الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سيدة قرطاج السابقة.. أسرار ومؤامرات

سيدة قرطاج السابقة.. أسرار ومؤامرات
سيدة قرطاج السابقة.. أسرار ومؤامرات


«وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة تدفعه للأمام»، مقولة شهيرة قالها أجدادنا، لكنها تحولت فى واقع السياسة العربية خاصة بلدان الربيع العربى إلى مقولة معاكسة فأصبحت «وراء كل رجل عظيم امرأة تقوده للهاوية»!
 
 
ثورات الربيع العربى لم تتفجر ضد رؤسائها فقط، بل كان للسيدة الأولى نصيب كبير منها.
ولهذا قررنا فتح ملف السيدة الأولى فى بلدان الربيع العربى.
 
 
أسرار، خفايا، إنجازات، إخفاقات، ومؤامرات الحرملك، ترصدها «صباح الخير» فى السيدة الأولى لبلدان الربيع العربى.
 
 
 
«سيدة قرطاج» هو اللقب الذى أطلق على السيدة الأولى فى تونس سابقا «ليلى الطرابلسى» الشهيرة بـ «ليلى بن على» وهى الزوجة الثانية والحالية للرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على، وظلت ليلى بن على تحمل هذا اللقب حتى 14 يناير 2011، واشتهرت «ليلى» فى الأوساط التونسية بمشروعاتها الخيرية والعمل العام فى مجال المرأة، حيث ترأست منظمة المرأة العربية، جمعية بسمة الخيرية التى تعمل لإتاحة فرصة عمل للمعاقين، وكانت أول سيدة عربية تؤسس جمعية لمساعدة مرضى السرطان.
 
 
 
وكانت تعشق الانتماء إلى الطبقة الأرستقراطية فى تونس، غير أن أحدا لن يصدق أن تلك السيدة التى تبدو على ملامحها الأرستقراطية لها وجه آخر، حيث إنها بدأت حياتها فتاة بسيطة من قاع المجتمع التونسى، ولدت عام 1957 لأب يعمل بائعا للخضروات والفواكه، لها أربعة أشقاء، حصلت على الشهادة الابتدائية ثم التحقت بمدرسة «الحلاقة» وعملت بتلك المهنة، وخلال تلك السنوات تعرفت على زوجها الأول رجل الأعمال خليل معاوى، وكان عمرها وقتها فى الثامنة عشرة، وتزوجته وطلقت بعد ذلك بثلاث سنوات، واستطاعت استثمار تلك الزيجة فى التعرف على عالم المال والأعمال ورجال الأعمال، وكونت شركة صغيرة للتجارة بين تونس وإيطاليا، غير أن زواجها الثانى من الرئيس بن على جاء أيضا عن طريق مهنة «الحلاقة».
 
 
لكن السؤال الأهم فى حياة ليلى الطرابلسى هو كيف تعرفت على رئيس تونس «زين العابدين بن على» والملقب بالرئيس الأسطورة فى تونس؟!
 
 
والحقيقة أن التعاون بدأ بينهما مبكرا فى حياة كل منهما، وله قصة سرية كما يذكر فى «وكيبيديا» فقد تعرف بن على على ليلى الطرابلسى أثناء توليه مديرية الأمن الوطنى، وكانت ليلى مالكة لصالون حلاقة نسائى «كوافير» فى تونس العاصمة، كان بن على يشرف بنفسه على مداهمات تحدث لمحلات أو أماكن تصل أخبار عنها إلى الأمن بمخالفات قانونية، وفى إحدى مداهماته لمحل ليلى الطرابلسى تعرف عليها، لكن «شبك» الغرام بين الاثنين وانتهى بعلاقة خاصة، سرية بالطبع واستمرت سنوات حتى انتهت بزواج مستمر، خاصة أن بن على وقتها كان متزوجا، وعندما عين بن على ملحقا عسكريا فى المغرب كانت ليلى تزوره باستمرار فى منفاه القريب، رغم اصطحابه لزوجته الأولى نعيمة الكافى، وبناته الثلاث منها غزوة، ورصاف، وسيرين.
 
 
وعندما تولى زين العابدين بن على السلطة فى تونس كان أول قرار يتخذه هو تطليقه لزوجته الأولى أم بناته ليتزوج من ليلى الطرابلسى، خاصة أن والد زوجته الأولى الجنرال الكافى كان قد مات!
 
 
والمعروف أن القانون التونسى يمنع تعدد الزوجات، ورغم أن الزوجة الجديدة ليلى كانت محل سخرية المجتمع الراقى التونسى، فإن الحجة التى ساقها الرئيس كانت تبدو مقنعة، حيث كان يروج أنه بحاجة إلى صبى، بعد أن عمرت له نعيمة زوجته الأولى منزله بالبنات، وبالفعل نجحت ليلى فى إنجاب ثلاثة أنجال له هم: نسرين، وحلجة، ومحمد.
 
