الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

زيـارة لبيـت بهجـورى

مازلت أجرب وألعب وأمارس فنونى وجنونى .. وأنا مشاغب ألعب بريشتى وأقدم فنونى كساحر عجوز



فى كل مرة أذهب إليه ينتابنى القلق على صحته .. هل هو بخير ؟ .. هذا الجميل المبهج شيخ الرسامين وعمهم كيف حال ذاكرته .. وريشته ؟ هل مازالت تسبح فى الفضاء أم نزلت على الأرض ؟ 

 

 قلبى يدق وأنا أصعد درجات السلم فى مرسمه وأسأل نفسى كيف يصعد هذا الرجل التسعينى كل هذه الدرجات ؟

. وأنا ألتقط أنفاسى كانت يديه ممدودة بالسلام وهو يضحك ساخرًا (صباح الخير يا أبو سمرة) . 

 كانت نبرة صوته فيها محبة تسع العالم .. فيها من روح وتألق أم كلثوم .

أنت لا تقابل بهجورى الفنان والإنسان .. أنت الآن فى مواجهة التاريخ الفنى لعصر كامل يتحرك على الأرض .. كان جورج مشغولا برسم لوحة لصلاح جاهين خص صباح الخير بها فى نهاية اللقاء .

 يستخدم بهجورى فى اللوحة اللونين الأزرق والأبيض .. كان صلاح جاهين رائقًا وعذبًا كماء النيل متدفقًا كماء البحر ورغم أننا كنا فى الأتيليه ومعنا الصديق مازن مدير أعمال بهجورى إلا أننى شعرت بروح سعاد حسنى وأحمد زكى وعبدالحليم ترفرف حول المكان ومع كل تعليق ساخر لجورج كنت وكأننى أسمع ضحكة مجلجلة لأحد هؤلاء المبدعين الكبار . 

 

 

 

• سألت جورج: بعد هذا العمر الطويل عندك معرض فى قاعة بيكاسو ماذا تريد أن تقول ؟ 

- أجاب : أحب أن أقول أننى مازلت مشاغبا ألعب بريشتى وأقدم فنونى كساحر عجوز أتقن اللعبة ويعرف كيف يثير خيال المتفرجين . 

أكمل : أعرف كيف أصل بهم إلى حالة الدهشة والانبساط .. هناك لوحات تحتاج إلى قراءة وهناك لوحات أرسمها لأننى مازلت أجرب وألعب وأمارس فنونى وجنونى وأرسل رسالة للجميع أن جورج هنا تحت سماء القاهرة يرسم ويرسم ولا يمل .

• سألته: هل توقف بهجورى عن رسم الكاريكاتير؟

- لما سألته كان يرسم لوحة لصلاح جاهين .. وضع الفرشاة جانبا وقال : أنا أرسم صديقى صلاح جاهين .. أفكر معه .. وأسخر منه وأفك عقدتى مع مجلة صباح الخير . 

 أضاف: لقد تركتها وسافرت إلى فرنسا.. تركت محبوبتى من أجل الحلم الباريسى ثم عدت إلى القاهرة وها هى صباح الخير تفتح لى صفحاتها كى أبوح بأسرارى وأحكى بعض تفاصيلى وأنا سعيد بذلك . 

يعتدل ويقول: صباح الخير هى الحب الكبير فى حياتى وأم كلثوم أيضا وعندما أتحدث عن صباح أنا أتحدث عن مدرسة الكاريكاتير البيت الكبير الذى تربينا جميعًا فيه وإذا كنت لا أرسم بشكل أسبوعى إلا أننى لا أتوقف عن رسم الناس فى الشارع والمقهى وفى معارضى ولوحاتى، حيث أقدم اللوحة التى تجمع كل طاقات المرح وروح الكاريكاتير وكل ما أتمناه أن تعود صباح الخير على يد الأستاذ وليد طوغان رئيس تحريرها الشاب نجمة متألقة فى عالم الصحافة .

 

 

 

• هل جاءتك دعوة لعمل معرض بالسعودية ؟ 

- جاءتنى دعوة لعمل معرض بالرياض من خلال الصديق مازن مدير أعمالى سوف أقدم لوحات من الأقصر وأسوان أصور فيها الطبيعة البكر .. أشعر بسعادة بالغة أننى سوف أكون جزءًا من التطور الذى يحدث فى المملكة السعودية.

أضاف: هناك جمهور كبير ينتظرنى بشوق ليرى أول معرض لفنان كاريكاتير مصرى .. الجميل فى الأمر أن الرسوم التى كانت ممنوعة سوف تفتح لها الأبواب وقاعات العرض الخاصة ويراها الجمهور المتشوق لإبداع جورج البهجورى .. هل تصدق ؟ حتى هذه اللحظة أنا لا أصدق .. هى أول زيارة لى للسعودية أتمنى أن أقابل أهم المبدعين هناك نتبادل الحوار وأسعى لعمل ورشة فنية وحوار طويل حول الفن والإبداع ومستقبل الفن التشكيلى فى السعودية . 

