الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«هاشتاج» الأطباء.. كارت أحمر فى وجه عادل عدوى

«هاشتاج» الأطباء.. كارت أحمر فى وجه عادل عدوى
«هاشتاج» الأطباء.. كارت أحمر فى وجه عادل عدوى


 
«حكومة تقتل المرضى» هاشتاج جديد تم تدشينه مؤخرا على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، يحكى فيه الأطباء قصص موت فى المستشفيات الحكومية ناتجة عن وضع المستشفيات المزرى وفساد المنظومة الصحية ككل، فى محاولة منهم للتصدى لوتيرة إلقاء اللوم الدائم على الأخطاء الفردية، والتى تودى بحياة الكثير من المرضى سنويا، لكن المشكلة بالطبع أعمق كثيرا من مجرد خطأ فردى وهو ما حاول الهاشتاج إلقاء الضوء عليه.
 
منذ أقل من شهر التقطت عدسة أحد المواقع وزير الصحة الدكتور عادل العدوى أثناء جولة تفقدية زار فيها مستشفى معهد ناصر، وفى لقطه من الفيديو أخذ الوزير يصب جام غضبه على أحد الأطباء لأنه وجد فى أوراق المريض الذى كان الطبيب يباشر الكشف عليه أنه يعاود المجئ إلى المستشفى يوميا، بينما تستلزم حالته الحجز بداخلها، وفى لقطة أخرى وفى ذات الزيارة المفاجئة والمصورة بالكاميرات فى نفس الوقت، انفعل الدكتور عادل العدوى على أطباء الطوارئ ممسكا بفاتورة علاج لمريض بمبلغ ستة الآف جنيه، منددا بارتفاع سعرها!!، وكأنهم من وضعوا قواعد المنظومة الصحية أو فى أيديهم تغيرها، مما تسبب فى نشوب مشادة كلامية بينه وبين أحد الأطباء العاملين بقسم الاستقبال والذى أكد لوزير الصحة أنه لا يوجد إمكانيات كافية بالقسم خاصة مع تحويل عدد كبير من المرضى من مستشفيات أخرى لمعهد ناصر، عندها قال عدوى «الإمكانيات موجودة بس الناس مش عايزين يشتغلوا»!!
 
 ورغم أن اللجنة العليا لإضراب الأطباء والمهن الطبية قد تقدمت بشكوى رسمية ضد الدكتور عادل العدوى إلى رئيس لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء يطالبون بها معاقبته؛ لمخالفته قسم المهنة بإهانته للأطباء بقسمى الحوادث والاستقبال خلال زيارته لمستشفى معهد ناصر يوم 5 مارس الماضى، وانتقاد أحد الأطباء علانية أمام وسائل الإعلام دون وجود لجنة محايدة والكشف على مريض دون إذنه - على حد الشكوى، إلا أن الأطباء أعلنوها صريحة بأنهم لن يسمحوا بأن يظلوا الحلقة الأضعف التى تعلق عليها الحكومة فشلها، فهى من وجهة نظرهم من تقتل المرضى بالعجز والتباطؤ وعدم البحث عن حلول للمشاكل التى تغرق بها المستشفيات.
 