 
وبالفعل استطاعت ليلى طرابلسى أن تلعب دور السيدة الأولى ببراعة تحسد عليها، غير أنها على الوجه الآخر اعتبرها البعض مارست سلطات أقوى مما يخول لها الدستور وتعدت مهام رئيس الجمهورية، فكان بإمكانها مثلا أن تعين وزيرا أو سفيرا بيدها اليمنى، بل الأكثر هو أن تدفعهما للاستقالة بيدها اليسرى!
 
 
كما قيل عنها إنه كان بإمكانها أيضا أن تزج بمسئول ما فى السجن وتطلق سراحه أيضا بعد لحظات معدودة، واعتبرها أغلب التوانسة أنها تملك مفاتيح الحياة والموت فى تونس.
 
 
ففى أكتوبر 2009 صدر كتاب «حاكمة قصر قرطاج يد مبسوطة على تونس» فى فرنسا، لمؤلفين نيكولا بو وكاثرين كراسين، لكنه منع داخل تونس، حيث تناول الكتاب قضية هيمنة زوجة الرئيس على مقاليد السلطة فى تونس، وكيفية سيطرة عائلة ليلى الطرابلسى على جميع مجالات الاقتصاد خاصة بعد أن تدهورت صحة الرئيس، بل إنها عينت جميع أقاربها فى مناصب حساسة بتونس.
 
 
ومن الأسماء الشائعة عنها فى الشارع التونسى اسم «الحجامة» أى الحلاقة باللهجة التونسية، ليس للإشارة إلى مهنتها القديمة، لكن بل للتعبير عن استخفافهم التوانسة بها، غير أنها فرضت على الإعلام لقب «السيدة الفاضلة» أو السيدة الأولى.
 
 
∎ حقيقتى
 
 
«حقيقتى» هو اسم الكتاب الذى أصدرته ليلى الطرابلسى بعد الثورة التونسية لتدافع فيه عن نفسها وقد كتبته بالفرنسية، لكنه منع أيضا من التداول داخل تونس.
 
 
وآخر شائعة أطلقت على ليلى الطرابلسى كانت بعد اندلاع الثورة التونسية وهروبها وعائلتها خارج تونس وقيل إنها تقطن قصرا منيفا بالسعودية، ومن هناك طلبت من زين العابدين الطلاق حتى تتزوج من مدير مكتبه الذى يصغرها بخمس سنوات!
 
 
كذلك حكايات المعارك التى دارت فى حرملك قصر قرطاج بين السيدة سها عرفات وليلى بن على، وقت استضافة الرئيس بن على لسها عرفات، اعتبرها الساسة والإعلاميون العرب من أهم الفضائح ضد سيدة قرطاج، وقد وصفتها سها عرفات بأنها شخصية شيطانية، وأنها قامت بطردها من تونس وألقت بأغراضها فى الشارع، كان هذا قبل سنوات عندما طلب من سها ترك تونس وقيل إن أحد إخوة ليلى كان يريد الزواج منها.
 
 
قالت السيدة سها عرفات إن الخلاف بدأ عندما فكرت، أى سها، أن تقيم مدرسة أمريكية مع صديقة تونسية فى تونس وطلبت من زين العابدين قطعة أرض، لكن ليلى طلبت أن تقوم هى بالمشاركة معها غير أن الشركاء الآخرين رفضوا.. وعلى أثر ذلك أضطررت لمغادرة تونس فقام الأمن وفقا لأوامر من ليلى باقتحام بيتى فى تونس، وقاموا بتمزيق صورى الشخصية وأخفوا هدايا رمزية تخصنى أهديت لى من قبل رؤساء وحكومات.
 
 
وقاموا بوضع أغراضى بشنط، واتهمونى بأننى أخذت مفاتيح قصر الضيافة وعلمت فيما بعد أن ليلى كانت تريد بيع أغراض بما فيها ملابس تخص أبومازن وهى تعتبر أثرية!
 
 
وأيضا طلبت من المخابرات التونسية التخلص منى، وقالت ستقوم هى بتربية ابنتى زهوة، وقد أبلغت بتلك المعلومات من مسئولين أوروبيين، واتفقت معهم أن أصمت لوقف تلك المأساة.
 
