الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

متى تترك المرأة دكة الاحتياطى إلى الملعب السياسى؟!

متى تترك المرأة دكة الاحتياطى إلى الملعب السياسى؟!
متى تترك المرأة دكة الاحتياطى إلى الملعب السياسى؟!


«إذا أردت أن تقيس حضارة مجتمع فلتنظر إلى مكانة النساء فيه». هكذا قال نابليون بونابرت.
 
ولكن دائما ما كانت لشعوبنا العربية حكم وأقوال مأثورة أخرى خاصة فيما يتعلق بالمرأة والتى لا تخرج جميعها مهما علت أو تميزت عن كونها مواطنا درجة ثانية فى مجتمع أخيرا ما اعترف على استحياء أنها «نصفه» على الورق و«ظله» فى الواقع، أما على جانب الحياة السياسية فقد تعالت الأصوات وطالبت بخروج المرأة والمشاركة بفاعلية كصوت انتخابى لا يمكن إغفاله أو تهميشه، وعندما تحمست المرأة وخرجت فشاركت وثابرت حتى مرت مرحلة خرجت فيها الدولة من عنق زجاجة لتعود المرأة إلى أدراجها دون أن يلاحظ أحد دورها سوى فى اصطفاف طابور انتخابى.
 
وهكذا تعددت مشاهد خروجها كلما تعددت المراحل التى مرت بها الدولة بدءا من ثورة 25 يناير 2011 وحتى تلك اللحظة الحاسمة فى الانتخابات الرئاسية 2014 والتى أكدت فيها المرأة أنها لم تكن نصف المجتمع الأعرج، كما كان تصنيفها دائما وإنما هى صاحبة قرار وحق لن تسكت عليه بعد الآن، وأنها إن كانت شريك الرجل فى الحياة سياسيا واجتماعيا فلماذا يتم حرمانها كثيرا من حقها السياسى بالتدرج بشكل عادل بالمناصب السياسية والتشريعية، بالتخلى قليلا فى ذلك عن النظرة الذكورية التى ترى فيها دائما الكفاءة المنقوصة.
 
∎ متى ستترك المرأة المصرية «دكة» الاحتياطى؟!
 
- سؤال يشغل كثيرا منا نحن النساء كما يشغلنا متى ستتحول النظرة للمرأة على أنها كائن بشرى قادر على القيادة والتميز دون أن يكون دائما أو فى معظم الأحيان تابعا، وإن كنت لا أنكر وجود بعض القيادات النسائية المصرية الناجحة إلا أنها ليست بالكثافة أو التعدد الذى يؤكد على كسر تلك القاعدة الذكورية، على الرغم من اعتراف الجميع بدور المرأة فى الحياة السياسية المصرية تحديدا منذ ثورة 25 يناير 2011، حتى سقط النظام وسقط معه حاجز الصمت الذى عاشت فيه المرأة المصرية لسنوات، ثم كان الاستفتاء على دستور 19 مارس 2011 وتدريجيا حتى وصلنا إلى حكم الإخوان الذى شهد أسوأ عصور المرأة والذى لم ير فى المرأة شريكاً سياسياً سوى عندما وقعت الضرورات عند وضع البعض منهن على قوائمه الانتخابية، كما كان عدد النساء المشاركات فى لجنة المائة لصياغة الدستور سبع سيدات تنتمى ثلاث منهن تقريبا إلى حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، كذلك رفض وضعها بمنصب القيادة بشكل قاطع كما اتضح فى مشاركتها بانتخابات رئاسة الحزب التى تقدمت إليها صباح سقارى، ولكنها انسحبت سريعا وأسندت الأمر الى سعد الكتاتنى باعتباره رجلا أقدر منها على قيادة الحزب كما أعلنت بعد ذلك، وهكذا من الممارسات القمعية ضد المرأة من فتاوى مستفزة أهدرت كرامتها وإنسانيتها حتى كانت ثورة 30 يونيو 2013، حيث كان صوت الثورة يعود من جديد إلى ميادين مصر وخرجت المرأة مشاركة بقوة تحت عنوان تصحيح مسار الثورة واستكمال أهدافها، حتى شاركت أيضا فى الاستفتاء على الدستور الجديد لاستكمال خارطة الطريق.
 
