الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الانتخابات الرئاسية..وأشياء أخرى

الانتخابات الرئاسية..وأشياء أخرى
الانتخابات الرئاسية..وأشياء أخرى


« عندما كان هناك حلم... لم تكن هناك حجة» تعليق قرأته على إحدى الصور التى كانت متداولة على مواقع التواصل الاجتماعى حيث كانت هناك مجموعة من المواطنين يقفون فى طابور طويل ويحمون رؤوسهم من قطرات المطر بغطاء من «المشمع» وكان ذلك فى أحد تجمعات المواطنين خلال أحد الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير.
 
لست أدرى لماذا استعادت ذاكرتى هذه الصورة وأنا أقف بمفردى فى اللجنة الفرعية رقم 4 بكلية الفنون الجميلة بالزمالك لكى أدلى بصوتى فى الانتخابات الرئاسية وكان ذلك فى اليوم الثانى الثلاثاء 27 مايو 2014 نحو الساعة الرابعة والنصف عصراً وتساءلت هل يمكن أن تكون درجة حرارة الجو هى السبب وراء قلة الأعداد فى هذا التوقيت من اليوم؟ خاصةً وقد سمعت هذا التبرير فى معظم القنوات الفضائية أثناء سير العملية الانتخابية حتى فى التليفزيون الرسمى.
 
المهم أننى أدليت بصوتى وغادرت المكان متمنية أن تزداد الأعداد خاصةً وأنه فى الفترة المسائية سوف يتحسن الجو ولم نكن نعرف بالطبع أنه سوف يكون هناك يوم ثالث للانتخاب.!
 
لكنى أعترف بأننى كنت أدلى بصوتى وفى حلقى غصة ومرارة من تأثير مقال قرأته على بوابة الشروق فى الثانية من صباح الاثنين 26 مايو أول يوم للانتخابات الرئاسية.
 
هذا المقال كان للأستاذ القدير فهمى هويدى بعنوان «بشرة خير» حيث كان يتناول فيه موقفاً خطيراً تعرض له فى المطار يوم الجمعة 23/5 إذ كان مسافراً تلبية لدعوة لحضور مؤتمر عن حوارات العالم الثالث فى مدريد ولكنه فوجئ بمنعه من السفر حيث التقى بأحد ضباط الأمن الوطنى! وانتظر أكثر من ساعة غير مصدق لما يجرى؟!، «وحين اقترب موعد إقلاع الطائرة كنت قد ضقت ذرعاً بالموقف فقلت للضباط المحيطين إننى لن أستطيع أن أجلس أكثر من ذلك، ورجوتهم أن يعيدوا إلىَّ جواز السفر الذى كان محتجزاً لدى ضابط الأمن الوطنى، كأنهم كانوا يريدون ذلك كى يقال إننى غادرت ولم أُمنع، إذ وجدت ترحيباً بما قلت وبعد دقائق أعيد إلىَّ الجواز، وتم إنزال حقيبتى من الطائرة، وسمح لى بالعودة إلى بيتى..».
 
والسؤال الذى يفرض نفسه فى هذا الموقف المخزى والذى يثير الاشمئزاز والاستياء، كيف يستقيم هذا التصرف غير المسئول وغير المقبول مع دولة النظام والقانون التى نريد إقامتها بعد ثورتين كان ثمنهما غالياً أم أننا مازلنا فى مرحلة الأمانى والأغانى؟!
 
إننى هنا أحسست بأننا قد قمنا بإدارة الشريط من جديد.. شريط التجاوزات والممارسات الأمنية والسيادية الخاطئة التى لن نقبلها بعد أن قال الشعب كلمته أكثر من مرة وآخرها قيامه باختيار رئيسه، ومازالت الأسئلة تفرض نفسها من هو صاحب هذا القرار؟ وما هى مبرراته؟ ولماذا التعتيم عليه؟! نعم مرفوض تماماً بعد ثورتين قام بهما الشعب وأسقط نظاماً فاسداً ونظاماً آخر قاصراً غير كفىء- أدخلنا فى جب سحيق لمدة عام- أن يحدث ذلك ليس فقط لكاتب له قدره واسمه ومكانته- مهما كان الاتفاق أو الاختلاف معه فحرية الرأى مكفولة للجميع- ولكن لأى إنسان له حقوق لابد أن تراعى ما لم يصدر هذا القرار بالمنع من النائب العام الذى لابد بالطبع وأن يكون له مرجعيته القانونية، أما فيما عدا ذلك فلن نسمح به أياً كانت المبررات.
 
