيقى للجزار يشتمل على جزأين من القطع الكبير، الأول لأعمال التصوير حوالى 400 صفحة / 126 لوحة ملونة، والثانى لأعمال الرسم والاسكتشات فى حوالى 430 صفحة/ 500 رسم وصورة، ويضم الكتاب مجموعة كبيرة ومتنوعة من أعمال الجزار المعروفة، وغير المعروفة.

وللتذكير بقيمة عبدالهادى الجزار، فإنه فنان تشكيلى كبير، وأحد رواد الفن فى مصر والعالم العربى، وولد الفنان السكندرى سنة 1925، وتوفى فى مارس سنة 1966، وهو أحد أعضاء «جماعة الفن المعاصر» فى النصف الثانى من الأربعينيات، واشتهر بأنه فنان الأساطير والرموز الشعبية، وعالم الفضاء السيريالى، وكان مصوّرًا بارعًا، ورسامًا، وشاعرًا، وأحد رموز الأساتذة بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة.

 

 

 

وكان الجزار قارئًا نهمًا فى الفلسفة والسحر والعلوم وكان أقرب للتصوف، وكان فنانًا شاملاً  دارسًا لعدة علوم وفنون، وكان متعدد المواهب والقدرات، وصاحب رؤية ومتعاطفًا مع قضايا البسطاء.

ومن هنا تأتى أهمية الموسوعة التوثيقية، التى تصدر عن الفنان الرائد «الجزار»، وقد بدأت فى دراستها الباحثة الفرنسية الشهيرة «د.فاليرى ديدييه»، بمشاركة الخبير الفنى «د.حسام رشوان» الباحث فى شئون الحركة المصرية للفن الحديث.

والدراسة بحسب د.أشرف رضا بدأتها الناقدة الفرنسية  بعنوان «من التجريد إلى عالم الفضاء»، وشارك معها العديد من أساتذة ونقاد الفن المصرى، مثل الفنانة «د.أمل نصر»، الناقد والكاتب «سمير غريب»، الفنان الكبير «د.صبرى منصور»، الناقد «د.مصطفى عيسى»، «د.عديلة عصمت»، وحوارات عديدة مع أسرة الفنان الراحل، الذين  شاركوا مع المؤلفة والناشر فى اختيار ورصد وتوثيق المعلومات والأعمال الفنية للجزار.

وكانت مؤسسة آراك للفنون والثقافة قد أقامت ندوة فنية، عما قبل الإصدار النهائى للكتالوج المسبب للفنان الرائد عبدالهادى الجزار، فى مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك، وشهدت الندوة عرض دراسة نقدية خاصة للناقدة الفنانة السكندرية الدكتور أمل نصر، بحضور الدكتور حسام رشوان، وأسرة الفنان الراحل، وفنانى ونقاد الحركة التشكيلية المصرية.

وقالت الدكتورة أمل نصر أستاذ التصوير، إن عبدالهادى الجزار تأثر فى مشواره بالتراث إضافة إلى البيئات الشعبية التى اهتم بتجسيدها فضلًا عن اهتمامه بالرموز. والدراسة التى قدمتها كانت تحت عنوان: مسيرات سحرية فى أماكن بائسة، والتى حاولت فيها قراءة تجربة عبدالهادى الجزار الفنية المهمة من منظور جديد، وأسباب اهتمامه بالمرأة والخرافة والقوقعة البحرية.

 

 

 

 

من جانبه استعرض الدكتور أشرف رضا مسيرة الراحل عبدالهادى الجزار مؤكدًا أنه كان متعدد المواهب لافتًا إلى تعلمه الموسيقى وتلاوته القرآن وتعلمه اللغات واهتمامه بالعلوم الطبيعية بجانب عمله الفنى.

وقالت الدكتورة تيسير الجزار، ابنة الفنان الراحل إن أباها ترك إرثًا كبيرًا من الفنون متجاوزًا عالم اللوحات إلى قصائد شعرية كتبها، وقد كان فنانًا موهوبًا وإنسانًا استثنائيًا.

جدير بالذكر، أن الفنان عبدالهادى الجزار بدأ دراسته الأكاديمية فى كلية الطب ثم تركها، والتحق بمدرسة الفنون الجميلة العليا قسم التصوير، وحصل على الأستاذية فى فن التصوير من أكاديمية الفنون الجميلة روما  المعادلة للدكتوراه.

ودرس عبدالهادى الجزار نظم وبرامج تدريس الفنون الجميلة فى أكاديميات ومعاهد إنجلترا وفرنسا وإيطاليا، كما حصل على دبلوم معهد الترميم والتكنولوجيا روما، وكان ترتيبه الأول وكان أول مصرى يحصل على هذا الدبلوم، وعين معيداً بكلية الفنون الجميلة قسم التصوير حتى شغل منصب أستاذ مساعد، وكان يقوم بتدريس التكنولوجيا والترميم والفرسك فى نفس الكلية بعد عودته من البعثة، وقام بالتدريس لطلبة مرسم الأقصر الذى كان بمثابة الدراسات التكميلية لطلبة كلية الفنون الجميلة.