ببص لروحى فجأة.. لقيتنى أربعينى فجأة.. «نزلت دمعتى»!

أمانى زيان
العمر مجرد رقم.. لطالما سمعنا هذه الجملة، فى كل مرحلة عمرية.. يقولون لك إن العمر الحقيقى هو عمر روحك وقلبك.
وهذا حقيقى. روحك يمكنها أن تظل شابة حتى لو وصلت للتسعين.. ولذلك صدق الشاعر حين قال «عشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد.. فانى».
لكن حتى تظل الروح.. روحًا.. يجب أن نحافظ عليها ونساعدها لتظل شابة وبصحة نفسية جيدة.
عندما ندخل فى الأربعين.. وتحديدا فى مجتمعنا الشرقى الجميل.. وبالأخص عندما تكونين امرأة لكى تحافظى على روحك.. هيكون طلع روحك !!
هناك الكثير من الضغوط التى نتعرض لها.. ضغوط مادية.. نفسية.. تأخذ كل يوم من أرواحنا قطعة.. تقضى على جزء صغير.. فتجد نفسك فجأة عجوزا فى جسد شاب..
مرحلة صعبة.. لا أنت طايل سما ولا أنت طايل الأرض.. أو كما قال المثل.. ترقص على السلالم لا الشباب سمعوك ولا العواجيز شافوك!
مرحلة الأربعين وخاصة عندما تكون شخصية معافرة.. بمعنى أنك لازلت قادرا على الجرى فى تراك الشباب بكل إزعاجه ومواكبة تطوراته السريعة فى كل شيء.. فى الموسيقى، التكنولوجيا.. السوشيال ميديا.. لكن فى نفس الوقت تكون عاشقا للهدوء.. كارها للتفاصيل والدوشة.. تستفزك السوشيال ميديا، المهرجانات توترك.. الراب لا تفهمه وتضطر لقراءة الكلمات لأنك فى مرحلة ما.. تظن أن الأغنية بالهندى فتكتشف أنها بالعربى. عادى!
تجلس مع من هم فى سنك.. لا تستطيع أن تتأقلم مع إحساسهم بالاستسلام لكرشهم.. وضغطهم.. وسكرهم.. والحديث الدائم عن الماضى. وعن الزمن الذى كان.. وأحيانا يتطور الحديث للكلام عن الموت والمرض فتشعر بالغربة.
وعندما تجلس مع من هم أصغر منك.. تبهرك ثقتهم فى الغد وفى آرائهم المتفائلة.. وعندما تقول رأيك الذى هو نتاج الخبرة الأكثر.. تجد معارضة كبيرة.. فتقول لهم أنك عائد من هناك.. فلا يصدقون.. تتعلم لغة جديدة.. يمكن تتقبلها ويمكن تنفر منها.. تسمع أنواعا جديدة من الموسيقى.. أوقات تعجبك وأوقات لا.. وفى النهاية.. برضه تشعر بالغربة !
المرونة.. هى الحل.. تقبل الآخر.. تقبل الاختلاف.. استيعاب التطور فى كل شىء حتى اللغة الجديدة غير المفهومة.. وغير المنطقية أحيانا.. مش شرط أبدا إنك تتكلم بيها.. لكن لازم نفهمها.. «اصحى للكلام».
لا يوجد أى عيب فى أن تتعلم ممن هم أصغر منك.. تتذكر والدك ووالدتك عندما بدأت تكنولوجيا الموبايلات ؟ والكمبيوتر.. وكنت تحاول أن تعلمهم.. وهم كانوا يدعون أنهم يعلمون كل شيء ويرفضون المساعدة ثم ينتهى بهم الحال مستسلمين على مضض.

بالمناسبة.. عندما كنت تراهم كبار السن وعواجيز.. هم كانوا فى الأربعينيات.. نعم.. مثل الآن ! اطلب السماح.
الحقيقة أن سياسة التأقلم والتعلم.. يجب أن تستمر معك فى الخمسينات.. والستينات وإلى آخرالعمر!
وإلا ستحدث الفجوة.. بينك وبين الأجيال الأصغر منه.. ويتوغل بداخلك عجز زائف.. يجعلك تنعزل وتدخل فى اكتئاب.. لذلك وجب علينا التحدث لأهل العلم.. لنعرف ماذا يحدث لنا فى الأربعين؟ وكيف نتأقلم ونحب كل مرحلة نمر بها؟
تقول الدكتور شيرين الدرديرى استشارى الصحة النفسية.. أن سن الأربعين هو مرحلة النضج الحقيقية للإنسان، ويكون قد قضى جزءا كبيرا من عمره وهو ينجز الكثير من الأشياء ففى سن الأربعين يقف مع نفسه ويسأل «هل أحببت ما فعلته وما مضى من عمرى حتى الآن سواء على المستوى الشخصى أو المهنى ؟».
«نقف وقفة فى هذا السن وغالبا يكون الشخص غير راضٍ عما حققه ويجد أن ما تبقى له ليس مثل ما سبق، وتكون هناك أحلام مازال يحاول تحقيقها على كل المستويات.. يسأل أيضا نفسه.. هل أنا سعيد؟ هل من حولى يقدرونى؟.
كل هذه مخاوف تشغله، رغم أن الثقافة الأوروبية تقول إن الأربعين بداية النضج وبداية الوعى الكامل، فى أقوى وأصلب مراحله، بعد كم التجارب التى مر بها».
وننصح من تراوده هذه الأسئلة أو المخاوف، وعادة يكون غير قادر على معرفة نفسه وهذه أغلب الحالات التى أقابلها، أن هذا السن يحدث نوعا من التغير, يحب أشياء كان يكرهها.. والعكس! فيتخبط.. وخاصة السيدات.. ونسميها أزمة منتصف العمر، والرجل أيضا يحتاج إلى من يشبع حياته العاطفية ويختل الشعور بالأمان، خصوصا لو لم يكن مؤمنا ماديا، لأنه يبدأ الخوف على صحته، وأنه لم يعد مثل الأول».
والرجل كما قلنا يبحث عن العاطفة والمال.. لذلك نجد كثيراً من الحالات فى هذه السن يرتبطون بآخرين أو يخونون السيدات, يحدث بما يسمى بالصحوة.. موجة من التغيرات.. بسبب أيضا خلل فى الإحساس بالأمان، وإذا لم تشعر بمساندة شريك حياتها تطلب الطلاق وتصر عليه».
تقول الدرديري: «الحلول فى التوجه للرياضة لرفع هرمون السيراتونين المضاد للاكتئاب، يهتم بهواياته التى أهملها، ليشعر بنفس الروح التى كان عليها وقتها.
التريث فى اتخاذ القرارات، أو يلجأ لاستشارى سلوكى، ليشاركه فى اتخاذ القرار ويقيم سلوكه.السفر طبعا من أهم العوامل المساعدة فى هذه المرحلة.. وتجنب أوقات الفراغ».