
د. رانيا يحيي
رفائيل تروخيو قاتل النساء
يوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر أعلنته الأمم المتحدة يومًا عالميًا للقضاء على العنف ضد المرأة، باعتبار هذا الملف يشكل خطورة على كثير من نساء العالم، حيث لا تزال المرأة تعانى من جميع أشكال العنف فى الدول المتقدمة وكذا الدول النامية، فهى قضية شائكة، لا تقتصر على الدول العربية أو مجتمعات دول العالم الثالث، وإنما تظل محل اهتمام نظرًا لما وصلت إليه الأعداد المتضخمة من السيدات المعنفات، فثلث سيدات العالم يعانين من العنف بأشكاله، لذا يأتى هذا التاريخ الذى أقره النشطاء والحقوقيون نظرًا لبشاعة العنف الذى واجهته المرأة وتضامنًا لوقف نزيف الألم.
جسد هذا اليوم جريمة وحشية لقتل الأخوات ميرابال عام 1960، كن أربع شقيقات رفضن ديكتاتورية حاكم جمهورية الدومينيكان رفائيل تروخيو، فعارضن سياساته المستبدة وتصدين للظلم والقمع، وناضلن من أجل الحرية، حتى وقع ثلاثة منهن ضحية لهذا الديكتاتور المستبد الذى أمر بقتلهن، وظلت الشقيقة الرابعة على قيد الحياة فلعبت دورًا مهمًا فى الانتقام لشقيقاتها وبلوغ الأمر لذروته ما كان نهاية حكمه وطغيانه، وليكون هذا اليوم تخليدًا لذكرى هؤلاء الثائرات نحو الحرية، من خلال حملات حقوقية وأممية للتوعية بهذه القضية إلى أن بات اليوم العالمى لمناهضة العنف ضد نساء العالم.
وعبرت الكاتبة الأمريكية جوليا ألفاريز عن هذه الوحشية فى روايتها الشهيرة «فى زمن الفراشات» والتى صارت فيلمًا جسّد هذه الجريمة بالصوت والصورة حتى تصير محفورة فى الأذهان، ونأخذ منها غاية نحو القضاء على جميع أشكال العنف المتعددة، منها اللفظى والجنسى، والجسدى والنفسى، والاقتصادى والمجتمعى، ورغم الجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة ومؤسساتها وفى المقدمة المجلس القومى للمرأة لبتر تلك الظواهر من مجتمعنا، إلا أننى أرى أن هناك بعض الأسباب التى تكرس لاستمرارها بشكل أو آخر، أو على الأقل التمادى فى رعونة الطرف الثانى، وحصد مزيد من الضغط على المجنى عليها، حيث تحاط كثير من قضايا العنف بالصمت والمقصود به السلبية من طرف المرأة والتى تزيد من القهر ضدها والعنف فى مواجهتها، ما يؤدى للسبب الثانى وهو الإفلات من العقاب وعدم محاسبة الجانى ما يجعله يستبيح أفعاله ويعتادها بلا رادع، بالإضافة لهذين السببين نجد بعض أشكال العنف يجابهها المجتمع باعتبارها وصمة عار نظرًا للعادات والتقاليد الراسخة ما يشكل عبئًا مضاعفًا على المرأة فتظل الطرف الأضعف فى المعادلة فتجنى مزيدًا من العنف.
علينا أن نتكاتف جميعًا من أجل القضاء على جميع أشكال العنف وأن نحذر الرجال من تعنيف المرأة، وكذلك نوجه رسالة مهمة للمرأة ذاتها باعتبارها أحيانًا عدوة لنفسها، أو قد تكون مصدر إيلام نفسى وبدنى لبنى جنسها، الأمر يستوجب وقفة حاسمة وبقوة فى ظل دولة تقدر المرأة وتجلها، وقيادة سياسية واعية حكيمة أدركت قيمة المرأة وأزكتها بأزهى عصورها.. فهنيئًا لكل سيدات مصر وعظيماتها وليستمر النضال تحت شعار «لا للعنف».