السبت 16 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
عالم ما بعد كوفيد.. وأوكرانيا

عالم ما بعد كوفيد.. وأوكرانيا

الحديث عن الغد المنتظر أو المتوقع لم يعد قاصرا على عالم ما بعد الجائحة.. بل شمل أيضا فى الآونة الأخيرة عالم ما بعد الأزمة أو المواجهة الأوكرانية الروسية.



وعندما أقول الحديث عن الغد لا أقصد فقط الأخبار أو الهاشتاجات أو التعليقات الطائشة على شاشات الفضائيات أو ما شابهها على شاشات الهواتف الذكية. فهذا الطوفان لا يمكن غالبا التعامل معه لا بجدية ولا طبعا بمنطق.. فالهاتف الذكى (وهذا هو تسميته فقط) لا يستطيع التمييز بين الغث والسمين!

الحديث المثار والدائر فيما يتعلق بعالم ما بعد كوفيد رغم أن الجائحة مازالت حاضرة حتى الآن بشكل أو آخر فى توغلها وتغولها يتناول تحديدا ملفات التعليم وتحديات الصحة وانتكاسات الاقتصاد وأزمات السياحة والسفر. وبالطبع كل ما يتعلق بالعودة إلى ما كانت عليه أمريكا قبل مارس 2020 أو فلنقل على الأقل الخروج مما صرنا فيه الآن.

ويجب التذكير بأن عدد ضحايا الكوفيد فى أمريكا وصل إلى نحو مليون شخص..

ويبقى السؤال الأهم: هل أمريكا بكل ما لديها من عقول وموارد بشرية ومالية وأنظمة قادرة على التصدى للأزمات (أو هكذا تقول) سوف تستطيع تجاوز هذه الفترة والوصول إلى الشاطئ الآخر ما بعد الجائحة؟.. بسلام وأمان وفى وقت قصير نسبيا؟ أم أن هذا الأمر صعب للغاية وخصوصا فى أجواء المواجهات والمصادمات الأيديولوجية والسياسية والعقائدية والعنصرية والجهلية التى تمر بها البلاد!! الشهور الستة المقبلة سوف تكشف الكثير عما يدور.. عما يتحرك وعما بات مشلولا فى المشهد الأمريكى.. وعلى امتداد البلاد!

أما عالم ما بعد الأزمة الأوكرانية أو المواجهة الروسية الغربية فالحديث أو النقاش أو الجدل حوله لن يتوقف فى الفترة القادمة.. وتحديدا فى واشنطن عاصمة القرار الأمريكى.

فما حدث فى الأسابيع والشهور الماضية لا يتعلق بأوكرانيا بل بشرق أوروبا ومنظومة الدفاع الأوروبى بشكل عام وبالطبع العلاقات الاقتصادية والدفاعية ما بين موسكو وعواصم غرب أوروبا وتحديدا الحلف الأطلسى بوضعه وانتشاره الحالى..

عالم ما بعد هذا التوتر وهذه المواجهة آخذ فى التشكيل..وغالبا لن نعرف شكله النهائى إلا بعد فترة قد تطول.

 

 

 

 

وليس بالأمر الملح الجدل حول التسمية أو التوصيف.. عما اذا كانت هذه المواجهة حربا باردة.. وإنما أن يكون الجدل حول استقراء ما قد تأتى به الأيام المقبلة.. تبعات وعواقب وتوابع هذه الأزمة ليس فقط فى الدول المشاركة فى المواجهة المشتعلة بل فى المناطق المجاورة أو غير القريبة وعلى ما لها من علاقات مع روسيا من جهة ومع أوكرانيا ودول شرق أوروبا من جهة أخرى.

وماذا عن تداعيات المواجهة الروسية والغربية على المنطقة العربية؟.. وما هى الأدوار التى تريد أن تلعبها كل من إيران وإسرائيل وتركيا  فى اطار التوازنات الجديدة التى قد تتشكل جراء الأزمة الأوكرانية.

أسئلة عديدة تطرح من جانب الخبراء والباحثين فى الشئون الدولية خاصة بعد أن اعتادوا فى الأعوام الثلاثين الأخيرة وما بعد انهيار الاتحاد السوفيتى أن يقدموا تحليلاتهم وسيناريوهاتهم وفقا لما صار واقعا حينذاك (أو هكذا كان التصور) على الامتداد الأوروبي»؟

ثم ماذا عن النظام العالمى برمته بما يشمله من خرائط وسيناريوهات جيواستراتيجية وجيوسياسية قد تتشكل فى المستقبل القريب؟!

وكما جرت العادة فإن مراكز الفكر والبحث الأمريكية ومعها مجلات أمريكية متخصصة فى الشئون الدولية مثل فورين آفيرز وفورين بوليسى بدأت تبحث عن إجابات مدروسة ومتنوعة للأسئلة التى طرحت أو فرضت نفسها فى الفترة الأخيرة مع تزايد التوتر فى شرق أوروبا.. ثم ماذا عن الرئيس الروسى بوتين وعن طموحاته واستراتيجيته فى المرحلة المقبلة وعن مد نفوذه أكثر وأكثر فى الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا الجنوبية؟

وماذا عن تعاونه المرتقب مع الصين فى مواجهة الغرب..وكما يبدو فات قراءة كتب التاريخ وخرائط الجغرافيا عادت من جديد لاهتمام الباحثين والخبراء فى محاولة منهم لفهم ما حدث وما يحدث..

إنها ملفات كبيرة ومعقدة تحتاج إلى عقول قادرة على استيعاب القضايا بشكل أشمل وأعمق.. بعيدا عن تعليقات خاطفة وطائشة غالبا ما تدفعها التمنيات أو محاولات إحياء أوهام الماضى القريب أو البعيد.. فعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.