الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

آفة حارة النجوم.. «ركوب التريند»

كريم عبدالعزيز
كريم عبدالعزيز

 غيَّرت التكنولوجيا شكل العالم الحديث فى كل شىء؛ بالأمس كانت الحياة أكثر بساطة وأقل صخبًا، اليوم يجرى البشر كالقطعان سعيًا وراء كل جديد، فقد سهَّلت علينا التكنولوجيا الكثير باختراع مواقع التواصل الاجتماعى التى منحت العالم فرصة الالتقاء فى نقطة مشتركة وقريبة ومتجاورة، لكن كانت هناك آفة تغزو هذه المواقع ألا وهى «التريند».



 

 مصطلح التريند يعنى إثارة الجدل بموضوع غير مألوف، يسميه البعض «موضوع ساخن» أو «مسكوت عنه»، والخلاصة أنه كل ما يحرك الرأى العام للحديث عن أمر ما، ومن أجل خاطر عيون اجتماع الرأى العام على شىء ما - حتى لو سلبًا - وقع بعض الفنانين عمدًا أو ربما دون قصد، فى فخ الانسياق وراء التريند، فكانت الثمار إما حلوة كالشهد أو مرة كالعلقم.

 

 

 

 الوجاهة والاستغلال

 لا نغفل دور السوشيال ميديا فى منح قبلة الحياة لقضايا إنسانية واجتماعية مختلفة من خلال التريند، ولا نغفل دور الفنانين فى المشاركة فى هذه التريندات، مما يعطيها ثقلا وسعة انتشار كبيرة فى وقت محدود، مثل مشاركة بعضهم فى جمع الأموال لحالات إنسانية أو دعم فنان آخر يمر بأزمة على المستوى الشخصى،  ومن هنا يساعد التريند فى أمور وجيهة ولها قيمة، والمشاركون فيه يزيدون من هذه القيمة، بعيدًا عن محبى ركوب الموجة والظهور على حساب أى قضية.

 ولعل أحدث التريندات التى أشعلت السوشيال ميديا مؤخرًا، صورة الفنانة ميرفت أمين التى ظهرت فيها بدون مكياج خلال عزاء المخرج على عبد الخالق. سيدة تذهب لعزاء بصورة طبيعية وبدون تكلف.. أين المشكلة؟ كانت المشكلة فى التنمر الكبير الذى تعرضت له الفنانة القديرة، وكأن ظهور علامات الزمن على وجهها سُبة أو عار.

 يؤكد الناقد الفنى كمال رمزى فى تصريحات لـ«صباح الخير»، أن هذه الصورة الجميلة وعميقة المعانى توضح عمق الحياة والفن الذى قدمته ميرفت أمين على مدار مشوارها الفنى،  وهو ما شارك فى قوله عدد من الفنانين، وهنا تصبح قيمة المشاركة فى التريند عالية.

 أما فيما يتعلق بمدى إقبال الفنانين على المشاركة فى التريندات، فيشير «رمزى» إلى أن الأمر لا يصنف بشكل عام، ولكن على حسب من يتحدث ومتى يتحدث؟ فهناك فنان يلقى الكلمة الدقيقة والمنطقية فى الوقت المناسب، وفنان آخر لا يجيد ذلك.

 من ناحية أخرى، أوضحت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هناك بعض الفنانين الذين يشاركون فى تجهيل الرأى العام، بينما كان الفنانون فيما مضى يساهمون فى نشر الوعى والمشاركة فى القضايا الاجتماعية والإنسانية، مضيفة: «علمتنا ماجدة الصباحى الوطنية بجميلة بوحريد، وافتقدنا القدوة الفنية المؤثرة بسبب المشاركة فى توافه الأمور ونشرها، نادية لطفى كانت تنزل بنفسها لزيارة البسطاء وأم كلثوم جابت العالم لدعم المجهود الحربى،  فماذا نملك الآن؟».

