حماية للمواطن أم لمافيا الأسواق!!
ولاء الشنواني وريشة نسرين بهاء
مشروع قانون جديد لحماية المستهلك، ربما يظهر للنور خلال أيام للقضاء على الفوضى التى تسيطر على السوق المصرية التى تحولت لمركز لنفايات دول العالم ما بين منتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمى وسلع منتهية الصلاحية، ومرتعًا لأصحاب الذمم الخربة والضمائر الغائبة، لدينا أكثر من 200 جمعية لحماية المستهلك بجميع محافظات مصر ومازلنا نعانى الفساد الغذائى الذى يضر بصحتنا ويؤدى بها للنهاية، أصحاب الجمعيات يتهمون الجهات الرقابية بعرقلة مسيرتهم واستكمال منظومة حمايتهم للمستهلك، بالإضافة إلى عدم تلقيهم الدعم المادى والمعنوى وانصراف الإعلام عن إبراز دورهم المجتمعى، وعدم وعى المستهلكين بحقوقهم، بحثت مجلة «صباح الخير» وراء السبب الحقيقى لمعرفة الأسباب الحقيقية فى توغل الفساد الغذائى واستمراره حتى الآن.
يرى فوزى المصرى رئيس جمعية المظلة لحماية المستهلك أن بعض الجمعيات الأهلية تعمل بشكل دءوب من أجل الحفاظ على ريادة السوق المصرية، وحماية المستهلك من السلع السيئة، ودور أى جمعية يتلخص فيما يلى أولا: المادة 23 من قانون حماية المستهلك هدفها تنسيق عمل الجمعية وتمثيل المستهلك أمام القضاء، بناء على ذلك يتم تلقى الشكاوى للعمل على حلها، وبعد ذلك يتم رفع الشكاوى للمسئولين، وأخيرا مراقبة الأسواق مع الجهات الرقابية.
ويؤكد أن هناك أكثر من 200 جمعية بجميع محافظات مصر لدينا فقط 67 جمعية مسجلة كحماية مستهلك، وحوالى 40 جمعية غير منسقة مع الجهات الرقابية أو الجهات المعنية بشئون المستهلك.. أوضح المصرى أن هناك العديد من الأسباب التى تتسبب فى إعاقة عمل أى جمعية تحفظ حقوق المستهلك وأولها هو الانفلات الأمنى الذى تسبب بشكل مباشر فى عدم الرقابة بشكل جيد، ودخول المنتجات غير الصالحة للسوق وبطرق غير شرعية، ولكن نحن نعمل جاهدين بتقديم البلاغات المقدمة لدينا فى حال رصدها ثم تحويلها إلى الضبطية الرقابية، ومن هنا تبدأ مشكلتنا الحقيقية لأن مفتش الضبطية غير متعاون ويمتنع ويماطل خلال تقديم البلاغات وبالتالى لا تكتمل دائرة الرقابة بشكلها الجيد.
وناشد المصرى الضبطية القضائية بأن يكون تعاونهم واضحا مع الجمعيات الأهلية لاستكمال مشوارهم لحماية المستهلك المصرى، ففى دول مثل فرنسا يصل دعمها لجمعيات حماية المستهلك على سبيل المثال بنسبة 90٪ على عكس الجمعيات المصرية فهى لا تحصل على أى دعم أو مساعدات، ولكن مؤخرا أعلنت وزيرة التضامن فى آخر لقاء بنا موافقتها على دعم الجمعيات لتخطى هذه المعوقات ونأمل هذا.
كما طالب فوزى المصرى بمنظومة إعلامية ترتكز وتبرز الدور الحقيقى لجمعيات حماية المستهلك لزيادة وعى المواطن فى معرفة حقوقه وكيفية الوصول للجمعيات وتقديم الشكاوى لهم، فقد وصل عدد جمعيات الاتحاد الأوروبى إلى 51 مليونا بينما جمعيات حماية المستهلك لا تتعدى 150 جمعية فقط.
وتقول سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك: تصل نسبة استيرادنا للسلع الأساسية من الخارج إلى 60 ٪ وسعر السلعة يرتبط بالعرض والطلب وجمعية حقوق المستهلك لا تستطيع وحدها ضبط أسعار السوق، لأن هناك سلعًا ترتبط بسعر الدولار الذى أصبح 7 أضعاف الجنيه المصرى، الدولة فقط هى التى تستطيع تحقيق هذا التوازن.
السوق المفتوحة تتيح الفرص للمستوردين ذوى الذمم الخربة يدخلون منتجات وسلعًا رديئة بأقل أسعار بصرف النظر عن الجودة، لأن المواطن المصرى يبحث أولا عن سعر السلعة دون جودتها، بالإضافة إلى الحالة التى تمر بها مصر من انفلات أمنى وأزمة اقتصادية التى يعانى منها المواطن المصرى وهذا يجعل السوق رائدة للنوعيات الرديئة من السلع.
