لذلك يفضل بعضهن «ضل الحيط»؟!

هيام النحاس - ريشة: هبة المعداوى
الحياة الزوجية، ذلك النسيج المتألف من المودة والرحمة أو هكذا يجب أن يكون، تطرأ عليه تغيرات كثيرة فمن حلاوة البدايات إلى أزمة سنة أولى زواج ومنها تزداد المسئولية بوجود طفل أو أكثر، وهكذا تسير سفينة الحياة تصارع من منقلب لآخر.
ومرورًا بتلك التحديات هناك من يتحمل ويحتمل ويتقبل باعتبارها طبيعة الأمور فلا حلو دائم ولا مر دائم ليصل فى النهاية بحكمته وعقله إلى مرحلة الاستقرار والنضج، ومنهم من يتخبط مرتبكاً ليسقط وتتحطم سفينته فى بحر الظلمات .
والمرأة فى تلك المعادلة لها نصيب الأسد من المسئولية فى كافة العصور والمجتمعات.
ولكن اختلف هذا المفهوم بشكل كبير مؤخرا وأصبحت الزوجة أكثر جرأة فى التعبير عن حقها ورفضها لأية ضغوط يمارسها عليها الزوج وطلبها للطلاق عند استحالة العشرة بينهما .
هذه التغيرات فسرها البعض بأن المرأة «استقوت» منذ خروجها للعمل وقدرتها على تحصيل المال مما جعلها تنهى حياتها الزوجية بسهولة لأنها اصبحت مستقلة ماديا بعد أن كانت فى السابق تفكر الف مرة قبل الإقدام على هذه الخطوة لأن ليس هناك من ينفق عليها أو يتحمل مسؤوليتها هى وأبناؤها.
ورغم جدلية العلاقة بين استقلال المرأة ماديا وارتفاع نسب الطلاق كما يعتقد البعض إلا أن الجدلية الأكبر هى التى لدى الرجل الذى يريد من زوجته أن تكون عاملة وتشاركه ماديا ويظل يمارس عليها ذكورته بل ويقلل من شأنها أحيانا إذا فاقته فى المستوى العلمى أو المادى.
بارقة وعى
رغم كل تلك التحديات الاجتماعية كان وعى المرأة يزداد تجاه حقوقها بالعمل وكونها مصدر دخل لأسرتها سواء معيلة أو متزوجة.
وفى تقرير صادر عن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء استعرض حصاد الحقوق الاقتصادية للمرأة من زيادة الإناث العاملات بالقطاع الحكومى حيث بلغت 44.5 % فى الربع الثالث 2022 مقارنة بـ 37.5 % فى الربع الثالث من 2014. كما بلغ عدد السيدات اللاتى يمتلكن حسابات معاملات مالية 17.2 مليون سيدة فى يونيو 2022 وحول أسباب بعض السيدات للعمل وإصرارها على وجود مصدر دخل ثابت لها تحدث بعضهن أن فلوسها بتعززها.
«أيوه الشغل قوى قلبى»، هكذا قالت رنا خالد 32 سنة مدرسة لتحكى قصتها بعد عشر سنوات زواج فتقول : « تزوجت فى السنة الأخيرة بالجامعة بناء على إصرار زوجى لأنه يعمل بإحدى دول الخليج وكان موعد عودته تزامن مع دراستى فتم الزواج وسافر هو لعمله وأقمت مع والدتى حتى انتهى من دراستى ويتمم لى أوراق سفري.
تكمل : سافرت معه أول سنة ثم استقريت نهائى فى مصر وكان يعود إجازة شهر كل عام ورفض خروجى للعمل أو مع الأصدقاء وحتى الأقارب، ولم أعترض واستمر بنا الحال حتى أنجبت طفلى الأول وزادت احتياجاتنا ولكنه رفض زيادة مصروفى بحجة أن الحال ضاق عليه وكنت أصدقه.
تكمل : اكتشفت أنه تزوج بأخرى وعندما رفضت هذا الوضع قطع عنى المصروف بهدف تأديبى وإجبارى على قبول الأمر الواقع وخاصة أنه كان يرتب للنزول بها إلى مصر فى الإجازة ولأن ليس لدى مصدر آخر للإنفاق زاد اعتمادى على أهلى خلال الفترة التى رفض فيها الإنفاق علينا وبعد فترة اضطررت على الموافقة على زواجه وتقديم اعتذارى عما بدر منى وبدأت فى طلب الأموال لمدرسة طفلى وبدأ هو فى إرسال المال وقمت بالدخول فى جمعيات والعمل أونلاين للتجارة فى أكثر من مجال.
