«حلاوة روح الجماعــة»الرقصـة الأخيرة للإخوان

هيام هداية وريشة نسرين بهاء
مصير إخوانى أوشكت ملامحه على الانتهاء مع إطلاق صافرة الانتخابات الرئاسية التى ستتوج باختيار رئيس مصر القادم والذى سيتصدى لعنف تلك الجماعة الإرهابية التى تحولت عبر تاريخها من جماعة محظورة إلى إرهابية إلى طاقة انتقامية تفجيرية إخوانية فاشلة، وإن كانت تلك التفجيرات والمؤامرات لن تخيف الشعب المصرى أو تثنيه عن القيام بدوره فى المشاركة فى هذا الاستحقاق الثانى نحو خارطة الطريق.
وبالبحث فى أفق تلك الجماعة - التى أثبتت حتى هذه اللحظة أنه أضيق من ثقب الإبرة - لمعرفة خطواتها التالية ما بين اتساع دائرة التفجير والتفخيخ فى محاولة منها للانتحار السياسى وما بين استراتيجية المفاوضات إلى آخر مرحلة تصل بهم مجددا إلى العودة تحت الأرض فيما عرف بالعمل السرى لجماعة الإخوان.
وبداية فقد جاءت فتوى القرضاوى والتى قال فيها بحرمة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية كخطوة أولى نحو محاولة عرقلة المسار الانتخابى الديموقراطى، بالإضافة إلى شغب طلاب جامعة الأزهر وغيرها من طلبة الإخوان وشبابها فى الجامعات المصرية من تنظيم تظاهرات ومسيرات إلى محاولات التشكيك فى نزاهة الانتخابات الرئاسية، كذلك استخدام بعض القنابل اليدوية بدائية الصنع لإثارة بعض القلاقل والتشويش على سير العملية الانتخابية بالشارع المصرى، وهو ما دعا إليه تحالف دعم الشرعية من مقاطعة الانتخابات والتى أطلقوا عليها «انتخابات رئاسة الدم»، إلى تنظيم مسيرات تندد بعدم شرعية تلك الانتخابات والمشاركة فيها.. كما دعت أيضا جماعة الإخوان الإرهابية فى بيان لها المصريين إلى عدم المشاركة فى انتخابات الدم الباطلة كما وصفوها، مشددين على ضرورة الاستمرار فى ثورتهم حتى تعود شرعيتهم المزعومة وأنهم لا يعترفون بأى نظام أو شرعية أخرى، وحتى ذلك الحين فهم يؤكدون زوال هذا الأمر قريبا مستعيدا الشعب حريته وكرامته على أيديهم.. وما بين المقاطعة والرفض يحلل متخصصو الإسلام السياسى موقف الإخوان وهل تعد هذه هى الرقصة الأخيرة فى حياة جماعة الإخوان أم أن سراديبهم ستضاء من جديد لتكون مفرخة إخوانية مستقبلية جديدة؟!
يقول سامح عيد الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية: بداية تمثل مرحلة الانتخابات الرئاسية خطوة مهمة فى سبيل تنظيم الحالة السياسية فى مصر، ورغم أهمية هذه الخطوة نحو الاستقرار إلا أنه من العبث الإقرار بأن هذه الخطوة قد تمثل انتهاء مصطلح إخوان من قاموس الوجود المصرى لأن جماعة الإخوان تعنى اخوان الفكرة والتنظيم والأفراد وإذا أردنا التأثير فى هذا الكيان فلابد من التركيز على الفكرة والتى يعتقدون فيها أكثر من اعتقادهم بالقيادة وبالتالى لتعديل مفهوم الفكرة لديهم والتى تعتمد على فكرة الخلافة الإسلامية والتى تتقاطع مع كل أبناء التيار الإسلامى من سلفيين وجماعات إسلامية لابد أن نضع فى الاعتبار أن القضاء عليها سيكون على المدى الطويل، ولكن نتيجة الأحداث المتلاحقة التى أصابت الجماعة وانكشاف نواياهم وحقيقتهم أمام قواعدهم فقد أصابت الفكرة الكثير من القذائف التى ستسهل الأمر للقضاء عليها وفى نفس الوقت لابد من وجود منهج فكرى لمواجهة تلك الأفكار التى تدعو إليها جماعة الإخوان بالتستر خلف الدين وحمل منارة الدعوة الإسلامية من منهج حوارى وفكرى تنويرى يستطيع التأثير فى تلك الأفكار الإخوانية المغلوطة.. أما بالنسبة للتنظيم فهو الآن فى محاولة لصناعة أضخم مظلمة لهم فى التاريخ تتحدث عما تعرضت له جماعة الإخوان عبر تاريخها الطويل من اضطهاد وظلم للتأثير فى الرأى العالمى الدولى.. وعن مرحلة ما بعد الرئاسية يقول عيد إن الإخوان لن يستسلموا وأن اختلفت الطريقة حيث إن الهدف سيكون واحدا وهو إفشال الرئيس القادم، أما عن الأسلوب فسوف يتأرجح بين من سينفلت من شباب الإخوان فى ممارسة نوع من العنف العشوائى من تفجيرات وتظاهرات طلابية واشتباكات وبين قيادة ستكون استراتيجيتها أكثر دبلوماسية لمحاولة كسب أى تعاطف أو محاولة للتفاوض فى الفترة القادمة.
