الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فيولة رشا ..تمكن وإبهار

فيولة رشا ..تمكن وإبهار

تتلألأ  بضيائها  كالنجمة  فى  عليائها، خطواتها الواثقة تمنح الناظرين إعجابًا، وثيابها الزاهية الألوان الأنيقة   التصاميم  بحليها الناصعة تجذب المتلقين وتمتع أبصارهم، كما تشجى آذانهم بعزفها الحالم، وهى تمسك بآلتها برفق كالطفل فى المهد تهدهدها بحنو،  فتضبط نغماتها لتقف شامخة، بكبرياء الأنثى، تعلن لحظة البدء، لنجد أنفسنا نتنقل بين معزوفاتها الشرقية والغربية، خاطفة أرواحنا نسبح فى رقيق إحساسها، وبراعة أدائها، وعبقرية اختياراتها، إنها الفنانة المتمكنة المحترفة، أمهر عازفة فيولا فى مصر، ليدر الأوركسترا السيمفونى  لسنوات، والتى  شاركت مع جميع الأوركسترات المحلية، وعدد غير قليل من الأوركسترات فى الخارج تحت قيادة مايستروهات عالميين، وهى الأستاذة الأكاديمية القديرة فى الكونسيرفتوار الدكتورة رشا يحيى.



طلت رشا كالقمر فى كماله، وكالنسمة العطرة فى أريجها، مر زمن حفلها الأخير كالسحابة الرائقة، بعد أن غدت تهيم فى وجداننا بموسيقاها المتميزة التى اختارتها بعناية. حيث قدمت الفنانة البارعة معزوفاتها باقتدار بالغ، فرافقها تصفيق الحضور من صفوة المجتمع معربين عن افتتانهم بما تقدمه واحدة تلو الأخرى، واستطاعت رشا يحيى أن تنزع حب واحترام وتقدير الجميع لعزفها المتمكن، واحترافها، حين تتمايل مع الألحان برشاقة، وحين تغمض عينيها تجد حالة من الانسجام والعشق فتأخذك من عالمنا الواقعى، للخيال الرحب، والأفق المتسع، سحرًا وجمالًا. أيضًا كانت فرقتها الموسيقية غاية فى التميز  والاحتراف، برنامج مطعم بكل ما هو جديد، سواء معزوفات غربية تقدم لأول مرة فى مصر، أو  من خلال إعادة تقديم ألحان شرقية أمتعتنا بها كألحان للأغنيات أو من خلال موسيقى الدراما، وبذكاء رشا وفطنتها جعلت من آلة الفيولا تلك الآلة الغربية التى تنتمى لآلات الأوركسترا والتى ربما لا يعرفها الكثيرون بل يعتقدونها آلة الكمان الشرقية على غير الحقيقة، فالفيولا أكبر حجمًا، وصوتها أكثر عمقًا ودرامية من صوت الكمان، ومن هذا الصوت الدراماتيكى الشجنى، شدت رشا بمزاوجة هذه الآلة لآلتى الربابة والمزمار بطابعهما الشرقى الفولكلورى الذى ينتمى لموروثنا الثقافى، ما جعل الألحان تنطق ببراعة هؤلاء المؤدين، وبتلك الروح الدامجة بين الشرق والغرب فى جديلة تضافرت لخلق حالة إبداعية جمالية، عانقت فيها الآلة الغربية مع الألحان الشرقية والآلات الفولكلورية، ما جعل الجميع فى حالة إبهار واستمتاع.  عزف الآلات الموسيقية من أصعب المهارات وخاصة حين يصل العازف لمستوى احترافى، ما يجعله محافظًا على عدد ساعات التدريب المتصلة، وكذا تحمل صعاب عديدة لا يراها الجمهور المتلقى، فهو يرى اللحظات الإبداعية الجميلة الحالمة بعيدًا عن كافة المشاق التى يمر بها حتى يخرج لجمهوره فى أبهى صورة. شهادتى مجروحة حين أتحدث عن فنانة بحجم وموهبة رشا يحيى شقيقتى، وإنما تجيء كلماتى بحكم تخصصى النقدى وإحقاقًا لحقها وإنصافًا لفنانة تتمتع برؤية وموهبة قلما نجد مثلها، وقلما نجد من النقاد المتخصصين فى مجالنا من يقدرون ما تبذله من جهد طويل حتى تصل لتلك اللحظة الحاسمة التى تنطلق فيها فتزيح ستار المسرح وتترجل كالفرس العربى الأصيل متوجة بأبهى تيجان الفن وهى عالم النغمات التى تسبح فى دنيا الموسيقى بتألق وانفراد.