 
وإذا كان ما أوردناه سابقا هو رأى الآخرين فى ليلى بن على، ليلى الطرابلسى سابقا، إلا أن الأمانة المهنية تقتضى منا رصد ما كتبته ليلى للدفاع عن نفسها وهو ما أصدرته فى كتاب «هذه حقيقتى» الذى كتبه لها الكاتب الفرنسى «إيف ديراى» استنادا لشهادتها وشهادة بن على نفسه، طبقا لقول الكاتب فى مقدمة الكتاب، الكتاب صدر بالفرنسية فى باريس، ولم يسوق فى تونس، لكن نشرت منه مقاطع على الفيس بوك، الغريب أن ليلى نشرت على غلافه صورة لها بالحجاب للمرة الأولى!
 
 
ويؤكد الكاتب «إيف ديراى» بأنه اتصل بليلى بن على عبر وسيط، وبعد عدة لقاءات على «السكايب» اتفق كلاهما على مشروع الكتاب، الذى صدر فى أربعة محاور رئيسية اختارت ليلى أن يبدأ بالفصل الأخير فى حياتهم فى السلطة، أى آخر يوم فى نظام بن على فى تونس قبل رحيله.
 
 
المحور الثانى تضمن سردا للسيرة الذاتية ليلى بداية من طفولتها وحتى حصولها على منصب «سيدة تونس الأولى»، أما الثالث فهو عن فترة الحكم، وفى هذا الفصل دافعت عن نفسها ضد الاتهامات التى وجهت لها بالفساد واستغلال النفوذ، أما الفصل الأخير فكان عن حياة المنفى التى تعيشها الآن، ومنذ اندلاع الثورة التونسية فى المملكة العربية السعودية.
 
 
أهم ما حرصت ليلى على التأكيد عليه طوال رواياتها، كما تضمن الكتاب قصة الحب التى بينها وبين بن على والتى تصفها بأنها مستمرة إلى اليوم!
 
 
أكدت أن مستواها التعليمى ضئيل وأنها أخفقت فى الحصول على شهادة «البكالوريا» المؤهلة للجامعة فى تونس ونفت أن تكون قد حصلت على أى شهادات جامعية أجنبية، وأن ما قيل عن حصولها على شهادة عليا أجنبية بالحقوق هو شائعات!
 
 
الغريب أنها أيضا أقرت أنها عاشت فترة قبل زواجها من زين العابدين عشيقة له لأنه كان متزوجا وله ثلاث فتيات منذ تعرفت عليه 1984.
 
 
اعترفت أيضا فى الكتاب بأنها أنجبت ابنها محمد عام 2005 بواسطة تقنية «التلقيح» الاصطناعى وبأنها قامت بكل الإجراءات الطبية فى تونس لا خارجها.. وصفت أيضا عددا من المقربين لهم والتوانسة بأنهم ألد أعدائها واتهمتهم بالخيانة لها ولزوجها وجاء على رأسهم كمال عبداللطيف الصديق السابق لزين العابدين بن على.. ووصفته بأنه ألد أعدائها وأنه حاك كل الدسائس ضدها لإبعادها عن بن على وأنها هى التى تخلصت منه بالفعل!.. واتهمته بأنه كان يخطط لتدمير البلاد وهو الذى كان يشيع عنها الفساد!.. واتهمت عديدا من عائلة بن على نفسه بأنهم دبروا لقتلها وابنتها!
 
 
كثير من التفاصيل روتها ليلى فى كتابها «حقيقتى» لتؤكد فكرة التآمر عليها وعلى زوجها وتنفى تهمة الفساد التى تلاحقها وزوجها، لكنها للأسف أى قارئ متعمق سيجد أن أدلة النفى التى حاولت أن تؤكد بها براءتها هى نفسها أدلة إثبات التهمة.. ومنها أن محمد بوعزيزى الشاب الذى انتحر وكان شرارة الثورة التونسية لم يكن هو الوحيد الذى انتحر، لكن سبقه خلال شهور شابان آخران وهى تعتبر ذلك مدبرا ومؤامرة لاندلاع الثورة!.. وأن نيكولا ساركوزى رئيس فرنسا السابق هو من قال لبن على وأقنعه بعدم ملاحقة المسئولين فى قضية التخت التى اتهم فيها عماد الطرابلسى بسرقته، وأكدت أن زوجها لم يكن مصابا بسرطان البروستاتا، لكنه مصاب بعدم انتظام دقات القلب!
 
 
وأنه كان يقوم بإعداد آخر وزير خارجية فى عهده «كمال مرجان» لخلافته كرئيس وأنه مكنه من عدة وزارات لإعداده خاصة أنه كان محل ثقته وأحد أقربائه!
 
 
∎ المصادر
 
 
كتاب « حقيقتى» مذكرات ليلي بن علي صدر بفرنسا 2012 وكتاب «حاكمة قصر قرطاج يد مبسوطة علي تونس» صدر بفرنسا 2009
 
 
وكيبيديا.. موسوعة وحلقات مسجلة للسيدة سها عرفات.. وحوار لفضائية الجوهرة ومنشورة على You Tube