وبالفعل نجحت فى تحويش مبلغ مالى جديد وزادت طلباتى منه وكان يدفع على وعد منى بحسن معاملة زوجته الجديدة وخدمتها طيلة فترة الإجازة، وقبل نزوله رفعت عليه قضية خلع وهربت بابنى وحاليا اعيش أنا وابنى بكرامة .

مساومات على مرتبى
هالة محمود 27 سنة مهندس معمارى تقول:
بعد زواج دام خمس سنوات أنجبت خلالها ابنتى وبدأت المشاكل بينى وبين زوجى على أتفه الأسباب واتهامه المستمر لى بإهماله والتقصير فى واجبات بيتى وواجباتى نحوه وأنى أصبحت مادية جدا .
تكمل: كل هذه الادعاءات ظهرت عندما أخذت إجازة من العمل للوضع وبعدها لتربية ابنتى وتوقفت عن إعطائه «مرتبى» لأنى فى إجازة وتضيف : تغير الحال وأصبحت المشاكل لا تنتهى وكان يصر على عودتى للعمل لتحمل مصاريفى وجزء من مصاريف ابنتى ».
وبالفعل عدت للعمل بعد ضغوطه ولكنى كنت قد قررت الانفصال عنه لأنه لا يؤتمن ولم يكن سندا كما كنت أنتظر، تكمل: حاول الانتقام بعد الطلاق برفض دفع النفقة ولكن كنت قد رتبت حياتى وحصلت على الشقة لحضانة ابنتى وعادت حياتى إلى هدوئها واستقرارها وتكفلت بالإنفاق عليها حتى لا أدخل مع طليقى فى دوامة المشاكل أنه لم يكن يتوقع منى أبدا الإقدام على خطوة الانفصال.
تكمل: اكتشفت أنه تزوج بى للحصول على راتبى ولا يترك لى سوى القليل كمصروف شخصى وبمجرد انقطاع هذا الراتب تحول إلى شخص آخر طماع وجشع، وفى النهاية أدركت أنه عبء على حياتى لذلك كان الانفصال هو الحل».
ضل الحيطة
تقول الدكتورة عزة فتحى أستاذ علم اجتماع جامعة عين شمس، أن المفهوم الشعبى المتداول حول « ضل راجل ولا ضل حيطة » تراجع إلى حد كبير وإن كان مازال موجودا على استحياء بحجة الستر، ورغم حالة الوعى التى انتشرت لاسيما فيما يخص المرأة فإن النظرة الذكورية مازالت موجودة وستظل. لأن رتفاع مستوى تعليم المرأة وزيادة دخلها أحيانا يصبح مشكلة لدى الرجل الذى يريد أن. يتحكم بها ماليا واقتصاديا حتى تظل فى حاجة له.
وهذه ثقافة ذكورية تقليدية وإن ادعى البعض غير ذلك. والحل فى زيادة الوعى وتغير النظرة السلبية تجاه المرأة.
على جانب آخر يقول الدكتور مصطفى أبوزيد خبير اقتصادى أن الدولة أتاحت الفرصة للمرأة خلال السبع سنوات الماضية من خلال التمكين الاقتصادى والتصعيد للمناصب التنفيذية والتى ساهمت بشكل كبير فى استقلاليتها.
يضيف: فى ناحية أخرى فإن المتغيرات الاقتصادية التى حدثت خلال السنوات الماضية تزامنا مع خطوات الإصلاح الاقتصادى والضغوط التى فرضتها تلك الخطوات على الأسرة المصرية وعلى المرأة تحديدا شكلت عندها وعى أنه لابد من إيجاد بدائل لزيادة الدخل من خلال فرصة عمل مناسبة أو امتهان حرفة تدر عليها دخل يساهم فى متطلبات الحياة إضافة إلى التسهيلات التى قدمتها الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى نجحت فى استغلالها.
يقول : ولا شك أن المرأة التى لديها عمل ودخل ثابت بالتأكيد لها قدرة أكبر على اتخاذ قرارتها منفردة وقوية خاصة إذا كانت غير متزوجة أو تعول لكن إن كانت متزوجة ورب الأسرة موجود المفترض أن تكون هناك مشاركة حقيقية لمواجهة متطلبات الحياة».
وحول إذا ما كان عمل المرأة مالها الخاص قد أفسد حياتها الزوجية وجعل منها متمردة على زوجها كما يشيغ البعض قال أبوزيد: فى الحقيقة يعود هذا الأمر لشخصية المرأة ونفسيتها فإذا كانت تعيش حياة سوية بلا ضغوط فبالتالى ستشارك بكل رحابة وجدية مع زوجها بل قد تمتهن أكثر من مهنة إذا استدعت الحاجة لذلك ولكن إذا كانت مضغوطة وغير سعيدة وراضية فبلا شك سيؤثر ذلك على أسرتها والمحيطين بها بالسلب».