وقالت: أنشأت الجمعية عام 1996 وكنا نعمل ضد التيار ونواجه العديد من الصعوبات، حتى صدر قانون 67 لحماية المستهلك لعام 2006 ومن أجل هذا القانون تم إنشاء جهاز حماية المستهلك، وبالتالى ترتب على هذا الدعم الكلى من الحكومة المصرية للجهاز ومنحه جميع الصلاحيات، أما جمعيات حماية المستهلك فلاتزال تحت بند جمعيات أهلية ولا تلقى أى دعم من حكومتنا وتعمل بالمجهود الشخصى ومواردها ضعيفة جدا، بالإضافة إلى ضعف ثقافة المستهلكين بأهمية هذه الجمعيات واعترافهم أنها صوتهم وحلقة للحفاظ على صحتهم، ومحظور علينا بالقانون تمويلنا بأى دعم من الموردين وهذا بسبب تعارض المصالح.
وأضافت أن الإعلام يرتكز على جمعيات حقوق الإنسان علما بأن الجمعيات الاستهلاكية ترتبط مباشرة بحياة الإنسان وهى حقوقية بشكل أكبر ولابد أن تحظى بمزيد من الاهتمام، فالمنظومة المحيطة بجمعية حماية المستهلك مختلة.
وأوضحت قائلة فى لقائى الأخير بإحدى الغرف التجارية وكان موضوعنا الأساسى هو سلامة الغذاء ونحن نخطط حاليا لإنشاء جهاز لسلامة الغذاء ولكننا فى احتياج للاتحاد والعمل المشترك وتذليل العقبات.
محمود العزقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء أن جمعيات حماية المستهلك فى مصر قدرتها على حماية المستهلك ضعيفة، لأنه ليس هناك وعى لدى المواطنين بمفهوم حماية المستهلك ودور المجتمع المدنى وأهميته فى هذا المجال، مقارنة بدول أوروبا تقدم الدعم الكامل دون مراعاة أى مصالح شخصية، وبالتالى تشكل جماعات ضغط حقيقية، نحن لا نمتلك جماعات الضغط الفعلية لأن المصالح هى التى تحدد اتجهاتنا فى العمل، فعلى سبيل المثال لدينا ثلاث قنوات فضائية تحتل الصدارة فى المنافسه الإعلانية لجميع السلع والمنتجات بصرف النظر عن جودتها أو فرض رقابة على صلاحيتها.
وأضاف أنا لا أنتظر شكاوى المستهلك بل أبحث وراء كل ما هو غير صالح ونحن قدمنا البلاغ الأول ضد منظمة يوسى ماس أمام الجهة القضائية ولكننا نحتاج لمنظومة إعلامية حقيقية ودعم حقيقى من حكومتنا المصرية وتغيير ثقافة المستهلك تجاه جمعيات حماية المستهلك.
مصطفى النشرتى أستاذ اقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن الدولة هى المسئول الأول فى هذه الفوضى العارمة بالسوق المصرية، فالدولة لديها هيئة تسمى بهيئة التوحيد القياسى وهى التى تقوم بوضع المواصفات القياسية للسلع، ودرجة الجودة وفقا لمنظمة التجارة العالمية وتضع شروطا بيئية للسلع المستوردة فلا يجوز الدخول فى سلع شارك فى تصنيعها مسجونون أو أطفال، ومنع دخول سلع تدعو لتلويث البيئة وإلقاء المخلفات بالمياه أو التلويث الجوى، وهذا نظام تعمل به كل دول أوروبا وبالتالى تمنع دخول السلع المصرية من الأسواق الأوروبية إذا كانت المنتجات الزراعية مصابة بأمراض أو غير صالحة للاستهلاك طبقا للنظام الاقتصادى، فدور الدولة هو التنظيم والرقابة ولكن الدولة حاليا خرجت من إنتاج السلع والخدمات ولم تباشر دورها فى الإشراف والرقابة حتى أصبحت السوق المصرية مرتعًا للسلع الرديئة وغير الصالحة للاستخدام، جهاز حماية المستهلك هو المسئول عن منع دخول أى سلع رديئة ومنع الاحتكار وفرض أسعار السلع على المستهلك، وليست بمسئولية المجتمع المدنى لأن دورها مساعد، فهو دور محلى ومحدود، ونطالب بعودة دور الدولة واستعادة هيبتها مرة أخرى.. ويضيف د.صلاح العمروسى باحث اقتصادى بمركز البحوث العربية والإفريقية، أن الجمعيات الأهلية دورها محدود ومحلى أيضا ويجب دعمه من الدولة لأنه تابع للمجتمع الدولى، ولا بد من التزام جميع الجهات المعنية وتضامنها معه لأن المنظومة الرقابية لها شق جنائى وليس رقابيًا فقط، بالإضافة إلى تعدد الاختصاصات التى يقوم بها بعض الجهات غير المتخصصة، وتعمل لصالحها الشخصى.
وأشار إلى أهمية عودة الأمن داخل الشارع المصرى وتفعيل القوانين لكى يعود الحزم والانضباط مرة أخرى وتراجع أصحاب الضمائر الخربة عن استيراد كل ما هو ضار وسيئ.