الخميس 27 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عالـــم جـديـــد يتشـــكل!

عالـــم جـديـــد يتشـــكل!

عالم جديد ومختلف يتشكل. هذا هو ما نسمعه ونقرأه وأحيانًا نردده أيضًا دون أن نعرف بالضبط ملامح هذا العالم الجديد.



وبالطبع أصحاب التنظير والطروحات الفكرية والأكاديمية يتبارون فى طرح بنات أفكارهم.. أو بنات تمنياتهم فى توصيف هذا العالم الجديد.. حتى لو كانت الصورة التى يرسمونها بعيدة تمامًا عن الواقع الذى نراه بعد عدة أسابيع للأزمة الروسية الأوكرانية.

 

لا شك أن هناك طوفانًا يحاصرنا من المناطحات السياسية والأيديولوجية ومن الحديث المتكرر عن أحكام التاريخ ومتطلبات الجغرافيا وسيناريوهات المستقبل نجد معها أنفسنا أمام أزمة أو كارثة عالمية انسانية لا مفر منها بالطبع. وعلينا أن نعانى منها قبل أن نجد حلولاً للتعافى.. وبالتأكيد لا أبالغ فى القول بأن أغلب ما نتمناه ونسعى إليه لن يتحقق فى القريب العاجل.

وبما أن التحليلات والتعليقات الطائشة شهدت رواجًا لا مثيل له.. بسبب البث الإعلامى المتواصل 24 ساعة، إضافة للسوشيال ميديا بجميع أدواتها.. فإن غربلة هذا الطوفان صار التحدى الأكبر لمتلقى هذا الكم الهائل من الأخبار والأقاويل والأكاذيب والأساطير.

والكل يتهم الطرف الآخر بالكذب والافتراء وفبركة الأخبار.. وبالطبع كل هذا لن يغير شيئًا من ويلات معركة دائرة منذ 24 فبراير والدمار الذى لحق بالمدن الأوكرانية وتشريد نحو 25 فى المائة من سكانها.

بالإضافة إلى الخسائر فى الأرواح التى لحقت بالقوات الروسية والأوكرانية.

الحروب لا تجلب غير الخراب والدمار.. هكذا يقول لنا التاريخ.. إن كنا نقرأه أو نتعلم من دروسه!

هذه المعركة الدائرة بصرف النظر عن مبرراتها التاريخية أو تبعاتها المستقبلية صارت تدق أجراس إنذار لأزمة عالمية فى الغذاء على سبيل المثال وليس الحصر.

فالأمم المتحدة تقول إن أكثر من 13 مليونًا من سكان العالم قد يعانون من المجاعة بسبب هذه الحرب.

كما أن الأرقام بينت أن أسعار القمح زادت بنسبة 69 فى المائة.

الأرقام تكشف وتقول.. بل تصرخ، خاصة فى بعض المناطق التى تعانى أصلاً من مشاكل اقتصادية ومالية.

 

 

 

ومن هنا يأتى الحديث عن مفهوم الأمن أو اللا أمن الغذائى كأمر يجب أن يقلق البشرية..وبالطبع منظمات الإغاثة الإنسانية وهى تواجه هذه التحديات تبحث عن موارد أكثر وحلول أكثر فاعلية للتعامل مع الأزمة المتفاقمة.. والتى تزداد سوءًا وانتشارًا مع مرور الأيام.

أغلب الحوارات والنقاشات الاستراتيجية (كما تحب أن تسمى نفسها) تتناول ملامح العالم الجديد.. وتركز على الخرائط الجيوسياسية المفترضة أو المقترحة فى المستقبل.. ومن ثم تنامى النفوذ الروسى أو الصينى فى مواجهة الهيمنة الغربية الأمريكية.

وبالطبع يتم الإشارة إلى أقطاب متعددة فى العالم الجديد.. ويتكرر الحديث عن نهاية العولمة بأشكالها وأنواعها.

وهنا يجب التذكير مجرد ملحوظة عابرة بأن مع انهيار الاتحاد السوفيتى وانتهاء الحرب الباردة تكرر على مسامعنا كثيرًا.. مفهوم نهاية التاريخ.

والآن مع بدء بشائر حرب باردة جديدة.. إذا جاز هذا التوصيف يتكرر على مسامعنا تعبير أو مفهوم.. نهاية العولمة.. ولكن كما يبدو لا أحد لا بالأمس ولا اليوم أعلن وفاة التاريخ أو دفنه.. ولا أحد لا اليوم ولا الغد سوف يعلن وفاة العولمة ودفنها.

فلننتظر قبل أن نصدر الأحكام ونقفز إلى الاستنتاجات.. مثلما هو الأمر مع خبراء الاستراتيجيات والعلاقات الدولية وهم بلا شك فى هذه الأيام كثرة من سوء حظنا.. مثلما كان الأمر كذلك على مدى السنتين الماضيتين فيما يخص خبراء الأوبئة والفيروسات.. حمانا الله من شرهم.

عالم جديد نريده ويجب أن نسعى إليه.. ربما هذا الأمر صار أمرًا محتومًا لا جدال حوله.. ولكن أى عالم نتحدث عنه ونتطلع إليه.. وهل القوى الكبرى غربًا كانت أم شرقًا لها تصور أفضل للمستقبل ولما بعد ما هو قائم على القوة العسكرية والأسلحة الفتاكة من النووية والبيولوجية والكيماوية.. وكل ما يعنى دمارًا أكثر للصغار قبل الكبار.

مع الأسبوع الرابع للمعركة تتزايد الاقتراحات للخروج من الأزمة الخانقة لحياة الشعوب واستقرارها.. ولكن أين إرادة الكبار فى حسم الأمور والحد من الدمار؟!