الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مشكلة الانتخابات الرئاسية.. هنتخب «مرشح» ولا «برنامج»!

مشكلة الانتخابات الرئاسية.. هنتخب «مرشح» ولا «برنامج»!
مشكلة الانتخابات الرئاسية.. هنتخب «مرشح» ولا «برنامج»!


 
إذا قرأت سؤالى الأخير ربما تشعر بالحسرة التى أشعر بها الآن ولربما إذا كنت شعرت بها وقت طرحى لفكرة هذا الموضوع ربما كنت لن أشرع فى تنفيذه.. هل يعقل أن بلدا بهذا الحجم وبتلك القدرة الجماهيرية العريضة والعريقة أيضا لا يزال يعيش هذا السؤال.. هل من المنطقى أن الشعب الذى قام بثورتين فى ثلاث سنوات وأطاح برئيسين أن يقف أمام تلك المعضلة.. هل يعقل أنه حتى الآن يأتينا مرشحان ليس لديهما برنامج انتخابى.. هل لدينا برامج انتخابية أم لا؟ ... تلك المعضلة التى تخطتها دول أقل منا فى التاريخ أو حتى التقدم.. هل من الأصل يمكننا إطلاق عليها لقب معضلة فى مكان غير مصرنا الحبيية فى البداية صدق أو لا تصدق فى أوروبا والدول المتقدمة تعد تلك القضية من المسلمات، أما نحن فمازلنا نسأل: هل لديك برنامج انتخابى سيدى المرشح ولا حنقضيها وعود انتخابية؟ ولذلك كان هذا حوارى مع د. مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية.
 
∎ كيف ترى الانتخابات الرئاسية الحالية.. هل تعتمد على المرشح أم على برنامجه؟
 
- بالتأكيد ودون أن أفكر تعتمد على اسم المرشح لأنه بمنتهى البساطة لا توجد برامج من الأساس فأنا حتى الآن لم أر ما يرقى لأن يكون برنامجا انتخابيا.. قد تكون وعودا انتخابية أو أشباه برامج أو دراسات اقتصادية فكلا المرشحين يعتمد على تاريخه مع الناس أو على نواقص الطرف الآخر، ولكن أيًا منهما لا يملك برنامجا حقيقيا يسأل عنه.
 
∎ هل تعتقد أن هذا نقص وعى من المرشحين أم الشعب؟
 
- لا أعتقد أنه نقص وعى من الشعب لأن كل الشعوب تحوى أكثر من طبقة وطائفة وتتفاوت بها نسب التعليم والثقافة وعادة تكون النسبة المتعلمة هى الأغلب وهى عادة تطالب بحقوقها بشكل أو بآخر، بل إنه نقص وعى من المرشح نفسه لأنه لا يدرك عقول شعبه وطباعه، فنحن شعب عاطفى نستطيع أن نسامح ونضع الأعذار ونتحمل، ولكنه وقت أن يفيض الكيل نستطيع أن نطيح بأى رئيس أيا كان مثلما حدث فى الثورتين السابقتين، لذلك أقول إن عدم الاعتناء بالشعب وحقوقه هو نقص ذكاء ووعى من المرشح نفسه.
 
∎ هل نملك فى تاريخنا رئيسا أعد برنامجا انتخابيا لجماهيره؟
 
- إننا لم نجر من قبل انتخابات حقيقية حتى يعد لها برنامج انتخابى، بل إننا عشنا فترة نجرى استفتاء على بقاء الرئيس وكان يصاحب هذا عدة وعود انتخابية بعضها يحقق والبعض الآخر ينسى، وحتى حين بدأنا مرحلة خوض الانتخابات سواء الماضية أو ما حدث وقت تولى حسنى مبارك كان المرشحون يسرفون بشدة فى الوعود والكثير منها لم يدرس بعناية وجدية لأنهم يعرفون جيدا أنهم لن يربحوا السباق الانتخابى، ولذلك لن يحاسبهم أحد على تلك الوعود.. أما إذا شعر المرشحون من قبل أن الانتخابات غير محسومة وبها منافسة حقيقية قد يجتهدون فى وضع البرنامج.
 
