الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فى بيتنـا صنـدوق انتخابات

فى بيتنـا صنـدوق انتخابات
فى بيتنـا صنـدوق انتخابات


لم تكن فكرة سديدة على الإطلاق حين قرر الأب أن يقيم صندوق انتخابات فى البيت فى الليلة التى تسبق الانتخابات الرئاسية حتى يعرف الجميع أنه أب ديموقراطى لديه من سعة الأفق ما يلزم بلدنا فى الفترة الحالية، ولكنه فى الحقيقة كان يخفى سرا ما يجعله يتطلع لآراء الجميع فهو لم يكن حتى اللحظة الحالية قد اتخذ قرارا بشأن من سيرشح للرئاسة فقرر أن يقيم مناظرة عائلية حول المرشحين ويدعمها بصندوق انتخابات ولجان فرز وربما استديو تحليلى بعد ظهور النتيجة، وبالفعل أحضر صندوقا واتخذ كل من الأب والأم والجد والجدة والابن والابنة مواقعهم.. كل منهما فريق منفصل له الحق فى الدفاع عن مرشحه والإدلاء بصوته حين فاجأتهما الخادمة بزغرودة عالية وصينية تحمل أكواب الشربات وقالت: ألف ألف مبروك لسيادة المشير ربنا يجعله وش الخير علينا.. سيسى سيسى.. أوه أوه!
 
وهنا بدات المناظرة بداية ساخنة دون ترتيب:
 
الابن: وانتى اش عرفك بقى إنه السيسى بتزغردى على إيه إحنا لسه مبد أناش التصويت.
الخادمة: هو السيسى ومفيش غيره،، باينه زى عين الشمس بلاش مكابرة يابيه هو إحنا ينفعنا إلا هو
 
الأب: بنبرة هادئة.. اهدى شوية يابنتى أمال احنا عاملين انتخابات ليه لو عارفين النتيجة كل شىء ممكن يتغير فى لحظة.
 
الجد: انتى مسمعتيش حمدين وهو بيتكلم عن الفقراء وهايدى لكل مواطن عشرة آلاف جنيه وفدان أرض يستصلحها يعنى هترتاحى من خدمة البيوت وتبقى ست بيت ... انتى أكتر واحدة المفروض تكون عاوزة حمدين!
 
الخادمة: 10 آلاف جنيه إيه يا حاج هما دول يعملوا إيه فى الزمن ده ميجبوش عجل اسم الله على مقامك وبعدين أنا حاعمل إيه بحتة أرض فى الصحرا أنا لا بفهم فى الزراعة ولا الفلاحة ولا عاوزه أبقى فلاحة وبعدين أنا لما الشغالات يقعدوا فى البيت مين اللى حيعمل شغل البيوت هو أنا بشتغل فى السخرة أنا زى زى أى موظفة بشتغل وباخد مرتب.
 
الجد: يعنى انتى تكرهى إننا نرجع زى أيام عبدالناصر ناكل كلنا زى بعض ونلبس زى بعض وكل حاجة ترجع رخيصة والمدارس والمستشفيات نضيفة.
 
الابنة: أنا مش فاهمة انت ازاى يا جدو عايش فى الحلم القديم ده الدنيا اتغيرت ومش حينفع نعيش قافلين على نفسنا لازم نتبع النظم العالمية فى كل شىء حتى الصحة والتعليم، والاشتراكية انتهت من العالم مش حينفع نطبقها فى مصر والخدمات اللى أنت بتقول عليها دى معاناها إنه الدعم حيبقى فى كل شىء وده حمل زايد على ميزانية الدولة واحنا مديونين.
 
الأب: طيب ما هو طلب تبرعات من رجال الأعمال والدول العربية.
 
الولد: واحنا حنفضل لحد إمتى عايشين على الشحاتة بنشحت واحنا عندنا طاقة بشرية تهد جبال، وثروات مدفونة مش بنستغلها امتى هيجيلنا اللى يعرف يستغلها؟!
 
الأب: بتقول كده وأنت حتنتخب حمدين
 
الابن: أنا هانتخب حمدين مش لاقتناعى بيه أنا صوتى مجرد تسجيل موقف عاوز أقول للإعلام اللى بيصور للناس إن 99.9 ٪ مع السيسى غلطان وإن طريقة صنع الفرعون بإيدينا دى هتموتنا من الغيظ.. أنا وجيلى نصنا مات فى ثورة 25 يناير والنص التانى هيموت من الغيظ!
 
الخادمة: الدكتور توفيق عكاشة قال مفيش ثورة غير 30- 6 إنما 25 يناير دى كانت ثوره الإخوان داهية لا ترجعهم.
 
وهنا ثارت الفتاة ثورة عارمة...
 
الابنة: إيه التخريف ده أمال أصحابى اللى أنا شفتهم بيموتوا جنبى دول إيه كان إخوان وعنيا اللى كانت هتروح علشان البلد ديى إيه برده إخوان علشان أنتى وأمثالك الجهلة أنا هاقاطع أنا مش ممكن أكون جزء من المسرحية البايخة دى.
 
الأم: يا لهوى حاتقاطعى ... عاوزة تعملى زى الإخوان.. الناس تقول علينا إيه على آخر الزمن هنتشبه بالإرهابيين.
 
