مسيرة خمسين عاماً نائبــات الأمــة تحــت قبـة البرلمــان

فاطمة العطار
«نائبات الأمة تحت القبة» هو عنوان لأحدث كتاب ظهر فى الأسواق مع بداية برلمان الثورة ورصد فيه كل السيدات اللاتى دخلن مجلس الشعب وجلسن تحت قبته بقصد توثيق دور المرأة المصرية باعتبارها شاهد عيان على مدار نصف قرن شهد كفاح المرأة من أجل الفوز بمقعد تحت القبة.. ؟! وقد حرص الكاتب (الصحفى محمد المصرى) على أن يبدأ كتابه بإهداء إلى روح جدته التى كان لها دور إيجابى فى تعليم بناتها رغم أميتها والتى بدأت كلمات الإهداء.. «إلى روح جدتى التى كانت من أشد المتحمسات لتعليم المرأة.. والتى كانت لها مساهمة كبيرة فى تعليم الأجيال لذا أهدى لها هذه الدراسة.
وأشير إلى ما تحتويه سطور هذا الكتاب.. إنه ليس مجرد دراسة تاريخية لرحلة كفاح المرأة المصرية لدخول البرلمان والفوز بمقعد تحت القبة بقدر ما يسجل الحقائب بكل الصدق والصراحة لكل المعارك التى خاضتها المرأة من أجل أن يحصلن على حقوقهن السياسية بعد أن حصلن على حقوقهن التعليمية والاجتماعية.. وكيف كن يقدمن أموالهن وصحتهن وأعصابهن وحياتهن من أجل أن يكون للمرأة المصرية كل الحقوق التى للرجل دون تفرقة.. وإن كان هناك فضل عليهن.. فيرجع للنساء اللاتى تعلمن ووضعن اللبنة الأولى لتحقيق آمال المرأة المصرية.. وغرسن فيها كل معانى النضال والكفاح.. والحب والإخاء والمساواة..
ويعود بنا الكاتب إلى سنوات مشاركتها لأول مرة.. عندما نزلت الانتخابات ورأينا نجاح سيدتين هما النائبتان.. راوية عطية.. وأمينة شكرى رغم كل الظروف التى كانت تحيط بالمرأة من خلال ممارستها لدورها الرقابى والتشريعى.. ومع ذلك استطاعت الارتقاء بالأداء البرلمانى والتى استمرت مشاركتها على مدى سنوات وسنوات بنجاح دورهن النيابى وإثارة العديد من القضايا تحت القبة.. وفى اللجان حتى أن وصل نجاحهن إلى أن أصبحت وكيلا للمجلس.. ورئيسة للجنة التشريعية.. واستمر نجاح النائبة متواصلا حتى يومنا هذا..!
وينتقل الكاتب مستعرضا لدور المرأة فى البرلمان منذ عام 1791 وحتى 0102 وهى فترة رئاسة الرئيس السادات.. والرئيس السابق مبارك.. وهنا لا نغفل الفترة التى كانت رئاسة الجمهورية لجمال عبدالناصر وكيف كانت هذه الفترة حققت للمرأة كل الحقوق التى كانت مهضومة من قبل.
∎ المرأة فى البرلمان
وبعد معارك ضارية خاضتها المرأة المصرية.. استطاعت أن تحصل على حق التصويت والترشيح.. وتحقق نجاحا ملموسا.
ورغم تعرضهن لكثير من التحريض من الناخبين والمنافسين من الرجال حتى إن كان أحدهم يؤكد أن الإسلام حرم على المرأة المسلمة تولى أمور الدولة، وكثيرا من قدمن طعونا ومع ذلك أسفرت النتائج عن فوز راوية عطية وحصلت على 70811 أصوات وأمينة شكرى فى الإسكندرية حصلت 4592 صوتا، ومع هذا الفوز ارتفع عدد النائبات إلى خمس نائبات فى المرات المتتالية هن صفية الأنصارى، وفكيهة سعيد، ومفيدة عبدالرحمن المحامية، ود.نعمت مهران، وأمينة شكرى.. بعد ذلك وفى دورات متتالية ارتفع عدد النائبات إلى ثمان نائبات منتخبات.. ثم بعد ذلك بدأت المرأة تدخل البرلمان بطريق الانتخاب فقط، ورأينا ألفت كامل عن الجمالية.. وبثينة الطويل عن الإسكندرية.. وزهرة رجب.. وعائشة حسن.. وفاطمة البهى.. وكانت أول فلاحة تدخل البرلمان عن شبين الكوم بعد حصولها على 14441 صوتا، وكذلك نجحت نوال عامر عن السيدة زينب وكريمة العروسى عن عابدين.
