الرئيس: العدل عماد المجتمع.. والمسيحيون جزء أصيل من نسيج المجتمع العربى
دولة المواطنة والحقوق المتساوية
ياسمين خلف
إلى جانب احتفال الدولة باليوبيل الماسى ومرور 57 عامًا على إنشاء وانعقاد الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط لأول مرة فى مصر منذ تأسيسه عام 1968، لم تخلُ الأجندة الرئاسية، الأسبوع الماضى، من متابعة شواغل الدولة الداخلية.. حيث تابع الرئيس عبدالفتاح السيسى الموقف التنفيذى لعدد من المبادرات الصحية القومية والوضع الحالى الخاص بفيروس كورونا.. ومتابعة منظومة الصادرات الزراعية المصرية، فضلاً عن أنشطة رئاسية أخرى.
واستقبل الرئيس السيسى رؤساء وممثلى مجالس الدولة والمحاكم الإدارية العليا الأفارقة، وذلك بمشاركة المستشار عمر مروان وزير العدل، والمستشار محمد حسام الدين رئيس مجلس الدولة.

ورحب الرئيس بالسادة رؤساء المحاكم الأفارقة، مؤكداً حرص مصر على دعم إنشاء «اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الأفريقية» بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعوب الأفريقية فى حماية مقدراتها وصون حقوقها وحرياتها، ورغبةً فى نشر الوعى والثقافة القانونية وتبادل الخبرات والمعارف، لا سيما فى مجال القانون الإدارى بين أبناء القارة الإفريقية، وحرصاً على التكاتف والتنسيق فى سبيل دفع العمل الأفريقى المشترك. كما أكد الرئيس أن الدولة المصرية طالما كانت حريصة على دعم استقلال القضاء، بما فيه القضاء الإدارى، وتعزيز دوره ومكانته، إيماناً منها بأن العدل هو عماد المجتمع وضمانة الأمن والسلم فيه، ومن ثم فقد حرص الدستور المصرى على تأكيد هذا الاستقلال، كما عمل على حماية السلطة القضائية وحظر التدخل فى شئونها، والعمل على إعلاء سيادة القانون، وترسيخ قيم الحق والمساواة والإنصاف.
مشيراً إلى أن القضاء الإدارى يعد هو الأمين على الحقوق والحريات العامة، وهو الذى يكفل العدالة فى تصرفات الإدارة، وهو ما حرص على تحقيقه مجلس الدولة المصرى العريق منذ يومه الأول عند إنشائه فى عام 1946 وحتى الآن.
من جانبه؛ أكد المستشار عمر مروان وزير العدل أهمية تأسيس «اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الأفريقية» فى تعزيز التعاون وتبادل الخبرات فى مجالات القضاء الإدارى بين الدول الإفريقية الشقيقة، فضلاً عن تشجيع البحوث والدراسات القانونية المتعلقة بالقضاء الإدارى والمساهمة فى نشر الثقافة القانونية فى المجتمعات الأفريقية.
وأوضح المستشار محمد حسام الدين رئيس مجلس الدولة أن إنشاء هذا الكيان القانونى يعزز من الاستفادة من أدوات التأثير المصرية المؤسسية والبشرية فى دفع العلاقات مع الدول الأفريقية الشقيقة، والمتمثلة فى مجلس الدولة والذى يعد رابع أقدم مجلس دولة فى العالم، ومركزاً عالمياً للتميز فى مجالات القضاء الإدارى والفتوى التشريعية والرقابية المصاحبة للقرار الإدارى.
وأعرب المشاركون عن تشرفهم بلقاء الرئيس، مثمنين الدور الحيوى لتأسيس «اتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإفريقية» كإحدى الآليات التنسيقية الهامة التى تعمل على بناء بنية قانونية واحدة فى قارة أفريقيا، لاسيما من خلال تنظيم وتطوير التعاون بين جهات القضاء الإدارى بالدول الأفريقية، وهو ما يعكس التوجه الثابت لمصر بقيادة الرئيس تجاه أفريقيا كنقطة ارتكاز لتعظيم منظومة العمل الجماعى بين دولها.

