احذر مرض الأزواج الصامت.. قبل الانفجار
روشتة للتخلص من التراكمات
شاهندة الباجورى ريشة: أحمد جعيصة
مرض صامت يولد داخل عش الزوجية، ويتوغل بخبث شديد حتى يتمكن من أواصر علاقة الرباط المقدس، فيستيقظ الزوجان ذات يوم على شعور باستحالة الاستمرار فى الزواج، ويكون الطلاق هو النتيجة.
إنها التراكمات النفسية التى تستهلك رصيد الحب والمودة بين الشريكين، حتى ينفد، ويصبح القلب خاويا، وتتوق النفس إلى التحرر من أسر الزواج الذى أصبح قيدا بعد أن كان جنة للعاشقين فى الأرض.. ندق ناقوس الخطر مع خبراء علم النفس والاجتماع، قبل أن ينفجر البركان.
تحدثنا إلى أ.د نادية رضوان- أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب، جامعة بورسعيد، التى أكدت لنا أن التراكمات النفسية هى فى حقيقة الأمر عرض وليس مرض، وأن المشكلة تكمن من بداية لقاء الشريكين.
تبدأ د.نادية بسرد المشكلة من البداية، فتقول: الاختيار هو المرحلة الأولى والأساسية فى الحياة الزوجية، وهذا يتضمنه مستوى التعليم والمستوى الاجتماعى والثقافى، وتفكير الأسرة وطريقة التربية، وتكوين الشخصية.
فبكل تأكيد شخصية كل فرد منا تختلف عن الآخر، لكننا حين نتقابل مع الطرف الآخر، تخطفنا الانطباعات الأولى، والصفات الظاهرية دون التطرق أو التوغل لداخل الفرد، واكتشاف طباعه، ومن ثم قد تحدث المفاجأة بعد أن نتزوج ونغلق علينا بابا واحدا.
تشير د. نادية رضوان إلى أن أهمية التعرف على الآخر جيدًا قبل الارتباط ومعايشة تفاصيله تحد كثيرا من المشكلات التى يقابلها الزوجان بعد الزواج، تلك المشكلات التى تؤدى إلى التراكمات النفسية لدى الطرفين، فالتراكمات النفسية تنتج من زوجات وأزواج يحرجون من التحدث للآخر فى بداية الزواج، حتى لا يغضب الشريك، أو يكون هناك طرف شديد العصبية، وبمجرد أن يلوم عليه الطرف الآخر، ينفجر فيه مخلفًا آثارًا نفسية سلبية تزيد من تلك التراكمات، وتصبح أعنف.
علينا ألا نغفل أيضا عن الدور الذى أصبحت تلعبه المرأة، والمسئولية الشاقة الملقاة على عاتقها، من تربية الأولاد، والأكل، والمذاكرة، والتمرين، فضلا عن عملها، فالمرأة أصبحت تعمل كالرجل بسبب الأعباء المادية، وبعد كل ذلك من الممكن ألا يقدر الزوج ما تفعله ، ويسئ إليها بكلمات تزيد من ضغوطها النفسية.
كل هذه الأسباب تعمل على تصاعد وتيرة التراكمات، فيلجأ كل طرف إلى جزيرته المنعزلة عن الطرف الآخر، وتتسع الهوة بينهما. تشبه د.نادية رضوان تلك التراكمات بالزجاجة التى تمتلئ نقطة نقطة، وشيئا فشيئا تصل الزجاجة إلى آخرها وتفيض عن سعتها، فنجد عبارات على لسان الزوجين، مثل: «أنا فاض بيا، ما بقتش مستحملة العيشة» لدرجة أن هناك بعض الأزواج يكرهون رؤية الطرف الآخر، ويتهربون منه دوما.
وللأسف فى هذه المرحلة يكون الحل شبه مستحيل، وتتبدل الأحوال؛ من حالة العشق والتمنى إلى حالة الكره والنفور.
وهنا يجد الزوجان أنفسهما أمام خيارين: أحدهما الارتضاء بالوضع، والحياة المستحيلة بسبب وجود الأطفال، ولذلك فأنا أنادى دوما بعدم الإنجاب فى بداية الزواج، والانتظار لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات حتى يكتشف كل طرف الآخر، ويتأكد أنهم مستعدون ومؤهلون للخلفة، والتربية، وعدم ظلم الأطفال.
أما الخيار الثانى، فهو الطلاق الذى أصبح هو الآخر مأساة، أو ما أصبحنا نراه من جرائم غريبة لم نكن نعهدها من قبل.
وللتراكمات النفسية عند الزوج أو الزوجة مؤشرات، على الطرف الآخر الانتباه إليها عند الشعور بها، وملاحظتها، والعمل على التغير الفورى والإصلاح الذاتى قبل فوات الأوان، ووصول الطرف الآخر إلى ذروة الإرهاق النفسى والعاطفى، منها: الغضب المفاجئ والعصبية الشديدة لأتفه الأسباب، حتى ولو لم يستحق الأمر، الأمر الثانى هو الحساسية المستمرة بسبب أو بدون، عدم التواصل وبدء أحد الطرفين فى عدم الاكتراث لمناقشة تفاصيل حياته كما كان يفعل من قبل، وهذا ينقلنا إلى تغير نمط الحياة المفاجئ، والقيام بعادات جديدة، أو حتى التخلى عن عادات قديمة كان يعتادها الزوجان.
وأهم تلك السمات التى تطرأ على أحد الأطراف، ومن شأنها أن تلفت نظر الطرف المنكوب هى عدم الثقة وفقدان الأمان وهذا يتضح جليًَا للزوج أو الزوجة.
فكل هذه التغيرات مؤشرات لوجود خلل فى الزواج بسبب التراكمات، وحينها على الزوجين أن ينتبهوا جيدا حتى لا تزيد حدتها، وتفيض وتصبح خطوة الرجوع فى منتهى الصعوبة.
وفى النهاية تقدم د.نادية روشتة للتخلص من التراكمات النفسية أولا بأول، أهمها: الاتفاق منذ البداية على المصارحة بشكل مستمر، والتحدث الدائم بين الزوجين، وخلق مساحة مشتركة وأرضية واحدة للطرفين، كالاهتمامات المشتركة، وممارسة هوايات معا، أو تخصيص وقت للخروج معا والتحدث.
ولا مانع على الإطلاق من اللجوء إلى متخصص فى العلاقات الزوجية يتعامل مع الأمر بشكل علمى متخصص.
نصيحة أخرى قدمتها د.نادية رضوان من قبل لإحدى الزوجات تقول: كنت أقول لها أى موقف يضايقك من زوجك، اكتبى له رسالة، أخبريه بكل مشاعرك وما يضايقك، وهذا له جانبان إيجابيان؛ الأول: إفراغ شحنة الغضب، ومراعاة عدم تكون تراكمات، والثانى: إخبار الطرف الآخر مع ضمان عدم المواجهة التى لا تنفع مع بعض الأشخاص، وإعطاء الطرف الآخر الوقت للهدوء، ثم الجلوس ونتكلم بأريحية، وهى طرق فعالة فى منع التراكمات التى تؤدى للطلاق.