موازنة مصر.. تنتظر رئيسا لم يضعهـا

لمياء جمال وريشة خضر حسن
«حبر على ورق» هكذا هو حال موازنة مصر 2014 - 2015 والتى تمتلئ بالأرقام الافتراضية التى ليس لها موقع من الإعراب، وعلى الرغم من ذلك تتسارع الحكومة لإنهاء هذه الموازنة وتناست أحلام البسطاء فى حياة كريمة ووضعت أرقاما فلكية على الرغم من خطورتها لأنها تتسبب فى تجاوز العجز الحدود الآمنة من 10 إلى 15٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وأيضًا تناست الحكومة أن تعطى لنا منبعا واحدا لتمويل هذه الموازنة ويبقى السؤال: من أين لك هذا يا حكومة!!
قال بيان صادر من وزارة المالية إنه فى موازنة الدولة ارتفعت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 212 مليار جنيه إلى 253 مليار جنيه، بزيادة 31 ملياراً بنسبة 19٪.
وأوضح البيان أن الحكومة من خلال الموازنة العامة الجديدة بدأت خطوات تدريجية مبدئية لتطبيق نظام الدعم النقدى المباشر للأسر الفقيرة لضمان وصول الدعم لمستحقيه بالكامل، كما ستتم زيادة الدعم الموجه للغذاء، والصحة، والإسكان، بالإضافة إلى زيادة الدعم للدواء ووجبات أطفال المدارس، ودعم المزارعين، مشيرا إلى ارتفاع مخصصات 19 برنامجًا للدعم النوعى والحماية الاجتماعية بنسبة 22٪، حيث ارتفعت مخصصاتها بنحو 22 مليار جنيه لتصل إلى 118.4 مليار جنيه من أول يوليو المقبل، وتشمل:
برنامج دعم السلع التموينية، ورصد له نحو 43 مليار جنيه بزيادة 10٪ عن العام الحالى، بخلاف مبلغ 2.6 مليار جنيه لدعم فروق أسعار القمح المحلى والمسجلة فى دعم المزارعين. ويبلغ دعم رغيف الخبز نحو 42 مليار جنيه، مقابل نحو 6 مليارات فقط عام 2006/2007 أى أنه تضاعف 4 مرات خلال هذه الفترة، كما تبلغ اعتمادات البطاقات التموينية (سكر، زيت طعام، أرز) نحو 13 مليار جنيه، وهو ضعف مستوياتها منذ 5 سنوات، وذلك التزاماً باستكمال دعم السلع الغذائية الأساسية للمواطنين، خاصة من محدودى الدخل، لافتا إلى أن هذه المخصصات يتم توزيعها على نحو 18.7 مليون بطاقة، يستفيد منها نحو 76 مليون مواطن، أى ما يقرب من نحو 80٪ من السكان الحاليين فى مصر.
وأضاف البيان إن مخصصات برامج البعد الاجتماعى تشمل أيضا 38.7 مليار جنيه قيمة مساهمة الخزانة العامة فى صناديق التأمينات والمعاشات بزيادة 33٪ عن العام الحالى.
وفى إطار التوسع فى تقديم الدعم النقدى للأسر الفقيرة فقد تم تخصيص مبلغ 12 مليار جنيه لبرنامج معاش الضمان الاجتماعى، بزيادة بنحو 8 مليارات جنيه، وهو ما يمثل أربعة أضعاف المخصصات لهذا البرنامج فى العام الماضى، حيث تستهدف الحكومة مضاعفة عدد الأسر المستفيدة من 1.5 مليون أسرة إلى 3 ملايين أسرة. هذا بالإضافة إلى برنامج معاش الطفل، والذى تمت مضاعفته أيضاً ليصل إلى 53 مليون جنيه.
وأشار البيان إلى أن المخصصات تشمل أيضا 3,3 مليار جنيه لدعم ألبان الأطفال وأدوية العلاج المجانى فى المستشفيات و2.5 مليار جنيه لبرنامج العلاج على نفقة الدولة و168 مليونا لبرنامج التأمين الصحى على الأطفال دون السن المدرسية و104 ملايين لبرنامج المرأة المعيلة و239 مليون جنيه لبرنامج التأمين الصحى على الطلاب.