وشهد اللقاء حواراً مفتوحاً مع الرئيس شمل أهم الموضوعات المطروحة على الساحة الأفريقية، وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب فى القارة كضرورة أساسية بوصفه يهدد الاستقرار فى أى دولة، حيث تم التوافق على أن المرحلة الراهنة تقتضى اضطلاع القضاء الأفريقى بدور مؤثر فى تفعيل التنسيق بين الدول الأفريقية نحو بناء بيئة تشريعية موحدة ومتجانسة، بما يسهم فى الارتقاء بدور الدول والمجتمعات الإفريقية فى التعامل مع التحديات الدولية التى تواجه عملية صياغة مستقبل مشترك للقارة.
مجلس الكنائس
واستقبل الرئيس بقصر الاتحادية رؤساء الكنائس المشاركين فى الجمعية العمومية لمجلس كنائس الشرق الأوسط، والذى تنعقد دورته الحالية فى القاهرة، وذلك بحضور قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وسامح شكرى وزير الخارجية.
ورحب الرئيس بالسادة الحضور فى ضوء انعقاد الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط لأول مرة فى مصر منذ تأسيس المجلس عام 1968، مؤكداً أن الإخوة المسيحيين فى جميع الدول العربية هم جزء أصيل من نسيج المجتمع العربى بأسره.
كما شدد الرئيس على أن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع هى قيم ثابتة تمثل نهج الدولة المصرية تجاه جميع المواطنين، وهو ما ترسخه الدولة من خلال ممارسات فعلية وواقعية فى جميع مناحى الحياة فى مصر لتعظيم تلك القيم الإنسانية من السلام والمحبة وعدم التمييز لأى سبب ونشر ثقافة التعددية وحرية الاعتقاد، وفى المقابل مكافحة التعصب والتشدد، مؤكداً أن هذا هو التوجه الاستراتيجى للدولة المصرية دون ارتباط بفترة زمنية محددة.
من جانبهم؛ أعرب المشاركون عن سعادتهم بزيارة مصر وتشرفهم بلقاء الرئيس، مشيرين إلى مساهمة مصر القيمة فى تاريخ البشرية وسعيها لتحقيق السلام، فضلاً عن أهمية الدور الذى تقوم به مصر فى الشرق الأوسط، ومثمنين جهودها بقيادة الرئيس من أجل التوصل لتسويات للمشاكل الملحة والمعقدة التى تتعرض لها المنطقة والتى تتسبب فى معاناة إنسانية كبيرة للبشر، مع التأكيد على دعمهم لجهود مصر فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن تحقيق التنمية والبناء والتعمير فى مصر والشرق الأوسط بالكامل.
وتم خلال اللقاء التباحث حول سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات بين مصر ومجلس كنائس الشرق الأوسط، خاصةً ما يتعلق بجهود دعم الحوار والمواطنة، ونبذ التطرف والتشدد فى مختلف دول المنطقة.
كما استعرض الرئيس ما تم فى مصر من ترميم للعديد من الآثار والمواقع والكنائس المسيحية الأثرية الزاخرة بالمخطوطات والأيقونات التاريخية الفريدة، فضلاً عن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، وذلك فى إطار الاهتمام بحماية التراث المسيحى المصرى.
المبادرات الصحية
وفى إطار الاجتماعات الرئاسية، اجتمع الرئيس مع الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية الذى عرض الوضع الوبائى الحالى لانتشار فيروس كورونا على مستوى الجمهورية، مشيراً إلى الانخفاض الملحوظ فى رصد حالات الإصابة بالفيروس بوجهٍ عام، وأن معظم الحالات التى يتم تشخيصها تعانى من أعراض بسيطة دون مضاعفات.

ووجه الرئيس السيسى بمواصلة برامج التوعية وحملات التطعيم للمواطنين عن طريق مراكز التطعيم المنتشرة فى مختلف أنحاء الجمهورية، مع تيسير الحصول على الجرعات المنشطة.
وفيما يتعلق بمختلف المبادرات الصحية القومية؛ اطلع الرئيس على مستجدات مبادرة إنهاء قوائم الانتظار لإجراء العمليات الجراحية للحالات الحرجة، موجهاً بتحقيق الاستفادة المثلى من الإمكانات المتوافرة لدى جميع مؤسسات المنظومة الطبية سواء التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية.
كما تابع الرئيس سير العمل بمبادرة تشخيص الأورام وعلاجها لدى السيدات ومستجدات توفير أحدث التجهيزات والمعدات فى هذا الصدد، وكذا جهود الوقاية من شلل الأطفال، موجهاً بتعزيز حملات التوعية للتأكيد على تلقى جميع الأطفال حديثى الولادة للتطعيم المضاد لمرض شلل الأطفال والجرعات المنشطة منه.
وعرض الدكتور محمد عوض تاج الدين كذلك مستجدات الموقف التنفيذى للمشروع القومى لتصنيع وتجميع مشتقات البلازما، حيث وجه الرئيس باستكمال العمل على إنشاء مراكز التجميع على مستوى الجمهورية وفق الجداول الزمنية المحددة.
واطلع الرئيس على الموقف التنفيذى لمشروع مدينة الدواء، وجهود استكمال توطين الصناعات الدوائية المتقدمة فى هذا الإطار، لا سيما الأدوية التى تعتمد على استخدام التكنولوجيا الحيوية، وكذلك صناعة المواد الخام.
الصادرات الزراعية
واجتمع الرئيس مع الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، حيث وجه الرئيس بتكامل جهود وخطط قطاعات العمل المشترك بالدولة فى مجال الانتاج الزراعى، بهدف تحقيق أقصى كفاءة إنتاجية واقتصادية ممكنة لموارد الدولة المتاحة فى هذا القطاع، من أجل تعزيز الأمن الغذائى من المحاصيل الاستراتيجية، ودعم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية المصرية محلياً ودولياً وربط الإنتاج الزراعى بالصناعات ذات الصلة، وتوفير المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة فى العديد من التخصصات.
واستعرض وزير الزراعة مستجدات موسم حصاد القمح الحالى فى ضوء الإجراءات التى كانت اتخذتها الدولة لتعزيز إنتاجية محصول القمح بزيادة المساحات المنزرعة نحو 250 ألف فدان، وذلك بالتكامل مع المشروع القومى للصوامع والذى دعم قدرة الدولة على تعزيز السعة التخزينية الاستراتيجية، بالإضافة إلى زيادة أسعار التوريد وإضافة حافز استثنائى لتعظيم العائد المادى والاقتصادى للمزارعين والفلاحين.