∎ عضوات البرلمان فى عهد عبدالناصر
فرأينا 81 نائبة دخلن البرلمان عن العمال.. وأخريات عن الفئات رغم حداثة التجربة وجدناهن قد أثبتن وجودهن تحت القبة من خلال دفاعهن عن حقوق المواطنين الاجتماعية والسياسية والثقافية.. فرأينا راوية عطية تتصدى لقضية تنظيم الأسرة.. وتشغيل النساء وقدمت الكثير من طلبات الإحاطة للوزراء!!
ولم تكن مفيدة عبدالرحمن المحامية أقل من راوية عطية فقدمت عدداً من المشروعات تهم موظفى الدولة.. ومنها يستطيع الموظف أن يقترض بضمان راتبه.. وطالبت أيضا بتوفير معاشات لمن انتهت مدة خدماتهم؟!
وأيضا كانت ألفت كامل عن دائرة الجمالية والتى دخلت البرلمان من عام 4691 وحتى عام 0991 وكان نشاطها الرقابى الاهتمام بحى خان الخليلى وصناعتها اليدوية.. وسلطت الأضواء حول ارتفاع أسعار المساكن الشعبية التى بدأت الثورة فى بنائها للعمال.. سواء كانت فى حلوان.. وشبرا الخيمة أو فى الشرابية.
∎ البرلمانيات فى عهد السادات
وكان ذلك فى بداية عام 1791 من شهر نوفمبر وحتى أكتوبر عام 6791 وكان يضم 9 نائبات وكان يمثل رئيس مجلس الشعب فى تللك الحقبة من التاريخ.. حافظ بدوى - وسيد مرعى، وكان عدد النائبات فى تلك الفترة عشر نائبات ثم أخذن يتقلص عددهن حتى أصبح عددهن 6 نائبات، وكانت أكثر النائبات حظا آمال عثمان التى اختيرت وزيرة للشئون الاجتماعية لمدة عشرين عاما وخمسة أشهر وخمسة أيام.. ثم اختيرت وكيلة لمجلس الشعب وكانت أول من شغل هذا المنصب فى تاريخ البرلمان المصرى منذ نشأته.. ثم بعد ذلك شغلت رئيسة اللجنة التشريعية بالمجلس.
بينما شهد الفصلان التشريعيان الثالث والرابع وهى الفترة من عام 9791 إلى 4891 أكبر تمثيل للمرأة تحت القبة.. فقد أصدر الرئيس أنور السادات بتخصيص 03 مقعدا للمرأة فى المجلس.. ورأينا دخول 53 امرأة فى الفصل التشريعى الثالث بنسبة 9,8٪ من مقاعد البرلمان.. وكان من أكثر النائبات شهرة د.سهير القلماوى التى تولت حين ذاك لجنة الثقافة.. وكذلك سهير جلبانة عن شمال سينا، وكيف نقلت هموم ومشاكل أبناء سيناء للمسئولين.. وكانت صاحبة صوت قوى.. ولكن الشىء الغريب أنه فى عام 7891 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بإلغاء قانون 12 لسنة 9791 والذى يقضى بإلغاء مقاعد المرأة.. استنادا إلى أن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة.. ونتيجة لهذا النص انعكس هذا على الفصل التشريعى الخامس، حيث تقلص عدد النائبات إلى 81 نائبة فقط.. وهن ألفت كامل - وآمال عثمان - وفاطمة عنان - وفايدة كامل - ود.فوزية عبدالستار وليلى تكلا، ونوال عامر، وثريا لبنة... إلخ؟!
كما شهد الفصل التشريعى السابع وفى ديسمبر 5991 حتى عام 0002 انخفاض عدد النائبات إلى 9 نائبات من صل 454 مقعدا بنسبة 6,1 كان من بينهن أربع سيدات معينات ثلاث منهن من الأقباط.. وخمس بالانتخاب.. بينما وجدنا عدد النائبات فى الفصل التشريعى الثامن بلغ 21 نائبة بنسبة 6,2٪؟!