 
الغريب أننى كتبت فى الأسبوع الماضى «إنه لا عودة للخلف وإن كانت هناك بعض خطوات نلمسها ورغماً عن الثورة والثوار عادت للخلف در».
 
 
وهنا أقول إن ما مررنا به طيلة السنوات العجاف وما حدث فيها من فساد وانحدار على كل مستويات الحياة كان له تأثيره على المواطن الذى حلم كثيراً بالتغيير بعد ثورتى 52 يناير و30 يونيو، ثم أحس بأننا نسير على نفس الدرب فى الكثير مما عانينا منه وعشنا فيه.
 
 
والآن وأنا أكتب هذه الكلمات بعد منتصف ليل الأربعاء 28 مايو وقد ظهرت بعض المؤشرات الأولية لنتيجة الانتخابات الرئاسية فى الظهور حسبما جاء بمعظم القنوات، حيث حصل المشير عبد الفتاح السيسى على أغلبية كبيرة من عدد الأصوات الصحيحة على مستوى الجمهورية.
 
 
أقول الآن أتذكر كلمات للأستاذ الراحل الجليل الدكتور محمد حلمى مراد نائب رئيس حزب العمل حينذاك ووزير التربية والتعليم الأسبق عندما التقيته فى حوار صحفى عقب تولى الرئيس المخلوع حسنى مبارك رئاسة الجمهورية عام 1981 حيث قال لى «أتمنى ألا نخلق من الرئيس فرعوناً جديداً، وأن تنتهى للأبد كتابة الأغانى للرئيس حيث لا يحدث ذلك فى بلاد العالم المتقدمة».
 
 
جملة اعتراضية: هناك بالطبع فارق بين الأغانى الوطنية والحماسية التى تتغنى بحب الوطن وتلهب إحساس المواطن نحو بلده وبين الأغانى التى تمجد فرداً عندما يكون فى موقع القيادة.
 
 
وأضيف الآن أتمنى أن يبتعد مستشارو السوء وبطانة النفاق وأصحاب المصالح وبالطبع بقايا النظام الفاسد- إلى جانب بعض الوجوه التى عادت تطل علينا من جديد- عن الرئيس المنتخب ليتسنى له إدارة البلاد بالعدل والقانون بعد قيامه باختيار مساعديه جيداً لنصل إلى حكم رشيد يعيد مصر إلى مكانتها التى اختطفت منها، فمصر تستحق منا الكثير رئيساً وحكومةً وشعباً.
 
 
كلمة أخيرة للرئيس المنتخب: نرجوك ألا تضيق بالنقد، وتذكر جيداً كلمات الفاروق العادل الذى فرق بين الحق والباطل سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين قال: «رحم الله امرءاً أهدى إلىَّ عيوبى».
 
 
تأمـلات:
 
 
لنتأمل قول إمام المتقين على بن أبى طالب كرم الله وجهه: «ينبغى لمن ولى أمر قوم أن يبدأ بتقويم نفسه قبل أن يشرع فى تقويم رعيته، وإلا... كان بمنزلة من رام استقامة ظل العود قبل أن يستقيم ذلك العود».
 
 
وقوله: «العدل أفضل من الشجاعة، لأن الناس لو استعملوا العدل- عموماً- فى جميعهم لاستغنوا عن الشجاعة».
 
 
وقوله أيضاً: «العدل صورة واحدة، والجور صور كثيرة، ولهذا سهل ارتكاب الجور، وصعب تحرى العدل: وهما يشبهان الإصابة فى الرماية والخطأ فيها، وإن الإصابة تحتاج إلى ارتياض وتعهد، والخطأ لا يحتاج إلى شىء من ذلك».
 
 
قال الوليد بن هشام: إن الرعية لتصلح بصلاح الوالى، وتفسد بفساده.