∎ جولة داخل الهاشتاج
 
وقبل أن أناقش المدشنين للهاشتاج عن مدى جدواه فى ظل ما قاموا به من خطوات تصعيدية متمثلة فى الإضرابات الجزئية والاستقالات الجماعية المسببة لم تجدى نفعا، قررت أن آخذ جولة داخل الهاشتاج حكومة÷تقتل÷المرضى، لأراقب ما قام الأطباء بنشره من شهادات وصور تعزز مضمون الهاشتاج، فقد نشر أحدهم صورا لغرفة حضانات بأحد المستشفيات الحكومية مجهزة بأجهزة جديدة، ومكتوب على جدرانها مواعيد الزيارة لكنها مغلقة ولا تستخدم، حيث لايوجد أطباء حضانات فى المستشفى، بالإضافة أن المستشفى نصف مجهز ولا يستطيع أن يعمل بشكل كامل فى خدمة المرضى، كل ذلك فى ظل تزايد عدد الأطفال الذين يموتون لعدم عثور ذويهم على حضانة تستقبلهم، فى ظل النقص الشديد فى حضانات وزارة الصحة، صورة أخرى نشرها طبيب آخر من داخل أحد المستشفيات الحكومية للماء المعقم الذى يتم إضافته للمضادات الحيوية، والمعروف بلونه الأبيض النقى، لكن لونه فى الصورة قد تحول إلى الأصفر، مما يعنى فساده، ومع ذلك يتم تخفيف المضاد الحيوى به للمرضى داخل المستشفى دون إكتراث على حد قول الطبيب، فيما نشر طبيب آخر شهادة له عن مستشفى إمبابة العام الذى يعمل به، حيث قال أن المستشفى به خمسة عشر سريرا مخصصين للعناية المركزة، بينما لايوجد بها سوى ثلاث أجهزة للتنفس الصناعى، ورغم وجود كل التجهيزات إلا أن نقص أجهزة التنفس داخل المستشفى يودى بحياة كثير من المرضى، بينما يوجد بمستشفى الشروق العام- على حد قوله- 6 أجهزة تنفس فى العناية المركز بمعدل جهاز لكل سرير، ولا يتم استخدامها اطلاقا لسببين.. الأول ان المستشفى لايوجد به أطباء رعاية مركزة، والثانى أن هناك أجهزة أخرى تنقص غرفة العناية لتستقبل المرضى، مثل جهاز قياس غازات الدم والذى يعد استخدامه أساسيًا فى إنقاذ الأرواح، وقد علق على ذلك الطبيب قائلا أن الوزارة تنفق أموالها على المظاهر، بحيث تنشئ مستشفيات عديدة بإمكانيات غير مكتملة،فيما نشر طبيب آخر صورا لعقار ''تامينيل ـ إن'' بديل عقار التاميفلو المعالج لمرض أنفلوانزا الخنازير، وكان العقار منتهى الصلاحية رغم وجوده بمستشفى الشروق العام لاستخدامه للمرضى بشكل طبيعى، الذى وعلى حد قول الطبيب رفض استخدامه عندما اكتشف انه منتهى الصلاحية، بينما أخذ التمريض إقناعه بحجة عدم تواجده بالأسواق، حيث التقط وقتها الطبيب صورة لتلك العبوات وكانت بتاريخ 25 فبراير الماضى، هذا بخلاف صور أخرى وتعليقات حاول الأطباء من خلالها التدليل على أن المنظومة كلها فاشلة.
 
∎حكومة آخر العنقود فى الإهمال
 
رغم أن نقابة الأطباء قد أصدرت بيانا لها بخصوص الهاشتاج، دعت من خلاله الأطباء للمشاركة به، على أساس أن المشاركة تعنى رفضا لعملية القتل المنظمة للمرضى، و اعتراضا على إهدار حقوق الأطباء ـ حسب ما جاء فى البيان، إلا أننى عندما سألت الدكتور خيرى عبد الدايم نقيب الأطباء عنه نفى أن يكون للنقابة علاقة رسميه به، مبررا ذلك بأن من حق أى عضو أن يعترض بالطريقة التى يراها مناسبة، لكن مايرد فى الهاشتاج ليس بالضرورة أن يعبر عن الموقف الرسمى للنقابة، ويكمل قائلا: سمعت عن الهاشتاج لكن لم أتابع مضمونه حتى الآن، مشيرا إلى إنه لا يمكن تحميل حكومة محلب المسئولية وحدها، فالحكومات المتتالية تسببت فى تأصيل المشكلة، وحكومة محلب هى آخر العنقود فى الإهمال، فللأمانة الحكومة لم تكمل شهرين فى الوزارة، وقد يكون مقصد القائمين على الهاشتاج بتخصيصه لهذه الحكومة دون غيرها، لأنها سارت على نفس خطى سابقيها، حيث لم تستجب سريعا لمطالب الأطباء فى الحصول على حقوقهم التى ظلوا يطالبون بها لفترات طويلة، كما لم تحاول إيجاد حلول سريعة وفورية لمشكلات القطاع الصحى، بل الأدهى أنها تحملها جميعها للطبيب رغم أنه لايمثل سوى ترس صغير فى آله، فما فعله الوزير فى معهد ناصر لا يتخطى كونه عملية مظهرية، فكلنا نعلم المشاكل دون أى زيارات، فأين الحلول؟.
 