وهذا يؤكد لنا.. أنه بالرغم أن مصر تعتبر من أولى الدول العربية فى تمثيل المرأة فى البرلمان.. لكن الأرقام تقول إن نسبة النائبات فى البرلمان المصرى تعتبر متدانية بالمقارنة ببعض الدول العربية الأخرى، فمثلا وصل عدد النائبات فى دولة تونس 261 بنسبة 22٪ بينما عددهن فى موريتانيا 81٪ وفى السودان 7,41، وذلك بعد أن خصص البرلمان السودانى 52٪ لمقاعد المرأة.
∎ المرأة فى الشورى
ودخول المرأة فى مجلس الشورى بدأ مع تعديل الدستور الدائم فى عام 0891 ونص على إنشاء مجلس الشورى وتنظيم اختصاصاته فى المادتين 491 و591 قبل تعديلهما فى التعديلات الدستورية الأخيرة.. ويلاحظ عند تعيين خمس نائبات فى مجلس الشورى فى دور الانعقاد الأول الذى بدأ فى واحد نوفمبر 0891 والذى نص فيه على إنشاء مجلس الشورى وتنظيم اختصاصاته فى المادتين 591/291 قبل تعديلهما فى التعديلات الدستورية الأخيرة، وبذلك تم تعيين 5 نائبات فى دور الانعقاد الأول والذى بدأ فى نوفمبر عام 0891 واستمر وجودها حتى الدور الثالث أكتوبر 3891، وفى هذا التاريخ انضمت نائبتان نجحتا بالانتخاب فى محافظتى القاهرة والجيزة، وهما د.نبيلة الإبراشى الأستاذة بالمركز القومى للبحوث.. ود.شفيقة ناصر أستاذ علم التغذية بطب قصر العينى.. ثم أخذ عدد النائبات يتزايد حتى بلغ 7 نائبات من أصل 012 أعضاء.. وكان من تم تعيينهن الصحفية أمينة السعيد التى أصبحت فيما بعد رئيس مجلس إدارة دار الهلال، إلى جانب رئاستها لتحرير مجلة حواء.. أيضا انضمت الإذاعية الكبيرة صفية المهندس والتى أصبحت فيما بعد رئيس الإذاعة.. كما ضم مجلس الشورى الإعلامية همت مصطفى والتى اشتهرت بإجراء الأحاديث مع الرئيس السادات فى قرية أبوالكوم.
وبعد فترة قصيرة ارتفع عدد النائبات فى الفترة 3891 إلى 6891 وأصبح عددهن 8 نائبات والتى تم تعيينهن من بينهن فرخندة حسن ومن اللاتى دخلن المجلس أنجيل بطرس.. وأمينة رزق وكان لها دور كبير وفعال عندما كانت تطرح عدداً من القضايا المهمة إلى جانب وقوفها مع أصحاب المعاشات.
ومنذ هذا التاريخ بلغ عدد العضوات 11 عضوة من بينهن حبيبة سحلب وزينب السبكى.. وسامية الجندى.. وسلوى بيومى.. وسميحة القليوبى.. وعائشة عبدالهادى.. وكريمة العروسى.. وفايزة حمودة وسكينة فؤاد والتى كانت تتميز بالمعارضة فى كثير من الشئون التى لا ترضى عنها.. ومع ذلك ومنذ هذا التاريخ أخذ عدد النائبات يتقلص وأصبح عددهن عشر نائبات من بينهن زينب صقر.. وسلوى بيومى.. وعزيزة حسين.. وليلى الخواجة ومديحة يسرى.. ويمنى الحماقى وفى عام 0102 انضمت ابتسام أبورحاب.
واختتم الكاتب دراسته بعدة توصيات.. كان من أهمها أن نظام الكوتة يمكن المرأة عن التوسع والمشاركة فيه.. وهو ليس بدعة وإنما تطبقه معظم دول العالم وتأخذ به لإيمانها بدور المرأة فى حياة الشعوب.. وأن أى حركة أو نظام سياسى لا يمكن أن يستمر نحو التقدم بدون مشاركة المرأة للرجل فى صنع التقدم.. كما يطالب بضرورة دراسة أسباب عزوف المرأة عن الاشتراك فى ترشح نفسها للانتخابات سواء لمجلس الشعب أو الشورى وأنه آن الأوان لأن تعمل المنظمات والجمعيات والمجتمع المدنى فى دفع المرأة للاشتراك فى الانتخابات وتثبيت دورها فى الحياة البرلمانية..!