وبالتالى فعلى المستوى السياسى خلال تلك المراحل الانتقالية جميعها لم نشهد تمثيلا سياسيا جيدا للمرأة المصرية، حيث إنها لم تعط الفرصة إلا فى أضيق الحدود بدءا من حكومة شرف التى لم يكن بها سوى السيدة فايزة أبو النجا التى استمرت فى وزارة التخطيط والتعاون الدولى لثلاث حكومات مختلفة لذلك أطلق عليها المرأة الحديدية، أما عن حكومة الجنزورى فقد حظيت بثلاث سيدات هن الدكتورة فايزة أبو النجا والسيدة نادية زخارى وزيرة البحث العلمى والسيدة نجوى خليل وزيرة التأمينات، أما عن حكومة المهندس إبراهيم محلب فقد شهدت هى الأخرى تمثيلا هزيلا للمرأة.
 
∎ استغلال
 
فى البداية تقول منال الطيبى عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: آسفة أن المرأة المصرية مهملة إلى أن يتم استدعاؤها واستغلالها سياسيا فالجميع يستدعيها حتى يصل بها إلى باب القصر الرئاسى ثم يقال لها «روحى بيتك».
 
وهذا للأسف هو حال المرأة المصرية التى لابد أن تشارك فى صنع القرار وليس فقط فى التصويت عليه خاصة أن دور المرأة الحقيقى بدأ فى الحياة السياسية منذ ثورة يناير 2011، لذلك كان لابد من دعم هذا الدور وتشجيعه بأن تعمل الدولة على نشر مبدأ المناصفة بين المرأة والرجل لأنها بالفعل تقوم بدورها كاملا من المشاركة بالانتخابات والاستفتاءات والثورات ثم يتم تهميشها.
 
أما على مستوى الأحزاب فقد شاركت هى الأخرى فى حرمان نساء مصر بشكل حقيقى فى التمثيل السياسى كالانتخابات البرلمانية إذ لم يكن وجودها على قوائمها إلا لحاجة قانونية أو حزبية فلم نر أى حزب قام بدعم النساء بشكل جماعى ووضعهن فى ترتيب متقدم أو طرحهن على المقاعد الفردية بشكل مميز، وبالتالى دائما ما نلاحظ التمثيل البرلمانى الضعيف للمرأة.
 
والحقيقة أن النظرة للمرأة بأنها مواطن درجة ثانية لم تختلف لدى الأحزاب الليبرالية عنها فى الأحزاب الدينية رغم شعاراتها حول حرية المرأة التى هى فى مفهومهم الحقيقى حرية شكلية على الورق يتحدثون عنها ليكسبوا هدفا لا لأن يرسوا مبدأ فهم لا يعترفون حقيقة بحقوق المرأة ودورها الفعال، إنما يكون التطبيق العملى ذكور مثلهم مثل الإخوان وغيرهم حتى أن مرشحى الرئاسة لم يتحدثوا عنها كصانعة قرار، إنما لدعوتها بالمشاركة والتصويت، وهنا أستطيع أن أقول إن السياسة تستغل المرأة خاصة وقت الأزمات لكن عند الاستحقاق السياسى لا يرونها ولا يريدون لها صوتا وأتمنى فى الفترة القادمة أن ينتبه صناع القرار إلى دورها الحقيقى ليس من باب رد الجميل لها، إنما من جانب حقها المشروع وألا توضع كديكور فى المناصب السياسية والوزارية حتى لا يقال سيادة الرجل، وإنما أن توضع المرأة فى منصبها الذى تؤدى من خلاله كفاءة قد تفوق كثيرا من الرجال وتعبر عن حق المجتمع ككل وليس فئة محددة تكون هى شغلها الشاغل.
 