∎ ولكن هل تعتقد أنه من الضرورى حرية توافر المعلومات حتى تكون البرامج واقعية.. وهل تكون عادة المعلومات متوافرة للمرشح ذى الخلفية الحكومية؟
 
- أنا لا أعتقد أن هناك نية مسبقة لإخفاء أى معلومات ولكنها «حجة البليد» فهناك مرشحون لا يملكون فريقا قويا مؤسسا لحملته يستطيع أن يدرك قواعد اللعبة السياسية جيدا ويسعى خلف المعلومات الدقيقة والمهمة لأن الاعتماد على العقليات الخبيرة والمدربة ربما يكون مكلفا بعض الشىء أو يحتاج اقتناعا تاما بالمرشح أو دعما من الحزب الذى يقف وراءه، وللأسف هذا لا يتوافر فى المرشحين الحاليين فأحدهما يدخل الانتخابات بروح المبايعة ويعتقد أنه يجب ألا يسعى لكسب ثقة الناس بقدر ما الناس تتودد إليه لخوض السباق الانتخابى، والمرشح الآخر يعتمد كل الاعتماد على شباب الثورة الذين يسعون إلى التغيير ويغازلون أمثالهم من الشباب.
 
∎ إلى هذا القدر الصحبة المرافقة لأى مرشح تعبر عن مدى صلاحيته وصلاحية برنامجه الانتخابى ؟
 
- بكل تأكيد فالأسماء التى تقف وراء كل مرشح تخبرنا بشكل غير مباشر ماذا سيفعل بعد النجاح أو حتى عدم النجاح فربما يخفق مرشح ويعمل جاهدا هو وفريقه حتى ينال رضا الناس ويربح الانتخابات التى تليها، ولكن للأسف نحن لا نملك أيضا تلك الثقافة فكلما سعى المرشح لكسب ود الأسماء الخبيرة التى تملك ثقة ورصيدا لدى الناس كان أحرص على تنفيذ برنامجه، بل أحيانا إذا كان المرشح يملك برنامجا قويا ودقيقا قد يغرى أصحاب الخبرات بالتطوع فى حملته وتطبيق برنامج لإيمانهم الشديد به.
 
∎ هل من المفترض أن نملك هيئة حكومية تكون مهمتها مناقشة البرامج الانتخابية وبيان مدى صلاحيتها للناس؟
 
- لا أعتقد أن هذا دور الحكومة ربما لأنها لن تكون محايدة مهما حاولت وربما ستنحاز للمرشح الأقرب للحكومة وربما لانعدام الثقة ما بين الشعب والحكومة والذى قد يدفعهم لاختيار المرشح المغاير لفكر الحكومة، بل هذه من الممكن أن تكون مهمة المجتمع المدنى الذى عليه أن يطور أدواته ومؤسساته ويكتسب ثقة الناس من جديد حتى يكون رأيه محل ثقة ودعم مثل الحال فى فرنسا وألمانيا وفى أحيان أخرى تكون مهمة الصحافة والإعلام مثل الحال فى أمريكا قامت الصحافة الأمريكية بهذا الدور مع برامج أوباما ورومنى وكانت تقيم المناظرات بين المتخصصين على صفحات الجرائد وشاشات التلفاز ولدينا فى مصر الكثير من العقليات التى من الممكن أن تقوم بهذا الدرور، ولكننا للأسف لا نملك برامج من الأساس!
 