أما عن دعم الطاقة فحدث ولا حرج فقد بلغ نصيب دعم المواد البترولية فى الموازنة الجديدة نحو 104 مليارات جنيه، مقارنة بقيمة الدعم فى الموازنة المعدلة للعام المالى الجارى البالغ 134.294 مليار جنيه، وبذلك فإن موازنة العام المالى المقبل قلصت حجم دعم المواد البترولية بنحو 4.2 مليار دولار.
حيث إنه تمت زيادة مخصصات الأجور، حيث ارتفعت من 184 مليار جنيه بالربط المعدل للعام المالى الحالى إلى 209 مليارات جنيه العام المقبل، بزيادة 13٪.
∎ المعجزة !
وأشار سمير رضوان- وزير المالية الأسبق- إلى أن موازنة الدولة الجديدة تحتاج إلى معجزة لتنفيذها خاصة أن حكومة المهندس محلب تسعى لتحقق 2,3 ٪ معدل نمو من خلال هذه الموازنة، حيث إنها معقدة للغاية فنجد أن إجمالى المصروفات بالموازنة الجديدة يتجاوز 800 مليار جنيه منها 208 مليارات جنيه مخصصة للأجور بما يعادل 25٪ من قيمة المصروفات و302 مليارات جنيه فوائد الديون تشمل 195 مليارا فوائد الدين المحلى و8 مليارات مخصصة للدين الخارجى بما يعادل 24٪ من قيمة مصروفات الموازنة ونحو 250 مليارا إجمالى ما سينفق على الدعم بما يعادل 33٪ من قيمة المصروفات بالموازنة كما سيتم تخصيص 18٪ من إجمالى مصروفات الموازنة للاستثمارات.
وأضاف إن العجز المتوقع فى الفترة المقبلة يقدر بنحو 350 مليار جنيه بما يعادل 14.5٪ من الناتج المحلى الإجمالى وهذه النسبة مقلقة جدا طبقا للمقاييس العالمية، متوقعا أن يصل معدل النمو خلال العام المالى المقبل إلى 3.2٪ وبهذه النسبة يكون الاقتصاد المصرى قد عاد للمسار السليم، متوقعا أن تكون القوة الدافعة لتحقيق هذا النمو بالقطاع الخاص وليس الاستثمارات الحكومية.
وأشار إلى أن الموازنة مليئة بالحفر التى تقع فيها الحكومة والدليل على ذلك نجد أنه بلغ إجمالى ما تم تقديره للإنفاق على الصحة فى الموازنة الجديدة 51.6 مليار على أن يصل بعد ثلاث سنوات إلى 68 مليار جنيه بما يعادل 3٪ من الناتج المحلى الإجمالى كما تم تخصيص 105 مليارات جنيه للإنفاق على التعليم بالموازنة الجديدة على أن يصل فى خلال 3 سنوات إلى نحو 170 مليار جنيه وذلك طبقا للاستحقاقات الدستورية الجديدة، مشيرا إلى أن بند الأجور فيما ينفق على الصحة والتعليم يتراوح ما بين 75و85 ٪ من إجمالى المخصص لهما بالموازنة.
أما عن بند الأجور والمرتبات لا نجد إلا سؤالا موجها إلى الدولة كيف يتم تمويل هذه الزيادات فى ظل تراكم الديون وعجز ميزان المدفوعات، فلابد من إعادة هيكلة نظام الأجور كله وأن نصل إلى نظام موحد للأجور يقضى على البنود الكثيرة وتوحيد بنود الصرف حتى نتمكن من تحديد مستحقى الدعم من الفئات العاملة فى الدولة، موضحا أن الأجور تضاعفت نحو 3مرات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث كانت تقدر بنحو 83 مليار جنيه خلال عام 2009 -2010، وتقدر فى موازنة العام المقبل 208 مليارات جنيه.
∎ تحذير !