• سألته: فى هذه المرحلة من العمر ما هو أجمل شىء تحرص عليه ؟ 

- قال : الرسم هو حياتى وأنا أشعر بسعادة وأنا أمسك فرشاتى .. هى تشبه صولجان الملك .. وأنا الملك عندما أمسك الفرشاة.

يضيف : أقوم من النوم وأتى إلى الأتيليه .. أعرف أخبار الدنيا وأنا أتفحص وشوش الناس .. وأنا فى طريقى للأتيليه وأنا أسمع الأخبار وأنا أشرب الشاى على القهوة المجاورة من التليفزيون والمقهى ويحكى لى القهوجى الكثير من الحكايات وكأنه شريط كاسيت عليه كل أخبار الدنيا.

أضاف : فى مرسمى أجد الإلهام ينتظرنى عند الباب أعتذر له عن التأخير وأبدأ فى الرسم .. أرسم كل يوم ولكل ساعة وكل لحظة.

 

 

 

• قلت: ما  أكثر الأشياء بهجة فى عام 2022 ؟

- قال : التكريم من مؤسسة فاروق حسنى .. كانت جائزة تشبه قطعة آيس كريم فى جو حار وخانق .. جاءت لتقول لى لا تحزن يا جورج هناك من يحبك ويقدرك ويقدر فنك.. شكرًا للفنان الوزير فاروق حسنى الذى تكفينى زيارته لمعرضى لأشعر بالفرح والسعادة.

• قلت: سمعت أن هناك جائزة باسم بهجورى من سوف يمولها؟

- قال: أنا وزوجتى نفكر فى جائزة سنوية ترعاها كلية الفنون الجميلة للطلبة المتفوقين فنيًا. لقد جئت من بهجورة وأعرف حجم المعاناة التى يعانيها شباب الرسامين المغتربين وأعمل جاهدًا أنا ومجموعة من المحبين فى الترتيبات النهائية لهذه الجائزة مع المسئولين فى الكلية وعلى رأسهم العميد د.عمرو سامى.

هنا قررت أن أنهى الجلسة وطلبت منه بعض الرسوم إحداها إعلان عن الحوار فكتب انتظروا الحوار فى صباح الخير وأنا ألملم أوراقى.. قال: الحوار لم ينته هناك تليغرافات أريد أن أرسلها للحبايب.

ضحكت وأنا أنظر فى وجهه.. طفل برىء مازال يحب العالم.. كان يتحدث وعينه معلقة فى سقف الأتيليه وكأنه ينظر إلى أرواح تملأ المكان بالحب والسكينة وتدعو له بطول العمر ومزيد من الإبداع.. ومع كل تلغراف كان يبتسم ويتحول وجهه إلى اللون الوردى وتصفو روحه وكأنه يتجول فى الجنة.

 

 

 

 

التلغراف الأول كان لحجازى قال بهجورى:

«حجازى لقد كنت رسامًا رائعًا وقريبًا من الناس وتوقفت فى مرحلة عن الإبداع. كنت أتمنى أن تكون معنا الآن لتعبر بريشتك الساخرة الماكرة والعبقرية عن أوجاعنا».

إلى صلاح جاهين: « أنت رسام عظيم ولقد تعلمت منك الكثير.. تعليقاتك الساخرة والمرحة والظريفة.. لقد كنت نجمًا يا أبو صلاح ومازلت حتى الآن».

إلى صلاح الليثى: «رسام كبير لا يحتاج إلى تعليق وأنا سعيد أنك مررت فى حياتى».

إلى بهجت عثمان: « يا بهجت.. أعترف أنك كنت تعطينى الوحى لأفكار الكاريكاتير وأنك رسام ممتاز وشقى جدا».

إلى محيى الدين اللباد: « مازالت تعيش بيننا يا محيى بفنك وإبداعك لقد كنت جديدًا ومتجددًا دائما».

إلى رجائى ونيس: « أخى وصديقى أتمنى أن تكون سعيدا فى غربتك التى اخترتها بنفسك.. أنت عظيم جدا وأنا أسعد بمشاهدة أعمالك الرائعة».

 

 

 

 

إلى أحمد طوغان: «أنت أستاذ كبير وكنت فى طليعة الرسامين الذين صنعوا تاريخًا للكاريكاتير المصرى».

إلى مصطفى حسين: «رحلت أنت وتوأم روحك أحمد رجب.. أنا أفتقدك وأفتقد ريشتك.. كنت أتمنى أن تعود ومعك ابتسامتك الساحرة ولو لساعة واحدة».

إلى جمال كامل: «ريشتك لا تغادر مخيلتى.. وأغلفتك على مجلة صباح الخير مازالت تثير خيالى».

 

 

 

إلى عز العرب: «أنت صاحب فكر جميل وأسلوبك رائع ودائما صاحب قضية وطنية.. أحييك».

إلى شباب الرسامين فى صباح الخير: لا بد من إعادة النظر لمعرفة ماذا يريد الناس اليوم من فن الكاريكاتير ولا بد من تطوير الأداء ليناسب هذا العصر، ولقد بذلنا نحن جيل الرواد أقصى جهد وأتمنى منكم تكملة المشوار وأحييكم على العمل رغم الظروف الصعبة.. عمكم جورج «أبو جريج».