صناع الضاحك الباكى:
ملحمـة فنيـة.. و فاضـل كلمـة الســر

هبة جلال
نجيب الريحانى فنان استثنائى لا يختلف اثنان على أدائه المُتميز، فقد وهب حياته للفن وأجاد كل الأدوار التى لعبها، ونظرًا لكل ما قدمه طوال حياته، وتكريمًا وتخليدًا لذكراه، تم تجسيد سيرته الذاتية فى مسلسل «الضاحك الباكى» الذى بدأ عرضه مؤخرًا، ويقوم ببطولته الفنان عمرو عبدالجليل، ويمثل عودة من جديد لأعمال السير الذاتية بعد غياب دام 12 عامًا.
فما الذى دفع القائمين على العمل لتناول هذه السيرة الذاتية، وما الذى جذب أبطال العمل للمشاركة فيه، وكيف تعاملوا مع فكرة تقديم شخصيات حقيقية يعرفها الجمهور، وماذا عن تحضيراتهم للشخصيات، وكيف خرجوا من عباءة التقليد.. حول كل ذلك وأكثر كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع عدد من صُناع مسلسل «الضاحك الباكى».

فنان استثنائى
يقول السيناريست محمد الغيطى، مؤلف العمل، إنه تبنّى الفكرة وتحمّس لها وتعامل معها بحُب وشغف وعشق، لأن نجيب الريحانى فنان استثنائى، فقد حوَّل المسرح من الفارس للكوميديا السوداء، لكن جمهوره لا يعرف عنه شيئًا سوى 7 أعمال سينمائية، على الرغم من أن المسرح هو الأساس فى مشواره الفنى، ولكن لم تُسجل له أية عروض مسرحية خاصه به.
أضاف: «عُدت لجميع المراجع التى تناولت هذه الحقبة التاريخية وكل المذكرات التى تناولت الأحداث السياسية والتاريخية، فالشخصيات السياسية والفنية ظهرت فى المسلسل بما يخدم المحور الرئيسى للعمل فى خلفية الأحداث وعلاقتها بنجيب الريحانى».
ويُشير الغيطى خلال حديثه لمجلة «صباح الخير» إلى أنه قدم فى «الضاحك الباكى» مزيجًا بين البُعد السياسى والذاتى والاجتماعى والوطنى. ورغم أن العمل يندرج تحت مسمى أعمال السير الذاتية إلا أنه شمل لمحة عن منهج الواقعية السحرية فى الدراما.
كما أوضح أنه على مدار أكثر من 12 عامًا لم يتم تقديم أى أعمال تاريخية أو دينية أو سير ذاتية، وبالتالى بذل مجهودًا كبيرًا حتى يُقنع الصُناع والمنتجين بهذا العمل، إلى أن اقتنعوا به بالفعل، مشددًا على أن الشركة المُنتجة بذلت جهودًا كبيرة حتى يخرج العمل بشكل جيد ومختلف عن المتواجد على الساحة.

سيرة بديعة مصابنى
من جانبها، تؤكد الفنانة رزان المغربى أن عوامل الجذب فى مُسلسل «الضاحك الباكى» كثيرة، لذلك لم تتردد فى قبول الدور، موضحة أنها تعيش أجمل قصة فى حياتها الفنية، لأن كواليس العمل أكثر من رائعة بقيادة المُخرج محمد فاضل، خاصة أن وجوده أضفى على العمل الاحترام والمحبة.
وفى حديثها لمجلة «صباح الخير» تُشير المغربى إلى أنها سعدت كثيرًا بتقديم شخصية بديعة مصابنى ضمن أحداث العمل، لأنها شخصية مشهورة ومحبوبة وسيدة ذكية تغلبت على جميع الصعاب التى واجهتها، وغيّرت فى فن الرقص، كما نجحت فى الدمج بيّن الرقص الأجنبى والشرقى، وعلاقاتها بالآخرين كانت قوية ومُعظمها كانت مع نخبة المجتمع.
تابعت: «فى البداية أحببت الاستعراضات والغناء والتمثيل والرقص المتواجد فى الشخصية، لكن عندما تعمقت فى التمثيل بشكل أكبر أحببت الدراما الموجودة فى الدور ومواقف بديعة مصابنى. وبالرغم من شُهرتها الكبيرة إلا أنها لم يُعرف عنها تفاصيل كثيرة، فلم أجد لقاءات مصورة لها بمراجعى، بل كانت كلها كُتب تناولت حياتها وصحف ومجلات، بالإضافة لسيناريست العمل محمد الغيطى».
قيادة محمد فاضل
فى السياق ذاته، يقول الفنان ياسر الطوبجى إن مُسلسل «الضاحك الباكى» عمل فنى مهم وتاريخى لأيقونة الكوميديا نجيب الريحانى، ووجود المُخرج محمد فاضل شجعه كثيرًا على المشاركة، فهو قائد بالمعنى الحرفى للكلمة، حيث اتفق معهم جميعًا على عدم تقليد الشخصيات، بل تناولها بأحداثها وظروفها الحياتية والصعوبات التى واجهتها فى رحلة الصعود، بما يُخِّدم على الشخصية الرئيسية للعمل، ألا وهى شخصية الفنان نجيب الريحانى.
وحول التشابه فى الشكل بيّنه وبيّن الراحل بديع خيرى، أكد الطوبجى خلال حديثه لمجلة «صباح الخير» أن الأمر ليس له علاقة بالشبه، فعلى سبيل المثال بديع خيرى كان لديه «لدغة» لكن المُخرج رفض إظهارها، لأنهم لا يقومون بمحاكاة ما عند الشخصية بل يقدمون شخصية درامية دون تقليد، موضحًا أنه يحب شخصية بديع خيرى، كما أنه قدمه من قبل على المسرح، فهو مُحب لكل ما فعله مع الأشخاص المحيطين به، لأنه رجل يُحتذى به ورفيق كفاح لنجيب الريحانى.

