الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
القاسمى.. وشجرة الثقافة

القاسمى.. وشجرة الثقافة

حينما يطل علينا المسئول الواعى المثقف تجد الجميع ينصتون، فكم من كلمات تلقى فى افتتاحات ومهرجانات لكنها غير مؤثرة، وينتظرها البعض باعتبارها إعلانا رسميا عن بدء موسم أو مهرجان أو فعالية يبتهج لحظتها القائمون عليها بعد فترة مشقة للوصول لتلك اللحظة.



هكذا اعتدنا فى كثير من المحافل. أما أن تجد البشر فى حالة من التعطش للاستمتاع قبل الاستماع لحاكم حكيم، مثقف كبير، ورجل رشيد، موزون الكلمات، فصيح البيان، نابض الإحساس، دافئ المشاعر، خطيب مفوه بأسلوب رائق وبليغ بهدوء الفطنة والحنكة والخبرة.

والحق أقول ربما هناك تحيز لمحبته بالقلب التى تزداد وتزدان بقدر محبة وطنى بقلبه منذ عشقه خلال سنوات دراسته بمصر،فيذيع دائمًا تقديره واعتزازه بوطن يبسط ذراعيه لاحتواء الجميع،ما يجعله متوجًا فى قلوب المصريين.

وإن كان هذا على الجانب الشخصى، فالجانب العملى ليس باعتباره حاكمًا لإمارة الشارقة منذ عقود، وإنما أقصد إيمانه المترسخ بالثقافة والحضارة فأفسح المجال لنقلة نوعية بوضع معالم ثقافية وبرامج وفعاليات تغير من الخريطة الثقافية العربية ويجعل من إمارته مدينة عاشقة للفن والثقافة، بانتشار وتوغل فى كافة المجالات بدءًا من الاهتمام بالقراءة والنشاط الأدبى المميز شعرًا ورواية وكذا المجالات الفنية المختلفة ووصولًا بإقامة المهرجانات المتخصصة والجوائز الدولية الرصينة، واستجلاب أهل الخبرة من أنحاء الوطن العربى ما جعل من تلك الفعاليات تظاهرات ثقافية بحق تؤصل لبنى فكرية حقيقية تعمل على تغيير فلسفة المنظومة الثقافية العربية نحو الأفضل.

كما لفت نظرى حضور الطلاب الأوائل لخلق حالة تفاعلية وتشاركية لتشجيع هؤلاء الشباب لتقديم أجيال مثقفة واعية تكون المنافسة الشريفة هدفها.

وعاد المسرح وها نحن جئنا حين دعينا إلى الخلود «المسرح الخالد».. استهل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى كلمته فى افتتاح أيام الشارقة المسرحية، معبرًا فى كلمة رقيقة عما نعانيه فى وطننا العربى حيث شق أرضنا نهر حامل رائحة الكراهية والفرقة والأشلاء والدماء ووقعنا كلنا فى ذلك النهر، ومن حاول أن يعوم ضد التيار فقد خانته يده إلا من رحم ربى، وكان على ضفة هذا النهر شجرة وارفة قطوفها دانية مسرح، علوم، معرفة، فنون، آداب ويأوى إليها كثيرون الخائفون والفاقدون لأهلهم إنها شجرة الثقافة التى تتساقط منها حبات كأنها اللؤلؤ قطرات ماء من بعد ماء سماوى قد انتشر على أوراقها،فنادى بأن نهرع لنستظل جميعًا بظلها لتطهرنا فهى شجرة الثقافة حيث لا فرقة ولا كراهية ولا خصام. 

والواقع إن كانت تلك الكلمات مقتضبة وموجزة إلا أنها تحمل معانى متعددة وكنايات تطويها لإدراك قيمة الثقافة والفنون والآداب وما تخلقه فى وجدان البشر.

وأشار لهذا المهرجان باعتباره ثمرة من ثمرات شجرة الثقافة. فلينعم علينا أهل الفكر والثقافة من أقصاها إلى أقصاها لنتلذذ بالأمل الوحيد للم شمل أمتنا مستظلين بتلك الشجرة وثمراتها الثرية حلوة المذاق ومتشعبة الألوان ليفيض علينا كرم الرحمن بنعمة الإبداع لنسقى فروع الشجرة لتنبت فى الأرض شجرات تملأ الحياة نورًا بعد نور.