وقال الدكتور فخرى الفقى - المستشار السابق لصندوق النقد الدولى إن الموازنة العامة للدولة تتحمل 180 مليار جنيه فوائد على الديون سنويا،لذلك لابد من وضع أولويات للإنفاق فى الموازنة العامة، محذرا من أن نسبة التهرب الضريبى وصلت إلى نحو 27٪ من الناتج المحلى الإجمالى، مطالبا بضرورة تقليل هذه النسبة لأقل من 20٪ لمواجهة تفاقم العجز فى الميزانية وارتفاع الدين العام من خلال تفعيل القواعد القانونية القائمة للحد من التهرب.
ولفت إلى أن العجز المتوقع فى الموازنة كبير يصل إلى نحو 10٪ مما يسبب مشكلة للمالية العامة فى الوقت الذى يرى فيه أن الإيرادات الضريبية ضعيفة، حيث إن العائد من الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلى الإجمالى أقل مما نتطلع إليه مقارنة بالدول الأخرى، وطالب الفقى بالحيلولة دون تفاقم الدين العام وعجز الميزانية والتى تؤدى إلى تداعيات سلبية للاقتصاد الوطنى والمجتمع بصفة عامة من خلال ترشيد الإنفاق على ما هو ضرورى وتقليل نسبة التهرب الضريبى ورفع نسبة الإيرادات للناتج المحلى، مشيرا إلى أنه لابد من الشفافية لوضع مخصصات الموازنة العامة للدولة وأهمية وضع نظام تشريعى قوى يحقق الرقابة.
∎ الافتراضية !
وترى الدكتورة يمن الحماقى - رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس - موازنة الدولة بها ميزانية محددة لدعم كل المجالات كالصناعة والزراعة وغيرها، وبالتالى دعم السلع، خاصة السلع الأساسية للمواطنين، مضيفة إن قرار الحكومة بتخصيص 130 ملياراً من الموازنة لدعم الطاقة، سيؤثر بالطبع على دعم السلع الأساسية للمواطنين، كالخبز والحديد والأسمنت، مما يؤدى على الصعيد الآخر إلى ارتفاع الأسعار، حيث سيتم رفع سعر الغاز والمازوت والبنزين، والكهرباء، وأنابيب البوتاجاز.
وقالت إن الأرقام المحددة بالموازنة سواء لدعم الطاقة أو المرتبات من غير الممكن أن يكون حقيقيًا، ففى اعتقادى هو رقم افتراضى لأن هناك هناك سلعًا أساسية للمواطنين لا يمكن أن ترتفع أسعارها، أو يتم إلغاء الدعم عليها، لأن ارتفاع سعرها، سيؤدى إلى ثورة على الحكومة من قبل المواطنين، وأيضا هناك تدنٍ فى الأجور فى الوقت التى تحصل فئات معينة فى الدولة على أجور مرتفعة للغاية.
وانتقدت د. يمن تنامى قيمة العجز السنوى بالموازنة العامة للدولة للعام المالى المقبل 2014 / 2015، وأعربت عن مخاوفها من تجاوز العجز الحدود الآمنة «من 10 إلى 15٪» من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما لا نستطيع تحمله حسب قوله، مؤكدا أن زيادة الأجور ليس من الواضح الغرض منها تمويل زيادة معدلات التشغيل المعلن عنها، أم لتمويل زيادة العلاوات الخاصة والدورية.
وطالبت الحكومة إعداد خطة مكانية وزمنية لتوزيع الزيادة المستهدفة فى الإنفاق على الصحة التعليم والبحث العلمى تدريجيا، إلى 10٪ من الناتج المحلى الإجمالى حتى عام 2017، حتى يكون الأمر مقبولا.
وأكدت أن هذه المؤشرات المعلنة بالمشروع تحتاج إلى آليات واضحة لتحقيق الأهداف الرئيسية والفرعية بالموازنة، ولفتت إلى أهمية زيادة الإنفاق الاجتماعى شريطة مراعاة الظروف المعيشية والاجتماعية لمحدودى الدخل والفقراء.