ملحمة فنية!
من جانبه، أعرب الفنان أحمد التهامى عن سعادته البالغة بالعمل مع المُخرج محمد فاضل، قائلا: «شرف كبير لى أن يُكتب فى مسيرتى الفنية أننى عملت مع مُخرج بثقله، فبمجرد علمى بأن المُخرج هو الأستاذ محمد فاضل وافقت على المشاركة بالمسلسل على الفور دون تردد، فالمسلسل ملحمة لا تقل عن كل الملاحم التى قدمها المخرج محمد فاضل من قبل على مدار العصور والأجيال».
تابع: «تقديمى لشخصية على يوسف سمسار الفنانين والذى كان يأتى إليهم بالعروض المسرحية ويتعامل مع جميع الشخصيات فى المُسلسل، كان تحديًا بالنسبة لى وخاصة أننى لم أقدم من قبل شخصية واقعية وفى حقبة زمنية مُختلفة أيضًا، لذلك عندما علمت بتفاصيل دورى زادت سعادتى».

كما أوضح التهامى خلال حديثه لمجلة «صباح الخير» أن البحث فى المصادر والأرشيف لعب دوراً مهمًا فى تجسيده للدور، خاصة أنه يُجسد شخصية واقعية يعرفها الجمهور، فبحث عن الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث العمل حتى يتعرف على طريقة حديثهم وملابسهم كيف كانت، حتى يتمكّنوا من تقديم عمل حقيقى.
التقليد ممنوع
كشف الفنان محمد سليمان عن الصعوبات التى واجهته فى تجسيد شخصية «استيفان روستى»، موضحا أن الدور كان صعبًا نظرًا لما للشخصية الحقيقية من خصوصية معينة فى طريقة الحديث والحركة والأسلوب، لذلك كان ضروريًا عند تقديمه لشخصية حقيقية أن يقترب بشكل كبير لهذا النجم العظيم شكلًا وموضوعًا.
وبشىء من التفصيل، يُوضح سليمان خلال حديثه لمجلة «صباح الخير» أنه تحدث مع المُخرج كثيرًا حول طريقة تناوله للدور؛ هل سيقوم بتقليد استيفان روستى فى أفلامه أم سيُقدم ما درسه عن تاريخه وحياته ودراما حياته الشخصية، فأخبره بأنه يُريد روح استيفان ولا يُريد تقليده، مضيفًا: «من الضرورى ألا نستخف بعقلية المُشاهد لأنه كل إيفيهات استيفان شاهدها الجمهور فى أفلامه، ولكن فى (الضاحك الباكى) نُقدم تاريخ نجيب الريحانى وتاريخ الفن فى هذه المرحلة، ويرى الجمهور حياة النجوم الشخصية.. ومن هُنا أخذت مدخل الشخصية».
تابع: «شعُرت وكأننى فى ورشة فنية أثناء عملى مع الأستاذ محمد فاضل؛ فعشت حالة جميلة معه ومع الإخوة الزملاء، فهم قامات فنية كبيرة والوقوف معهم فى لوكيشين تصوير واحد مُفيد ومُثمر وكأننى فى ورشة تمثيل».

الاستعانة بالمذكرات
من جهتها، قالت الفنانة ياسمين سمير التى قدمت شخصية «روز اليوسف» بالمسلسل، إنها قبل البدء فى التصوير قرأت مُذكرات روز اليوسف، وجلست مع السيناريست محمد الغيطى الذى قام بعمل دراسة لجميع الشخصيات بكل أبعادها، فقد قضى 10 سنوات من عمره وهو يقرأ حتى يقوم بهذا العمل. كما جلست مع المُخرج محمد فاضل، مؤكدة أنه مُخرج مُثقف وواع ويهتم بالممثل فى الكلمة والحركة والنفس، موضحة أن كل هذه الأشياء التى تخلق فنانًا حقيقيًا موجودة بشكل حقيقى، خاصة أننا افتقدناها فى عصر السرعة.
وأشارت فى تصريحاتها لمجلة «صباح الخير» إلى أن الجرأة والصدامية وخفة الدم والعنّاد والثقافة العالية والشخصية القوية، من أهم التفاصيل التى كان من الضرورى إبرازها فى تجسيدها للشخصية، لأن روز اليوسف تميزت بتلك الصفات، وكانت تصطدم حتى بأقرب الأشخاص إليها.

ويقول الفنان أحمد السلكاوى: إن مُشاركته فى ملحمة «الضاحك الباكى» من خلال تقديمه لشخصية أحمد مكرم باشا شرف كبير له، وعلى الرغم من أن معظم المشاركين يقدمون أدوارًا صغيرة إلا أنها مُؤثرة وفارقة فى الأحداث، لأن نجيب الريحانى عاصر الكثير من الفنانين والسياسيين.
واختتم السلكاوى حديثه لمجلة «صباح الخير» بأنه شرُف بالعمل مع المُخرج محمد فاضل، لأنه أسطورة من أساطير الدراما المصرية، لذلك استمتع كثيرًا بالعمل معه، فهو مدرسة فنية يُدقق فى تفاصيل الشخصية مهما كان حجمها، مما يُسهل الأمر على المُمثل أمامه.