 المجلات.. تريندات زمان

 ربما زادت السوشيال ميديا فى تسليط الضوء على كلمة «التريند» التى تبدو مختلفة وغير دارجة، ولكن إثارة الجدل ليست جديدة، الجديد هنا فقط هو زيادة القنوات التى تنشر التريند فتساهم فى اتساع رقعة الوصول. وعن هذه النقطة يضيف الناقد كمال رمزى: «التريند موجود منذ زمن طويل، ولكن القنوات اختلفت، فى الماضى كانت المجلات الشهيرة مثل الكواكب والشبكة التى كانت تحظى بتوزيع كبير، وربما كانت هذه المجلات وغيرها هى بديل السوشيال ميديا حاليًا».

 وحكى الناقد الفنى قصة قديمة حول «تريند أبيض وأسود» لحوار الفنانة هند رستم فى إحدى المجلات عن اختلاف شفاه الفنانين فى قبلات الأفلام، مما كان لافتًا للنظر وقتها، وأضاف كمال رمزى أن التريندات القديمة أيضًا كان بها ابتذال مثل تلك المجلة التى أطلقت مسابقة عبارة عن صور لسيقان الفنانات بالمايوهات والجائزة من نصيب مَن يتعرف على اسم الفنانة من ساقها بالمايوه!

 تابع أن الفنان الكبير لا تؤثر فيه تريندات السوشيال ميديا، فهو يظل فنانًا كبيرًا، بينما كثرة المشاركين فى لغط التريندات، والمعتمدين عليها دائمًا فى إثارة الجدل فليسوا فنانين ولا يستحقون الذكر، فمثلا أحمد زكى فى فترات طويلة كان يعانى من مشاكل شخصية، ولكن هذا لم يؤثر على نجوميته بأى شكل، لذلك مستغلو فرقعة التريند لتحقيق شهرة أو لإعادة الأضواء مرة أخرى لن ينجحوا، لأن الضوء إذا خفت عن فنان لا يعود إلا بعمل فنى حقيقى.

 أما الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع، فأكدت أن تصدير مشاكل الفنانين الشخصية من أسباب إفساد الوعى الجمعى،  مشيرة إلى أن الفنان يجب أن يظل قدوة حسنة لجيل نسبة الشباب فيه نحو 65 %، وأن المجتمع والمختصين عليهم تصدير قدوة حسنة لهؤلاء الشباب حتى يعود الفن من جديد لدوره الريادى فى حماية المجتمع وتهذيبه.

 

 

 

 المعصومون من السوشيال ميديا

 تريندات السوشيال ميديا كما أن لها مريدين وطالبين يبحثون عنها جهارًا نهارًا، فإن منهم فئة ناجية، معصومون من فتنتها، هؤلاء هم الفنانون الذين قرروا أن حياتهم الخاصة ملك لهم وحدهم، أما الجمهور فلا يملك منهم سوى الفن وما يقدمونه على الشاشات، لعل أبرز الفنانين البعيدين تمامًا حاليًا عن فتنة التريند هو الفنان كريم عبد العزيز، النجم الذى ركز جهوده فى الإبداع الفنى أكد أنه على الرغم من إيمانه بأهمية مواقع التواصل الاجتماعى لتوثيق العلاقة بين الفنان وجمهوره إلا أن علاقته بها سيئة للغاية بعد تحولها لجهة اختراق الخصوصية.

 يحافظ كريم عبدالعزيز على خصوصيته ويحترمها فهو لا يستطيع العيش 24 ساعة أونلاين، ولا يحب تقديم تفاصيل حياته الخاصة على طبق من ذهب لجمهور السوشيال ميديا يعبث بها كيف يشاء. يضيف فى تصريحات تليفزيونية: «أنا لا أحب السوشيال، لا أقول إن أنا صح، يمكن أنا مش صح، لكن أنا لا أستطيع أن أفتح حياتى الـ24 ساعة على طول كده، أنا بحب الخصوصية شوية».