الابن: إيه تقاطعى ليه متبطليش صوتك.. الأصوات الباطلة برده بتعبر عن موقف.
 
الابنة: أنا عارفة.. بس برده النسبة اللى بتقاطع بتسجل موقف بيقول احنا مش راضيين عن المسرحية الهزلية دى ونسبتنا مش قليلة ولعلمك الإخوان مش هتقاطع هما بس بيقولوا كده لكن هينزلوا يصوتوا لحمدين علشان يقولوا إن السيسى مش مكتسح زيك بالظبط!
 
الأم: يا ولاد أنا اللى بنزل الشارع وبشترى الطلبات وعارفة الأسعار زادت ازاى وشايفة العشوائية والفوضى فى كل حاجة ده غير المظاهرات فى كل حتة احنا عاوزين واحد يقعد يثبت مكانه محدش يقدر يمشيه ولا الإخوان ولا الثورجية ولا حتى أمريكا.. البلد دى علشان تقوم من تانى لازم نهدا شوية مين هايعرف يظبط ده كله ويرجعلنا الاستقرار غير السيسى واحد جاى من قلب الجيش ومتعود على الالتزام والجدية وغير كده كل الدول العربية بتحبه، وهاتسعدنا علشانه.. إنما لو حمدين ده مسك وطلعله 100 واحد مش عاوزينه هايمشى وهو نفسه قال كده ونعيد كله من الأول تانى.
 
الابنة: ماشاء الله يعنى انتوا عاوزين واحد يقعد مايمشيش.. أنا رأيى بقه يمنعوا أى حد فوق التلاتين من الانتخابات لأن واضح كده إن تركيبة مخكوا اتعودت على الاستكانة والخنوع!
 
الأب: احنا علشان كبرنا ونضجنا عرفنا إنه فى أهم وفيه مهم تفتكرى الأهم إننا نتعلم ديموقراطية فى عشر سنين ويضيع معها اللى يضيع ويمكن نتحول لسوريا أو ليبيا ولا نضحى شوية وناخد حقوقنا واحدة واحدة.
 
الخادمة: لا يا بيه نضحى ونصبر شوية ميجراش حاجة ياما دقت على الراس طبول ده كفاية إنه هيفوفر لنا الأمان أنا بموت من الرعب وأنا مروحة بليل كل يوم لوحدى.. لما يمسك السيسى الجيش والشرطة هيعملولوا ألف حساب وحساب وحيشتغلوا تمام ويرجعو للشارع الأمان والصيع هترجع تخاف تانى من البشوات الضباط علشان عارفين إنهم حياخدوه بالجزمة.
 
وهنا هدأ الابن والابنة بعضهما بعضا خوفا من أن يفترسا الخادمة أو يلقوها من النافذة فى حين وافقت الأم والجدة بشدة بينما تردد الأب والجد قليلا.
 
الجد: انتوا عارفين أنا إيه أكتر حاجة عجبانى فى حمدين.. الإصرار لو هو فكر زيكوا كده مكنش اتحرك من بيته لكن هو واثق فى نفسه وفى قدراته وممكن يعمل إنجاز كويس وممن نتفاجأ بفوزه مصر دى بلد المفاجأت دايما التوقعات فيها مش مضمونة.. الله أعلم.
 
الجدة: يعنى أنت رايح تديلوا صوتك علشان الكرامة والإصرار . احنا خلاص مش قاعدين وصوتنا ده هنتحاسب عليه قدام ربنا لو كل واحد ناصرى زيك كده انتخب حمدين علشان الإصرار والعزيمة يبقى احنا بنغرق عيالنا وأحفادنا بأيدينا ... طالما لسه لينا صوت يبقى نساعد إننا نجبلهم رئيس يحمى البلد ويحميهم.
 
الابنة: طيب وحريتنا والمعتقلين.. خلاص كده مبقاش لينا صوت اللى هيتكلم هيتخرس وهترجع الناس تانى تتكوم فى البيوت تاكل وتشرب وتنام.
 
الأب: طيب ليه متقوليش إن عندنا أربع سنين أجازة من السياسة ووجع دماغها وكل واحد يركز فى شغله وواجباته وكل واحد يحاول ينجز شىء مهم بطريقته ونقيم نفسنا بعد أربع سنين ونشوف وصلنا لحد إيه احنا سمعنا كلامكوا ومشينا وراكوا أكتر من تلات سنين إيه اللى حصل الحال وقف محدش بياكل سياسة.
 
حين أيقن الجميع أن لا أحد سيستطيع إقناع الآخر برأيه قرروا القيام بعملية التصويت وبعد الفرز .. ظهرت النتيجة صوتين لصالح السيسى وصوتين لصالح حمدين وصوت واحد باطل وبقى صوت الأب الذى لم يعلنه بعد فهو يريد الأمان والاستقرار.. والحرية والكرامة.. وحق الشهداء والمصابين.. وفرص العمل لأبنائه ومرور وشقق ومدارس ومستشفيات لأولاده وأحفاده والأسعار المعقولة والنظام والعمل والجدية وارتجفت الورقة فى يد الأب للحظات حين وعى أن صوته سيحسم النتيجة وسيأتى برئيس جمهورية يحمل مقدرات بيته وأسرته ترى إذا شعرت بحجم بتلك المسئولية.. من ستختار؟