∎ نبض المجتمع
 
من جانبها قالت سحر عثمان نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر: إن نساء مصر جميعا عاملات وغير عاملات لابد من تقديم الاحترام لهن على مجهودهن فى العملية الانتخابية وعلى مدى وعيهن وحبهن وانتمائهن للوطن، وقد نجحت المرأة فى الرهان عليها ودائما ما ستكون الحصان الأسود فى أى استحقاقات قادمة، خاصة أن عدد السيدات يزيد على نصف المجتمع المصرى، وأصبح من يهمل قضايا المرأة وحقوقها فى برنامجه أو خريطته هو الخاسر لكتلة تصويتية مهمة.
 
وعلى المجتمع الاعتراف بوجودها وتأثيرها، وإذا كانت سيدات مصر قد وفين بوعودهن فعلى المجتمع بقياداته أن يفى بوعوده معها ويحترم عقليتها وتميزها.
 
∎ صوت المرأة ثورة
 
علقت مارجريت عازر الأمين العام المساعد للمجلس القومى للمرأة أن المرأة المصرية دائما ما تتفانى فى العطاء، كما أن نسبة مشاركتها بالانتخابات الرئاسية بهذه الكثافة ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل لا لأنها أثبتت وجودها، ولكنها أثبتت أن صوتها يستطيع أن يحدد من يسكن القصر الرئاسى، كما أنها علمت الجميع درسا بأنها قيمة لا يمكن تجاهلها وتهميشها وإنما الاستفادة منها كفصيل مؤثر دون أن يتم استغلالها فى مرحلة معينة لأنها قد عانت كثيرا من ذلك ورغم تكراره إلا أنها ثبتت على موقفها وعلى مشاركتها التى أجادت فى التعبير عنها، وأكدت أنها لن تخذل من يستعين بها أملا فى الوصول بالبلاد إلى بر الأمان.
 
أما عن استغلال المرأة السياسى ثم التخلى عنها وإنكار دورها فتقول عازر: أصبح لا يخفى على أحد الآن دور المرأة المؤثر فى الحياة السياسية بشكل خاص بعد أن كانت تكتفى فى عهود سابقة بالمشاهدة عبر شاشات التليفزيون وإذا لم ينتبه صانعو القرار إلى هذا الدور والتعامل معه بجدية فسوف يخسر هذا الحشد النسائى الذى أصبح أكثر حماسة من رجال وشباب الأمة.
 
∎ نضال لن ينتهى
 
من ناحية أخرى تقول شاهندة مقلد الناشطة السياسية وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: إن نسبة مشاركة المرأة اتضحت أنها أكثر من الرجل فى الكثير من الاستحقاقات السياسية، وأصبحت السياسة جزءا من أوليات المرأة فى الفترة الحالية خلاف الماضى نتيجة التوعية المستمرة عبر الفضائيات سواء كانت امرأة غير عاملة أو عبر شغلها بالحديث مع أصدقائها والدخول فى نقاش دائم حتى مع أبنائها.
 
وهذا يؤكد على إيجابية دور المرأة فى التعامل مع جميع المواقف والأحداث الجارية، خاصة بعد أن كان يظن الكثيرون ضعف دورها وقلة تأثيره، وبالتالى كان هناك تهميش لدورها فى التغيير أو صناعة القرار، وتابعت المرأة الخروج والمناقشة والتواجد غير مطالبة بحق أو قطعة من كعكة الثورة، إنما تتمنى فقط الاعتراف بدورها لأنها قادرة أن صوتها سيصل عبر كفاءتها وجدارتها لا بتزاحمها وصراخها طلبا لمنحة أو نفحة، والمطلوب من المرأة المصرية العظيمة الاستمرار فى النضال لاستكمال استحقاقات الثورة أن يستمر نضالها وألا تصمت على حق وطنها قبل حقها وأن تكون قبل أى مطالبة بشىء جديرة بالمنصب الذى تصل إليه لا أن يكون هبة لها.