∎ وما المعايير التى بها نحكم على صلاحية أى برنامج انتخابى؟
 
- أولا المنطقية التى يتحدث بها المرشح فليس هناك إنسان يستطيع حل كل مشاكل البلد خلال عامين أو حتى أربع سنوات، بل إن انتشال بلد من وحل الفساد والإفلاس قد يستغرق عشرات السنوات، ولكن البرنامج قد يحوى الخطوات التى سنتبعها للنهوض بالبلد.. ثانيا الدقة والأرقام الصحيحة فيجب مصارحة الناس بالأرقام التى تشير إلى المديونية وعجز ميزان المدفوعات والأرقام الحقيقية لنسب الفقر والبطالة على سبيل المثال وطرح حلول حقيقية وخطوات منظمة للتعامل مع تخفيض تلك الأرقام.. ثالثا الفريق الذى وضع هذا البرنامج يجب أن يكون معروفا لدى الناس وكذلك الفريق الذى سيقوم بتنفيذه، رابعا أن يحوى البرنامج قضية قومية يتكاتل الشعب كله لتحقيقها وتصبح شغله الشاغل، ويجب أن تكون تلك القضية من القضايا التى تعوق بالفعل تقدم المجتمع والنهوض به وعلى صلة وثيقة بآلام الناس وأوجاعهم.. وأخيرا أن يحدد وقتا مناسبا لمحاسبته على ما أنجزه والأهم من كل هذا أن يحوى البرنامج خطوات تطبيقه وآلية تنفيذه وما سيتكلفه من قدرات مادية أو بشرية.
 
∎ وما الوقت الكافى لمحاسبة الرئيس على تنفيذه وعوده أو عدم تنفيذه؟
 
- أنسب وقت هو الوقت الذى يحدد المرشح والبرنامج، بل إن منطقية هذا الوقت يجب أن تعد أداة اختياره من البداية، فمثلا فى حالة الرئيس المعزول محمد مرسى كانت فكرة المحاسبة بعد 100 يوم يجب أن تكون هى أداة إقصائه من السباق الرئاسى من الأساس لأنها غير منطقية على الإطلاق، ولكن للأسف تعطش الناس لأى إنجاز يحقق جعلهم يصدقون، بل يتهافتون وراءه، ولذلك كما ذكرنا فى السابق يجب أن يحوى البرنامج مدة منطقية لتنفيذه والأهم من ذلك من سيقوم بالمحاسبة.. والإجابة البرلمان، ولذلك يجب أن نجتهد جدا فيه لأنه الأهم وقد يعد السند للشعب فى الفترة المقبلة، ويجب أن يكون نضالنا الحالى أن تتم الانتخابات بنظام القوائم حتى نضمن وصول الشباب والنساء والأقباط إلى كراسى البرلمان وأن يكون معبرا عن كل الطوائف، أما إذا اعتمدنا النظام الفردى فلن يصل إلى الكرسى إلا من يملك المال أو العصبية أو الحزب القوى الذى يسانده.. لأن برلمانا حقيقيا قويا يساوى محاسبة حقيقية لأى رئيس وأمانا لأى شعب.
 
∎ هل من حق المرشح أن يخوض فى برنامج المرشح الآخر؟
 
- بالطبع من حقه فتلك إحدى طرق التقييم فعلى كل مرشح دراسة برنامج المرشح المنافس ومعرفة نواقصه ونقاط ضعفه ومهاجمته فيها وإظهار البديل فى برنامجه، وهذا هو فحوى المناظرات من الأساس، ولكن على شرط أن يتم ذلك دون تجريح أو التعليق على الصفات الشكلية أو التصرفات وطريقة الحديث أو التعرض لعائلة المرشح المنافس أو سلوكياته وأخلاقه، وهذا يتطلب قدرا أعلى من الحرفية أو الالتزام أطمح أن أجدهما فى أى مرشح رئاسى.
 
∎ هل نستطيع أن نتفاءل بأن نرى فى مصر انتخابات تعتمد على برامج مرشحيها؟
 
- بالطبع ولن يطول هذا الأمر كثيرا فعلى أقصى تقدير سنعيش تلك التجربة فى الانتخابات القادمة 2018 لأن قضية جدية البرامج الانتخابية هى إحدى القضايا المثارة بقوة على الساحة من قبل المثقفين والمتخصصين، ولن تأخذ وقتا طويلا حتى تصل إلى كل طبقات الشعب ويطالبوا بحقهم فى برامج حقيقية، وهذا ما يجب أن يعد له العدة أى مرشح قادم.