∎ صراع بين الحق والقوة
 
ومن جانبه يرى الدكتور محمد حسن خليل عضو مجلس النقابة ومنسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة أن النظام الصحى كله غير مهيأ لعلاج المرضى، منذ أن بدأ فى تقليص الميزانية لأقل من ثلث الحد الأدنى الذى يكفى للمرضى الفعليين، فالقول بأن المرضى يحصلون على حقوقهم فى أى مستشفى مجرد إدعاء، فالأطباء بهم عجز شديد بمتوسط طبيب لكل ألف وربعمائة مواطن، بينما الحد الأدنى المعروف عالميا هو ثلاثة أطباء لكل ألف مريض، فاغتراب الأطباء للحصول على قوت يومهم فى حين وجود عجز فى بلدهم هو أكبر إساءة للمرضى، حتى انتهاء المستلزمات الشهرية للمستشفيات فى اليوم الرابع أو الخامس من الشهر وإجبار المريض على شرائها من الخارج إهانة للمريض لا دخل للطبيب فيها، ومشكلة حكومة محلب أنها مستمرة على نفس السياسة، لكننا مع ذلك ننتظر الموازنة التى سيتم إقرارها فى يوليو القادم، لنرى ما إذا كان سيتم تخصيص ميزانية أفضل لقطاع الصحة أم سيظل الوضع على ما هو عليه، وعن الإجراءات التى لابد لحكومة محلب اتخاذها لتنفى عن نفسها تهمة أنها حكومة تقتل المرضى يقول: زيادة الموازنة سيتبعه إقرار هيكل عادل للأجور للأطباء والتمريض ومختلف الفئات التى تعمل فى هذا القطاع، مما يستلزم بعد ذلك إقرار نظام إدارى به ثواب وعقاب بدلا من النظام الحالى الذى يقوم على عدم التفرغ والعمل فى أكثر من مكان مما يؤدى إلى عدم انتظام فى مواعيد الحضور والانصراف، بالإضافة إلى توفير مستلزمات كافية للمستشفيات والإنفاق على البنية التحتية لها، وكل هذه الحلول خطوة أولى للقضاء على المشكلة، التى لن تحل بزيارات مفاجئة للوزير، ففى الحقيقة مايقوم به وزير الصحة الدكتور عادل العدوى هو شىء غير أمين، لأنه يعلم أن هناك نقصًا فى الأسرة، ولاسيما أسرة الرعاية والحضانات لكنه مع ذلك يحمل الأطباء عدم حجز المرضى التى تستلزم حالتهم البقاء فى المستشفى، لذلك يمكننا القول بأن معركتنا مع الحكومة طويلة الأمد، الأطباء معهم الحق بها والحكومة معها القوة والصراع بين الحق والقوة قديم وأزلى.
 
∎ أكذوبة العلاج المجانى
 
أما الدكتور حسام كامل، عضو لجنة الإعلام والمتحدث الإعلامى باسم نقابة الأطباء، فينفى ما قاله الدكتور خيرى عبد الدايم من عدم مسئولية النقابة رسميا عن الهاشتاج، مشيرا إلى أن النقيب بعيد قليلا عن قصة الإنترنت والفيس بوك، لكن النقابة تتبنى الهاشتاج بشكل رسمى، وتضعه على موقعها الرسمى والحساب الرسمى للجنة الاعلام لنقابة الاطباء بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لنقابة الاطباء على الفيس بوك، وعن قصة الهاشتاج يقول: منذ عام 2009 حتى عام 2014 تم تغيير ثمانية وزراء صحة، كلهم يتعاملون بنفس المنطق مع المنظومة الصحية فى مصر، فجميعهم يرون أن إصلاحها ليس من أولوياتهم، وأنها مشكلة تحتمل التأجيل، مع أن الجميع يعلم جيدا أن عدد ضحايا المنظومة الصحية فى مصر يفوق بمراحل ضحايا الإرهاب الذى تواجهه الدولة، فلا يعقل أن تكون الميزانية 4.6٪ بما لا يمثل ثلث الأرقام الدولية على الرغم من أن مصر وقعت على اتفاقية أبوجا سنة 2001، والتى تلزم الحكومة بالإنفاق 51٪ من دخلها على الأقل على القطاع الصحى، ومن المضحك أن يكون وزير الصحة الحالى فى بداية استلامه لمنصبه يصدر تصريحا صحفيا يقول فيه أن العلاج المجانى فى مصر أكذوبة، ثم تطلب الحكومة من الأطباء مرة بعد مرة المشاركة فى هذه الأكذوبة والاستمرار فيها، وعن قيمة الهاشتاج بالرغم من قيامهم مسبقا بخطوات تصعيدية أكبر يقول، الهاشتاج هو توثيق لما يحدث داخل المستشفيات حتى تتضح الصورة كاملة، حيث نشجع الأطباء أن يكتبوا من وقائع معايشتهم، كما وجهنا الدعوة لغير الاطباء أيضا لكى يرصدوا معاناتهم اليومية ، مشيرا إلى أن إهمال الأطباء ظاهرة لا نستطيع ادعاء عدم وجودها، لكنها نتيجة وليست سببًا، فالطبيب الذى لا يتجاوز مرتبه ألف جنيه ويعمل فى أكثر من مكان ليحصل على قوت يومه، لا وقت لديه للإطلاع على أحدث الدراسات أو الحصول على الدورات التى تجعله يواكب كل يوم ما هو جديد فى عالم الطب، بالإضافة إلى أن الأمر مكلف جدا الحكومة بالطبع لاتنفق على تدريبهم، ومن المجحف أن تقديم الأطباء ككبش فداء، واستمرار الحكومة فى التنصل من مسئوليتها، مؤكدا على استمرار الإضراب وجمع والاستقالات الجماعية المسببة حيث نستهدف جمع 20 ألف استقالة من أطباء يرفضون العمل فى ظل هذه الأكذوبة.