∎ مستقبل مظلم
يضيف الدكتور كمال الهلباوى القيادى الإخوانى السابق: ليس هناك مرشح سوف يدعمه الإخوان فى الانتخابات الرئاسية القادمة حتى لو أعلنوا غير ذلك. لأن الذى يفهم الإخوان يعرف حقيقة خطواتهم، لأنهم إذا دعموا مرشحا فهذا يعنى أنهم موافقون على خارطة الطريق وأن ما حدث ثورة وليس انقلابا كما يدعون. وستطرح العديد من الشائعات والفتاوى لإحداث بلبلة فى الشارع المصرى قبيل الانتخابات مثل إطلاق فتوى القرضاوى والتى يحرم فيها المشاركة بالانتخابات، كما سيحاولون من خلال تحالف دعم الشرعية أن يثيروا المشكلات والتحديات أمام المواطنين من دعوات للتظاهر وهم يتخبطون الآن لأنهم يعلمون أن المستقبل القادم مظلم.
∎ تحالف جهادى تكفيرى
يؤكد إسلام الكتاتنى أحد شباب الإخوان المنشقين أن الخناق سيضيق على الإخوان أكثر فى الفترة التى ستلى الانتخابات الرئاسية لأن الدولة ستبدأ فى مرحلة من البناء الذى يرفض أى كيان غير سوى ويسعى إلى فرض العنف والإرهاب.. أما عن المظاهرات ومحاولة إثارة الرأى العام التى يقوم بها الإخوان فيقول الكتاتنى إن المظاهرات التى تمت الدعوة إليها يومى الانتخابات لتعطيلها فهى دعوات فاشلة ولن تستمر كثيرا وستفقد زخمها وحشدها لأن كثيرا ممن انفضوا عن جماعة الإخوان وجدوا أنه ليس هناك مبرر من استخدام العنف ضد الدولة المصرية وبالتالى سيقل الأمر تدريجيا وما يحدث من شباب الإخوان مثل أجناد الأرض وغيرها فهى اجتهادات فردية تقوم بتنفيذها القواعد البسيطة لأنها من تدفع الثمن بينما تهرب القيادات إلى الخارج.. أما عن تحالفات مع التنظيم الدولى بالخارج فيقول الكتاتنى إنه لم يعد هناك ارتباط بين قيادات الإخوان فى الخارج والداخل كما هو فى السابق.. والإخوان حاليا يلعبون بكل أوراقهم من قوة ناعمة وخشنة، والقوة الناعمة المتمثلة فى شائعات وأكاذيب مضللة مثل فتاوى القرضاوى وغيره.
أما عن القوة الخشنة فهى ممثلة فى التحالف مع الجماعات الجهادية والتكفيرية والذين يتصرفون كالثور الهائج، ويؤكد أن هذه الجماعات تعيش حلاوة روح وخاصة فى حالة نجاح عبدالفتاح السيسى مرشح الرئاسة. وأضاف إسلام الكتاتنى القيادى المنشق عن جماعة الإخوان ومؤسس حركة (بنحب البلد دى) إن الإخوان سوف يدعمون المرشح حمدين صباحى بقوة فى الانتخابات الرئاسية، لأنهم يعتبرون المشير السيسى عدوهم اللدود ويحاولون كسر نسبة أعداد المصوتين.
ويضيف الكتاتنى أنه بعد الانتخابات الرئاسية وفى حالة فوز السيسى سيحاول الإخوان التوحد مع جبهة المعارضة لإثارة الأزمات وكذلك فى محاولة لاستمرار المشهد العبثى فى مصر أمام الرأى العام الدولى، ومن ثم ستكون الخطوة الأخيرة فى لجوئهم إلى العمل السرى تحت الأرض لأنه ليس هناك ما يسمى القضاء على الإخوان بشكل نهائى.
ولمواجهة الإخوان بشكل صحيح لابد أن يتم ذلك من خلال ثلاث وسائل هى الوسيلة الأمنية والفكرية والاقتصادية لأن ما يحدث الآن هى المواجهات الأمنية، أما الفكرية فلابد أن تكون من خلال مبادرات تتعامل مع فكر هؤلاء القواعد الإخوانية التى مازال بعضها تحت تأثير الجماعة.
أما عن الوسيلة الاقتصادية الممثلة فى ضرورة إيجاد حلول لحل المشاكل الاقتصادية التى يلعب عليها الإخوان ويستغلونها جيدا فلابد من تحسين الظروف المعيشية ورفع المستوى الأدنى حتى لا يجد الإخوان ما يتحايلون به.
∎ صوت المعارضة الإخوانية
وفى النهاية يعلق أحمد بان الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية أن الانتخابات الرئاسية ستكون فاصلة وسيقوم الإخوان بالمقاطعة لأنهم يظنون أن مشاركتهم هى إثبات مشروعية نظام لا يعترفون بوجوده، وقد يقترح عليهم البعض دعم حمدين فى مواجهة غريمهم السيسى، ولكنهم لن يقبلوا أيضا دعم حمدين حتى لا يثبتوا أنه زعيم المعارضة وحتى يظلوا هم المعارضة الوحيدة التى تحظى بشرف الهزيمة فى مواجهة الطرف الآخر. كما إن جماعة الإخوان تهدف خلال الفترة المقبلة إلى خفض معدل المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، أما عن مرحلة ما بعد الانتخابات بالنسبة للإخوان فالحرب ستظل مستمرة حيث سيدخل الإخوان إلى البرلمان المقبل على مقاعد فردية كذلك الانضمام إلى أحزاب سياسية ليست لها أية هوية دينية للعب من خلف الستار إذا تم التضييق عليهم أكثر بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.